المشكلة الحقيقية في قلة الوعي

27-12-2022 | 15:52
الأهرام المسائي نقلاً عن

هناك سباق بين مخابرات روسيا ومخابرات أمريكا على تجارب «القتل النفسي عن بعد» عن طريق التركيز وإرسال شُحَن نفسية شريرة عدوانية للضحية المطلوبة إيذاؤها هكذا ذكر العالم مصطفى محمود، اليوم أصبحت الحرب إلكترونية وأسلحتها معتمدة على الفكر والنفس، فلم يعتد القتال أرضًا بل على ساحات العالم الافتراضي الذي لا نعلم من المروج الحقيقي للأخبار، واختلط الحق بالباطل، والأخبار الصحيحة بالمغلوطة ولن نعد نفرق بينهما!

ففي اليوم الواحد، نتلقى آلاف الشائعات التي لا نعلم ما مصدرها وما حقيقتها، ووصل الأمر إلى فبركة فيديوهات وصور وأيضًا إعادة تشير فيديوهات قديمة! والمريع في الأمر أن البعض يشير ويروج للشائعات والأخبار بدون أن يتحرى الدقة ويتأكد من صحة ما يروجونه!

مشكلتنا الحقيقية في قلة الوعي، فلن يتجرأ أعداؤنا بالخارج علينا إلا بمساعدة الخونة والجهلة في الداخل، مستغلين قلة وعي البعض بطبيعة بعض الأمور ومخاطرها، ولا يعلم البعض ما يفعلونه ومن الممكن أن يؤثر سلبًا على الوطن من الناحية السياسية والاقتصادية! فشائعة واحدة كفيلة بدمار الدولة اقتصاديًا! قادرة على خلق حالة من الفوضى والبلبلة في المجتمع، والتشكيك في مصداقية مؤسسات الدولة والجهات الأمنية، ونشر الرعب والذعر في نفوس المواطنين، وتشتيت الشعب عن طريق صرف نظرهم عن قضايا هامة لا يريد المعنيون منهم الانشغال بها، من الممكن أيضًا أن تكون بمثابة أداة ضغط من الرأي العام على قضايا وأحكام وقرارات هامة كما شاهدنا في أحداث كثيرة ماضية كانت الشائعة بمثابة سلاح في وجه الحكومة أثناء النظر في بعض الأحكام المتعلقة بالقضاة وأيضًا سلاح في وجه أجهزة الدولة في قضايا تمس الأمن القومي للدولة، ممّا يؤدّي إلى العجلة في إقرار بعض القوانين أو التمهل للتراجع عن البعض الآخر بشكل لا تتحقق به المصلحة العامة، وتزيف معه الحقائق، وتُسلب به الحقوق، وتودي في النهاية إلى التشكيك في أحكام القضاة!

وفي النهاية يحدث شرخ في العلاقة ما بين الشعب والحكومة وفقدان الثقة في مؤسسات الدولة، ولاسيما اختلاط شائعة بمعتقدات دينية أي استغلال البعض الدين لتحقيق أهدافه، وفي النهاية يحدث ما يريدونه أحداث الوقيعة بين الشعب وأجهزة الدولة ومؤسساتتها التي بمثابة أعمدة للدولة كالقضاة والجيش والشرطة، وهو ما يسمى بالتزييف الإعلامي أي إغراق الجمهور بمعلومات لا تفيده ولا تهمه ولا يحتاجها، وهو ما يسمى بالنفايات المعلوماتية،أو تضليل الجمهور عن طريق إغراقه بمعلومات كثيرة لا يستطيع المتلقي الربط بينها وبين تفسيرها مما يجعله يشعر بالسلبية والعجز أمام الكم الهائل من المعلومات، ومن الممكن أن يتسبب التضليل بلفت النظر عن قضية معينة بتسليط الأضواء على قضايا أخرى وحصر التفكير فيها وتشتيت الانتباه عن القضية الأصلية، وقد يكون التضليل عن طريق التهويل من أمر ما كما حدث مع فيروس كوفيد - 19 ويصاحب التهويل التضليل في الأخبار ونشر فيديوهات وصور قديمة، فقد أثبتت الأيام أن ما ينقصنا بحق هو الوعي! وليس كثرة إصدار القوانين، فالبعض حينما يسمع عن جرائم وظواهر مستحدثة فيعتقد أن القانون خير مانع لها، فهناك بعض الجرائم والظواهر المستحدثة التصدي لها يأتي بالفكر والوعي قبل القانون، فالقانون يأتي للردع العام ولعقاب الجناة، ولكن نحن بحاجة إلى العلاج الجذري للظواهر المستحدثة ولن يحدث ذلك إلا بالفكر والوعي فيعتبر ذلك بمثابة وقاية للفرد تجاه الظواهر المستحدثة التي تظهر مع الوقت وخاصة في ظل عالم التكنولوجيا ومواقع التواصل الاجتماعي التي قربت المسافات بين الأفراد والدول مما أدى إلى زيادة انتشار الجرائم وخاصة المستحدثة منها والتي تستهدف قتل الفكر والنفس!

كلمات البحث
اقرأ أيضًا:
الأكثر قراءة