بعد ارتفاع الدولار.. تحذيرات من جشع "تجار الأزمات".. ارتفاع متوقع في الأسعار.. والحل في "يد من حديد"

4-1-2023 | 18:09
بعد ارتفاع الدولار تحذيرات من جشع  تجار الأزمات  ارتفاع متوقع في الأسعار والحل في  يد من حديد السلع الغذائية - أرشيفية
إيمان فكري

في ظل الأزمة الاقتصادية التي تمر بها البلاد، وزيادة الأسعار عالميا مع ارتفاع سعر الدولار وارتفاع معدلات التضخم، يستغل بعض التجار منعدمي الضمير هذه الأزمات، حيث إنهم يقومون برفع أسعار السلع مباشرة حتى إن كانت مستودعاتهم ممتلئة بسلع تم شراؤها بأسعار ما قبل التضخم.

موضوعات مقترحة

وشهدت أسعار الدولار اليوم ارتفاعا كبيرا، اليوم الأربعاء، إذ كسر سعر الدولار حاجز الـ26 جنيها، بعدما شهده من استقرار خلال الأسبوع الماضي، ويكون ارتفاع أو انخفاض الدولار مرتبطًا بعوامل داخلية وخارجية، بينها ضغط المستثمرين على الدول نتيجة حاجتهم إليه.

جشع التجار في الأزمات الاقتصادية

وكالعادة عند أي ارتفاع للأسعار العالمية، يظهر جشع وطمع بعض التجار واستغلالهم لحاجة السوق والأزمة العالمية التي تتأثر بها البلاد، ويتم تخزين كميات كبيرة من السلع لتقليل المعروض وهو ما يؤدي إلى ارتفاع الأسعار بشكل مبالغ فيه حتى تزداد مكاسبهم.

وتبذل الدولة جهودًا كبيرة، لضبط أسعار السلع الغذائية الأساسية للمواطنين في الأسواق، في محاولة من الحكومة للتخفيف قدر الإمكان، من وطأة التداعيات السلبية للأزمات العالمية التي نشهدها مع العالم في الفترة الحالية، رغم ما تتكلفه الدولة المصرية من عبء كبير خلال المرحلة الراهنة.

استغلال التجار يفاقم الأزمة الاقتصادية

وأكد عدد من الخبراء، أن استغلال تجار الأزمات للوضع يساعد في تفاقم الأزمة الاقتصادية، حيث إنهم يقومون برفع أسعار السلع بشكل مبالغ فيه متخذين ارتفاع الدولار "شماعة" لهم في زيادة الأسعار دون مبرر، ولكن ذلك عقوبته كبيرة في القانون، وفي الإسلام.

ارتفاع الأسعار وعدم استقرارها باتت أزمة تؤرق جميع المواطنين، ومشكلة الأسعار ليست جديدة، وإنما موجودة من فترة كبيرة، لكن تفاقمت خلال الآونة الأخيرة، ويرجع الدكتور على الإدريسي، الخبير الاقتصادي، السبب إلى الأزمات التي يختلقها التجار واستغلالهم بشكل عام للمواطنين ورفع الأسعار عليهم.

أسباب أزمة ارتفاع الأسعار

ويوضح الخبير الاقتصادي، أن أزمة ارتفاع الأسعار هي نتاج الأزمة الاقتصادية العالمية، وذلك نتيجة تداعيات أحداث كثيرة متتالية أثرت على الاقتصاد العالمي، وأزمة الحرب بين روسيا وأوكرانيا كانت سببا رئيسا في التداعيات الاقتصادية السلبية التي شهدها العالم خلال الفترة الأخيرة.

ويرتبط سبب ارتفاع سعر الدولار أو انخفاضه بعوامل داخلية وخارجية، من بينها بحسب الدكتور علي الإدريسي، ضغط المستثمرين على الدولار نتيجة حاجتهم إليهم، والدولار يشكل جزءًا فقط من تكوين المنتج المصري وليس إجمالي التكوين.

ارتفاع الدولار "شماعة" التجار برفع الأسعار

ولكن تجار الأزمات يعلقون كل زيادة في الأسعار على ارتفاع الدولار، حيث إن البعض من غلاء أسعار السلع يكون ناتجًا عن جشع التجار، لأن العديد من المنتجات تكون محلية الصنع بنسبة 100% ولا يجب أن تتأثر بارتفاع سعر الدولار، ولكن التجار يتخذون ارتفاع الدولار شماعة لزيادة الأسعار دون مبرر.

كما أثرت الأزمة الاقتصادية على بلدان صناعية واقتصادية كبرى وليس مصر فقط، ويؤكد "الإدريسي"، أن تجار الأزمات هم من يساعدون في تفاقم الأزمة الاقتصادية، حيث إنهم يستغلون الوضع لتحقيق أرباح مالية، والمواطنون عليهم مسئولية الإبلاغ عن أي ضرر بشأن التسعير أو ارتفاع الأسعار.

ويلجأ الكثير من المواطنين في هذا الوقت إلى المجمعات الاستهلاكية، وذلك لأن الأسعار لديها واضحة ومحددة وليست متغيرة كما هو الحال في المنافذ العامة والأسواق، كما أن هذه المجمعات موفرة للأسعار بشكل كبير عن الأسعار التي يعرضها التجار.

3 طرق لتقديم شكاوي ضد جشع التجار

وتعمل لجان الضبطية القضائية لجهاز حماية المستهلك في المرور على الأسواق للتصدي للمخالفات وعدم مغالاة التجار في الأسعار، ويستقبل الجهاز شكاوى المواطنين على الخط الساخن 19588، أو من خلال الموقع الإلكتروني للجهاز أو من خلال خدمة الواتساب للجهاز.

تعديل قانون حماية المنافسة

ووافق مجلس النواب، منذ أيام قليلة على تعديلات قانون "حماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية، ويسعى مشروع القانون لتعزيز المنافسة في الأسواق من خلال خلق كيانات اقتصادية أكثر كفاءة، مما يعود بالنفع على المستهلك النهائي.

عقوبة رفع الأسعار دون مبرر

ويتضمن قانون العقوبات مواد تشرح عقوبة رفع الأسعار واحتكار السلع، من خلال المادة 345 من قانون العقوبات التي تنص على أن "الأشخاص الذين تسببوا في علو أو انحطاط أسعار غلال أو بضائع أو بونات أو سندات مالية معدة للتداول عن القيمة المقررة لها في المعاملات التجارية بنشرهم عمداً بين الناس أخباراً أو إعلانات مزورة أو مفتراه أو بإعطائهم للبائع ثمناً أزيد مما طلبه أو بتواطئهم مع مشاهير التجار الحائزين لصنف واحد من بضاعة أو غلال على عدم بيعه أصلاً أو على منع بيعه بثمن أقل من الثمن المتفق عليه فيما بينهم أو بأي طريقة احتيالية أخرى يعاقبون بالحبس مدة لا تزيد على سنة وبغرامة لا تتجاوز خمسمائة جنيه مصري أو بإحدى هاتين العقوبتين فقط".

غرامة رفع أسعار السلع تصل لمليوني جنيه

وضاعفت المادة 346 الحد الأقصى لعقوبة الحبس في المادة السابقة، تصل لسنتين، إذا احتال التجار لرفع الأسعار خاصة فيما يتعلق بسعر اللحوم أو الخبز أو الوقود والفحم أو نحو ذلك من الحاجات الضرورية، أما المادة 8 في قانون حماية المستهلك 181 لسنة1821 فنصت على حظر حجب المنتجات المعدة للبيع عن التداول بإخفائها أو عدم طرحها للبيع (التخزين) أو الامتناع عن بيعها بأي صورة.

وتنص المادة 43 من القانون أنه يحق لجهاز حماية المستهلك تلقي جميع الشكاوى والبلاغات بأنواعها في مجال حماية المستهلكين والتحقيق فيها، ويعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنة وغرامة لا تقل عن 100 ألف جنيه ولا تجاوز مليوني جنيه أو ما يعادل قيمة البضاعة موضوع الجريمة أيهما أكبر، كل من يحتكر سلعة ويمتنع عن طرحها للبيع، وفق المادة 71 من القانون.

وتنص المادة 71 من قانون حماية المستهلك على أنه في حالة تكرار البائع للجريمة، يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنتين ولا تجاوز 5 سنوات وتضاعف قيمة الغرامة، أمّا عن عقوبة رفع أسعار السلع، فتتراوح من غرامة 5 آلاف إلى 50 ألف جنيه، وتاجر الجُملة من 500 ألف وتصل إلى مليون جنيه.

مطالب بوضع تسعيرة جبرية على التجار

وطالب الخبراء الدولة بوضع تسعيرة جبرية يلتزم بها كل التجار سواء جملة أو موزعين، وذلك تماشيا مع سياسة الدولة في ضبط الأسعار وعدم استغلال حاجة الناس.

الإسلام يحرم الاستغلال واحتكار السلع

وحرم الإسلام استغلال التجار للأزمات الاقتصادية والاحتكار، وشراء السلع المتوقع ارتفاع سعرها طلبا للربح إن تم بيعها بثمن مثلها بلا حبس فهو جائز، وإن اشتراها وقت الغلاء وحبسها متربصا زيادة السعر مع حاجة الناس إلى ما حبسه فهو من الاحتكار المحرم، وهذا التحريم لا يثبت إلا بشروط، منها، الشراء وقت الغلاء، والحبس مع تربص الغلاء، وإحداث ضرر بالناس جراء الحبس.

ويرى علماء الدين، أن من يستغلون حاجة الناس في رفع الأسعار واحتكارها آثمون ويخالفون الشرع الذي نهى عن استغلال حاجة المواطن بصورة تخالف الشرع وتخالف القوانين الوضعية في الدولة، ومن يرتكب ذلك مفسد في الأرض في حق الشعب وحق المجتمع.

ويؤكد الدكتور أحمد كريمة أستاذ الفقه المقارن والشريعة الإسلامية، أن الاحتكار ورفع الأسعار دون سبب حرام شرعا، والحكمة من تحريم الاحتكار هي رفع الضرر عن الناس خاصة الفقراء والمحتاجين، مستشهدا بقول الله تعالى: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُم بَيْنَكُم بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَن تَكُونَ تِجَارَةً عَن تَرَاضٍ مِّنكُمْ".

ووضع الإسلام قواعد وأسس لتعامل الناس فيما بينهم، وراعى مصالح وحال الناس جميعا، فأرشد ووجه إلى الكسب الحلال من خلال البيع والشراء، محرما الغش وتبرأ ممن يفعل ذلك، لأنه من أكل أموال الناس بالباطل وكذلك الاحتكار، فكما أن الغش يقع ضرره على المواطن فكذلك الاحتكار ضرره أكبر وأشد، فرفع الظلم والتظالم بين الناس من أهم خصائص الشريعة الإسلامية.

كلمات البحث
اقرأ أيضًا: