يناقش مجس النواب مشروع تعديل بعض مواد قانون الإجراءات الجنائية، والذي منحه "النواب" الأهمية القصوى؛ كونه يمس بشكل مباشر حقوق وحريات المواطنين، خاصة أن القانون القديم محل التعديل، مضى عليه ما يزيد على 72 عامًا تقريبًا، وتعاقبت عليه العديد من الدساتير وصدرت في شأنه العديد من أحكام المحكمة الدستورية العليا.
ويستهدف مشروع القانون الجديد الذي تقدمت به الحكومة، مواكبة المحاكمات الحالية أمام المحاكم المصرية، للتطور التكنولجي، في ظل ميكنة إجراءات التقاضي، وتحقيق المزيد من ضمانات جديدة للحبس الاحتياطي والحريات للمتقاضين، كما يستهدف تحقيق العدالة الناجزة، والقضاء على تكدس قضايا أمام المحاكم.
وفي وقت سابق أكد، الدكتور المستشار حنفي جبالي رئيس مجلس النواب أن مشروع القانون سيكون لائقًا بمكانة مصر حيث أن القانون يراعي جميع الأبعاد القانونية والاجتماعية والسياسية والأمنية.
ومشروع القانون المقدم من الحكومة تضمن تعديل 365 مادة من أصل 461 مادة بعد استبعاد المواد الملغاة بقوانين متعاقبة، خاصة أن القانون القائم تم إعداده في حقبة زمنية معينة وفي ظل دستور 1923، وهو مغاير بالكلية للظروف والدستور الحالي، بالإضافة إلى أهمية مواكبة التطور الذي شهدته الدولة المصرية في جميع المناحي السياسية والاقتصادية والاجتماعية وفي مجال تكنولوجيا المعلومات.
وتعديل قانون الإجراءات الجنائية أصبح أمراً ضرورياً حتى تتسق أحكامه مع الدستور وتتماشى مع التطور الحديث بشكل يكفل حقوق وحريات جميع المواطنين، ويحقق العدالة الناجزة.
تعديلات قانون الإجراءات الجنائية ضمانة قوية للحفاظ على الحريات
يقول المستشار بهاء أبوشقه، وكيل أول مجلس الشيوخ، إن قانون الإجراءات القانونية تتمثل فكرته عند تأسيس جمهورية جديدة، أن نكون أمام قوانين تحقق الفلسفة التي ينتهجها الرئيس عبدالفتاح السيسي، من إنشاء جمهورية ديمقراطية عصرية حديثه، تتطلب وجود تشريعات مستحدثة بما يتواءم ويحقق الغاية من تلك الفلسفة للجمهورية الجديدة.
المستشار بهاء ابو شقه
ويقول أبو شقة، إن قانون الإجراءات الجنائية هو قانون للحفاظ على الحريات، لأنه يضع ضمانات للمتهم مع استخدام أحدث النظم، بداية من الإجراءات في محضر الاستدلالات، حتى يصل إلى صدور حكم قاطع أمام محاكمة قاطعة، ولا يوجد فيه سبيل للطعن عليه، بأي طريق من طرق الطعن العادية.
محاكمة منصفة وضمانات جديدة للمتهمين في الحبس الاحتياطي
ويضيف أبو شقة، أن جوهر التعديلات المقترحة لقانون الإجراءات الجنائية، يكمن في وجود محاكمة منصفة تتحقق فيها كافة ضمانات المتهم ودفاعه، لتكون هناك ضمانات بالنسبة للحبس الاحتياطي، وأن نكون أمام ضمانات تتعلق بحقوق المتهم ودفاعه في محاضر جمع الاستدلال وفي تحقيقات النيابة العامة وأثناء المحاكمة.
الاستغلال الأمثل للتكنولوجيا في إجراءات المحاكمة
ويكمل: من بين الضمانات في قانون الإجراءات الجنائية، أننا سنكون، أمام تطبيق كل ما هو مستحدث علميا وتكنولوجيا، بالنسبة لإجراءات المحاكمة عن بعد، وكيفية إعلان المتهم إعلانا قانونيا، دون أن نكون أمام الإجراءات التي عفا عليها الزمن مثل ذهاب محضر المحكمة بشخصه لإعلان المتهم.
وفي ظل تعديلات قانون الإجراءات الجنائية، حسب أبو شقة، سيتم الاهتمام بفن التدوين بطرق حديثة سواء تدوين التحقيقات آو المحاكمات الجنائية، وفي هذه الحالة، يتم القضاء على تكدس القضايا، ومع طرق التدوين الحديثة عند استئناف الحكم، يكون للمتهم الحق في أن يدلل على أنه لم يعلن إعلان قانوني، وهنا لا تضيع عليه درجة من درجات التقاضي، وبذلك تعود القضية إلى محكمة الجنايات أول درجة لكي تتم محاكمة عادلة.
ويوضح أبوشقة أن التعديلات ستتطرق إلى مجموعة من النقاط المهمة، أولها توفير الضمانات للمتهم ودفاعه في مرحلة الاستبدال والتحقيق وفي مرحلة الإحالة، وتوفير الضمانات اللازمة للمتهم أثناء المحاكمة، والاستفادة من التقنيات الحديثة ومنها المحاكمة عن بعد، والتي يجرى الآن تفعيلها حاليا أي تجديد الحبس أثناء وجود المتهم في السجن، حتى نكون أمام تقنيات حديثة في تدوين التحقيقات وتدوين المرافعات وتسجيلها بما يحقق ضمانة نتلافى فيها الطرق العادية اليدوية.
المحاكمة الناجزة هدف قانون الإجراءات الجنائية
كما يرى أبوشقه، أنه في ظل قانون الإجراءات الجنائية سيكون في حاله القضية الواحدة التي تضم على سبيل المثال 20 متهمًا وحضر منهم متهم وحيد فقط للمحاكم، هنا يصبح الحكم حضوريا للمتهم الذي حضر ولكن باقي المتهمين يكون لهم الحق في إعادة الإجراءات، مع وجودهم أمام محاكمة جديدة.
واشاد أبوشقة بالتعديلات واعتبرها أنها ستحقق العدالة الناجزة وتقضي على الأحكام الغيابية.
ويرى أبو شقة، أنه في ظل قانون الإجراءات الجنائية، من الضروري أن نعود لنظام مستشار الجنايات الفرد، في جنايات العاهات وقضايا السلاح، بمعنى أنه في بعض الحالات المحددة لا تقتضي أن تكون القضية أمام ثلاثة مستشارين في هذا الشأن.
قانون عصري يحقق العدالة المنصفة الناجزة
وبصدد كل ما سبق يقول أبو شقة، يصبح قانون الإجراءات الجنائية كاملا وشاملا وحديثا، يتواءم مع المستحدثات ومع الضمانات الإجرائية العالمية والجمهورية الجديدة، وأيضا جميع ما يؤكد عليه الرئيس عبدالفتاح السيسي، من خلال حرصه الدائم على الحريات وإستراتيجية حقوق الإنسان وضمان هذه الحقوق.
مما يؤكد أننا، أمام قانون عصري يحقق العدالة المنصفة الناجزة، والتي تتحقق فيها كافة ضمانات المتهم ودفاعه، ابتداء من جمع استدلالات المحاضر وحتى صدور حكم.
الأهمية الدولية لقانون الإجراءات الجنائية
ويضيف المستشار بهاء أبوشقة وكيل أول مجلس الشيوخ، تزيد أهمية قانون الإجراءات الجنائية على المستوى الدولي، إنه مع البدء في تنفيذه، فإنه يواكب الاتجاهات الدولية، فيصبح هذا هو المطلوب لأنه يجعلنا نسير جنبًا إلى جنب مع أحدث الضمانات الدولية، التي توفر ضمانة لحقوق الإنسان، ومن هنا نستطيع أن نقول أن المرادف هو كلمة واحدة لقانون الإجراءات الجنائية، وهو أنه قانون للحريات.
الحذر عند التعامل مع قانون الإجراءات الجنائية
وفي سياق متصل يقول وكيل مجلس الشيوخ، لذا وجب الحذر الشديد، عند التعامل مع قانون الإجراءات الجنائية وذلك بسبب انه يمس بحقوق وأمن المواطن.
"ولذلك لابد أن يوزن قانون الإجراءات الجنائية بموازين دقيقة، وأن تكون له معايير، وكل خطوة نخطوها تكون بحذر لكي نصل إلى أفضل الضمانات التي تستطيع أن تحقق ما بين الحرية الفردية وأيضًا حق الدولة في أن نكون أمام إجراءات حماية للدولة نفسها".
"ومع أن جميع الحريات توجد في الدساتير، إنما هناك فرق بين الحرية وتنظيم استعمال الحرية لذلك يعتبر قانون الإجراءات الجنائية، هو المنظم للحريات التي يقرها الدستوريون وكيفية استعمالها على نحو يتفق مع الدستور ويحقق الضمانة بالنسبة لحرية المواطن، فعندما نكون أمام ضمانات دستورية، فهنا القوانين التي تعمل على تنظيمها هي آن قانون الإجراءات الجنائية، هو الذي ينظم كيفية استعمال هذه الحريات بما يتفق مع الدستور وحرية المواطن.
صياغة نصوص عصرية لقانون الإجراءات الجنائية
وينوه أبوشقة إلى أن قانون الإجراءات الجنائية 150 صادر منذ الخمسينيات، لذلك كان من الضروري صياغة جديدة وإجراء تعديلات مناسبة لكي نكون أمام نصوص عصرية حديثة تحقق الغاية، وتلبي ما يؤكد عليه الرئيس عبدالفتاح السيسي في الإستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان.
هل يتوافق قانون الإجراءات الجنائية مع دستور 2014؟
يقول عصام شيحة عضو المجلس القومي لحقوق الإنسان، إن الفلسفة الرئيسية التي من المفترض أن يسير عليها مشروع تعديل قانون الإجراءات الجنائية، هو أن يتوافق مع الإستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان، في الحد من العقوبات السالبة للحرية، وأنه يسعى لضبط عمليات الحبس الاحتياطي .
عصام شيحه
ويأمل، شيحة في أن يتوافق مشروع القانون مع دستور 2014، من خلال دعمه ومساندته للحريات العامة، حيث إن الاتجاه العام التي تسايره الدولة منذ 2014، أنها وضعت المادة 93 التي تنص على أن كافة القوانين والتشريعات التي تصدر عن الدولة المصرية يجب أن تتوافق مع المواثيق والاتفاقيات الدولية التي وقعت عليها الدولة المصرية.
وهذا يعني اهتمام الدولة على تنفيذ مشاريع تساعد المواطنين على الحصول على حقوقها، وفي نفس الوقت تنفذ نوع من التنظيم وليس التقييد، وهذا ما يفعله قانون الإجراءات الجنائية، لأن قانون الحريات بطبيعته يضمن أمن وأمان المواطنين لذلك فإن القانون ينص في المادة 30 منه، أنه لا يجوز القبض أو التفتيش إلا بإذن قضائي أو في حالة من حالات التلبس، ولكن لم يتم التمسك بنص المادة جيدًا.
قانون يتوافق مع الاتفاقيات والمعايير الدولية
ويؤكد عصام شيحة، أهمية وجود مشروع متكامل، على اعتبار أن القانون الحالي فلسفته تغيرت، وأدخل عليه عدد من التغيرات، غيرت من فلسفته، حتى لا يكون مجرد إضافات غير مرتبه مع بعضها البعض حتى نتمكن من وجود فكرة ورؤية ورسالة من مشروع قانون الإجراءات الجنائية، وأن يتوافق القانون مع المعايير والاتفاقيات الدولية، التي وقعت وصدقت عليها الدولة المصرية، وأن ييسر عمليات التقاضي.
تعديلات قانون الإجراءات الجنائية والجنايات
ويشير عضو المجلس القومي لحقوق الإنسان، إلى أن الطلب الثاني من قانون الإجراءات القانونية، يتمثل في أن يجعل المحاكمة أمام الجنايات على درجتين، وأن لا تزيد مدة الحبس الاحتياطي على 6 أشهر، وأن يصبح الحبس الاحتياطي إجراءً احترازيًا وليس عقوبة.