Close ad

هدنة إنجابية في مصر.. هل ينجح مقترح الحكومة في السيطرة على أخطر أزمة تواجه المجتمع؟

12-12-2022 | 22:03
هدنة إنجابية في مصر هل ينجح مقترح الحكومة في السيطرة على أخطر أزمة تواجه المجتمع؟الزيادة السكانية
إيمان فكري

تظل الزيادة السكانية خطرًا داهمًا تهدد عملية التنمية والإصلاح الاقتصادي التي تنفذها الدولة، حيث تسارعت معدلات النمو السكاني بشكل ملحوظ في الفترة الأخيرة، حيث أعلن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، عن وصول عدد السكان داخل البلاد إلى 104 ملايين و318 ألف نسمة، بزيادة قدرها أكثر من 250 ألفًا خلال 56 يوما، وزيادة 5 آلاف مواطن في يوم واحد فقط.

موضوعات مقترحة

ولم تتوقف الحملات التي تقوم بها الدولة لتدعو المواطنين إلى تحديد النسل على مدار عقود ماضية، والتي يرجع تاريخها إلى ما قبل الثمانينات، ولكن لا يبدو أن هذه الحملات المجتمعية كافية لمواجهة تنامي معدل المواليد في مصر، إذ تشير التوقعات إلى سيناريوهات أسوأ في حال استمرار الزيادة السكانية بهذا الشكل.

تخفيض معدل الإنجاب لفترة زمنية قليلة

زيادة معدل الإنجاب بهذا الشكل الكبير، دفع الدولة للتفكير في طرق أخرى لمواجهة هذه القضية، حيث أكد الدكتور مصطفى مدبولي، أن الدولة تعمل حاليا على إستراتيجية تنمية الأسرة المصرية، والتخطيط يتضمن تحديد عدد أفراد الأسرة المصرية، لأن الدولة  تحتاج لوقفة حقيقة من مواطنيها لمشكلة الزيادة السكانية.

وقال رئيس الوزراء خلال تفقده عدد من المشروعات بمحافظة السويس: "نحتاج إلى وقفة لفترة زمنية للإعلان عن خطة واضحة لتخفيض الزيادة السكانية لفترة قليلة، حتى نستطيع تخفيف العبء والضغط الواقع على الدولة، من أجل توفير الأمور الحياتية للمواطنين والنشء الجديد".

كما أن العمل على تخفيض معدل الزيادة السكانية، سيساهم في شعور المواطن بما يحدث داخل الدولة المصرية من تقدم وتطور في كل المجالات، ولابد أن يتعاون الشعب مع القيادة السياسية للعمل يد بيد في حل تلك الأزمة، لمحاربة الزيادة السكانية بكل سلاح ممكن.

تجربة الصين في التحكم بالنمو السكاني

وتعد الصين إحدى أهم الدول التي كانت تحارب الزيادة السكانية، وتعمل على حل تلك المشكلة منذ سنوات طويلة، عن طريق التحكم في النمو السكاني، ففي عام 1953، أجرت الصين أول تعداد سكاني لها، بعدما تأكدت أن الزيادة السكانية أضحت مشكلة كبيرة لها، وأيقنت أن التنمية الاقتصادية وحدها لن تكفي لتحقيق التقدم، وهناك حاجة ماسة لتراجع معدلات الزيادة السكانية ولابد من علاج تلك المشكلة.

الدعاية لوسائل منع الحمل

بناء على نتائج ذلك التعداد، سعت الحكومة الصينية إلى كبح جماح النمو السكاني المتسارع آنذاك، وفرضت سياسة تحظر على المواطنين إنجاب أكثر من طفل واحد، بهدف خفض معدلات الزيادة السكانية بأقل صورة ممكنة في وقت وجيز.

حملات عدة للتوعية قامت بها الصين لخفض الزيادة السكانية، بدأت بالدعاية لوسائل منع الحمل، وفي عام 1956 أعلن الاتحاد الديمقراطي للنساء الصينيات، عزمه تنفيذ حملة كبيرة لتحديد النسل، بعد أن صرح نائب رئيس الوزراء الصيني قائلا إن: «الاستمرار في إنجاب الأطفال بدون حساب أصبح أمرا غير مقبول".

4 حملات رئيسية قامت بها الصين، خلال الفترة ما بين عامي 1956 وحتى عام 1971، ومنها تأجيل الزواج ليكون في أواخر العشرينات، وزيادة المدة بين إنجاب الأطفال، وإنجاب عدد قليل من الأطفال في طفلين للأسرة، ولكن بعد فترة اعتبرت الصين أن تلك الحملة لم يؤت بثمارها المطلوبة، ودشنت حملة أخرى للمطالبة بإنجاب طفل واحد.

قوانين لتنظيم الأسرة

وفي عام 2001 أصدرت الصين قانونا لتنظيم الأسرة، حيث لجأت لتطبيق قواعد دعم كتحفيز للالتزام وأخرى سلبية للذين تزيد معدلات إنجابهم، من بينها تقليل دعم بعض الخدمات وزيادة ضرائب على غير الملتزمين، وزيادته للذين يلتزموا بطفل واحد.

ونتيجة لتلك القوانين تراجع معدل الزيادة السكانية إلى 0.5% في عام 2008، وارتفاع متوسط العمر المتوقع إلى 71 عاماً للذكور و75 عاماً للإناث عام 2008، ونجحت الصين في جعل تنظيم الأسرة قاعدة تسير عليها الدولة بالتزام المواطنين.

كم تحتاج مصر من وقت للحد من الزيادة السكانية؟

الزيادة السكانية هي السبب الرئيسي في أي أزمة تتعرض لها البلاد، وتنفيذ خطة الدولة في تخفيض النمو السكاني لفترة معينة سيحد من الزيادة السكانية، ولكن الدكتورة سامية خضر أستاذ علم الاجتماعي بجامعة عين شمس، تؤكد أن تخفيض النمو السكاني يجب أن تكون قاعدة عامة طوال العمر لتطوير الدولة، وليست فترة مؤقتة مثلما فعلت الصين، والتي على آثرها نجحت نجاح كبير.

خطورة الزيادة السكانية

وترى أستاذ علم الاجتماع، أن الزيادة السكانية خطر داهم يهدد عملية الأمن القومي والتنمية والإصلاح الاقتصادي، كما أنها سبب أزمات المدارس وتكدس الفصول وقوائم الانتظار، وعدم حصول كل مواطن على خدمات جيدة.

وتحتاج الدولة للقيام بحملة قوية ضخمة تستهدف إقناع الأسر بخفض معدلات الإنجاب والاكتفاء بطفلين فقط في جميع أنحاء الجمهورية تصاحب جميع الفئات والشرائح خاصة الأرياف والقرى، نظرا أنها أكثر الأماكن التي يزيد فيها معدلات الإنجاب.

وذلك لأن الدولة تعاني من انعدام الوعي والثقافة، فتقول "خضر"، إن هناك اختفاء لكل أساليب الوعي سواء إعلانات أو مسلسلات وأفلام، واختفاء دور الإعلام المرئي والغير مرئي، ما تسبب في انعدام الوعي بخفض معدل الإنجاب وتأثر الإنجاب الكثير على الأسرة والمجتمع، منوهة أن خفض معدلات الإنجاب لن يتم دون أن يكون هناك ضبط في الخطاب الديني والإعلامي والثقافي والقضاء على نسبة الأمية.

كما تؤكد أستاذ علم الاجتماع، على ضرورة اختلاف أساليب التوعية وتعددها حتى تؤثر في المواطنين خاصة غير المتعلمين منهم، حيث إنه لم يتم العمل على توعية غير المتعلمين منذ فترة كبيرة، فنسبة الأمية كبيرة والسبب الأساسي لزيادتها هو الزيادة السكانية، نظرا أن الكثير من الأسر التي يزيد معدل الإنجاب بها، تقوم بتسريب أبنائها من المدارس لكي يعملوا ويصبحون مصدر رزق للأسرة.

الأمية والفقر سبب الانفجار السكاني

وأرجعت الدكتورة هالة يسري أستاذ علم الاجتماع، السبب الرئيسي في الانفجار السكاني لانتشار الأمية والفقر بالمجتمع، وعدم التخطيط له جيدا من جانب الزوجين، وبعض الأهالي تنجب الكثير من الأطفال تستغلهم، حيث يعتبرون أن الطفل هو مصدر للدخل؟

ودعت إلى أن تكون الزيادة السكانية قضية قومية تتضافر كل جهات الدولة الحكومية والخاصة لعلاج هذا الأمر، ويكون هناك متابعة للتأكد من صحة السياسات المتبعة، كما يجب توفير وسائل تنظيم الأسرة في جميع المناطق الفقيرة ومدعمة بنسبة 100%.

كيف تنجح الدولة في الحد من الزيادة السكانية خلال فترة زمنية قليلة؟

ولكي تنجح الدولة في الحد من الزيادة السكانية، فكل مؤسسها لها دور يجب أن تقدمه خلال السنوات القادمة، وبالقيام بهذه الأدوار ستنجح الدولة بالفعل إلى تحويل العزوة لثروة قومية، ونوضح فيما يلي دول المؤسسات والمواطنين.

1- دور الإعلام

الإعلام له دور كبير في وعي المواطنين، فهو يصل لكل مواطن فقير وغني، ومتعلم وغير متعلم، وذلك يكون عن طريق القيام ببعض الأعمال التليفزيونية الداعم لخفض معدل الإنجاب، وتوعية المرأة بأهمية إنجاب 2 فقط.

2- دور المساجد والكنائس

فلابد من إحكام السيطرة على أئمة وشيوخ ورجال الفقه، نظرا أنهم أكثر الفئات المؤثرة على المواطنين، وبعض الفتاوي القديمة هي السبب في الإنجاب بكثيرة، فرغم التقدم الكبير إلا أنه لازال بعض الناس مؤمنين بفكرة أن الإنجاب الكثير هو العزوة.

3- دور الدولة

يجب على الدولة تقديم حوافز كبيرة للمواطنين الذين يكتفون بطفلين فقط، وعمل قوانين لتنظيم الأسرة، لتطبيق قواعد دعم كتحفيز للالتزام وأخرى سلبية للذين تزيد معدلات إنجابهم، من بينها تقليل دعم بعض الخدمات وزيادة ضرائب على غير الملتزمين وزيادته للذين يلتزمون بطفل واحد.

كما يجب توفير موانع الحمل في كل مكان مجانا لكل النساء، للمساهمة في خفض معدل الإنجاب.

4- دور المواطن

للمواطن دور كبير في الحد من الأزمة السكانية، فلابد أن يقوم المتزوجون حديثا بتأجيل الإنجاب لسنتين على الأقل، ومن ثم عدم إنجاب أكثر من اثنين، وتشجيع بعضهم البعض في الحد من الإنجاب للتمتع بالحوافز التي تضعها الدولة لهم.

كلمات البحث
اقرأ أيضًا: