التضخم ليس خاصًا بمصر فقط؛ ولكنه يضرب بعنف في أرجاء العالم؛ بيد أن هناك فوارق في آليات مواجهته؛ كلُ يعمل في محراب تخفيض تبعات آثاره على مواطنيه؛ والسعي هنا مرغوب ومطلوب؛ ونحن في مصر بلا شك نواجه أزمة طاحنة؛ ليس فقط بسبب التضخم؛ ولكن بسبب نقص المتاح من العملة الصعبة.
ومحاولات سد النقص فيها؛ ترى كل جديد؛ ولكن هذا الجديد لم يكن مفيدًا بالشكل المحقق للآمال؛ فقرارات السماح للعاملين بالخارج باستقدام سيارة؛ وفق شروطها المعلنة؛ لم تحقق أيضًا المرغوب؛ رغم ما أشار إليه العديد من أبنائنا العاملين بالخارج من اقتراحات ببعض التعديلات على تلك القرارات؛ وكذلك بعض من الخبراء في الداخل؛ ولم نرَ نجاحًا يمكن يؤتي مردودًا مبشرًا، رغم توقعات البعض بأننا سنجني من وراء تلك القرارات عددًا من مليارات الدولارات!
الأزمة طاحنة وبلا شك تحتاج لقرارات فاعلة؛ ومن قبل تحتاج لأفكار من خارج الصندوق؛ لذا اليوم أطرح فكرة؛ أرى أنها أفضل كثيرًا جدًا جدًا؛ من اللجوء لصندوق النقد الدولي؛ بشروطه الصعبة؛ والتي لن نجني من ورائها غير المر؛ ولكن كما يقول المثل "أيه رماك على المر"؛ فهل هناك من هو أقل مرارة؟
نعم؛ بكل تأكيد؛ البديل الآمن لتوفير العملة الصعبة؛ هو الطريق الشاق؛ بزيادة الإنتاج؛ وزيادة المقدرة على التصدير بشكل أكبر بكثير من حاجتنا للاستيراد؛ هنا يتحقق فائض؛ ويقل الطلب على العملة الصعبة؛ ومن ثم تتحسن كل أوضاعنا الاقتصادية؛ كما تستقر الأسعار عند معدلات مقبولة؛ وأضف إلى ذلك زيادة القدرة الشرائية عند المواطن؛ من تحسن قوة الجنيه المصري.
إلا أن هذا الحل رغم أهميته؛ يحتاج لوقت طويل جدًا لتنفيذه؛ فهل نقف مكتوفي الأيدى؟
بكل تأكيد لا؛ علينا التفكير في هذا البديل المهم؛ مع طرح بديل آخر؛ يمكن لنا أن نحقق من وراءه عائدًا أكثر سرعة؛ والحل في السياحة؛ نملك منها بنية سياحية؛ هي الأفضل في العالم؛ وبلا شك؛ تعتبر مصر؛ من أهم الدول التي يرغب السياح بزيارتها؛ ورغم ذلك نحن نحقق زيارات سياحية أقل بكثير جدًا جدًا؛ من دول لا تملك عشر ما نملكه؛ آثار؛ مناخ رائع طوال العام؛ شواطئ هي الأجمل في العالم؛ مزارات سياحة مبهرة؛ أضف لذلك أننا نملك بنية سياحية دينية غاية في الروعة؛ كل ذلك لم نحسن استغلاله.
فما الحل السريع ذي العائد المجدي؟
أقترح عمل برنامج سياحي ذي عدة أوجه؛ كل وجه له تكلفة مالية محددة سابقًا؛ هذا البرنامج يحتوي على تأشيرة دخول يأخذها السائح عند وصوله لأي ميناء داخل مصر جوي أو بحري؛ وعند وصوله لأرض مصر؛ يحصل على كارت مثل كروت الكريدت؛ يدفع مقابل ذلك الكارت؛ وليكن على سبيل المثال؛ عند وصول السائح؛ يدفع 1000 دولار مقابل الحصول على تأشيرة الدخول، وكذلك الإقامة لعدد من الليالي؛ شاملة الانتقالات؛ ولا يدفع أي مبلغ آخر طوال رحلته؛ ما لم يطلب شيئًا إضافيًا يدفع مقابله.
عند استلامه للكارت؛ تستلمه شركة سياحية؛ تشرف على تنفيذ البرنامج المتفق عليه بالضبط؛ وتتركه عند منفذ الخروج من مصر؛ سواء ميناء جوي أو بحري.
أما الشركة السياحية فتتسلم كل مستحقاتها المالية؛ بطريقتين؛ الأولى؛ فور انتهاء رحلة السائح؛ وذلك بالعملة المصرية؛ أو لحظة شراء السائح للكارت؛ يتم وضع المبلغ بالجنيه المصري؛ فور تولي شركة السياحة مسئولية الرحلة السياحية.
المطلوب؛ عمل تطبيق يمكن استعماله عبر المحمول؛ يستطيع أي سائح في الدنيا استعماله؛ على أن يكون التطبيق شاملًا كل البيانات المطلوب من أي سائح معرفتها.
مثل أن الرحلة التي تبدأ يوم السبت الساعة 12 ظهرًا بمدينة الأقصر؛ تشمل إقامة 5 أيام؛ شاملة فطار وغداء وعشاء؛ وشاملة زيارة معابد.. بوضوح؛ مع توضيح بسيط لتاريخ وقيمة كل المزارات السياحية الموجودة في بلدنا؛ ومع توضيح أن قيمة الرحلة شاملة كل المصروفات؛ بما فيها تذاكر الدخول لكل المزارات؛ كل ما على السائح؛ الحجز من على التطبيق؛ والدفع عند الوصول لمصر؛ وفي نهاية الرحلة تسليم الكارت الذكي ليأخذه زائر جديد.
تلك فكرة؛ قابلة للتعديل بلا شك وأيضًا التطوير؛ ولكنها فكرة سريعة المردود؛ إذا تم التعامل عليها بالسرعة المطلوبة وبالحرفية المأمولة؛ وبعزيمة وإخلاص وعشق للبلد؛ أثق أنها ستؤتي بثمار رائعة.
ومع التنفيذ والمتابعة والتطوير الدائم؛ ستجني مصر مليارات لا حصر لها من الدولارات؛ وهي تستحقها؛ لأن هناك دولًا؛ لا تملك ما تملكه بلدنا وتحقق عشرات المليارات من الدولارات سنويًا من السياحة.
فهل ترى تلك الفكرة النور؛ قبل أن يحل الظلام؟!
،،،، والله من وراء القصد
[email protected]