Close ad

العرب والصين.. قمة الثقة

8-12-2022 | 19:31

لا شك أن القمة العربية – الصينية والتي تعقد غدًا في العاصمة السعودية الرياض بمشاركة رفيعة المستوى وغير مسبوقة من الجانبين العربي والصيني تكتسب أهمية خاصة للجانبين معا في ظل الظروف السياسية والاقتصادية الصعبة وحالة اللايقين التي يعيشها العالم بسبب الأزمة الروسية – الأوكرانية والارتفاع الجنوني في الأسعار العالمية نتيجة التأثر الشديد لسلاسل الإمداد العالمية وبالتالي فإن الآمال معقودة وبصورة كبيرة على مخرجات القمة وتأثيرها المباشر وغير المباشر على مواجهة التحديات التي تتعرض لها الشعوب العربية والشعب الصيني علي حد سواء.

و أعتقد أن الملفات المطروحة على القمة والتي تضم العديد من المجالات يتصدرها الملف الاقتصادي الذي يمثل أولوية قصوى للجانبين خاصة وأنه منذ انطلاق التعاون العربي – الصيني عام ٢٠٠٤ خلال زيارة الرئيس الصيني السابق هوجين تاو لمقر جامعة الدول العربية بدأت مسيرة هذا التعاون في العمل على دعم وتعزيز علاقات الجانبين في كافة المجالات وفي مقدمتها المجال الاقتصادي والذي أثبتت التجارب نجاحه الكبير خاصة بعد الزيارة المهمة والناجحة التي قام بها الرئيس الصيني شي جين بينغ لمقر جامعة الدول العربية عام ٢٠١٦ والقائه خطابا مهما بعنوان "التشارك في خلق مستقبل أفضل للعلاقات الصينية العربية" وهو ما دفع العديد من الدول العربية لإقامة علاقات إستراتيجية شاملة مع الصين مثلما حدث اليوم؛ حيث وقعت السعودية والصين اتفاقية شراكة إستراتيجية شاملة بينهما وهو ما فعلته مصر خلال الزيارة المهمة التي قام بها الرئيس عبدالفتاح السيسي للصين عام ٢٠١٤ و توقيعه مع نظيره الصيني شي جين بينغ  اتفاقية الشراكة الإستراتيجية الشاملة؛ مما أدى إلى إعطاء علاقات البلدين نقلة نوعية في كافة القطاعات و أكد الرؤية الإستراتيجية للرئيس السيسي للعلاقات مع الصين.
 
بالتالي فإن حجم التبادل التجاري بين الدول العربية والصين والذي بلغ  330 مليار دولار العام الماضي بزيادة قدرها 37% على عام 2020 يؤكد أن العلاقات العربية – الصينية تسير في الاتجاه الصحيح.

و يقينا فإن الشارع العربي ينظر للصين على أنها لاعب رئيسي ومهم في الاقتصاد العالمي خاصة بعد الإنجازات الضخمة التي تمكنت الصين من تحقيقها خلال السنوات العشر الأخيرة وأبهرت العالم وفي ظل العلاقات الإستراتيجية القوية التي تربط الصين بالعديد من الدول العربية والتي جعلت ٢٠ دولة عربية تنضم لمبادرة "الحزام والطريق" والتي تم إطلاقها عام 2013 من قبل الرئيس الصيني شي جين بينج؛ مما كان له بالغ الأثر في دعم أواصر التعاون العربي – الصيني وشاركت بفاعلية في المشاريع المتنوعة للمبادرة والتي تحولت إلى جسر حقيقي للتعاون بين الجانبين في مجالات متعددة أبرزها مشاريع الطاقة والبنية الأساسية والنقل البحري.

وفي ظل الصراع السياسي والاقتصادي بين الصين وأمريكا لزيادة النفوذ الاقتصادي والتعاون مع الدول العربية تكتسب القمة أهمية إضافية؛ حيث ستؤكد الصين خلال القمة مبدأ "الشراكة مع العالم العربي" وليس مبدأ الاستغلال أو التدخل في الشئون الداخلية للغير وهو نفس المبدأ الذي تسعي معظم الدول العربية إلى تبنيه في وجه السياسة الأمريكية غير الواضحة وغير المتزنة تجاه بعض القضايا في الدول العربية وفي مقدمتها ملفات حقوق الإنسان والتي تسعى واشنطن – كالعادة – لاستخدامها كورقة ضغط سياسي على الدول العربية.

 وبالتالي فإن الصين وتوجهاتها الدبلوماسية المتزنة تتوافق مع الدبلوماسية العربية في معظمها وتصب في نفس الاتجاه ولذا فإننا يمكن أن نطلق علي تلك القمة "قمة الثقة" بين الجانبين وهو ما دفع الشارع العربي إلي رفع سقف الطموحات والتوقعات بخروج نتائج مرضية عن تلك القمة المهمة للجانبين معا وترجمة تلك النتائج إلى واقع حقيقي ملموس في صورة مشاريع عملاقة مشتركة يساهم بصورة فعالة في التصدي لمواجهة التحديات والأزمات التي تتعرض لها معظم الدول العربية نتيجة ما تشهده الساحة الدولية من تقلبات وأزمات طاحنة ألقت بظلالها القاتمة علي كافة المجالات.

كلمات البحث
اقرأ أيضًا:
الأكثر قراءة