بعد توقف 62 عامًا.. مصر تستعيد الأمجاد في صناعة الدواء بمدن طبية بمقاييس عالمية

18-12-2022 | 15:46
بعد توقف  عامًا مصر تستعيد الأمجاد في صناعة الدواء بمدن طبية بمقاييس عالمية توطين صناعة ٧٦ مستحضرا من الأدوية وأثره على الفاتورة الاستيرادية
إيمان البدري

تتواصل الجهود الحكومية لتوطين صناعة الدواء محليا، وعودة أمجاد الستينيات من جديد، وكان آخرها تنفيذ مشروعي مدينة اللقاحات والبيوتكنولوجي، وشركة "بي آي إل ميدل إيست أند أفريكا" لتصنيع وإنتاج الضمادات الطبية الحديثة، المشروعان اللذان يقعان على مشارف مدينة الإسماعيلية على مساحة 37 فدانا، ويجري تنفيذهما من خلال جهاز مشروعات الخدمة الوطنية وبالتعاون بشكل رئيسي مع شركات القطاع الخاص، وعبر شراكات عالمية متعددة ليصبح المشروعان صرحًا صناعيًا طبيًا مصريًا بمواصفات وتقنيات عالمية حديثة.

موضوعات مقترحة

وتسعى الحكومة لاستعادة صناعة الدواء محليًا على غرارالستينيات في صناعة الخامات الدوائية، حيث كانت تمتلك مصر شركة النصر للكيماويات الدوائية، والتي انفردت بإنتاج خامات دوائية ومستحضرات الصيدلانية.

وتمكنت شركة النصر للكيماويات الدوائية، عام 1960، من سد احتياجات مصر من الأدوية والمضادات الحيوية، والتي يتطلب توافرها في جميع الأوقات، لأنها تعتبر من المواد الإستراتيجية الهامة التي تهتم الدول بإنتاجها.

3 شركات طبية مصرية متطورة

وفي مطلع ديسمبر الماضي أعلن رئيس شركة صحة الطبي، ضمن فعاليات الملتقى والمعرض الدولي الأول للصناعة، في حضور الرئيس عبد الفتاح السيسي، افتتاح مدينة الخامات الدوائية في الربع الأول من 2024، والتي تضم المدينة 3 مصانع متطورة وهي "فارما تاو" لصناعة الخامات الدوائية من مصادر كيميائية مُخلّقة، و"هيربال" لصناعة الخلاصات من النباتات الطبية ومصادر طبيعية، و"سيترو إيجيبت" لصناعة المواد الكيماوية خاصة السيتريك أسيد ومشتقاته.

توطين صناعه الأدوية في مصر 

وتقول الدكتورة ألفت غراب، رئيس مجلس إدارة مجموعة شركات أكديما التابعة لوزارة الصحة، إنها تدعم رؤية الرئيس عبد الفتاح السيسي في توطين الصناعات الهامة، وهذا ما يتم تنفيذه الآن في الدواء وتم البدء في معرفة ما ينقصنا في هذا المجال.

وقالت إنه تم البدء بمراحل توطين الأدوية الهامة والحساسة في مصر مثل الأنسولين منذ عام2015.

الدكتورة ألفت غراب

وتكمل، أنه تم الوصول الآن لتنفيذ أحدث نوع وهو أنسولين الكربول، وهو يصنع في شكل قلم يسهل على المريض استعماله في أي وقت وأي مكان، كما يمكنه أن يحقن نفسه في الميعاد المحدد ولا يحتاج لاستعمال الحقنة والسرنجة.

"وقد تم توطين الأنسولين عبر شركة عالمية أمريكية قامت مصر بشراء مصنع هذه الشركة العالمية بكافة محتوياته بدءًا من المعدات، واليوم كمصريين ننتج داخل هذا المصنع بقيمة 18 مليون حقنة في العام، مع الاستمرار في زيادة التوطين من خلال استثمارات جديدة وتم دفع 250 مليون جنيه، الذي تم فيه تنفيذ قلم الأنسولين".

أهداف توطين صناعة الأدوية في مصر

 وتضيف الدكتورة ألفت غراب، أن الهدف من التوطين توفير العلاج للمريض في الوقت الذي يحتاجه، ولا ينتظر قدوم شحنة الدواء من الخارج.

وتتابع، يتمثل الهدف الثاني من التوطين، يقوم العالم بوضع خطط عند استيراد الدواء، والإنتاج في هذه اللحظة يكون متوقفًا، مما يؤخر استيراد الدواء، وهنا التوطين يساعد على توفير الدواء للمريض في كل الأوقات.

وتعتبر غراب أن الهدف الثالث من التوطين، هو توفير أحدث أنواع العلاج وليست الأدوية العادية لأن التوطين، يهدف لإنتاج الصناعات ذات التكنولوجيا العالية، مما يجعلنا نستغني عن الاستيراد، فيحدث التوفير وتخفيف الفاتورة الاستيرادية نتيجة توفير العلاج على المستوى المحلي.

 "بالتالي تتوافر العملة الصعبة، وتتوافر الفاتورة الاستيرادية، والتي يوجد بها نقص دائم في العالم.

توطين الدواء يوفر فرص عمل للتخصصات الحديثة

وأضافت الدكتورة ألفت غراب، أنه من خلال توطين صناعة الدواء ننجح في استيعاب أعداد  المتخرجين من الكليات العملية، من الطلاب بالتخصصات الحديثة مثل البايوتكنولوجي والديزاين والتركيب والإكلينكال التي ظهرت في العالم أجمع.

 وتكمل: يمهد ذلك لاستيعاب هؤلاء الطلاب، مع إيجاد فرص عمل لهم، بدلا من لجوئهم إلى الهجرة، وبذلك تتم الاستفادة من طاقاتهم.

"كما يفيد التوطين في نقل طريقة التصنيع الحديثة، ومن خلال ذلك نرسل أبناء مصر للتدريب في الشركات العالمية، ويتم التوقيع مع هذه الشركات لنقل التكنولوجي الذي يتم فيه التدريب خارج وداخل مصر، وهذه الشركات العالمية تراجع علينا وبالتالي استطعنا أن نستفيد بأكثر من فائدة من توطين صناعة الدواء.

وأشارت إلى أن من أهم ميزات توطين صناعة الدواء في مصر بقيمة 50% فقط من سعره، فبالتالي نوفر على المريض المال، وبالتالي خفضنا الفاتورة الاستيرادية، وتم تنفيذ هذه المنظومة، منذ عام 2017 وبالتالي استطعنا أن ننجح في توطين صناعة الأنسولين بالكربول.

توطين صناعة الدواء يوفر أنواعًا كثيرة من العلاجات المختلفة

وأكدت الدكتورة ألفت غراب، أنه تم البدء في تنفيذ توطين أقراص منع الحمل، سواء الأقراص والحقن، من خلال وجود المصنع الوحيد في الشرق الأوسط المخصص فقط في صناعة الأدوية الهرمونية.

وتكمل: تم تنفيذ مصنع الأدوية الهرمونية على معايير عاليه جدا، وأنتج الآن حوالي 36 مستحضرًا، وفي طريقنا لاستكمال 48 مستحضرًا، ومنها حبوب منع الحمل بجميع أنواعها كحقن منع الحمل، وحاليا نقوم بتجهيز حبوب منع الحمل التي تزرع في الذراع أسفل الجلد، والتي تستمر مده 3 سنوات مع المرأة، وبذلك وطنا صناعة الهرمون.

توطين أدوية الأورام والألبان العلاجية

ووفقا لهدف توطين صناعة الدواء في مصر وهي توافر الأدوية في وقت الأزمات، تقول الدكتورة ألفت غراب: تم توفير معظم أدوية الكورتيزون العلاجي، التي تعالج الأورام وأمراض نقص المناعة أو في العلاجات الموجهة للالتهاب الكبدي ( سي وبي ) بأنواعهم المختلفة وكل ذلك تم تنفيذه.              

كما أنه تم تنفيذ صناعة الألبان ليس فقط للأطفال الرضع حتى مرحلة الفطام، ولكن امتد إلى إنتاج الألبان العلاجية لبعض الأطفال الذين لديهم مشاكل في استخدام لبن الأم الطبيعي وتسمى الألبان العلاجية لبعض الأطفال.

 ‏"وفي وقت الأزمات كانت تظهر مشكلة في نقص المحاليل العلاجية، ولكن استطعنا توفيرها في مصر وبكثرة".

توفير كبسولات قطرات العين ذات الجرعة الواحدة

وكشفت غراب أنه تم توفير قطرات العين بجميع أنواعها، والأهم هو توفير القطرات أحاديه الجرعة، والمقصود بها أن الجرعة الواحدة تكون على شكل كبسولة تحتوي على مجرد نقطة توضع في العين.

وتكمل غراب، أن نظام كبسولة القطرات تهدف إلى الحماية من نقل الإصابة بالعدوى من عين لعين، كما تعتبر القطرات أحادية الجرعة نوعا من التوفير، لأننا عند شراء عبوة القطرة لا نستخدمها كاملا ولكن نستخدم جزءًا فقط منها ثم نتخلص منها.

"لكن مع توفير كبسولات الجرعة الواحدة نستخدمها لمرة واحدة فقط، ونتخلص منها ثم يتم استعمال كبسولة لجرعة أخرى".

تصدير الأدوية للخارج وإنشاء المصانع وفقًا لأهداف توطين صناعة الأدوية 

 وبحسب الدكتورة ألفت غراب، فإنه تمت إقامة مصنع للأورام منفذ على أحدث المعايير العالمية، لأن فكرة التوطين تعتمد على أحدث أسس ومعايير عالمية، لذلك تم إنشاء مصنع الأورام معزول بهدف تلافي التأثير الضار الصادر من الأبخرة.

كما أن مصنع الأورام يستوعب طاقات كبيرة جدا تمكننا من تغطية احتياجات مصر وبالتالي نستطيع التصدير للخارج، وهذا المصنع سيقدم 76 مستحضرا وبدأنا الآن تنفيذ 36 مستحضرا وهي الحقن والأمبولات وفي العام القادم سيتم استكمال الأقراص والكبسول.

توفير حقن الأورام باهظة الثمن لعلاج أورام الثدي

وتوضح غراب أن مصنع الأورام يقدم أدوية لبروتوكولات الأورام الموجودة في مصر، حيث تعالج مصر أنواعًا مختلفة من السرطان، بشيء يسمى بروتوكول موجه لكل نوع، وبالتالي الـ76 نوعا من الأدوية تغطي كافة أنواع البروتوكولات التي تخصص لكل نوع على حدة.

 "وقد تم التعاقد مع شركات عالمية في أمريكا وفرنسا، لتنفيذ الأشياء الجديدة في الأورام مثل توفير الحقن باهظة الثمن المستخدمة في علاج الأورام، بأن نقوم بصناعتها على مراحل وبدأنا بمنتج يعالج سرطان الثدي، ودخلنا بهذا النوع في المبادرة الرئاسية الخاصة بالكشف على سرطان الثدي في السيدات.

وتقول: بوجه عام الأدوية المحلية في جميع الشركات الاستثمارية والخاصة والشركات المساهمة، استطاعت أن تنجح في تغطيه 90% من كافة احتياجات مصر محليا ومع نهاية 2024 سنغطي احتياج مصر بالكامل.

إقامة مصنع المستحضرات البيولوجية الحيوية باهظة الثمن للحماية من الكيماويات   

 ونوهت، غراب، في حديثها عن أهداف توطين صناعة الدواء، وقالت إنه تم إنشاء مصنع يتم الانتهاء منه في نهاية 2023، لإنتاج المستحضرات ذات التقنية العالية وهي الأدوية البيولوجية الحديثة جدا التي تباع الحقن التي يصل أسعارها إلى خمسين ألف جنيه وأكثر.

وتعتبرغراب أن تنفيذ هذا المشروع جاء حتى لا ننتظر استيراد الخامات من الخارج، ولكن سننتج بدءًا من تحضير وتسليم الخامة، وبالتالي سنستفيد من شيئين أولها إنتاج خامات يمكن تصديرها لدول أخرى، بالإضافة إلى إدخال جزء من هذه الخامات لتصنيع الأدوية الحديثة.

وتكمل: أنه تم تسجيل  وتنفيذ 12 مستحضرا على هذا المصنع بالتعاون مع شركة أوروبية سويدية، وهي أكبر شركة في العام في مجال البايوتكنولوجي ووقعنا على قيامهم بنقل التكنولوجي لمصر، و تصل تكاليف هذا المشروع أكثر من 2 مليار جنيه، وتمت بشراكة هندية، وهذا المصنع يتم تجهيزه في الخارج طبقا للمعايير العالمية في هذه الصناعة.

" أما مصنع الأورام تصل تكلفته حوالي مليار جنيه، تحت إشراف شركة إيطالية متخصصة في بناء مصانع الأورام، وبذلك نضمن سلامة المنتج الذي يتم تصنيعه، وكذلك نضمن سلامة العاملين داخل المصنع،  حتى لا يتعرضوا للأبخرة، التي قد تصيبهم بالسرطان وأيضا نضمن الجودة العالية التي سيحصل عليها هذا الدواء.

هل تتوافر الأدوية في السوق المصرية

 وتختتم الدكتورة ألفت غراب حديثها قائلة، إن أدوية الهرمونات والأنسولين والكربول والكرتيزونات العلاجية متوافرة في كل مصر، وبالنسبة لأدوية الأورام ستتوافر مع النصف الثاني من عام 2023. 

"أما بالنسبة للأدوية الحيوي ستتوافر في نهاية بداية الـ2024، وهي أدوية من أصل حيوي طبيعي بعيده عن الأصل الكيميائي، وبذلك نخفض من الآثار الجانبية على المريض، وتعتبر الأدوية الحيوي وهي نوع من البكتيريا الحميدة".

توطين الدواء المخرج الرئيسي من أزمة الضغط على مصادر العملة الصعبة

وبحسب الدكتور فرج عبدالله الخبير الاقتصادي بأكاديمية الثقافة والعلوم وعضو الجمعية المصرية للاقتصاد قال ، أن البدء في توطين 76 مستحضرا من الأدوية هي تعتبر مدخل رئيسي لتعزيز القطاع الصناعي بأكمله، حيث أن توطين الصناعة هو المخرج الرئيس من أزمة الضغط على مصادر العملة الصعبة خلال الفترة الحالية والمستقبلية.

الدكتور فرج عبدالله

 كما يعتبر الخبير الاقتصادي أن البدء في توطين 76 مستحضرا من الأدوية تعد هى المنفذ الذي يمكن من خلاله زيادة نسبة تغطية الصادرات للواردات، حيث ارتفعت بنسب تتراوح ما بين 40:45٪/ ويمكن تحقيق ذلك بسهولة خلال تبنى إجراءات تصحيحية على مستوى الأجل القصير والطويل على النحو التالي:

 أولا: في الأجل القصير:

  1. إعداد قائمة بكافة الواردات التي يتوافر بديل محلى لها.
  2. العمل على صياغة الأطر التنظيمية للقطاع الصناعي بحيث تعزز من دور المشروعات الصغيرة والمتوسطة في الناتج.
  3. تكميش حجم الناتج النقدي وتعظيم حجم الناتج الحقيقي من خلال توفير التمويل التشاركى منخفض التكلفة مؤمن المخاطر.
  4. العمل على تسهيل دخول الآلات والمعدات اللازمة للقطاع الخاص الصناعي دون فرض أى رسوم أو ضرائب.
  5. إتاحة خريطة صناعية نوعية وكمية لكافة الصناعات بحيث تمكن رؤية السوق بشكل أكثر وضوحا بما يعزز التنافسية ومنع الممارسات الاحتكارية
  6.  فتح أسواق جديدة أمام المنتجات المصرية تامة الصنع بما يحقق تعميق التواجد المصري في إفريقيا

 ثانياً في الأجل الطويل والممتد:

  1.  استكمال جذب الاستثمارات الأجنبية المشاركة مع القطاع الخاص والعام
  2. توحيد الأطر التنظيمية للقطاعات الصناعية المتكاملة
  3. زيادة فاعلية خريطة الاستثمار الحالية من خلال تفعيل المجلس الأعلى للاستثمار
  4. تبنى سياسات مالية ونقدية ذات تنسيق عالٍ تدعم الإنتاج وتحد من زيادة القطاع غير الرسمي من خلال حفز أكثر للقطاع غير الرسمي على الدخول.
  5. تمكين قطاع التعليم الفني والتكنولوجي من دعم القطاعات الصناعية ذات الأهمية النسبية للاقتصاد الوطني.
كلمات البحث
اقرأ أيضًا:
الأكثر قراءة