«صندوق» لمواجهة الأزمات.. وإقرار قانون النقابة المهنيـة للمزارعين
موضوعات مقترحة
إطلاق برامج حماية تساند المزارعين فى الأخطار والأزمات الاقتصادية الطاحنة
رفع كفاءة مركز البحوث الزراعية واستغلال الثروة البحثية الهائلة ودعم دراسات النهوض بالقطاع
توطين صناعة المستلزمات الزراعية فى مصر لخفض أسعارها وتقليل فاتورة الاستيراد من الخارج
التوسع في برامج تمويل المزارعين بتسهيلات مناسبة ومواجهة فعلية لأزمة "تفتت الحيازات"
حملة قومية لدعم زراعة المحاصيل الزيتية لمواجهة أزمة نقص الأعلاف
يبدو أن مؤشرات عام 2023 ستحمل معها العديد من التغيرات فى القطاع الزراعى ليس فقط فى مصر بل فى جميع دول العالم، وإن كانت الأزمة الاقتصادية العالمية التى أرهقت العديد من الدول خير دليل على وجود تحديات صعبة وتغيرات كبيرة بكل القطاعات. فى الوقت نفسه يظل القطاع الزراعى هو المخرج الآمن من هذه الأزمة كونه المصدر الرئيسى للغذاء، والمحفظة الآمنة لتوفير العملة الصعبة للكثير من الشعوب حول العالم، إضافة إلى دوره فى سد احتياجات المواطنين من السلع والحاصلات الزراعية المطلوبة، وكذلك توفير مئات الآلاف من فرص العمل لقاعدة كبيرة من أبناء المجتمع.
ولا يخفى أن دعم القطاع الأخضر بأى دولة يبدأ بمشكلات أبنائه، وتوفير احتياجاتهم المطلوبة لمواصلة الإنتاج والنهوض بالزراعة بشكل عام، خاصة فى ظل ظروف عالمية خلَّفت العديد من التحديات الاقتصادية الصعبة التى جعلت العديد من المزارعين يواجهون أخطار كبرى، وقد كانت مناقشة حلول المشكلات التى تواجه القطاع الطريق الأسرع لتنمية ثروات مصر، خاصة أنه لا يقتصر فقط على زراعة المحاصيل، بل إن قطاعات الثروة الحيوانية والداجنة والسمكية هى الأخرى أحد أهم المصادر الكبرى لقطاع الزراعة، ونجحت مصر فى تنفيذ العديد من المشروعات الخضراء خلال السنوات الأخيرة.
ولعل الأزمة الأكبر التى كان يواجها القطاع الزراعى فى مصر على مر العصور «محدودية الرقعة الزراعية»، وما تبعها من تفشى فى ظاهرة التعدى على المساحات الخضراء، خاصة وقت الاضطرابات السياسية التى شهدها الشارع المصري بعد 2011، وهو ما جعل الدولة تبدأ فى تبنى تنفيذ حزمة من المشروعات الزراعية القومية بعدد من المناطق الجديدة، ساهمت فى إضافة ما يقرب من 4 ملايين فدان للرقعة الزراعية بأراضى الوادى والدلتا القديمة، وقد كان على رأس هذه المشروعات، المشروع الرئاسى القومى استزراع واستصلاح 1.5 مليون فدان والذى نفذت الدولة مراحله الأولى بعدد من المناطق منها الفرافرة وسيوة وتوشكى والوادى الجديد وغرب «غرب المنيا»، ومشروع زراعة الـ100 ألف فدان صوبة زراعية، والذى نجحت الدولة فى تشغيله وافتتاح مراحله بمنطقتى العاشرة من رمضان وقاعدة محمد نجيب، ومشروع الدلتا الجديدة الذى يستهدف زراعة ما يقرب 2 مليون فدان على مراحل مختلفة، ويضم أحد أهم التجارب الرائدة وهى مشروع مستقبل مصر الزراعي.
«محدودية المياه»
والحقيقة «محدودية المياه» كان ولا زالت أحد أهم الأزمات التى تواجه المزارعين بالقطاع الزراعي، ورغم إنها أزمة كبرى إلا أن تدخل الدولة السنوات الأخيرة لحلها كان بشكل ملموس، حيث تبنت تنفيذ العديد من المبادرات والمشروعات لدعم هذا الملف، والحفاظ على المخزون المائى فى مصر، على رأسها تبنى مشروع قومى لتطوير مصارف الري، ومبادرة تحديث نظم الرى بالأراضى القديمة، إضافة إلى التطور الكبير الذى حققته مصر فى ملف التقاوى الجديدة، بعد أن نجحت المراكز البحثية فى تحقيق طفرة كبيرة فى استنباط أصناف جديدة من التقاوى والبذور، قادرة على تحمل المياه، وتحقيق أعلى إنتاجية من المحاصيل، لكن فى الوقت نفسه يواجه العديد من المزارعين عدد من التحديات فى هذا الملف خاصة فى بعض الأراضى الجديدة والتى تزيد فيها نسبة الملوحة خاصة فى منطقة كالمغرة أحد أراضى مشروع الـ1.5 مليون فدان، وعدم وصول المياه لنهايات الترع فى بعض الأماكن، إضافة إلى استمرار ظاهرة الرى بالغمر التى تهدر كميات كبيرة من المياه فى الأراضى القديمة بمنطقة الوادى والدلتا.
ملف «تسعير المحاصيل»، كان من أهم الملفات التى تم مناقشتها بالعديد من الفعاليات والاجتماعات الرسمية التى عقدتها، خاصة يما يتعلق بأسعار المحاصيل الإستراتيجية منها قصب السكر والقمح والأرز والذرة، باعتبارها محاصيل مهمة تسأل الحكومة على منظومة تسعيرها وتوريدها وشرائها من المزارعين، فهى أزمة تتجدد كل موسم خاصة مع ارتفاع أسعار مدخلات الإنتاج بعد الأزمة الاقتصادية العالمية التى خلفتها الحرب الروسية الأوكرانية، والتى يراها المحمدى أن غياب وجود منظومة تسعير قوية تحقق العائد المناسب للمزارع، ساهم فى تراجع إنتاجية المحاصيل، وأدى أيضًا فى عزوف عدد كبير من المزارعين عن ممارسة النشاط الزراعي، وتحويل المساحات الخضراء فى وقت ما لأنشطة أخرى تسببت فى ضياع عشرات الأفدنة من الرقعة الزراعية فى مصر.
«قانون الزراعة التعاقدية الذى تم إقراره مؤخرًا وانتهت وزارة الزراعة من مناقشة لائحته التنفيذية هو طوق نجاة لإنقاذ القطاع الزراعى من أخطار الأزمات الاقتصادية العالمية التى تضرب العالم خلال الفترة الأخيرة».. مقولة عقَّب عليها عماد أبوحسين الخبير الزراعي، بأن التعاقد على محاصيل بعينها كالأرز أو القمح أو الفول الصويا وقصب السكر ليس تعاقدا على المحاصيل مع المزارعين، وإنما تهاون بمنظومة كبيرة يمكن أن تحقق عائد كبير على أبناء القطاع الأخضر حال دمج جميع المحاصيل ضمن هذا القانون، موضحًا إن تطبيق نظام التعاقد على شراء المحاصيل هو مراقبة تامة وفعلية على منظومة التسويق التى يفتقدها المزارع، كما أنها خطوة تساهم فى التوسع فى الحاصلات الزراعية التى تدعمها الدولة، ويحتاجها المستهلك المحلى والعالمي.
وأضاف أبو حسين، أن دعم القطاع الزراعى فى أى بلد فى العالم يبدأ من دعم المنتج أو المزارع، باعتباره القوة الرئيسية الداعمة لهذا القطاع الكبير، وعندما نتحدث عن أوجه الدعم التى يحتاجها المزارع لابد وأن نشير لعدد من المحاور، المحور الأول مواجهة الارتفاع الجنونى فى أسعار المستلزمات الزراعية والأعلاف، وهى أزمة كبيرة ساهمت مؤخرًا فى زيادة معاناة المزارعين والمربين، سواء من مربى الدواجن أو مربى الثروة الحيوانية، والحقيقية رغم تحرك الحكومة الفترة الأخيرة، وقيامها بالإفراج عن بعض الكميات من المنافذ الجمركية بعد تفاقم الأزمة، لكن مازالت تلك الأزمة تحتاج للمزيد من الإجراءات الفعلية، لتوفير الأعلاف، وسد الاحتياجات المطلوبة للمزارع بأسعار مناسبة، مشيرًا إلى أن وجود أزمة فى ملف الأعلاف تسبب فى زيادة أسعار المنتجات سواء من اللحوم والدواجن ومشتقاتهما، وهو بالطبع أزمة جديد يضاف إلى قائمة الأزمات التى تواجهها الحكومة.
«أوضاع المخالفين»
وقال: صعوبة إجراءات تقنين أوضاع المخالفين من واضعى اليد وصلت إلى حد التعقيد، فهى أزمة ما زالت قائمة فى ظل تعدد جهات الولاية على ملف الأراضى الزراعية، ورغم أن الدولة خصصت كيانا مستقلا لإدارة ملف أراضى مشروع استزراع واستصلاح الـ1.5 مليون فدان وهذا الكيان ينظم عملية التقنين، ويدعم المنتفعين بالأراضى التى تقع تحت ولايته، فى حين أن آلاف الأفدنة التى تتبع جهات ولاية أخرى مازالت تحتاج إلى نظرة، وهنا المزارع يسأل: ما الأزمة فى التوجيه بإنهاء كل مزارع قرر استصلاح قطعة من الأرض الزراعية ونجح فى زراعة المحاصيل فيها؟
وتابع: المزارع فى مصر يواجه صعوبة كبيرة فى إنهاء إجراءات تقنين المساحات إضافة إلى أسعارها المبالغ فيها، رغم أنه ينفق على استصلاحها وتسويتها آلاف الجنيهات ليتمكن من خلالها فى زراعة المحاصيل المطلوبة والتى تساهم بشكل أو آخر فى توفير المنتجات الزراعية للمستهلك.
وأشار أبو حسين أن «تفتت الحيازة» أزمة كبرى يواجهها القطاع الزراعى بشكل عام المزارع بشكل خاص، ونحتاج فى 2023 أن تكون هناك حلول فعلية لمواجهتها، خاصة وأن انتشار هذه الظاهرة ساهم الفترة الأخيرة فى تراجع إنتاجية المحاصيل الزراعية فى أراضى الدلتا القديمة والوادي، خاصة وأن عدم تطبيق الزراعة بنظام الأحواض المجمعة كما كان من قبل أحدث نوع من العشوائية فى منظومة الزراعة وأدى إلى استنزاف المخزون المائى لهذه الزراعات خاصة وأن معظم المزارعين بها يستخدمون نظم الرى بالغمر، وبالطبع هذا يرجع لغياب السياسات الزراعية التى ترسم خارطة الزراعة بهذه المناطق عقب كل موسم، إضافة إلى ضرورة إيجاد آلية سريعة وعاجلة لتوفير مشتقات الوقود للمزارعين بأسعار مدعمة.
«التمويل الزراعي»
وأوضح أن ملف التمويل الزراعى الدولة وضعت له ضوابط أكثر من رائعة، عندما أعلنت تطبيقه فى مصر واستهدفت منه شريحة كبيرة من المزارعين المربين وأصحاب المشروعات الصغيرة والمتوسطة ومتناهية الصغر، وقد أعلنت عن دعم المزارع ضمن البرنامج ليكون من الشريحة المستهدفة بالدعم، وبتسهيلات تمويلية تصل نسب الدعم بها لـ 5%، لكن عندما قرر المزارع التوجه للاستفادة من هذا البرنامج التمويلى الهام اصطدم بمجموعة من العراقيل».
واستكمل الخبير الزراعى عماد أبو حسين كلامه، حيث أكد أن برامج التمويل تجبر المزارع على استخراج سجل تجارى وبطاقة ضريبية قبل الاستعلام والاستفادة من مبلغ التمويل، فى حين أن هناك العديد من المزارعين عندما انتهوا من استخراج هذه الأوراق فوجئوا باستبعادهم من هذا البرنامج بعد أن تكبد عناء الانتظار، والإنفاق على استخراج الأوراق المطلوبة، وهنا المزارع يطالب بإنهاء كل الموافقات المطلوبة على التمويل قبل خطوة استخراج السجل التجاري، وفتح ملفُا بمصلحة الضرائب.
ونوه بضرورة التوسع فى برامج الحماية التى تضمن توفير بيئة عمل آمنة للمزارعين ضد أى أخطار أو تغيرات طارئة، خاصة هنا والعالم يمر بأزمة اقتصادية عالمية طاحنة غيرت شكل الاقتصاد العالمى والخريطة الزراعية أيضًا فى جميع دول العالم بعد الحرب الروسية الأوكرانية، إضافة إلى موجة التغيرات المناخية التى تضرب العالم، وساهمت فى خلخة القطاع الزراعى وتغيير شكل ومنظومة وطريقة التعامل مع الملف الزراعى فى جميع دول العالم، مضيفا أنه مؤتمر شرم الشيخ ومناقشة سبل إنقاذ العالم من آثار ومخاطر التغيرات المناخية، كان القطاع الزراعى على رأس الملفات التى أصبحت تواجه تحديات كبرى من هذه الأزمة، وهو ما يؤكد أن وجود برامج حماية للمزارعين يضمن النهوض بالقطاع الزراعي.
وأوضح أن المزارعين يطالبون بإنشاء «صندوق لمواجهة الأزمات» وسرعة إقرار قانون النقابة المهنية للمزارعين أسوة بباقى فئات المجتمع، والأهم توفير معاش مناسب للمزارع أو إنشاء «صندوق تكافل» للمزارعين يساعدهم فى التغلب على هذه التحديات.
وتكمن مطالب المزارعين فى العام الجديد فى عدة محاور مهمة كما يراها الدكتور أحمد الخطيب، عضو اللجنة العليا للسياسات الزراعية بوزارة الزراعة والخبير الاقتصادي، والذى أكد أن تحقيق الاكتفاء الذاتى من المحاصيل الزراعية يبدأ من دعم المزارع فى مصر، وخلق بدائل ملحة قادرة على التعامل مع الأزمة الاقتصادية العالمية الأخيرة، فهى سلاح ذو حدين إما أن تكون طريق للتوسع فى زراعة المحاصيل الإستراتيجية والنهوض بالزراعة، باعتباره القطاع الوحيد القادر على التعامل مع هذه الأزمة، وإما يتسبب فى تراجع الاستثمار الزراعى بسبب ارتفاع أسعار المستلزمات ومدخلات الإنتاج، ومن هنا نجحت العديد حول العالم فى تجاوز آثار الأزمة الاقتصادية بالعديد من الطرق كان على رأسها دعم القطاع الزراعى وزيادة إنتاجية المحاصيل، مشيرًا إلى أن قدرة أى دولة على إحلال واردتها بصادرات لأسواق العالم يبدأ من القطاع الزراعى.
«حملة قومية»
«مصر بحاجة إلى تبنى «حملة قومية» لدعم زراعة المحاصيل الزيتية، والنهوض بمنظومة البذور الزيتية، وهو بالطبع دور كبير يقع على عاتق الجهات البحثية القادرة والمؤهلة على تحقيق ذلك».. استكمل الدكتور الخطيب كلامه، حيث قال إن المحاصيل الزيتية ثروة قومية كبيرة تحاج إلى المزيد من الإجراءات والخطوات الجادة لتنميتها والتوسع فى زراعتها، باعتبارها زراعات مطلوبة سواء للمستهلك المحلى أو العالمي، إضافة إلى دورها فى دعم منظومة التصنيع الزراعى وإنتاج الأعلاف، كما أن مصر تمتلك فرصا واعدة للتوسع فى زراعة هذه المحاصيل، خاصة مع وجود مركز الزراعات التعاقدية التابع لوزارة الزراعة واستصلاح الأراضي، والمسئول عن تسويق والتعاقد مع هذه المحاصيل، واستعداده لاستقبال أى كميات من المحصول فى مصر.
وأكد أن أزمة الزراعة فى مصر بشكل عام والمزارع بشكل خاص، تكمن فى غياب تفعيل القوانين المنظمة للزراعة، فعلى سبيل المثال لا يزال تعديلات قانون الزراعة الذى صدر عام 1966 يناقش فى البرلمان ولم يخرج من الأدراج حتى هذه اللحظة فى وقت يشهد القطاع الزراعى العديد من التغيرات الطارئة ساهمت فى إعادة كتابة الخريطة الزراعية، ووضعت ضوابط جديدة للحفاظ على الرقعة الزراعية فى مصر من التآكل والزحف، إضافة إلى آثار التغيرات المناخية التى أثرت على هذا القطاع، وظهور قطاعات جديدة منها ما يتعلق بتنظيم قطاع الثروة الحيوانية والداجنة، وملف الاستزراع السمكي، وملفات التمويل، والتصنيع الزراعي، والاستثمار والمشروعات سواء الصغيرة والمتوسطة ومتناهية الصغر.
وعقّب قائلا: حتى إقرار القوانين التى تخدم القطاع الزراعي، لم يتم تفعيلها بالشكل المطلوب، فقد تم إصدار قانون الزراعة التعاقدية، وانتهت وزارة الزراعة من إقرار لائحته التنفيذية خلال الفترة الأخيرة إلا إنه لم يتم تفعيله بالشكل المطلوب، رغم أهميته الكبيرة فى دعم الإنتاج الزراعى والحيوانى والداجنى والسمكي، ودوره الكبير فى ضبط منظومة تسويق الحاصلات الزراعية فى مصر، وكذلك وتنظيم عملية توريدها بضوابط واضحة تحقق أعلى استفادة للمزارعين، ورغم أن وزارة الزراعة بموجب هذا القانون شرعت فى إنشاء مركز متخصص للزراعات التعاقدية مسئول عن تنظيم عملية التعاقد مع المزارعين، وتسجيل العقود، وتبنى برنامج متكامل لنشر السياسات والإرشادات المطلوبة، ووضع نماذج استرشادية لمنظومة التعاقد، وإنشاء قاعدة بيانات ومعلومات وإتاحتها لمن يطلبها من المنتجين أو غيرهم من المتعاملين فى السوق، والفصل فى المنازعات التى تنشأ عن تفسير أو تنفيذ عقود الزراعة التعاقدية أو بسببها عن طريق التحكيم متى تضمنت تلك العقود شرط اللجوء إلى التحكيم لدى المركز، ويكون القرار الصادر فى التحكيم ملزماً للطرفين، وفقاً للقواعد والإجراءات التى يصدر بها قرار من وزير الزراعة واستصلاح الأراضي.
وأوضح الدكتور أحمد الخطيب، أن التوسع فى برامج دعم الاستثمار الزراعى يأتى ضمن مطالب المزارعين والمستثمرين بهذا القطاع، ودعم المناطق المحرومة بالبنية التحتية المتكاملة لتوفير بيئة عمل لهذا الاستثمار الكبير خاصة بالمناطق الجديدة والمستصلحة، وزيادة إنتاج البذور والتقاوى المحسنة والقادرة على التعامل مع التغيرات المناخية والتحديات المائية التى تواجه البلاد، والتى تحقق أيضًا أعلى إنتاجية من المحاصيل الزراعية، إضافة إلى عودة البعثات البحثية للدول الرائدة فى زراعة المحاصيل منها على سبيل المثال المكسيك الرائدة فى زراعة القمح، وفرنسا فى زراعة الذرة، لنقل التجارب الناجحة فى العالم إلى مصر والاستفادة منها.
«دعم البحوث الزرعية»
وعلى صعيد مركز البحوث الزراعية بوزارة الزراعة، أحد أهم القلاع البحثية الداعمة للقطاع الزراعى، أكد أن تراجع دوره هو بالتأكيد يعنى تراجع انهيار القطاع الزراعى وتراجع إنتاجيته، خاصة وأن نجاح القطاع البحثى بأى بلد يعنى دعم منظومة التقاوي، والنهوض بها كصناعة وطنية كبيرة استثماراتها تقدر بالمليارات، كما أنه يحدد إستراتيجية التعامل مع ملفات عديدة، على رأسها ملف التغيرات المناخية، وتحديد السياسات والتوصيات الزراعية السليمة، ووضع خطة التعامل مع أمراض النبات والتربة، وبرامج الملف المائي، وغيرها من السياسات الزراعية التى تحدد مستقبل الزراعة فى مصر، منوها بأن دعم مركز البحوث الزراعية ومعاهده البحثية بالتمويل والتقنيات المطلوبة إحدى أهم الركائز الأساسية لتنمية القطاع الزراعى والنهوض بإنتاجية المحاصيل، مضيفًا أن مركز البحوث الزراعية يضم كتائب كبيرة من أفضل الباحثين فى مصر والمنطقة العربية، وثروة بحثية من الدراسات القادرة على تحقيق طفرة حقيقية فى القطاع البحثى للنهوض بمنظومة الزراعة.
وأشار عضو اللجنة العليا للسياسات الزراعية بوزارة الزراعة، إلى مقترح هام لدعم القطاع الزراعي، وهو ضرورة إعادة هيكلة مديريات الزراعة بالمحافظات، والاستفادة من القوة البشرية الكبيرة فى هذه المؤسسات، إضافة لإعادة دورها الأصيل فى دعم المزارعين، وتوفير برنامج المكافحة والإرشاد الزراعي، ومستلزمات الإنتاج فى منافذها الشرعية، ومراقبة منظومة الزراعة والحفاظ على الرقعة الزراعية من التآكل، وضخ دماء جديدة بها قادرة على التعامل مع التقنيات الحديثة والبرامج الرقمية بالقطاع الزراعي، موضحًا أن مديريات وزارة الزراعة فى المحافظات تعانى من شيخوخة أثرت على دورها بشكل كبير خلال السنوات الأخيرة.
أما الدكتور سيد خليفة نقيب الزراعيين، فأكد أن الطفرة الزراعية التى حققتها مصر خلال السنوات الأخيرة والتوسع فى المشروعات الزراعية القومية ساهم فى إنعاش القطاع الزراعي، وجعله قادرا على التعامل مع الأزمات العالمية التى ضربت العالم، حيث ساهمت هذه المشروعات فى خفض فاتورة استيراد الحاصلات الزراعية الإستراتيجية من الخارج، وحققت وفرة معقولة من القمح فى مصر خلال السنوات الأخيرة، منها مشروع مستقبل مصر الزراعى بالضبعة، ومشروع توشكى العملاق، والتى من المقرر أن تضيف حوالى 300 ألف طن زيادة من محصول القمح، موضحًا أن القيادة السياسية ممثلة فى الرئيس عبد الفتاح السيسى وجه مؤخرًا بالتوسع فى زراعة المحاصيل الإستراتيجية، ودعم المزارعين بمنظومة تسعير تتناسب مع تكاليف الزراعة الأسعار العالمية.
«مرونة التسعير»
«علينا هنا أن نعرف أن اهتمام القيادة السياسية بملف تسعير الحاصلات الزراعية يؤكد مساندة الدولة لأبناء القطاع الزراعى لمواجهة التحديات والأزمات الاقتصادية التى بالطبع ساهمت فى زيادة تكلفة مستلزمات الإنتاج، ومن ثم فإن وجود «مرونة» فى ملف التسعير أمر مطلوب يحقق التوازن فى منظومة الإنتاج خاصة فى ظل التغيرات الاقتصادية المستمرة التى يشهدها العالم».. استكمل الدكتور سيد خليفة: «مرونة هنا يقصد بها قابلية تحريك أسعار الحاصلات إذا استدعت الظروف لضمان تحقيق العائد المناسب للمزارع واستمرار النهوض بهذا القطاع الهام، وقد كانت توجيهات الرئيس عبد الفتاح السيسى واضحة خلال الفترة الأخيرة بتحريك سعر القمح ووضع أسعار عادلة للمحاصيل الزراعية الإستراتيجية، لمساندة المزارعين فى تجاوز الأزمة الاقتصادية العالمية الأخيرة.
وأكد الدكتور خليفة أن أزمة ارتفاع أسعار الأسمدة التى واجهها القطاع الزراعى خلال السنوات الأخيرة قابلها تدخل الدولة بإنشاء أكبر مشروع لإنتاج الأسمدة الأزوتية، والذى أكد الرئيس عبد الفتاح السيسى فى إحدى اللقاءات الأخيرة، إنه من المقرر افتتاح 6 مصانع فى العين السخنة خلال شهرى فبراير ومارس المقبلين لإنتاج حوالى 700 ألف طن أسمدة أزوتية لمجابهة التطور المنشود فى القطاع الزراعى الهادف لإضافة مساحة زراعية تتراوح مابين 2 إلى 3 ملايين فدان خلال عامين، إضافة إلى أن القطاع الزراعى أصبح فى أمس الحاجة لمنظومة تعيد تدقيق البيانات والمعلومات الخاصة بالقطاع الزراعى وتكون مسئولة عن الحصر الفعلى لمساحات الأراضي، وهذا بالطبع يبدأ من ضخ دماء جديدة بقطاع الإرشاد الزراعى لتوفير مهندس قادر على هذا الدور، باعتبار أن وجود معلومة دقيقة فى هذا القطاع يترتب عليه قرار سياسى يعيد ترتيب الوضع الاقتصادى فى أى دولة بالعالم.
«توطين صناعة المستلزمات»
من الناحية الأخرى طالب أحمد الشربيني، عضو الاتحاد التعاونى الزراعى المركزي، بضرورة التوسع فى مشروعات إنتاج مستلزمات القطاع الزراعي، من مبيدات وأسمدة وتقاوى وميكنة زراعية، والأعلاف، باعتبار أن ارتفاع أسعارها معضلة كبيرة ساهمت الفترة الأخيرة فى زيادة معاناة المزارعين، وزيادة تكلفة إنتاج المحاصيل الزراعية، وقدر ترتب عليه زيادة فى أسعار السلع بالسوق المحلي، إضافة إلى ضرورة التوسع فى المحطات اللوجيستية من مشروعات محطات التجميع والتجفيف والتصنيع الزراعى بدلًا من تصدير الخامات الزراعية واستيرادها منتجات مصنعة بأسعار عالية من الخارج فى ظل ارتفاع سعر العملات، مؤكدًا أن زيادة الرقعة الزراعية التى حققتها مصر السنوات الأخيرة، فرصة كبيرة لدعم قطاع التصنيع الزراعي، وتعظيم الاستفادة من الحاصلات الزراعية فى منظومة التصنيع وتصديرها لأسواق العالم.
ورأى نجيب المحمدي، الخبير الزراعى وعضو جمعية المحاصيل الزيتية بالقاهرة أن قرارات الحكومة ممثلة فى وزارة الزراعة بشأن معاقبة المخالفين لزراعات الأرز، وحرمانهم من مستلزمات الإنتاج المدعمة تحتاج لإعادة نظر، قائلًا: المزارع هو وحده القادر على تقييم المحاصيل المناسبة للزراعة فى أرضه والتى تحقق له الإنتاجية التى يستهدفها، ومن ثم كان الأجدر للحكومة بدلًا من معاقبة المزارعين المخالفين إيجاد بدائل فعليه تدعم منظومة الإنتاج منها على سبيل المثال دعم المزارعين بالتقاوى غير الشرهة للمياه، خاصة وأن محاصرة مساحات الأرز وتحديد زراعته سببه ترشيد استخدامات المياه، مشيرًا إلى أن توفير التقاوى المعتمدة للمزارعين أصبح سهلًا فى ظل الفطرة الكبيرة التى حققها مركز البحوث الزراعية.
وأوضح الدكتور محمد عبادى الخبير الزراعي، أن آثار التغيرات المناخية التى ضربت العالم خلال السنوات الأخيرة كان لها تداعيات خطيرة على القطاع الزراعى فى العالم كله، وهو أحد القطاعات التى تأثرت بهذه الأضرار وتسببت هذه الأزمة فى زيادة معدلات البخر واستنزاف المخزون المائى والتأثير أيضًا على عملية التزهير والعقد والأمراض التى تصيب النباتات، ومن ثم كان الضرر الأكثر الناتج من هذه الآثار على المزارع، والذى أصبح وبشكل عاجل يحتاج لحزمة من الإجراءات الحاسمة والعاجلة لمواجهة هذه الأخطار.