ألقاب وشهادات علمية يتم منحها من بعض الكيانات الوهمية غير المرخصة مقابل الاستيلاء على أموالهم، وبسببها تبخرت أحلام شباب كانت تعانق عنان السماء، وحولت تلك الكيانات طالبا في مقتبل العمر إلى فريسة وضحية لكيانات هدفها جمع الأموال مقابل بيع الوهم.
موضوعات مقترحة
وتواصل لجنة الضبطية القضائية التابعة لوزارة التعليم العالي، عملها لرصد ومتابعة الكيانات والمؤسسات، التي يتم رصد إعلانها أو شكاوى بشأنها والتأكد من قانونية إجراءاتها وتراخيصها، لمجابهة انتشار تلك الكيانات والحد منها، وجرى ضبط وإحالة أوراق عدد من الكيانات الوهمية غير المرخصة للنيابة العامة تجاوز عددها الـ320 كيانا حتى الآن خلال هذا العام الدراسي.
وواجه قانون العقوبات، عصابات الكيانات التعليمية الوهمية، بفرض عقوبات رادعة؛ حيث نص القانون على أن يعاقب بالسجن المشدد أو السجن كل من قلد أو زوّر شيئا من الأشياء الآتية سواء بنفسه أو بواسطة غيره، وكذلك كل من استعمل هذه الأشياء أو أدخلها في البلاد المصرية مع علمه بتقليدها أو تزويرها.
هذه الأشياء هي، أمر جمهوري، أو قانون، أو مرسوم، أو قرار صادر من الحكومة، وخاتم الدولة، أو إمضاء رئيس الجمهورية، أو ختمه، وأختام ودمغات أو علامات إحدى المصالح، أو إحدى جهات الحكومة، وختم أو إمضاء أو علامة أحد موظفي الحكومة، وأوراق مرتبات أو بونات أو سراكي أو سندات أخرى صادرة من خزينة الحكومة أو فروعها، ودمغات الذهب أو الفضة.
ونص القانون على أن يعاقب بالسجن مدة لا تزيد على خمس سنوات على الجرائم الواردة في المادة السابقة، إذا كان محلها أختاما أو دمغات أو علامات لإحدى الشركات المساهمة أو إحدى الجمعيات التعاونية أو النقابات المنشأة، طبقا للأوضاع المقررة قانونا أو إحدى المؤسسات أو الجمعيات المعتبرة قانونا ذات نفع عام.
وتكون العقوبة، السجن مدة لا تزيد على سبع سنوات إذا كانت الأختام أو الدمغات أو العلامات التي وقعت بشأنها إحدى الجرائم المبينة في الفترة السابقة خاصة بمؤسسة أو شركة أو جمعية أو منظمة أو منشأة إذا كانت الدولة أو إحدى الهيئات العامة تساهم في مالها بنصيب ما بأي صفة كانت.
ويعاقب بالحبس كل من استحصل بغير حق على أختام أو دمغات أو علامات حقيقية لإحدى المصالح الحكومية أو إحدى جهات الإدارة العمومية أو إحدى الهيئات المبينة في المادة السابقة واستعملها استعمالا ضارا بمصلحة عامة أو خاصة.
كما يعاقب بالحبس كل من قلد ختما أو دمغة أو علامة لإحدى الجهات أيا كانت أو الشركات المأذونة من قبل الحكومة أو أحد البيوت التجارية، وكذلك من استعمل شيئا من الأشياء المذكورة مع علمه بتقليدها.
وكل من استحصل بغير حق على الأختام أو الدمغات أو النياشين الحقيقية المعدة لأحد الأنواع السالف ذكرها واستعملها استعمالا مضرا بأي مصلحة عمومية أو شركة تجارية أو أي إدارة من إدارات الأهالي يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على سنتين.
والأشخاص المرتكبون لجنايات التزوير المذكورة بالمواد السابقة يعفون من العقوبة، في حال أنهم أخبروا الحكومة بهذه الجنايات قبل تمامها، وقبل الشروع في البحث عنهم وعرفوها بفاعليها الآخرين أو سهلوا القبض عليهم ولو بعد الشروع في البحث المذكور.
ما هي أسباب انتشار المراكز الوهمية؟
وفي هذا الإطار، يقول الدكتور وائل كامل، الخبير التربوي، وعضو هيئة التدريس بجامعة حلوان، أن السبب وراء انتشار المراكز الوهمية، هو تقصير من وزارة التعليم العالي، التي لم تُولي أي اهتمام لتعليم الكبار أو لمن يرغب بتغيير مسار تخصصه بعد التخرج بسنوات، فالكثيرين ممن يرتادوا تلك المراكز الوهمية هم في الأساس لم يجدوا بديل حكومي يقدم لهم تلك الخدمة بأسعار معقولة كبرنامج مكثف يمنح لهم شهادة معتمدة وغير مرتبط الالتحاق به بمجموع شهادة الثانوية العامة وبدراسة مسائية، أو عن بُعد تراعي مواعيد العمل الرسمية لهؤلاء.
" ومثال ذلك تلك الدورات المكثفة الموجودة في العديد من دول العالم إلا مصر، لافتًا إلى من يرغب بتغيير مسار تخصصه أو يرغب بثقل معلوماته في تخصصه لن يستطيع ولن يجد إلا مسار الدراسات العليا، التي تتعارض مواعيد محاضراتها مع مواعيد أي عمل خاص بالفرد بخلاف المصروفات المرتفعة التي وصلت إليها الدراسات العليا بجامعاتنا الحكومية والتي قد تصل لأكثر من خمسة آلاف جنيه عن العام الواحد".
كيف تتم السيطرة على المراكز الوهمية؟
وتابع، أن السيطرة على المراكز الوهمية يجب ألا تكون وزارة التعليم العالي فقط هي من تمتلك الضبطية القضائية لتصبح مسئولية مكافحتها هي مسئولية مشتركة ما بينها وبين الأحياء بالمحافظات وبين مصلحة الضرائب.
كما أن الأحياء لها سلطة إصدار التراخيص، وكل مركز يتم افتتاحه يصدر له ترخيص من الحي، فضلا عن أن الضرائب لها سلطة غلق النشاط لو خالف.
لماذا يتم توثيق تلك النوعية من الشهادات من قبل وزارة الخارجية؟
وأشار إلى، أن الأكثر أهمية أن هناك إعلانات لبعض المراكز الوهمية تستغل جملة موثقة من وزارة الخارجية كنوع من الترويج لشهاداتها الغير معتمدة، متسائلا: لماذا يتم توثيق تلك النوعية من الشهادات من قبل وزارة الخارجية؟
واستكمل، والغريب أن هناك ترويجًا لدبلومات تمنح من مراكز خاصة وهمية تدعي بأنها بالتعاون مع كليات جامعات حكومية.
هل تلجأ بعض الكليات نظرًا لضعف موازناتها لعقد تعاون مع مراكز وهمية
وتساءل الدكتور وائل كامل هل تلجأ بعض الكليات نظرًا لضعف موازناتها لعقد تعاون مع مراكز وهمية أم تلك المراكز تستغل أسماء كيانات حكومية للترويج لشهاداتها؟
طالب كامل، أن كل ما سبق يجب التصدي له وبحث أساس المشكلة ، مع وضع حلول للعلاج وتوفير بدائل، لأن البتر ليس حلا ، فاليوم تم غلق مركز غدًا سيفتح آخر.
كيانات وهمية
ومن جانبه، يوضح الدكتور محمود كبيش، أستاذ القانون الجنائي بجامعة القاهرة، إن المسئولية القانونية تقع على هذه الجهات، التي تمنح هذه الشهادات وهي تقترب من الاحتيال والنصب كل هذا بمقابل مادي، فضلا عن أن هذه الكيانات تمارس هذا النشاط بدون ترخيص ويندرج ذلك تحت مسمى النصب والاحتيال.
ما هو الوصف القانوني لحاملي هذه الشهادات الوهمية؟
ولفت كبيش، إلى الأشخاص الذين يحصلون على هذه الشهادات والتعامل بها، هم منتحلو صفة، بالإضافة إلى استخدام محررات مزورة، فسعي هؤلاء الأشخاص وراء الحصول على هذه الشهادات هي مسألة اجتماعية والتمسح بصفات معينة من أجل تحقيق رغبات شخصية، وأن ذلك يدل على خلل بالشخصية، هذا الأمر يفرض علينا البحث النفسي والاجتماعي على هؤلاء الذين يلهثون للحصول على هذه الشهادات الوهمية لمجرد الحصول على اللقب، وهناك بعض المركز المتواجدة في الدول الأجنبية، ولكنها لا تمنح هذه الألقاب والشهادات إلا للعرب.
على من تقع المسئولية؟
ولفت، كبيش، إلى أن هناك الأخطر من ذلك، وهو لجوء الساعين إلى الاتصاف بصفات غير علمية يلجئون إلى التسجيل للدكتوراه في بعض الجامعات المعترف بها ويبحثون عن مكاتب متخصصة في كتابة رسائل الماجستير والدكتوراه، ذاكرًا أن المسئولية هنا تقع على المشرف على الرسالة، مؤكدًا أن هذه المشكلة متواجدة في معظم الدول العربية.
كيف يمكن التصدي لظاهرة الشهادات الوهمية؟
ويرى أستاذ القانون الجنائي، بوجوب مواجهة هذه الظاهرة بغلق هذه الأماكن، ولا يقبل أي من يتصف بصفة غير حقيقة ويدعي الحصول على شهادة علمية، وبالنسبة للجامعات المعترف بها يجب على مشرف على الرسالة علمية ومنحها للباحث إلا إذا تيقن أنه قام بعملية البحث العلمي.
الدكتور محمود كبيش
المادة ١٥٥ من قانون العقوبات
وفي السياق ذاته، يضيف الدكتور أحمد القرماني، الخبير القانوني، وعضو الجمعية المصرية للاقتصاد التشريع والإحصاء، يشهد الوضع القضائي وجود كيانات تكون جمعيات أهلية ربما تكون مشهرة أو غير مشهر تمنح أيضا تلك الشهادات.
وقد تصدي القانون في هذه الحالة من انتحال الصفة العقوبة بالحبس؛ حيث تُجرم المادة ١٥٥ من قانون العقوبات " كل من تداخل في وظيفة من الوظائف العمومية ملكية كانت أو عسكرية غير أن تكون له صفة رسمية من الحكومة أو إذن منها بذلك أو أجري عملا من مقتضيات إحدى هذه الوظائف يعاقب بالحبس" .
أشار الخبير القانوني، هنا يفلت الجاني من الجريمة أنه قام بانتحال صفة دكتور بإحدى الجامعات إن كانت أجنبية، كذلك إن انتحل وظيفة دولية شريطة عدم السعي للحصول علي أموال أو منافع من الغير، لكن كل شخص ينتحل صفة أيا كانت للحصول علي مال من أي شخص نتيجة الاعتقاد بهذه الصفة الكاذبة تكون جريمة النصب وعقوبتها الحبس ومراقبة البوليس مدة سنة أو سنتين.
استغلال النفوذ الوهمي للحصول علي منافع غير مستحقة
وأوضح القرماني، أن الكيان الوهمي أو غير المرخص له منح الدرجات العلمية المسئول عنه قد يواجه التزوير والغلق، فضلا عن العقوبات المالية من غرامات ومصادرة وتتولد عن هذه الجريمة جريمة غسل الأموال أيضا المحصلة نتيجة منح هذه الشهادات بدون وجه حق، مضيفًا أيضا يتولد عن هذا السلوك جريمة استغلال النفوذ الوهمي للحصول علي منافع غير مستحقة من مؤسسات الدولة كأن يدعي شخص عادي نتيجة هذه الشهادة أنه موظف أو أستاذ جامعي في جامعة ما، ويتدخل نتيجة هذا الزعم لتعديل نتيجة طالب فهنا تكون العقوبة الحبس.
طالب القرماني المشرع بالتدخل لتشديد العقاب علي هذه الكيانات باعتبار هذا الفعل جناية وكذلك تشديد العقاب علي مستعمل هذه الشهادة بالجناية ولا فرق بين شهادة أجنبية أو صادرة من مصر.
الدكتور أحمد القرماني