عن دور القوى الناعمة.. في الجمهورية الجديدة

13-12-2022 | 16:44

لاشك أن العالم من حولنا يجري ويتطور؛ ويمنح البشرية الكثير من المصطلحات والمبتكرات العلمية التكنولوجية في كل صباحٍ جديد؛ ولا أقول إننا نجري بجانبه؛ ولكننا نحاول ــ على قدر مواردنا المادية والمعنوية وتوجهات القيادة السياسية الوطنية ــ أن نكون على مقرُبة من تلك المفاهيم والمصطلحات بالتطبيق والتحقيق؛ من أجل استعادة الريادة والقيادة في عالمنا المعاصر. 
 
ومما لاشك فيه أن لغتنا العربية ككائن حي ينمو ويتطور ويلاحق كل جديد؛ فقد نما على أطرافها مصطلح جديد: هو مصطلح القوى الناعمة! وتعني القوى الناعمة ــ أو بالأحرى القوة الناعمة ــ أن يكون للدولة قوة روحية ومعنوية من خلال ما تجسده من أفكار ومبادئ وأخلاق، ومن خلال الدعم في مجالات حقوق الإنسان والبنية التحتية والثقافة والفن؛ مما يؤدي بالآخرين إلى احترام هذا الأسلوب والإعجاب به ثم اتباع مصادره.
 
ولهذه الأسباب والتطلعات السامية المشروعة؛ حرصت القيادة السياسية في مصرنا المحروسة بزعامة "الرئيس عبدالفتاح السيسي" أن تُعيد قوة مصر الناعمة لريادتها؛ ففي العام 2014؛ حرص الرئيس بنظرته الواعية الثاقبة ــ حتى قبل توليه الحكم ــ على استقبال وفد من الفنانين، لمناقشة دور الفن في النهوض بمستوى ثقافة المواطنين، والعمل على تشكيل جزء كبير من الوعي الوطني لديهم، إذ أشار خلال اللقاء، إلى أن القوى الناعمة المصرية ــ وبخاصة المثقفين وأهل الفن ــ هم في مقدمة حائط الصد أمام التطرف والتشدد؛ بالإضافة إلى كونهم أداة للأمم المتقدمة لتسويق صورتها للعالم بأكمله؛ وهذا يُثبت أن هذا القائد الوطني المخلص؛ كانت لديه الأساسيات والقناعات الأصيلة التي تجعله جديرًا بالوجود على قمة بلاط الحكم الوطني الشريف؛ وتمنحه الملايين من الشعب المصري الثقة وشرف الاستمرارية في حمل أمانة الحُكم.. لإيمانها العميق بأمانة الحاكم!
مُصطلح القوة الناعمة ظهر لأول مرّة عبر كتاب "عالم السياسة" لعميد إحدى الكليات بجامعة هارفارد في العام 1990؛ وقام بتعريفها قائلًا بأنها " قوة الجاذبية.. بأن تكون جذابًا بالنسبة للآخرين، لا أن تضعهم في صفك وبجانبك بواسطة الإكراه واستخدام السلاح والقوة المفرطة؛ أو بدفع الأموال". 
 
وأشار إلى أنها تتمثل في كوادر الثقافة والرياضة والسياحة والفنون والتبادل العلمي والمعرفي ووسائل التواصل الاجتماعي والتحول الرقمي؛ بل إن أكثر أدوات القوة الناعمة وأثرها المحوري والمهم.. تتركز في السياحة والآثار!
 
 وتماشيًا وتطبيقًا لهذه الإشارة؛ فإن مصرنا المحروسة غنية بهذه العناصر المتمثلة في الآثار القديمة قِدم الزمن والتاريخ؛ وكذا الفنون المصرية المتعددة في مجالات الحياة بكل جوانبها؛ وتُعد تلك الأدوات عماد وركيزة " القوى والقوّة الناعمة" المصرية، بل يحسدها العالم الغربي على امتلاكها لكل هذه المقومات.
 
إذن.. فالقوّى الناعمة المصرية - بلا مبالغة – تُعد قضيّة أمن وطني إن تم الاهتمام بها وتعزيزها؛ فستكون الدولة قادرة على الموازنة بين قواها الصلبة والناعمة، وهذا ما يراه الرئيس السيسي ـ ونراها معه بنجاحاته على الصعيدين المصري والدولي ــ من مقومات النجاح في العلاقات والسياسة الخارجية؛ والتفاعل المستمر مع المتغيرات الدولية المستمرة.
 
ويشرفني ـ كباحثة وأستاذة أكاديمية ضمن كتائب القوى والقوة الناعمة المصرية ـ أن أتوجه بالنداء إلى رئاسة الجمهورية والمجالس النيابية ومؤسسات المجتمع المدني والكيانات الأهلية الوطنية؛ بالمسارعة إلى: إنشاء كيان مستقل للقوة الناعمة المصرية (على غرار اللجان الوطنية التي تشكلت في مواجهة الحراك الشعبي الوطني أثناء وبعد ثورة 1919)؛ ويقوم هذا الكيان بوضع إستراتيجية تُسهم بالعمل والتنسيق بين كافة المؤسسات السيادية بالدولة والمجتمع؛ ويقوم برصد وتحليل أداء جميع الجهات وأنشطتها المُقامة داخل الوطن وخارجه ـ بمعاونة السفراء والقناصل ــ وعمل هارموني متكامل لخدمة إستراتيجية القوّة الناعمة المصرية.
 
ولا مانع عندي أن يتم منح مساحة للقوى الفاعلة بالقطاع الخاص؛ ويتم تشكيل "الإدارة" بعضوية العديد من الجهات وعلى رأسها وزارات الخارجية والإعلام والثقافة والسياحة والرياضة والاستثمار؛ وانضمام بعض الرموز من رجالات الأعمال والاقتصاد المشهود لهم بالوطنية والنزاهة وحُب الوطن؛ ولا مانع من مشاركة العناصر الشبابية من السنوات النهائية بالكليات والجامعات المصرية ـ وبخاصة جامعات الأقاليم ـ ليجتمع "الكل" في "باقة" و"جوقة" تعزف أناشيد الحب والسلام لمصرنا المحروسة وقيادتها الوطنية المخلصة. 
 
أتمنى أن أنول شرف أن أكون أول الداعين - أو أولى الداعيات - إلى تلك المبادرة بهذا النداء الأمين الصادر من القلب؛ كما أدعو كل شرفاء الوطن إلى تعضيد فكرتي النابعة من حرصي على قدسية تراب مصرنا المحروسة.
 
هل أنا حالمة برؤيتي هذه لخروج هذا الكيان إلى النور؟!
 
* رئيس قسم الإنتاج الإبداعي الأسبق بأكاديمية الفنون
وأستاذ التأليف والكتابة الإبداعية وعضو اتحاد كتاب مصر

كلمات البحث
اقرأ أيضًا:
الأكثر قراءة