اتخذ نمط التصوير واستخدام مواقع التواصل الاجتماعي في هتك الأسرار والأعراض منعطفًا خطيرًا في الآونة الأخيرة، حيث يبادر الكثير من رواد مواقع التواصل في نشر صور وفيديوهات تمثل انتهاكا لحرمة الحياة الخاصة دون رقيب أو حسيب، وقد لا يعرف البعض أن مثل هذه الأفعال تمثل جرائم يعاقب عليها القانون وتصل فيها العقوبة للحبس أوالغرامة.
وكانت آخر هذه الوقائع، قيام شخص بتصوير ونشر المقطع المتداول بمواقع التواصل الاجتماعي، لشاب وفتاة أثناء ارتكابهما فعلا مخلا بالحياء أعلى أحد الكباري بالقاهرة، وأمرت النيابة العامة بطلب تحريات الشرطة حول القائم بالتصوير، وبيان قصده من التصوير والنشر.
ويعتقد الكثير أن التقاط صور وفيديوهات لأشخاص آخرين في أماكن عامة، ونشرها على مواقع التواصل الاجتماعي، تصرف قانوني ولا يمثل اعتداء على الخصوصية، ما يعكس فهما غير صحيح للقانون، ونوضح في السطور التالية عقوبة تصوير ونشر صور لشخص آخر بأي شكل من الأشكال.
عقوبة التصوير بدون إذن
وفقا لنصوص مواد قانون تقنية المعلومات، يؤكد الخبير القانوني، محمد حامد، أن الشاب مصور فيديو الفعل الفاضح أعلى إحدى الكباري، يواجه عقوبة الحبس لاتهامه بانتهاك حق المراهقين عن طريق تصويرهم والنشر على مواقع التواصل الاجتماعي.
ويوضح الخبير القانوني، أن القانون يشدد على أهمية إرساء مبدأ احترام حقوق المواطنين، ولا يتم استخدام وسائل التواصل الاجتماعي في مثل هذا النوع من هتك الأعراض والأسرار الشخصية، ولا يحق لأي شخص نشر شيء خاص بأي شخص آخر بأي شكل من الأشكال، حتى وإن كان القانون يدين واقعة الشاب والفتاة لقيامهم بفعل فاضح في الطريق العام وهو فعل مخالف للقانون أيضا.
الحبس عامين لمصور الفيديو الفاضح
يعاقب قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات، مرتكب أي واقعة انتهاك حقوق المواطنين ونشر فيديوهات خاصة بهم خلال مواقع التواصل الاجتماعي، بالحبس مدة لا تقل عن عامين، وغرامة تصل لـ300 ألف جنيه، ويعاقب ناشري الفيديو على المواقع بغلق الصفحات الخاصة بهم، لأنه رغب في حصد المشاهدات والأرباح على المنصات.
قواعد التصوير الشخصي
تنص المادة الخامسة من قرار مجلس الوزراء رقم 2720 لعام 2022، بشأن قواعد التصوير الشخصي في الأماكن العامة، بأن يحظر تصوير ونشر المشاهد المسيئة للبلاد أو المواطنين أو المخلة بالآداب العامة وتصوير الأطفال دون موافقة كتابية منهم.
كما تنص المادة الثالثة من القرار، بأنه يحظر استخدام معدات التصوير الاحترافي في التصوير الشخصي إلا بتصريح مسبق، بينما تنص المادة 27 من قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات بأنه يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنتين وبغرامة تصل إلى ثلاثمائة ألف جنيه كل من استخدم موقعاً على شبكة معلوماتية يهدف إلى ارتكاب أو تسهيل ارتكاب جريمة معاقب عليها قانونًا.
عقوبة فضح الآخرين في الإسلام
يتساءل البعض عن رأي الدين في قيام شخص بتصوير فعل فاضح ونشره على المواقع بهدف التربح منه، ليجيب الدكتور عطية لاشين أستاذ الشريعة الإسلامية بالأزهر الشريف، قائلا إن جوهر الشريعة الإسلامية هو الستر وعدم فضح الآخرين.
يؤكد أستاذ الشريعة الإسلامية، أن الستر على الناس مطلب شرعي، وخلق إسلامي نبيل وعلى المسلم أن يكون محبا للستر على الآخرين، وكان يجب على مصور الفيديو أن يتقدم ببلاغ ضد الشاب والفتاة في سرية تامة، مستشهدا بقول الرسول صلى الله عليه وسلم: "من ستر مؤمنا في الدنيا عى خزية ستره الله يوم القيامة".
يوضح "لاشين"، أن الإسلام يدعو إلى الستر وصيانة الأعراض وعدم تتبع عورات الناس والتشهير بهم، فالله عز وجل يحب الستر ويأمر عباده به، وقد جعل الله الجزاء من جنس العمل، فمن ستر عورة أخيه ستر الله عورته يوم القيامة، ومن كشف عورة أخيه كشف الله عورته، حتى يفضحه بها في بيته.
عقوبة نشر الفاحشة
كانت دار الإفتاء المصرية قد أكدت، أن نَشْر الفضائح الأخلاقية على مواقع التواصل الاجتماعي من أجل الانتقام والتشفي، تعليقًا أو مشاركةً أو إعجابًا، فيه إشاعة للفاحشة في المجتمع، وهي جريمة حَذَّر منها الحق سبحانه وتعالى؛ وذلك في قوله: {إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ}، والآية عامة في الذين يَلتمسون العورات، ويهتكون الستور، ويشيعون الفواحش.
أوضحت الدار في فتوى لها، أن الإسلام قد جعل إشاعة الفاحشة مساوية في الوِزْر لفعلها؛ لعِظَم الضرر المترتب في الحالتين؛ فقد أخرج الإمام البخاري في "الأدب"، عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: «القائل للفاحشة والذي يشيع بها في الإثم سواء»، وقال عطاء رضي الله عنه: «من أشاع الفاحشة فعليه النكال، وإن كان صادقًا".
أكدت دار الإفتاء أن الإسلام أمر أتباعه بأن يتحلوا بالستر وغض الطرف عن عثرات الناس وعدم تتبع عوراتهم وعدم التشهير بهم؛ عونًا لهم على التوبة وإصلاح النفس، ففي الحديث الشريف عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وآله وسلم: «مَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا سَتَرَهُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، وَاللَّهُ فِي عَوْنِ الْعَبْدِ مَا كَانَ الْعَبْدُ فِي عَوْنِ أَخِيهِ".