Close ad

من أشعل أسعار العمرة؟ وضرب شركات السياحة؟ وأضاع الملايين على الدولة؟

8-12-2022 | 12:44

هذه قضية تستحق الاهتمام العاجل من الدكتور مصطفى مدبولي رئيس مجلس الوزراء، خاصة أن جهات عديدة تتداخل فيها.

ودون مقدمات أقول وباختصار.. إنه إذا كانت الحكومة تبذل جهودًا جبارة في مواجهة تحديات التنمية الاقتصادية والاجتماعية ومشكلاتها وتعمل على توفير العملات الصعبة للإنفاق على كل ما يلزم لاستقرار مصر وانطلاقها للأمام.. فلا يعقل أن نترك قضية تنظيم العمرة للمصريين تدخل في فوضى عارمة في الشهور الأخيرة، ونفشل في توفير منظومة عمل تعطي لكل ذي حق حقه، وتتيح للمصريين أداء العمرة بطريقة منظمة آمنة، وفي نفس الوقت تحافظ على عدم تسرب العملة الصعبة ريالات سعودية أو دولارات من خلال الوسطاء.

لقد كتبت في 31 يوليو الماضي مقالاً بعنوان "افتحوا العمرة.. أثابكم الله" يوم كانت وزارة السياحة لا تسمح لشركات السياحة بتنظيم العمرة، والحمد لله تم فتحها ووضع نظام يحدد سقفًا لأعداد كل شركة، وهو تنفيذ 40 تأشيرة في الشهر الواحد.

لكن فجأة انقلبت الأمور رأسًا على عقب منذ ما يقرب من شهرين، وتم إلغاء هذا السقف للأعداد.. وهنا بدأت ملامح الفوضى تدب في سوق العمرة.. فقد اشتعلت الأسعار ووصلت إلى 40 و50 ألف جنيه للفرد، وللاقتصادي 30 ألف جنيه.. وظهر الوسطاء أو السماسرة مرة أخرى، وأصبحوا يحققون مكاسب أكثر من شركات السياحة المحترمة، واستأثر عدد قليل من الشركات لا يتعدي 30 أو 40 شركة بأعداد المعتمرين، وكثير من الشركات التي تعمل في العمرة - ويصل عددها إلى نحو 1800 شركة - توقفت عن تنظيم العمرة.

إن ذلك كان بمثابة ضربة في مقتل لشركات السياحة الوطنية المحترمة التي تعمل بأمانة وشرف، وتسدد حقوق الدولة من ضرائب وتأمينات وإيجارات ورسوم وخلافة وتوظف الآلاف من العاملين.. وذلك لان الفوضى عمت السوق وكل يجري - خاصة الوسطاء - لخطف الجوازات.. 

لكن الأدهى والأمر هو ما حدث في سوق العملة أو الريالات السعودية؛ لأن فتح الأعداد كان بمثابة القشة التي قسمت ظهر البعير في بدء نزيف تحويلات الريالات للفنادق بالسعودية وشركات الطيران الرسمية والخاصة؛ لدرجة أن الأرقام تقول إن أكثر من 150 ألف معتمر مصري سافروا إلى السعودية في أقل من شهرين، وإن جملة ما تم تحويله من الريالات إلى السعودية بتقدير الخبراء بحساب تكلفة البرنامج والتأشيرات والطيران والفنادق تعدى الـ500 مليون ريال سعودي، بخلاف ما تصرفه البنوك لكل معتمر (1000 ريال)، وبخلاف ما يحصل علية المعتمر بطرق مختلفة أو حتى من أقاربه في السعودية، وتلك مصيبة كبري، إن ذلك نزيف لابد من التوقف عنده؛ خصوصًا في الظروف التي تمر بها مصر حاليًا.

إن هذه الفوضى التي تواكبت مع فتح السعودية - وهذا حقها - أمام المصريين للحصول على أنواع مختلفة من التأشيرات ساهم في ضياع أموال ورسوم ضخمة بالملايين على الدولة كانت ستدفعها شركات السياحة مباشرة للدولة، وساهم أيضًا في زيادة نزيف العملة الصعبة للخارج.

نحن أمام مليارات الجنيهات تنفق على العمرة في شهرين فقط.. فما بالنا لو استمرت هذه الفوضى وعدم التنظيم وعدم تحديد سقف أعداد لكل شركة (40 معتمرًا)؛ خاصة في الشهور الثلاثة المقبلة حتى عمرة رمضان، وبالتالي نحن مهددون بمليارات جديدة تخرج من مصر، نحن أحوج ما يكون إليها إذا زادت الأعداد؛ وخاصة في رمضان بما لا يتناسب مع طاقة الطيران، وما يمكن أن يسببه ذلك من تكدس المطارات، نحن في غنى عنه.

لا نطالب بوقف العمرة، ولا نستطيع أن نمنع مواطنًا من السفر لأداء العمرة.. لكن في مثل حالة مصر الحالية وظروفها الاقتصادية نحن نطالب بمواجهة الفوضى وتنظيم العمرة، ووقف نزيف العملات الصعبة للخارج.. كل ذلك لدعم الاقتصاد القومي، ومنع التهرب من الضرائب، وإتاحة الفرصة للشركات المحترمة بالعمل في سوق منظمة.. 

في النهاية إن كان لي من رأي متواضع فهو "ارجعوا لتحديد سقف لأعداد المعتمرين لكل شركة".. ويبقى التساؤل مطروحًا.. من أشعل أسعار العمرة؟ من أفسد النظام الذي توافق عليه الجميع؟ من ضرب شركات السياحة في مقتل لتعمل في ظل هذه الفوضى؟ من أضاع على الدولة الملايين؟ من.. ومن.. ومن.. وأسئلة كثيرة.

بالطبع الإجابات يستطيع الدكتور مصطفى مدبولي رئيس مجلس الوزراء التوصل إليها.. وكان الله في عونه..

كلمات البحث
اقرأ أيضًا:
مصطفى النجار يكتب: عين على متاحف مصر من عين الصيرة

ماذا يحدث في مصر؟ وما هذا المستقبل المشرق الذي يقودنا إليه الرئيس عبدالفتاح السيسي؟ وماذا يحدث في متاحف مصر والمناطق المحيطة بها على وجه التحديد؟

مصطفى النجار يكتب: سؤال مؤلم لغرفة شركات السياحة

عجيب ما يحدث في غرفة شركات السياحة هذه الأيام بمناسبة الإعلان عن بدأ موسم العمرة.. فمن المفروض أن الغرفة مسئولة عن تنظيم عمل شركات السياحة والدفاع عن مصالح هذه الشركات

مصطفى النجار يكتب: السياحة تسويق جديد وتجربة مثيرة!

فى زيارة سريعة إلى مدينة الغردقة مع نخبة من الكتاب والصحفيين، كنا في صحبة الوزير النشيط الكفء الدكتور خالد العناني وزير السياحة والآثار لحضور احتفال مصر

مصطفى النجار يكتب: المطورون العقاريون.. نظرة يا د.مدبولي!

بداية أقول إن القضية التي أناقشها اليوم ليست قضية بضعة آلاف من البشر وفقط.. بل هي قضية مجتمع ننشد له التقدم والتطور ووضع أسس ونظم حاكمة لحياة المواطن المصري أيًا كان مستواه الاجتماعي أو الاقتصادي.

مصطفى النجار يكتب: مأساة ميريديان القاهرة .. وشيراتون الغردقة!

للأسف هذه القضية أكتب فيها منذ ما يقرب من عشرين عامًا, وحتي هذه اللحظة التي نقرأ فيها هذا المقال لا أجد أملًا أو ما يشير إلى انفراجة للتغلب على هذه الأزمة, أو قل المأساة.. لأنها بالفعل مأساة.

السيسي .. عصر جديد للسياحة والآثار

ما يقدمه الرئيس عبدالفتاح السيسي للسياحة والآثار والثقافة بشكل عام.. يجب ان نتوقف عنده طويلا.. لأننا بالفعل ندخل معه عصرًا جديدًا من الشعور بالفخر بتاريخ وحضارة مصر.

مصر الجديدة التي في الساحل

هذه قضية كتبت عنها سلسلة من المقالات في العشرين سنة الأخيرة، وتقريبا كنت أكتب عنها سنويًا بشكل متكرر خاصة في شهور الصيف عندما يأتي موعد الإجازة الصيفية