على مدار السنوات الماضية، أولت الدولة المصرية اهتمامًا غير مسبوق بالعمل الأهلي التنموي، إيمانًا بدور المجتمع المدني كونه الشريك الرئيسي في تحقيق أهداف التنمية المستدامة، وتقديم الدعم اللازم للفئات الأكثر احتياجا والأسر المهمشة، فضلا عن دوره في التمكين الاقتصادي لفئات المجتمع المختلفة.
موضوعات مقترحة
ووجه الرئيس عبد الفتاح السيسي، الشكر لجمعيات المجتمع الأهلي العاملة داخل مصر، خلال فعاليات المؤتمر الأول للتحالف الوطني للعمل الأهلي التنموي، اليوم الإثنين، لما تقوم به من أعمال عظيمة تركت بصماتها على كثير من مناحي الحياة في مصر؛ حيث ساهمت في مؤازرة جهود الدولة في تلبية الاحتياجات الإنسانية والاجتماعية والاقتصادية للمجتمع.
وقال الرئيس السيسي، إن المجتمع المدني يقوم بدور مهم، لن تستطيع الحكومة القيام به بنفس الكفاءة، فهناك أكثر من 50 ألف جمعية في مصر، مؤكدا أن عام 2023 يحتاج مزيدا من العمل والجهد بسبب الظروف التي يعيشها العالم أجمع، وليس مصر فقط، مطالبا بانضمام مزيد من الكيانات إلى التحالف الوطني.
التحالف الوطني نموذج فريد للعمل الأهلي
ويعد التحالف الوطني الأهلي التنموي، نموذجا فريدا وركنا مهما في عملية التنمية بالدولة؛ حيث إنه يقدم من خلال مؤسساته الشريكة، ملحمة إنسانية خدمية متكاملة للأهالي في القرى الأشد احتياجا، ويلعب دورا مهما في مساندة جهود الحكومة في دعم الفئات المستهدفة من المواطنين، وتقديم كافة أشكال المساعدات الاجتماعية المختلفة لأكثر الفئات احتياجات والأيتام والأرامل والمقبلين على الزواج، ومشروعات التمكين الاقتصادي.
وانطلق التحالف الوطني الأهلي في مارس 2022، بمشاركة مؤسسات العمل الأهلي والتنموي، وكانت بدايته بـ24 كيانا من مؤسسات المجتمع المدني تعمل تحت مظلة التحالف، وأصبح عددهم الآن 30 كيانا، وبدأت الكيانات العمل في مشروع الاستثمار الخيري وتكثيف العمالة وملف تنمية الثروة الحيوانية وإحلال السلالات الحالية بسلالات أخرى محسنة.
التحالف يوفر حياة كريمة لـ 30 مليون مصري
ويستهدف التحالف الأهلي المواطنين الأكثر استحقاقا، وأكدت الدكتورة نهى طلعت أمين سر مجلس أمناء التحالف الوطني للعمل الأهلي والتنموي، أنهم نجحوا في الوصول إلى 30 مليون مواطن مصري نتيجة لوجود قاعدة بيانات كبيرة للمواطنين، والتي تضمنت 37 مليونا و400 مواطن من الأكثر استحقاقا، وذلك بتكلفة تصل إلى 12 مليار جنيه منذ تأسيس التحالف في مختلف المجالات الصحية والاجتماعية.
وأعلنت أمين سر مجلس أمناء التحالف الوطني للعمل الأهلي والتنموي، أن التحالف يستهدف تقديم خدمات صحية لـ 5 ملايين مواطن بتدخلات صحية مختلفة خلال الفترة المقبلة، ويهدف التحالف إلى زيادة أنشطته بميزانية 2 مليار جنيه، كما تم اتخاذ قرارات لتعزيز عمله تضمنت زيادة عدد الكيانات لوصوله إلى 27 محافظة.
أهمية العمل الأهلي في مصر
ويؤكد النائب طلعت عبد القوي، عضو التحالف الوطني للعمل الأهلي ورئيس اتحاد الجمعيات الأهلية، أن مؤسسات العمل الأهلي لها تاريخ مصر منذ إنشاء أول جمعية بمحافظة الإسكندرية، وللمجتمع الأهلي العديد من الإنجازات من مستشفيات ومدارس وجامعات منها جامعة القاهرة.
ويعمل المجتمع الأهلي في أكثر من 13 مجالًا، ويسهم بحسب رئيس اتحاد الجمعيات الأهلية، بأكثر من 35% خدمات صحية، فضلا عن تقديم خدمات لرعاية المسنين والأمومة والطفولة وذوي الإعاقة والحفاظ على البيئة، وهناك شراكة بين المبادرة الرئاسية حياة كريمة والتحالف للعمل الوطني الأهلي ويهدف لتعميم الفائدة على القرى الأكثر احتياجا.
أعمال المؤسسات الأهلية على أرض الواقع
ويوضح عضو التحالف الوطني للعمل الأهلي، أن الجمعيات الأهلية بالتحالف اتفقوا على النزول على أرض الواقع، والتنسيق والتكامل بينهم لتقديم المساعدات للأسر الأكثر احتياجا، وتضم قافلات التحالف بنك الطعام ووجبات غذائية ومساعدات عينية وخدمات علاجية وتنظيم أسرة، وبرامج موجودة بشكل مكثف، وقيمة القافلة قد تصل إلى 5 ملايين جنيه.
وتغطي القوافل كل محافظات وقرى مصر وليس الصعيد فقط، ويؤكد "عبد القوي"، أن عمل التحالف قائم وسيقنن بشكل محترم لرفع المعاناة عن كاهل المواطنين، ونجح التحالف في مدة لا تزيد على 10 أشهر في ضم 600 ألف أسرة لبرنامج تكافل وكرامة بتكلفة 3.5 مليار جنيه.
هل حقق العمل الأهلي أهدافه في 2022 ؟
إعلان عام 2022 للجمعيات الأهلية، تُرجم في الكثير من الأمور، واعتبره رئيس اتحاد الجمعيات الأهلية، بمثابة هدية من الرئيس عبد الفتاح السيسي للمصريين من خلال تجمع 24 جمعية أهلية، مؤكدا أن التحالف سيواصل خلال عام 2023 تنفيذ مبادراته السابقة فضلا عن إطلاق مبادرات جديدة سيتم الإعلان عنها خلال الأيام القادمة.
وكشف عضو التحالف الوطني للعمل الأهلي التنموي، أبرز جهود التحالف خلال عام 2022 وكذلك خطة التحالف المستقبلية والتي تتضمن توسيع مبادرات دعم الفقراء وتقنين وضع التحالف من الناحية القانونية، وإطلاق مجموعة من القوافل الخيرية، على رأسها مبادرة قطار الخير لخدمة أهالي الصعيد، ومبادرة "ازرع" لمساعدة الفلاحين على التوسع في زراعة مساحات جديدة من الأراضي الزراعية على عدة مراحل.
مبادرات العمل الأهلي التنموي
كما تم توقيع بروتوكول تعاون مع وزارة الزراعة لزراعة نحو 150 ألف فدان منتشرة في جميع المحافظات على مستوى الجمهورية، إلى جانب مبادرات تقديم الدعم للفئات الأولى بالرعاية، وعمل قوافل كان من بين قوافل "ستر وعافية" تنفيذا لتوجيهات الرئيس السيسي، بدعم الفئات الأولى بالرعاية والأكثر استحقاق، وتماشيا مع جهود التحالف للعمل الأهلي وفقا لخطة الحماية الاجتماعية الخاصة بالتحالف، والتي تم وضعها لتقديم الدعم اللازم للأسر الأكثر احتياجا بجميع محافظات الجمهورية لتخفيف العبء عليهم وكذلك حدة الآثار السلبية للأزمة الاقتصادية العالمية، والمساهمة في تحقيق أهداف التنمية المستدامة في جميع المجالات وتوطينها بأجهزة الدولة بما يتماشى مع رؤية مصر 2030.
التمكين الاقتصادي للأسر الأكثر احتياجا
ويستهدف العمل الأهلي التنموي تنفيذ 55 ألف مشروع متنوع بمبلغ مليار و650 مليون جنيه خلال عام 2023، ويؤكد محمود فؤاد نائب رئيس جمعية الأورمان، أن التحالف نفذ 39 ألفا و500 مشروع منها على أرض الواقع، وذلك لتحقيق العدالة الاجتماعية التي لا تتحقق إلا تنفيذ التمكين الاقتصادي.
ويؤكد الدكتور مصطفى أبو زيد الخبير الاقتصادي، أن الفترة الأخيرة شهدت إعادة صياغة لفكر ودور الجمعيات الأهلية العاملة في مصر عبر سياسات تنسيق مع السياسات العامة للدولة في تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية بما يخدم فلسفة الدولة في الوصول إلى تحقيق مفهوم النمو الاحتوائي الذي يهدف إلى توزيع عوائد التنمية إلى كافة شرائح المجتمع مع الأخ في الاعتبار التوزيع الجغرافي لمحافظات الجمهورية.
وبرز دور الجمعيات الأهلية بعد إنشاء التحالف الوطني للعمل الأهلي التنموي، ويرجع الخبير الاقتصادي السبب إلى توحيد الجهود الفنية والإدارية والمالية التي تمتلكها الجمعيات الأهلية، لتقوم بدور الداعم والمساند لخطط الدولة المصرية في إحداث نقلة نوعية في مساعدة الفئات الأكثر احتياجا في المناطق البعيدة والنائي.
دور المنظمات الأهلية في مواجهة الأزمة الاقتصادية العالمية
كما يؤكد الدكتور مصطفى أبو زيد، أن الجمعيات الأهلية تقوم أيضا بتنفيذ برامج تنموية تساهم في التمكين الاقتصادي للمواطنين، خاصة للمرأة المصرية، للتحول إلى فرد منتج في المجتمع، وبالتالي إيجاد دخل مناسب يساهم في تلبية الاحتياجات المعيشية.
لذلك نجد الرئيس عبد الفتاح السيسي والحكومة تولي اهتماما بالغا في تقديم سبل الدعم والتحفيز على استدامة عمل التحالف الوطني للعمل التنموي، لاستدامة العمل وتحقيق أهداف التنمية، التي من شأنها تغيير واقع الظروف المعيشية لقطاع كبير من الشعب، وبالتالي ذلك سيكون له مردود اقتصادي من حيث زيادة إنتاجية الفرد وزيادة الدخول.
دور العمل الأهلي لدعم الأسر المهمشة
يعتبر العمل الأهلي التنموي التطوعي، من أهم الوسائل المستخدمة للمشاركة في النهوض بمكانة المجتمعات في عصرنا الحالي، وتؤكد أستاذ علم الاجتماع، الدكتورة سامية خضر، أن هذا العمل يكتسب أهمية متزايدة يوما بعد يوم، فحكومات العالم لم تعد قادرة على سد احتياجات أفرادها، لذلك كان لابد من وجود جهة أخرى موازية للجهات الحكومية تقوم بملء المجال العام وتلبي الاحتياجات الاجتماعية، وهي المنظمات الأهلية.
تهيئة المناخ التشريعي للمجتمع المدني
وعملت القيادة السياسية على تهيئة المناخ التشريعي أمام مؤسسات المجتمع المدني، فقامت بإصدار العديد من التسهيلات التي تذلل العقبات أمام تدشين الجمعيات الأهلية فضلًا عن مساعدتها في القيام بدورها المجتمعي على أرض الواقع، والذي ينعكس بدوره على المواطنين.
وتؤكد الدكتورة سامية خضر، أن التطوع والعمل الخيري دليل دامغ على صحوة الضمير الإنساني، ولما كانت مصر دولة سباقة في تكريس مفاهيم التطوع وأعمال البر والتبرع بالمال والجهد وخدمة المجتمع والعمل العام، فقد استحقت وبجدارة بأن تكون مصر فجر للضمير الإنساني.
ويعتمد العمل الأهلي بحسب أستاذ علم الاجتماع على عدة عوامل لنجاحه، ومن أهمها المورد البشري، فكلما كان الإنسان متحمسا للقضايا الاجتماعية ومدركا لأبعاد العمل الاجتماعي، كلما آتى العمل الأهلي بنتائج إيجابية وحقيقية.
دور الشباب في تطوير العمل الأهلي
ويعتبر الشباب هم عماد المورد البشري الممارس للعمل الأهلي، لأن حماس الشباب وانتمائه لمجتمعه كفيل بدعم ومساندة العمل الاجتماعي والرقي بمستواه، فضلا عن أن هذه الأعمال ستراكم الخبرات وقدرات ومهارات الشباب، وهم في أمس الحاجة لها خاصة في مرحلة تكوينهم ومرحلة ممارستهم لحياتهم العملية.
وعلى الرغم بما يتسم به العمل الأهلي من أهمية بالغة في تنمية المجتمعات وتنمية قدرات الأفراد, إلاّ أننا نجد نسبة ضئيلة جداً من الأفراد الذين يمارسون العمل الاجتماعي, لأن هناك عزوف من قبل أفراد المجتمع, وخاصة الشباب، بالرغم من أنهم يتمتعون بمستوى عالي من الثقافة والفكر والانتماء، ووجود برامج وحوافز تشجع الشباب على المشاركة بشكل فاعل في تنمية مجتمعهم.
كيفية تعزيز دور الشباب في الأعمال الأهلية التطوعية
تؤكد أستاذ علم الاجتماع، أن لابد من بعض توفير بعض البرامج لتعزيز وزيادة المشاركين بالأعمال الأهلية، ومنها، إتاحة الفرصة أمام مساهمات الشباب المتطوع وخلق قيادات جديدة وعدم احتكار العمل التطوعي على فئة أو مجموعة معينة.
ولابد من تكريم المتطوعين الشباب ووضع برنامج امتيازات وحوافز لهم، وتشجيع الشباب على العمل التطوعي مهما كان حجمه أو شكله أو نوعه، وإنشاء اتحاد خاص بالمتطوعين يشرف على تدريبهم وتوزيع المهام عليهم وينظم طاقتهم، وإيجاد مشاريع خاصة للشباب تهدف إلى تنمية روح الانتماء والمبادرة لديهم.
كما يجب أن تمارس المدارس والجامعات والمؤسسات الدينية دورا أكبر في حث الشباب على التطوع، وأن تقوم وسائل الإعلام بدورها في دعوة المواطنين إلى العمل التطوعي، والتعرف بالنشاطات التطوعية التي تقوم بها المؤسسات الحكومية والجمعيات الأهلية.