تعد مشكلة سهر الأزواج خارج المنزل إلى فترات متأخرة من الليل قضية أسرية ذات آثار خطيرة، حيث تتسبب في مشكلات عديدة بين الزوجين، وتحول حياتهم من المودة والرحمة إلى جحيم، وتصل في كثير من الأحيان إلى حد الانفصال.
موضوعات مقترحة
وتفاقمت هذه المشكلة خلال الآونة الأخيرة بين الأزواج خاصة الشباب منهم، ما جعل دار الإفتاء تتدخل في محاولة منها لحل هذه الأزمة، حيث حذرت الزوجين من الغياب والسهر والتأخير المستمر خارج المنزل بدون أسباب تقتضي ذلك، لأنها تزيد من المشاكل وتهدم الثقة بين الزوجين، معلقة "من يضع نفسه موضع التهم فلا يلومن إلا نفسه".
سهر الزوج أمر مكروه في الدين
ووجهت دار الإفتاء نصيحة للزوجين، قائلة: "لابد أن يعلما أنه يُكره لهما أن يطيلا السهر مع الغرباء خاصة خارج المنزل، لما يترتب على ذلك من مشكلات اجتماعية كبيرة، وعليهما أن يكثرا من الحديث مع بعضهما أو النظر في أمر الأولاد وإصلاح شئونهم".
وتثير هذه القضية العديد من التساؤلات، وهي، هل يعتبر تحذير الإفتاء سلاحا لمنع الزوجة سهر زوجها ليلا، وهل على الزوج أن يستأذن زوجته قبل الخروج، أم أنه يعتبر تقييد لحرية الأزواج، وما هو أسباب هروب الأزواج من المنزل بالسهر لساعات متأخرة، وآثارها النفسية والاجتماعية على العلاقة الزوجية، ويجيب على هذه التساؤلات عدد من المتخصصين في السطور التالية.
خطورة سهر الأزواج خارج المنزل
هناك خطورة لسهر الأزواج، حيث حذر أطباء الصحة النفسية والعلاقات الأسرية، من السهر اليومي والمتكرر للأزواج حتى ساعات متأخرة من منتصف الليل خارج المنزل بعيدا عن أسرهم وأبنائهم، حيث يؤدي الأمر إلى اتساع الخلاف بين الزوج وزوجته مما يؤثر على الحياة الأسرية التي ربما يذهب ضحيتها الأبناء في حال وقوع الانفصال بين الزوجين.
الدكتور محمد هاني استشاري العلاقات الأسرية، يؤكد أن هذا السلوك يؤدي إلى اللا مبالاة وعدم المسئولية عند كافة أفراد الأسرة، لأن الأب الذي يعتبر قدوة ونموذج للأبناء غير مهتم بهم، وبالتالي فإنهم سوف لا يكترثون إلى أي سلوك يقومون به.
زيادة الأعباء على الزوجة
كما يؤدي خروج الزوج وسهره يوميا، إلى زيادة الأعباء على الزوجة، لتقوم بعدة أدوار مما يسبب لها الإرباك عن القيام بالواجبات الأسرية، لتحدث المشاجرات والمشاكل الأسرية بين الأزواج عند سهر الزوج دون وجود سبب مقنع، وتفسره الزوجات بأنه هروب منها ومن مسئولية الأسرة، وقد يتولد الشك داخل الزوجة بأنه على علاقة بامرأة أخرى ما يشعل المشاكل بينهما والتي تسبب الانفصال في بعض الأحيان.
ولحل هذه المشكلة الخطيرة بحسب الدكتور محمد هاني، يجب أن يتم الحوار بين الزوجين والاتفاق على أسباب السهر ليلا، وإنهاء هذا السلوك، والاهتمام بمسئوليات الأسرة وإعطائها الأولوية، لتكون العلاقة مبنية على الحقوق والواجبات المشتركة بين الزوجين، والتي تتمثل في التعاون والمودة المشتركة، لتنعم الأسرة بالسعادة والاستقرار الأسري.
الآثار النفسية لسهر الأزواج خارج المنزل
وهناك دراسات سيكولوجية، توضح أن السهر له آثار نفسية وعصبية وأضرار متعلقة بالوظائف الإدراكية والنواحي المعرفية للزوج، حيث يؤكد الدكتور وليد هندي استشاري الصحة النفسية، أن معظم الأزواج الذين يسهرون بشكل يومي خارج المنزل يعانون اضطرابات النوم والمشاكل النفسية والعصبية الكارثية.
ويقول استشاري الصحة النفسية، أن مصر منتشر بها ظاهرة "طلاق النوم" وهناك حالة طلاق من كل ست حالات بسببها، وتسمى بطلاق النوم لأن الزوج يترك زوجته ليلا لتفكيره في نفسه وتسليته في الخارج تاركا الزوجة تحمل مسئوليات المنزل وحيدة، ويعود للنوم في المنزل، ليتحول المنزل إلى فندق له، في حين أن الزوجة لديها مسئوليات المنزل والأطفال وغالبا ما تكون تعمل أيضا لتقرر الطلاق في نهاية المطاف.
وتسبب عدم مسئولية الزوج أيضا إلى حدوث توتر بينه وبين زوجته، وتولد العصبية المفرطة لدى الزوجة بسبب الإهمال والتقصير وتكون ردود الأفعال عنيفة في أبسط الأمور.
أسباب هروب الزوج من المنزل
ولكن لابد أن تدرك الزوجة السبب وراء السهر المتكرر للزوج لتجد حلا، ويوضح استشاري الصحة النفسية بعض الأسباب لخروج الزوج والحل المناسب لها.
يجب على الزوجة أن تدرك أنّ غياب الزوج عن المنزل بسبب العمل هو أمر اضطراري، وعليها تقبّل ظروف عمله لأن الزوج يتحمّل العديد من المسئوليات المادية ومن واجبه طلب الرزق لتلبية احتياجات الزوجة والأولاد، وهذا يختلف عن خروجه للترفيه.
-
كثرة الخلافات والنزاع بين الزوجين
تُعدّ من أول الأسباب التي تدفع الزوج للخروج من المنزل دائماً والعودة في وقت متأخر، لذلك مهما وقعت خلافات عابرة بينهما يجب أن تلطّف الأجواء سريعاً كي لا تخسر زوجها.
الملل في المنزل يجعل الزوج يتعمّد السهر لوقت متأخر خارج البيت، ومن هنا يكون دور الزوجة في إيجاد نشاطات ترفيهية مع زوجها داخل أو خارج المنزل بحسب وضعها المادي لكي تجذب الرجل للبقاء إلى جانبها، فمثلاً ادعي أصدقاءه المتزوجين مع زوجاتهم إلى العشاء في المنزل.
بإمكانك أن تقنعي زوجك بعدم السهر كثيراً بطريقة غير مباشرة كأن تخبريه عن الآثار الجانبية للسهر مثل المضارّ الصحّية المترتبة عليه لأنك تخافين على صحّته كما يمكنك إقناعه بضرورة البقاء في المنزل لأنك مشتاقة إليه ولأنّ الأولاد بحاجة إليه كنوع من حثّه على المشاركة في تربيتهم.
-
الضجّة الدائمة وعدم توفير الراحة
الزوج يتعب كثيراً طيلة النهار خلال دوام العمل ويحتاج للراحة والهدوء، فإن وجد جوّ المنزل صاخباً وكئيباً فسوف يتعمّد الخروج والسهر مع أصدقائه لساعات متأخرة، لذا وفّري أجواء الراحة للزوج في المنزل.
هناك رجال يتهربون من المسئوليات فيتعمّدون الخروج لوقت متأخر خارج المنزل، لذلك حاولي التخفيف عن الشريك من ضغط الحياة عامّة وتقاسمي معه أدواره.
من حق الزوج التسلية مع رفاقه من فترة لأخرى كي يُجدّد طاقته ويشتاق لزوجته، لكن إذا زاد الأمر عن حدّه يجب على الزوجة التفكير في إيجاد الحلول المناسبة.
هل يجب أن يستأذن الزوج زوجته قبل الخروج؟
يجيب على هذا السؤال، الدكتور عطية لاشين، أستاذ الشريعة الإسلامية بالأزهر الشريف، مؤكدا أن الإسلام دين العدل والإنصاف، ويرفض أن يجامل الزوج على حساب زوجته أو العكس، ولهذا فإن الحقوق والواجبات بينهما متبادلة ولا تمييز أو تفضيل لأحدهما على الآخر، سواء في الدنيا أو الآخرة، فقال الله تعالى: "فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لَا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِّنكُم مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَىٰ بَعْضُكُم مِّن بَعْضٍ".
ويوضح أستاذ الشريعة الإسلامية، أن قضية عدم جواز خروج الزوجة من المنزل إلا بإذن زوجها يجب أن يتم تطبيقها على الزوج بالمثل، ومن باب حسن العِشرة والاحترام والعدل والتعاون، ولهذا لابد من أن ننظر بعدل في قضية الحقوق والواجبات المتبادلة بين الزوجين.
ومن حق الزوجة في أن يستأذنها زوجها عند خروجه، مثلما له حق استئذانها له عند خروجها، فإذا تم تطبيق ذلك بحب وبدون تعسف تتحقق الأهداف السامية من الزواج، الذي جعله الله آية من آياته حين قال: "وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُون".