انتهى عام 2022، ودخلنا فى عام 2023، وجبهة الحرب فى أوروبا مفتوحة منذ أشهر، بين روسيا وأوكرانيا، هذا شكلها، لكن مضمونها بين روسيا والناتو، فهناك تحالف ضخم عالمى أمريكى - أوروبى، يدعم أوكرانيا.
انتهى العام، ودخلنا فى العام الجديد، والحرب مشتعلة، والدنيا لم تهدأ، صحيح أنه مع نهاية العام الماضى، حاولت أمريكا والصين، تلافى اشتعال جبهة تايوان، برغم نذر الشرر المتطاير بين البلدين الكبيرين، لكنهما استطاعا تلجيم الصراع أو امتداده.
بل إن الصين عندما صعد شى بينج إلى سدة الحكم، وسيطر على الحزب الشيوعى الصينى، أبدى الكثير من المرونة، وعدم اتساع شرارة الحرب الأوروبية، فظهرت الصين والهند معها فى قمة، حضرها بوتين فى قلب دول الاتحاد السوفيتى السابق (سمرقند)، إنها تريد وضع حد للحرب المشتعلة فى أوروبا، لا يريد أحد أن تصبح الحرب الأوروبية، حربا عالمية ثالثة، هذا على الصعيد الأوروبى.
وفى منطقتنا العربية والشرق أوسطية، الوضع لايزال مشتعلا تحت الرماد، إذ لا يتصور أحد - عربيا أو شرق أوسطيا - أن يتنازل العرب عن حق الشعب الفلسطينى فى تقرير مصيره، لكن ظهور حكومة جديدة بزعامة بنيامين نيتانياهو، وهى الحكومة السادسة لشخصه منذ التسعينيات، تشكيلتها الراهنة تقول إنها حكومة حرب على الفلسطينيين، حكومة استئساد على الشعب المضطهد منذ بدايات القرن العشرين، وهو تحت الاحتلال، كان من المتصور أن نيتانياهو، الرجل العائد، سوف يكمل ثلاثية بن جوريون، بيجين، أى أننا سنكون أمام شخصية إسرائيلية قادرة على صنع السلام مع الفلسطينيين، لكن تركيبة حكومته لا تشير إلى ذلك، فقد استقطب اليمين العنصرى إلى حكومته، وأصبحنا أمام ترانسفير ضخم للفلسطينيين فى الأراضى المحتلة، أو أمام انتفاضة كبرى، أو حريق فلسطينى لا يتوقف.
كما أن الموقف فى سوريا ولبنان والعراق واليمن، يعكس حال الشرق الأوسط بين جيرانه على كل الأصعدة.
إذ كانت المنطقة تريد برهة من الاستقرار، لاستكمال برامج التنمية والخروج من تبعات حقبة اقتصادية وسياسية صعبة، بدأت فى أعقاب ما عرف بـ«الربيع العربى»، ما بعد 2011، وأثرت على كل اقتصادات المنطقة العربية فى الشرق الأوسط، فإننا أمام حالة دقيقة فى العام الجديد، الذى دخلناه منذ أيام، هناك تحفز إقليمى ضخم يشجع على التوتر، خصوصا فى البحر الأبيض المتوسط، فلا تزال حالة ليبيا غير مستقرة.
والحرب اليمنية، وهى متداخلة إقليميا، لم تتوقف وتكشف عن انهيارات داخلية صعبة، لا يستطيع الشعب اليمنى الاستمرار فيها، وهناك حالة صعبة تؤثر فى حياة الأطفال والنساء والشيوخ، الوضع اليمنى حرج للغاية، وسيطرة الميليشيات على صنعاء أصبحت مؤلمة جدا للشعب اليمنى.
كما أن الحالة السورية وما بها السيولة والانقسام والتداخلات الخارجية، تفتح شهية التنظيمات الإرهابية المتطرفة، الدواعش وأخواتها، للعودة فى هذه المنطقة الرخوة والهشة فى الإقليم العربى، سواء فى سوريا أم العراق معا.
هذا كله يستدعى من كل الدول العربية، التسويات مع دول الجوار، خصوصا الفلسطينية، الوحدة والاتحاد، وممارسة الضغوط الكافية لعدم الاندفاع نحو الحروب، وصناعة الفتن، والاضطرابات، لأن فتح أى جبهة الآن، لن يستطيع أحد أن يوقف توابعها أو شرارتها المقبلة.