Close ad

مع المسيح وتلاميذه

11-12-2022 | 15:45
الأهرام المسائي نقلاً عن

  • كان يحب أن يذهب إلي الخلوات وفي أحضان الطبيعة الساكنة، كان يذهب مع تلاميذه أحياناً إلي سفح التلال، أو في الحقول بعيداً عن الناس، كان يجلس مع تلاميذه ويمتد بهم حديث المسيح عليه السلام النبي العظيم الموصول بالسماء يعظهم ويعلمهم يؤدبهم ويربطهم بربهم ومولاهم الحق سبحانه، فإذا طال الحديث بهم لحقت بهم جموع الناس حتى يغض السهل بالجموع الغفيرة فيواصل حديثة إليهم.

  • كان يحب الذهاب إلي كفر ناعوم ، وفي إحدى هذه الجلسات الرائعة سأل مريديه وحوارييه: أتدرون أين بيتي؟قالوا: أين يا روح الله؟ قال بيتي المعابد وطيبي الماء،

  • وأدامي الجوع، وسراجي القمر بالليل، وصلاتي في الشتاء مشارق الشمس، وريحاني بقول الأرض، ولباسي الصوف، وشعاري خوف رب العزة، وجلسائي الزمنى "المرضى مرضاً مزمناً" والمساكين، أصبح وليس لي شيء، وأمسي وليس لي شيء وأنا طيب النفس غير مكترث فمن أغنى مني وأربح؟.

  • ثم أردف مواصلاً حديثه في تدفق رائع: "لا يستقيم حب الدنيا وحب الآخرة في قلب مؤمن، كما لا يستقيم الماء والنار في إناء، طالب الدنيا مثل شارب ماء البحر، كلما ازداد شرباً ازداد عطشاً، حتى يقتله، إن الشيطان مع الدنيا وفكره مع المال وتزينه مع الهوى واستمكانه عند الشهوات" .

  • ثم أخذ يرقق قلوبهم ويذكرهم بباب التوبة الذي لا يغلق أبداً فيقول:"طوبى لمن بكى من ذكر خطيئته ، وحفظه لسانه، ووسعه بيته، طوبى لعين نامت، ولم تحدث نفسها بالمعصية، وانتبهت إلى غير إثم" .

  • وأمام هذه العظات الإيمانية الرائعة بدأت القلوب ترق والأسئلة تتدفق وهو يواصل الحديث والإجابات ويقول: "الحق أقول لكم:من طلب الفردوس، فخبز الشعير، والنوم في المزابل مع الكلاب كثير"، أي يستحق الشكر عليه، أي أن أهل الآخرة هم أهل شكر لله على أقل النعم، بدءً من خبز الشعير إلى ما هو أعلى، وهذا درس للذين يعيشون في النعيم ولا يشعرون بنعم الله عليهم ولا يشكرونه سبحانه.

  • ويستكمل وصاياه الإيمانية:"لا تكثروا الحديث بغير ذكر الله، فتقشعر قلوبكم، فإن القلب القاسي بعيد عن الله، ولكن لا تعلمون، ولا تنظروا في ذنوب العباد كأنكم أرباب، وانظروا فيها كأنكم عبيد، فإنما الناس رجلان: معافى ومبتلى، فارحموا أهل البلاء ، واحمدوا الله على العافية".

  • دروس رائعة لو طبقنا جزء منها لاسترحنا وأرحنا، وسعدنا وأسعدنا، وها هو ذا المسيح كأنه يحدثنا عن التوكل الذي غاب عن حياتنا جميعاً فيقول:"اعملوا لله، ولا تعملوا لبطونكم، انظروا إلي هذه الطير، تغدو وتروح، لا تحرث ولا تحصد، والله يرزقها، فان قلتم:نحن أعظم بطونا من الطير ، فانظروا إلي هذه الجماعات من الوحوش والحمر، فانها تغدو وتروح لا تحرث ولا تحصد، والله يرزقها".

  • درس عملي من الطير وحيوانات البرية في التوكل على الله، بعد أخذ الأسباب.

  • ثم يعظ الناس مخاطباً القلوب التي اهتم  دوماً بتطهيرها لأنه يدرك أن الناس تسير إلي الله بقلوبها فيقول:عجبت من ثلاث أناس:طالب الدنيا والموت يطلبه، وبانى القصور والقبر منزله، ومن يضحك ملء فيه والنار أمامه، ابن آدم لا بالكثير تشبع، ولا بالقليل تقنع، تجمع مالك لمن لا يحمدك، إنما أنت عبد بطنك وشهوتك، اجعلوا كنوزكم في السماء، فإن قلب الرجل حيث كنزه.

  • وها هو ذا يتحدث عن معادن الذهب والفضة وألا تذهب الحكمة وتعاليم الرسالة السماوية إلي غير أهلها من فساق القلوب وطلاب الدنيا الذين يركبون الدين ليصلوا لمناصبهم وأغراضهم.

  • "لا تحدثوا بالحكم غير أهلها فتظلموها، ولا تمنعوها أهلها فتظلموها، لا تطرحوا اللؤلؤ إلي الخنزير ، فالخنازير لا تصنع باللؤلؤ شيئاً، ولا تعطوا الحكمة من لا يريدها ، فإن الحكمة خير من اللؤلؤ، ومن لا يريدها شر من الخنزير".

  • ويحذر من فساد العلماء والأئمة وشبههم بملح الأرض فإذا فسدوا فسد المجتمع كله وضاعت منه القدوة والأسوة ويقول:"يا علماء السوء، جعلتم الدنيا على رءوسكم، والآخرة تحت أقدامكم، قولكم شفاء، وعملكم داء، مثلكم مثل شجرة الدفلى ، تعجب من رآها، وتقتل من أكلها"، والدفلى شجرة سامة شكلها حسن.

  • ويقول المسيح لهم أيضاً:"يا علماء السوء، جلستم على أبواب الجنة فلا تدخلوها، ولا تدعون المساكين يدخلونها، إن شر الناس عند الله عالم يطلب الدنيا بعلمه".

  • واستمر السيد المسيح علية السلام في وعظه والناس في قمة إصغائهم وسعادتهم وكلهم يقول لمن حوله "هذا هو النبي الآتي إلى الناس"وغابت الشمس وهو مستمر في وعظه وتوجيههه للقلوب، كان يحدثهم من قلبه  فاستقرت موعظته في قلوبهم.

  • كان هذا يوماً من أيام المسيح عليه السلام الدعوية والذي في آخره طلب منه الحواريون أن يدعو ربه أن ينزل عليهم مائدة من السماء فأكرمهم الله بهذه المائدة بعد هذا اليوم الرائع.


كلمات البحث
اقرأ أيضًا: