الشعب والمجتمع المدني والمحليات.. مسئولون عن تطبيق أجندة «COP 27»

19-12-2022 | 16:37
الشعب والمجتمع المدني والمحليات مسئولون عن تطبيق أجندة ;COP ;مؤتمر المناخ COP27
تحقيق: سعيد فؤاد
الأهرام التعاوني نقلاً عن

انتشر في الآونة الأخيرة مصطلح التغيرات المناخية سواء عبر وسائل الإعلام المختلفة أو من خلال مواقع التواصل الاجتماعى، لاسيما بعد استضافة مصر لمؤتمر قمة المناخ فى نسخته السابعة والعشرين وكثير من المصريين أصبح يعرف مفهوم التغيرات المناخية ومدى تأثيرها على جميع نواحى الحياة لاسيما وقد كنا نتعجب من هطول الأمطار فى غير أوقاتها وموجات الحرارة الشديدة غير المسبوقة فى حياتنا.

موضوعات مقترحة

ولم نكن نتوقع يوما أن تلك الظواهر الطبيعية ستمتد تأثيراتها الضارة إلى الإنسان بهذه السرعة وعلى هذا النحو، فالإنسان شريك أصيل فى أحداثها بقدر ما يرتكب من تصرفات تعد جرائم فى حق هذا الكون.

هل تغيرت ثقافة المواطن؟ وهل تتغير تصرفاته التى تؤدى إلى ارتفاع ثانى أوكسيد الكربون فى الجو بعد نجاح المؤتمر فى مدينة شرم الشيخ؟ ام أن هناك فجوة حقيقية بين جهود الحكومة وتصرفات المواطنين؟ خاصة وان هناك مبادرات أطلقتها القيادة السياسية فى هذا الشأن منها «اتحضر للاخضر».. لعل استطلاع آراء الخبراء يجيب فى السطور التالية..

فى مدينة شرم الشيخ، أثناء تغطية فعاليات مؤتمر قمة المناخ ساقتنا الأقدار أن نستقل سيارة أجرة تنقلنا من مكان لآخر فلاحظنا أن السائق الذى بدوره يدخن سيجارته، انتظرنا لنرى كيف سيتصرف فى عقب سيجارته فإذا به يحتفظ بكوب به بقايا القهوة التى انتهى من شربها فوضع عقب السيجارة فى الكوب.. على الفور سألته عن سبب عدم إلقاء عقب السيجارة من شباك السيارة مثل كثير من السائقين لاسيما وأنه فى طريق مفتوح أشبه بالطرق الصحراوية، فرد السائق فى إجابة كانت مفاجئة: «حرام على كل شخص يلطخ هذه الشوارع أو أن يلقى القمامة بها بعد أن بذلت الدولة جهدا كبيرا فى نظافتها وعلينا كمواطنين أن نحافظ على جمالها وان الرقيب الحقيقى علينا هو الضمير». فأيقنت أن اهتمام الحكومة بالشوارع أجبرت المواطنين على تغيير ثقافتهم العشوائية واستبدالها.

وبذلك دخلت مدينة شرم الشيخ عالم الطاقة النظيفة وباتت مدينة خضراء لاتقل بهاء عن المدن العالمية والتى لم يتردد زعماء وقادة العالم من اصطحاب أسرهم إليها كسائحين يتمتعون بجمالها وجوها البديع.

على النقيض فإن الأحياء الشعبية تشهد حالة من التحدى تجهض كل محاولات مواجهة التغيرات المناخية بتصرفات غير حضارية. 

عندما تستيقظ من النوم وتتجه إلى عملك فى الصباح تجد تحت سيارتك اكياس من القمامة وعندما تجد من يلقى ببعض اكياس القمامة وفضلات الطعام فى قلب الشارع فتتحول معظم الشوارع إلى مقالب للقمامة تنبعث منها الروائح الكريهة والاغرب من كل ذلك أن عمال النظافة أنفسهم يمرون عليها ولا يحملونها الا إذا تقاضوا أجرا من المواطنين. 

هذه بعض ثقافات المواطنين.. علما بأن موظفى الاحياء فى المحليات قد يكونون سكانا فى هذه المناطق ومن لم يسكن منهم فيها فإنه يمر عليها وكأنه لا يعرف عنها شيئا، حتى لو كانت ضمن اختصاصاتهم الوظيفية. لهذا فإن المحليات مسئولة ولو بصورة غير مباشرة مع المواطنين فى الإهمال الجسيم وفوضى السلوكيات، وعلى الحكومة التى أنفقت الكثير من المبالغ المالية فى محاولة تطوير العشوائيات أن تشدد الرقابة على تصرفات رجال المحليات وأن تضرب بيد من حديد ضد كل من يلقى بالقمامة فى نهر الطريق أو أمام المنازل.

 

فجوة واسعة

فى هذا السياق، تتحدث المهندسة سالى البشارى خبيرة الطاقة البديلة قائلة: لا ننكر أن هناك فجوة واسعة بين الأقوال والأفعال، لأن خبراء الطاقة والمسئولين والمجتمع المدنى والأحزاب وغيرهم ممن يقومون بتوعية المواطنين بمخاطر التصرفات العشوائية وتأثيرها على المناخ يقومون بعمل ندوات التوعية داخل القاعات ولا يحضرها الا انفسهم فقط، فى حين لا وجود للطبقة المستهدفة من سكان الأحياء الشعبية وقد سبق أن قمنا بعمل معارض للطاقة الشمسية فى الجامعات منها مثلا جامعة أسيوط وقد حرصنا على تواجد عدد كبير من الطلاب ليعرفوا ثقافة الطاقة الشمسية النظيفة ودورها فى المستقبل. 

 

كوارث الفلاحين

من جانب آخر، يتحدث ماجد كمال ابوعمر، مؤسس ائتلاف القيادات الوطنية الشبابية قائلا: أنا من المقيمين بالقرى وأرى كوارث يرتكبها الفلاحون كل يوم عندما يقوم الفلاح بحرق مخلفات الزراعة بغرض تنظيف الأرض وتمهيدها للمحصول القادم، واحيانا اخرى يكون القصد هو مواجهة البعوض وهو لا يعرف حجم الضرر الذى يقع عليه جراء هذا التصرف.

ويتابع: فى هذا الصدد بدأنا فى عمل مبادرة طرق الأبواب وسوف نجوب قرى الجمهورية ونعقد ندوات توعية المزارعين وسكان القرى بمخاطر تلك السلوكيات ولابد من تغييرها حفاظا على البيئة وحتى لا نجهض جهود الدولة التى تبذلها لمواجهة التغيرات المناخية ومواكبة النجاحات التى حققها مؤتمر قمة المناخ الذى عقد الشهر الماضى بمدينة شرم الشيخ والذى حقق إنجازات غير مسبوق يضاف إلى رصيد القيادة السياسية ونحن نجرى الاتفاقيات مع وزارة الشباب لعمل المبادرة داخل مراكز الشباب فى القرى نرى تعاونا شديدا وكذا خبراء البيئة والزراعة. هنا نكون أمام تغيير فى ثقافة وأداء أجهزة الدولة والباقى يقع على المواطن الذى لايزال يتعامل بشكل عشوائى مع الأزمة.

 

أعمال المحليات

وفى إطار التعامل مع القمامة وعدم التوزيع العادل للاشجار فى الشوارع، وتأثير ذلك على التغيرات المناخية، حاولنا التواصل مع شفيق جلال، رئيس هيئة النظافة والتجميل بالجيزة، إلا انه رفض التحدث مؤكدا عدم وجود رؤية واضحة لديهم عن تصديهم لخطورة التغيرات المناخية وانهم جهة غير مختصة بهذا الشان وان المحافظة هى صاحبة الاختصاص فى تشجير الشوارع او حتى التخلص من تلال القمامة.

بينما تشير نسرين الشرقاوي، الباحثة بالمركز المصرى للفكر والدراسات الاستراتيجية، إلى أن تغير المناخ هو التحدى العالمى الملحمى المعقد الذى يتطلب ليس فقط تغيرا سياسيا واقتصاديا وانما تغير سلوكى واجتماعى ونفسى ايضا؛ إذ لا يوجد حل سياسى وحيد يمكن توظيفه لحل تلك القضية وبدلا من ذلك ستتطلب التقييمات الاجتماعية من مختلف التخصصات لفهم كيفية تفاعلها لإنتاج مستقبل مناخى محتمل. 

وتضيف قائلة: يؤثر تغير المناخ مباشرة على الصحة النفسية للأفراد من خلال الكوارث الطبيعية والتغيرات البيئية إذ تظهر المجتمعات المتأثرة بالكوارث البيئية مثل الأعاصير والفيضانات والجفاف وحرائق الغابات معدلات متزايدة لاضطراب ما بعد الصدمة والقلق والاكتئاب وتعاطى المخدرات كما يمثل تغير المناخ تحديا غير مباشر للصحة العقلية فالمشاعر السلبية الناشئة عن الاعتراف بالتهديد الحالى والمستقبلى الذى يشكله تغير المناخ تفرض هى الاخرى ضغوطا نفسية على الافراد والمجتمعات. 

 

آثار اقتصادية

ويحذر الدكتور محمد شادى الباحث بوحدة الدراسات الاقتصادية والطاقة من التأثيرات التى تحدثها التغيرات المناخية على الاقتصاد المصرى قائلا: ستطال التغيرات المناخية الاقتصاد المصرى من جميع جوانبه لكنها ستؤثر فى قطاعات بعينها بشكل جذرى يغير من موقعها فى سلم الاولويات الاقتصادية منها مثلا غمر مساحات واسعة من الدلتا والسواحل الشمالية وبخاصة مدينة الإسكندرية. وأوضح أنه من تبعات تأثير التغيرات المناخية على مصر ايضا انخفاض معدلات المرور بقناة السويس علما بأن إيرادات قناة السويس المصدر الرابع للدخل القومى المصرى بالعملات الاجنبية.

 

مصر بريئة!

من جهة اخرى تحدث الدكتور محمد محمود خبير الإعلام البيئى قائلا: إذا كان العالم يواجه خطر التغيرات المناخية فلابد أن نؤكد أن مصر غير مسؤولة عن الاحتباس الحرارى لان الانبعاث الصادر من مصر لا يتعدى 6. % فقط ورغم ذلك فهى تتأثر به وفى هذا الشأن نحن نساهم فى مواجهة التغيرات المناخية بشكل كبير وعندما نقول إن مصطلح التغيرات المناخية اصبح دارجا على السنة الناس فإن هذا يدل على وجود معرفة والمعرفة تشكل الوعى وعلى الإعلام البيئى أن يستثمر هذه القاعدة المعرفية فى توجيه الناس ورفع درجة الوعى عندهم بشكل تلقائى ومحاربة السلوكيات الخاطئة وان يقوم الإعلام بدوره فى تأصيل المعرفة وشرح الاسباب والآثار السلبية عن تلك السلوكيات وبالتالى تجهيز الناس لمحاربة تلك التغيرات.

وأضاف: المجتمع المدنى يقوم بدور فعال فى هذا الشأن فقد كنت اشارك فى عمل معسكرات لشباب الجامعات وحثهم على إقامة مشروعات صديقة للبيئة وعمل تنمية مستدامة فى القرى والنجوع. وهناك جمعية أطلقت مبادرة باسم «بلدنا تستضيف قمة المناخ « وهذا قبل انعقاد المؤتمر بعام وجمعنا مايقارب لمليون توقيع كلها عبارة عن تعهد من المواطنين بعدم تلويث مياه النيل وترشيد استخدام الطاقة وهذه الحملة تجوب المحافظات وتقوم بتوعية المواطنين. وقد عملنا منصات فى المحافظات كلها وشكلنا شبكة إعلاميين من اجل المناخ وعقدنا لهم دورات، وهذا كله يعد نوعا من الحراك الشعبى لمواجهة تاثير التغير المناخي.

 

 الثقافة الغذائية

أما الدكتورة رضوى الباز، اخصائى التغذية العلاجية بمعهد تكنولوجيا التغذية بمركز البحوث الزراعية، فتقول: هناك العديد من التغيرات والتحديات فى المناخ من اللازم ان نكون مستعدين لها وخصوصا الأنماط الغذائية المختلفة التى تتسبب فى العديد من المشاكل.

وتابعت: لابد ان نعرف ان الجهاز المناعى يرتكز على أربع ركائز أساسية منها التغذية السليمة والنوم السليم والرياضة والهدوء لو حافظنا على هذه الركائز نكون قد حافظنا على الجهاز المناعى ليكون قويا بحيث يتحدى الفيروسات المختلفة غير المعلومة المصدر وغير معلومة الهوية فبالتالى يجب كل يوم نأكل طبق سلطه تحتوى على العديد من الالوان.

ونصحت بضرورة الحصول على كمية وفيرة من الثوم والبصل الموجودة فى السلطة، مع البعد عن الثوم والبصل البودر لان الجسم لا يستفيد منه ومهم جدا معرفة ان المياه مهمه جدا، لافتة إلى أن 10 أكواب مياه يوميا ترفع كفاءة الجهاز المناعي، وبالنسبة للأرز والمكرونة تقوم بتغذية الطاقة لا تزيد عن اربع ملاعق على مدار اليوم ورغيفى خبز.. واحد الصبح وواحد ليلا ومهم للغاية ان تكون اخر وجبة يتناولها الإنسان آخر ضوء الشمس. 

كلمات البحث
اقرأ أيضًا:
الأكثر قراءة