أكتب هذا المقال وأنا على متن الطائرة، في رحلة العودة إلى القاهرة، بعد قضاء أسبوع حافل بالزيارات والاحتفالات في دولة الإمارات العربية المتحدة الشقيقة، توج بمشاهدة مهرجان الشيخ زايد، المهيب، ابتهاجا بحلول العام الميلادي الجديد 2023، من خلال أضخم عرض للألعاب النارية، استمر لأكثر من 40 دقيقة متواصلة، وحطم 3 أرقام في موسوعة جينيس للأرقام القياسية، من حيث الكمية والوقت والشكل.
في زيارة سابقة لدولة الإمارات العربية المتحدة، وتحديدا، في مقال كتبته بعنوان: (أبوظبي تتجاوز قياسات "أفعل التفضيل")، ونشرته "بوابة الأهرام" الغراء، بتاريخ 26 مايو 2019، ذكرت أن الإمارات تعيش مرحلة ما بعد "أفضل التفضيل" في كل خطوة تخطوها، حيث الأكثر أمانًا، والأروع والأسعد، بما يفوق كل التوقعات والأرقام القياسية المعتادة.
طوال الأسبوع الماضي، سعيت لكي أرى - بعيني وعلى الطبيعة - كيف تنفذ قيادة الدولة، بقوة، مسار الخمسين عامًا المقبلة، في ضوء ما حققته من إنجازات تنموية هائلة، في نصف القرن الأول على إعلان نشأتها في الثاني من ديسمبر عام 1971.
وفقا للمعلن، فإن رؤية قيادة الإمارات العربية المتحدة، للخمسين عاماً المقبلة، تهدف إلى جعل الدولة عاصمة للاستثمار والإبداع الاقتصادي في العالم، وحاضنة متكاملة لثقافة ريادة الأعمال والمشاريع الناشئة، ومختبراً متطوراً لفرص الاقتصاد الجديد، بما فيها فرص الاقتصاد الرقمي والاقتصاد الدائري والاقتصاد القائم على المعرفة والابتكار والتكنولوجيا المتقدمة، المستفيد من تطبيقات الذكاء الاصطناعي والثورة الصناعية الرابعة.
أيضا، تشتمل الرؤية على أن الإمارات ستدخل الخمسين عامًا المقبلة بتشريعات واستثمارات واتفاقيات، وعلاقات مع كبرى الاقتصادات في خمس قارات، وتسويق حملة إعلامية لترسيخ موقعها بين الاقتصادات الناجحة، وإجراء تغييرات هيكلية وجذرية في المنظومة الاقتصادية، وتمكين الكفاءات الوطنية والمواهب ورواد الأعمال الإماراتيين، وإطلاق مشاريع لاستقطاب المواهب والمستثمرين لدولة الإمارات، وبناء شراكات اقتصادية عالمية، وغيرها من المبادرات والمشاريع.
فيما يلي المبادئ العشرة كما وردت في "وثيقة الخمسين" الإماراتية التاريخية:
• المبدأ الأول: الأولوية الرئيسية: ستبقى تقوية اتحاد الإمارات من مؤسسات وتشريعات وصلاحيات وميزانيات، وتطوير جميع المناطق، عمرانياً وتنموياً واقتصادياً، وهو الطريق الأسرع والأكثر فعالية في ترسيخ الاتحاد.
• المبدأ الثاني: التركيز على بناء الاقتصاد الأفضل والأنشط في العالم، فالتنمية الاقتصادية لدولة الإمارات هي المصلحة الوطنية الأعلى، وجميع مؤسسات الدولة مسئوليتها بناء أفضل بيئة اقتصادية عالمية، والحفاظ على المكتسبات التي تم تحقيقها خلال الخمسين عاماً السابقة.
• المبدأ الثالث: السياسة الخارجية لدولة الإمارات هي أداة لخدمة الأهداف الوطنية العليا، وعلى رأسها المصالح الاقتصادية، وهدف السياسة هو خدمة الاقتصاد، أما هدف الاقتصاد فهو توفير أفضل حياة لشعب الاتحاد.
• المبدأ الرابع: المحرك الرئيسي المستقبلي للنمو هو رأس المال البشري، وتطوير التعليم، واستقطاب المواهب، والحفاظ على أصحاب التخصصات، والبناء المستمر للمهارات هو الرهان للحفاظ على تفوق الإمارات.
• المبدأ الخامس: حسن الجوار أساس للاستقرار، والمحيط الجغرافي والشعبي والثقافي الذي تعيش ضمنه الإمارات يعتبر خط الدفاع الأول عن أمنها وسلامتها ومستقبل التنمية فيها، كما أن تطوير علاقات سياسية واقتصادية وشعبية -مستقرة وإيجابية- مع هذا المحيط، يعتبر أحد أهم أولويات السياسة الخارجية للدولة.
• المبدأ السادس: ترسيخ السمعة العالمية لدولة الإمارات هي مهمة وطنية للمؤسسات كافة، دولة الإمارات هي وجهة اقتصادية واحدة، ووجهة سياحية واحدة، ووجهة صناعية واحدة، ووجهة استثمارية واحدة، ووجهة ثقافية واحدة، ومؤسساتنا الوطنية مطالبة بتوحيد الجهود، والاستفادة المشتركة من الإمكانيات، والعمل على بناء مؤسسات عابرة للقارات تحت مظلة دولة الإمارات.
• المبدأ السابع: التفوق الرقمي والتقني والعلمي لدولة الإمارات، سيرسم حدودها التنموية والاقتصادية، وترسيخها كعاصمة للمواهب والشركات والاستثمارات في هذه المجالات سيجعلها العاصمة المقبلة للمستقبل.
• المبدأ الثامن: منظومة القيم في الإمارات ستبقى قائمة على الانفتاح والتسامح، وحفظ الحقوق وترسيخ دولة العدالة، وحفظ الكرامة البشرية، واحترام الثقافات، وترسيخ الأخوّة الإنسانية واحترام الهوية الوطنية، وستبقى الدولة داعمةً عبر سياستها الخارجية لكل المبادرات والتعهدات والمنظمات العالمية الداعية للسلم والانفتاح والأخوّة الإنسانية.
• المبدأ التاسع: المساعدات الإنسانية الخارجية لدولة الإمارات هي جزء لا يتجزأ من مسيرتها والتزاماتها الأخلاقية تجاه الشعوب الأقل حظاً، ولا ترتبط المساعدات الإنسانية الخارجية بدين أو عرق أو لون أو ثقافة، كما أن الاختلاف السياسي مع أي دولة لا يبرر عدم إغاثتها في الكوارث والطوارئ والأزمات.
• المبدأ العاشر: الدعوة للسلم والسلام والمفاوضات والحوار لحل كافة الخلافات هي الأساس في السياسة الخارجية لدولة الإمارات، والسعي مع الشركاء الإقليميين والأصدقاء العالميين لترسيخ السلام والاستقرار الإقليمي والعالمي يعتبر محركاً أساسياً للسياسة الخارجية.
رئيس دولة الإمارات، الشيخ محمد بن زايد، تحدث عن المبادئ العشرة لدولة الإمارات، خلال الخمسين عاماً المقبلة، موضحا أنها تشكل مرجعاً لجميع المؤسسات، لتعزيز أركان الاتحاد وبناء اقتصاد مستدام، وتسخير جميع الموارد لمجتمع أكثر ازدهاراً، وتطوير علاقات إقليمية ودولية لتحقيق مصالح الدولة العليا ودعم أسس السلام والاستقرار في العالم.
أما نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي، الشيخ محمد بن راشد، فقد أوضح أن دولة الإمارات وجهة واحدة، اقتصاد واحد، وعلم واحد، ورئيس واحد، وسيعمل الجميع كفريق واحد، في الخمسين سنة المقبلة، مؤكدا: "قيمنا خلال الخمسين المقبلة ستبقى كما أرادها المؤسسون، الشعب الأفضل والأنبل والأكثر عطاء".
[email protected]