بعد معاناة استمرت 67 يوما، لم يستطع الطفل مالك محمد صاحب الـ10 سنوات، بطل الجمهورية في التايكوندو، مقاومة الرصاصة الطائشة التي رسخت في قاع رأسه حتى توفى، حيث تعرض للإصابة المميتة بالرأس خلال احتفال أحد الأشخاص بعقد قرانه بميت غمر في أكتوبر الماضي، دخل على أثرها في غيبوبة حتى وافته المنية يوم الأربعاء الماضي داخل المستشفى.
موضوعات مقترحة
وتنتشر ظاهرة إطلاق النار كتحية للعرسان في الأفراح في مختلف المحافظات، والتي غالبا ما تؤدي إلى تحول الفرح لمأتم بسبب قتل شخص بالخطأ نتيجة إطلاق الأعيرة النارية الطائشة، لينقلب الحال في لحظة من الفرح والزغاريد والرقص، إلى بكاء وصراخ وتحول الأفراح إلى ساحات عزاء بسبب "مجاملة الموت".
طلقات "بلا إنذار" والضحايا أطفال
وكان آخر ضحايا مجاملات الأفراح المميتة، هو بطل الجمهورية في التايكوندو، ففي 21 أكتوبر الماضي، كان الطفل مالك محمد يقف في شرفة المنزل ويشاهد احتفال أحد الأشخاص بعقد قرانه، وأطلق أحد المعازيم الأعيرة النارية الطائشة في الهواء، فأصيب الصغير بطلقة في الرأس
وعلى الفور تم نقل الطفل إلى أقرب مستشفى، وبحسب التقرير الطبي لحالته وقتها، كان يعاني الطفل مالك من إصابات بالغة في الرأس، والتي كانت عبارة عن كدمات شديدة في المخ، وتهتك في أنسجته وتمدد بنفس الأنسجة، وأصيب الطفل أيضًا بنزيف في المخ ونزيف أسفل الشبكة العنكبوتية، نتيجة شظايا معدنية في المخ، ولم يقوى جسده الصغير على التعافي من هذه الآثار المميتة خلال الأيام الماضية حتى وافقته المنية.
حصد الأرواح بسبب "مجاملة الموت"
وفاة الطفل مالك بسبب مجاملة الموت، جاءت لتفتح ملف إطلاق الأعيرة النارية في الأفراح الشعبية الذي يحصد مئات الأرواح في الأفراح، حيث تعتبر مصر من أكثر الدول العربية التي تقع بها حوادث القتل الخطأ في الأفراح، فكيف نعالج هذه الظاهرة، وما هي عقوبة إطلاق النار في الأفراح، والعقوبة في حال وفاة شخص.
دافع إطلاق النار في الأفراح "الوجاهة الاجتماعية"
الدكتور سعيد صادق، أستاذ علم الاجتماع، يؤكد أن إطلاق الأعيرة النارية في الأفراح، أصبحت عادة لمجاملة العروسين في الأفراح والمناسبات، ومن الموروثات الاجتماعية لدى المصريين خاصة في الأرياف والمناطق الشعبية، فأصبح أمر طبيعي أن يحمل أي شخص سلاح.
وانتشرت هذه العادة المميتة بشكل مبالغ فيه، ويرجع أستاذ علم الاجتماع، السبب إلى غياب العقوبة الصارمة لمنع إطلاق الأعيرة النارية في الأفراح، والدافع النفسي الذي يدفع الشخص إلى إطلاق النار يكون بقصد التباهي والتفاخر بين الحاضرين، ظنا منه أنها وجاهة اجتماعية.
تحول الأفراح لسراديق عزاء بسبب الطلقات الطائشة
ووصف أستاذ علم الاجتماع، ما يحدث من مخلفات سلوكية في بعض الأفراح بالعنجهية وتقليد الآخرين، حيث إنهم يتباهون في الأفراح ويطلقون الأعيرة النارية من باب المجاملة أو الفرحة، غير مهتمين بخطورة ما يحدث والتي تسبب في معظم الأوقات إلى تحويل الفرح لساحة عزاء بسبب موت شخص أصيب بهذه الطلقات الطائشة.
ويوضح "صادق"، أن هذه العادة مخالفة للقانون وتتسبب بالكثير من الحوادث سواء قتل أو إصابة أو إزعاج الجيران، لذلك لابد من تغليظ عقوبات حيازة الأسلحة النارية، ويعاقب كل من يطلق أعيرة نارية في الفرح حتى يكون رادع لأي شخص يفكر في الموضوع.
غياب العقوبة الرادعة لاستخدام الأسلحة النارية
وغياب العقوبة الرادعة أعطى الحق لأي شخص أن يطلق الأعيرة النارية في الأفراح، بحسب اللواء محمد منصور الخبير الأمني، حيث يؤكد أن الفقرة 6 من المادة 337 من قانون العقوبات، تنص على أن من أطلق أعيرة نارية داخل المدن والقرى أو ألعاب نارية أو مواد أخرى مفرقعة تكون العقوبة غرامة لا تتجاوز 100 جنيه مصري فقط لا غير.
الحبس 6 أشهر وغرامة 200 جنبه للقتل الخطأ
وفي حال نتج عن استعمال الأسلحة النارية والألعاب النارية أحداث أي جرح أو عاهة مستديمة تكون العقوبة الحبس مدة تتراوح ما بين ستة أشهر ولا تتجاوز سنتين، أو الغرامة المالية التي تتجاوز مائتي جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين طبقا لنص المادة 244 من قانون العقوبات، والتي تنص على أن من تسبب خطأ في جرح شخص أو إيذائه بأن كان نتيجة إهمال أو رعونة يعاقب بالحبس وبغرامة 200 جنيه ونكون العقوبة الحبس مدة سنتين إذا نشأ عن الإصابة عاهة مستديمة للضحية.
أما إذا نتج عن استعمال الأسلحة النارية والمفرقعات والألعاب النارية، قتل أحد الأشخاص تكون العقوبة الحبس مدة لا تقل عن ستة أشهر أو الغرامة المالية التي لا تتجاوز مائتي جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين وذلك طبقاً لنص المادة 238 من قانون العقوبات، وهو ما يؤكد ضرورة تعديل قانون العقوبات واللوائح المنظمة لتغليظ عقوبة استعمال الأسلحة النارية داخل الأفراح بالمدن والقرى للحفاظ على سلامة وأرواح المواطنين.
مطالب بتعديل قانون العقوبات
الأمر يحتم بحسب الخبير الأمني، إلى ضرورة تعديل قانون العقوبات واللوائح المنظمة لتغليظ عقوبة استعمال الأسلحة النارية داخل الأفراح بالمدن والقرى للحفاظ على سلامة وأرواح المواطنين، كما يجب عمل توعية مجتمعية للمواطنين عن خطورة استخدام الأسلحة النارية وكذلك اللعاب النارية في الأفراح، لما لها من نتائج مرعبة وتحول الأفراح إلى سرادقات عزاء.