الاقتصاد الأخضر والمجتمع والتعليم

11-12-2022 | 13:50

الاقتصاد الأخضر هو الذي لا يلوث البيئة، بل يعمل على حماية البيئة والإنسان من التلوث وأخطاره، واليوم أصبح الاقتصاد الأخضر ضرورة اقتصادية قبل أن تكون ضرورة إنسانية وبيئية؛ لأن تكلفة التلوث أصبحت خطيرة على الإنسان والنبات والحيوان والمناخ واستمرار الوضع الاقتصادي الحالي يعني انتحار البشرية، كما قال لولا دا سيلفا رئيس البرازيل في مؤتمر شرم الشيخ.
 
كما أن الاقتصاد الأخضر أصبح مجالًا خصبًا لخلق ملايين من فرص العمل والعائد الاقتصادي على المدى القريب؛ حيث اقترب ثمنه من البدائل الملوثة حاليًا، ولكن على المدى المتوسط والبعيد هو الرابح اقتصاديًا، فضلا عن العائد الصحي والبيئي الذي لا يقدر بثمن، والمؤكد أن الإسراع في نشر الصناعات والاقتصاد الأخضر سوف يخفض من التكلفة وتزايد الربحية؛ حيث تشير النتائج إلى أن العمل فقط في طاقة الرياح في أمريكا وفر نحو 88 ألف فرصة عمل عام 2018، وأن هناك زيادة سنوية في نسبة العاملين تقدر بـ20% سنويًا في هذا المجال، وفي مجال الطاقة الشمسية داخل أمريكا 250 ألف فرصة عمل تم توفيرها في نفس العام، وعلى مستوى العالم يعمل في مجالات الطاقة المتجددة نحو 11 مليون عامل عام 2018، ومن المؤكد تضاعف هذه الأرقام سريعًا هذا فضلا عن إعداد العاملين في إعادة تدوير المخلفات والخضرة والتشجير والحد من تلوث الهواء والماء وخلافه.
 
وللاقتصاد الأخضر عدة مزايا شبه مؤكدة مقارنة بالاقتصاد التقليدي، أهمها أن الاقتصاد الأخضر سوف يزداد انتشارًا وتوسعًا كل عام عن ذي قبله، وهذه حقائق منشورة في مقابل تراجع الاقتصاد التقليدي كل عام؛ مما يعني أن المستقبل للأخضر، وفقًا لكل الإحصاءات الأخيرة.
 
كما يتميز الاقتصاد الأخضر بأنه الأفيد والأهم للمجتمعات المحلية بوجه عام؛ لأنه في معظمه يعتمد على الأيدي العاملة في نفس المجتمعات المحلية، ولا يمكن استيراد كل مكوناته، فمثلا البترول أو الغاز معظم الدول تستورده وتخرج العملة الوطنية للخارج، لكن مثلا الطاقة الشمسية أو إعادة تدوير المخلفات مشروعات محلية داخل كل بلد يستفيد منها المواطن بالمجتمع المحلي، وكثير منها يعتمد على الأيدي العاملة الكثيفة؛ مثل صناعة إعادة تدوير المخلفات؛ مما يعود بالنفع على المواطنين والوطن، ويحد من الاستيراد وخروج العملة للخارج، ويساهم في حل مشكلة البطالة للبلاد النامية خاصة، ويتميز الاقتصاد الأخضر بأنه مستمر؛ فهو اقتصاد متواصل عكس البترول لأن له عمر زمني محدود ويتوقع نضوبه، وهو في النهاية اقتصاد مؤقت لن يستمر، عكس مشروعات الاقتصاد الأخضر؛ فقد يتم تطويره ولكنه ليس موردًا ناضبًا.
 
ويتميز الاقتصاد الأخضر بأنه يشمل كثيرًا من جوانب الحياة، وتقريبًا كافة التخصصات؛ مما يقتضي إعادة النظر في منظومة التعليم والبحث العلمي في مصر، وربطة بالحفاظ على البيئة ومكافحة التلوث؛ من خلال نشر الثقافة البيئية والوعي البيئي في مراحل الطفولة المبكرة، كما يتطلب ذلك إعادة نظر شاملة في المرحلة الثانوية والجامعية؛ حيث ستزداد الحاجة إلى التخصصات العلمية وخاصة الهندسية للتوسع في مجالات الحاسب الآلي والذكاء الصناعي.
 
والوضع الحالي بمصر يتطلب إعادة نظر منذ المرحلة الثانوية؛ حيث يمثل قسم الرياضة بالثانوية العامة هذا العام نحو 14% فقط من إجمالي طلاب الثانوية العامة بمصر، مقابل نحو 38% للقسم الأدبي؛ مما يستلزم التوسع في قسم الرياضيات على حساب القسم الأدبي، وبالطبع يمتد ذلك إلى التعليم الجامعي ليتوافق مع مستلزمات العصر؛ سواء للتخصصات الموجودة أو المستجدة؛ حيث هناك تغير كبير في صناعات وسائل المواصلات من سيارات إلى قطارات وهندسة الطاقات المتجددة، وغيرها من وسائل المواصلات والصناعة بوجه عام، وبالطبع يمتد ذلك إلى تصميم الطرق والمدن الخضراء والعمارة البيئية بمفهومها الشامل، الذي يبدأ من المسكن إلى الطريق إلى المدينة إلى مجالات الزراعة العضوية إلى طب معاصر يتناغم مع البيئة إلى التشريعات البيئية وقوانين البيئة؛ مثل قانون الملوث هو الذي يدفع الثمن ونتمنى أن نراه قريبًا في مصر، إلى دراسات التقييم البيئي والاجتماعي للمشروعات والقرارات، وأيضًا صناعة إنتاج البيوجاز، ويعمل بها ملايين في الهند والصين، وهو من المشاريع المربحة جدًا والاقتصادية، ومصر في حاجة إليه.
 
 وإنتاج البيوجاز هو باختصار وسيلة بسيطة للتخلص من فضلات الإنسان والحيوان والنبات، وتحويلها إلى طاقة كهربائية وسماد عضوي للأرض، وهو ضروري في المناطق الريفية والصحراوية التي لا يتوافر بها صرف أو كهرباء، ويتم من خلال عمل مرحاضين في كل مسكن، وهو أيضًا لمخلفات الحيوان وبقايا النبات، وعند امتلاء الأول يغلق، ويستخدم الثاني وتتحول هذه المخلفات إلى غاز ينير المنزل، وباقي المخلفات إلى سماد عضوي؛ مما يوفر مبالغ كبيرة لتوفير الصرف والكهرباء، خاصة في بعض المناطق المنعزلة، فضلًا عن التخلص الآمن وإعادة تدوير مخلفات الإنسان والحيوان والنبات؛ مما يحافظ على نظافة النيل والقرية والمدينة، وقد انتشر وجوده في الصين والهند وغيرهما من البلاد بنجاح كبير، وهناك مشروعات أخرى واعدة في مجال الاقتصاد الأخضر. 

كلمات البحث
اقرأ أيضًا:
الأكثر قراءة