28-11-2022 | 16:55

(أنا البحر في أحشائه الدر كامن.. فهل سألــوا الـغـواص عـن صدفاتي) "حافظ إبراهيم".

الشعر ديوان الأدب والشعر إحساس ومشاعر ونبل، وتحليق بالخيال في عالم الجمال والمتعة اللغوية، وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه وأرضاه عن الشعر: "الشعر جَزل من كلام العرب، يُسكَّن به الغَيظ، وتُطفأ به الثائرة، ويتبلَّغ به القومُ في ناديهم، وُيعطى به السائل". وقال ابنِ عبّاس رضي الله عنه وأرضاه: "الشعر عِلْم العرب وديوانها فتعلَّموه، وعليكم بشعر الحِجاز".
 
احتفى جوجل اليوم الإثنين 28 نوفمبر 2022 بالشاعرة الإمارتية عوشة السويدي التي أطلق عليها الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم لقب «فتاة العرب» فماذا نعرف عن تلك الشاعرة العربية الأصيلة، التي برعت في أحد أنواع الشعر العربي والذي يسمى الشعر النبطي.
 
والشعر النبطي يطلق عليه أيضًا "القصيد" وهو الشعر العربي المنظوم بلهجات شبه الجزيرة العربية، ومنها المملكة العربية السعودية وباقي دول الخليج العربي، بالإضافة إلى اليمن والأردن وبادية العراق، وينتشر بين أهل البادية في فلسطين وسوريا، والسودان ودول المغرب العربي بما فيها موريتانيا.
 
والشعر النبطي تراعى فيه الأنماط التقليدية للشعر العربي؛ من حيث الشكل العمودي والالتزام بوحدة القافية في كل القصيدة، كما يستخدم الأوزان العروضية للشعر الفصيح.
 
وقد أبدعت "فتاة العرب" عوشة السويدي في كتابة الشعر منذ نعومة أظفارها في عمر 12 عامًا، ونظمت 100 قصيدة موزونة في وقت وجيز بلغ نحو الشهر، وكان مجلس والدها من حلقات شعر وأدب هو النبع الصافي الذي نهلت منه شعرها وموهبتها.
 
وتأثَّرت عوشة السويدي بالمتنبي والماجدي بن ظاهر، كما قامت العديد من الصحف والمجلات بنشر قصائدها، كما أن لها دواوين مسموعة، واشتهرت بديوان "فتاة العرب" عام 1990، مما أغرى كثيرًا من المطربين الإماراتيين والعرب بغناء قصائدها، وحصلت فتاة العرب على جائزة أبوظبي في دورتها الخامسة عام 2009 تقديرًا لأبداعاتها الأدبية.
 
وفي مثل هذا اليوم من عام 2011، أنشأ المجتمع الشعري جائزة سنوية للشاعرات الإماراتيات باسم "عوشة السويدي"، وكرمها متحف المرأة في مدينة دبي.
 
ومن أقوالها: «أنا لا أؤمن بما يسمى بالشعر الحديث، الشعر في نظري هو الموزون المقفى، قوي الكلمات، سليم العبارة، واضح المعنى، فلقد درج المحدثون على عدم استخدام الكلمات الرصينة في اللغة العربية، واستخدموا ألفاظًا غريبة، مثل - الرموش - بدلًا من - الأهداب - وغير ذلك من ألفاظ صعبة ومتشابكة، وغير واضحة بحجة الاتكاء على الرموز أو الدلالات».
 
كتبت "فتاة العرب" في جميع أغراض الشعر والمساجلات الشعرية والمديح، وحب الوطن، وتسجيل حياة البادية والصحراء والبحر، وقد مَنَّ الله عليها بفصاحة اللسان وبلاغة الكَلِم، وكان يتميز شعرها بطعم الأصالة والوعي بالحاضر، وكانت بحق نموذجًا مدهشًا لابنة الإمارات، وتردد شعرها من المحيط إلى الخليج، وكانت خير ممثل للمرأة الإماراتية.

ومن أشهر قصائدها قصيدة «الغفران» وجمع كتاب «عوشة بنت خليفة السويدي.. الأعمال الشعرية الكاملة والسيرة الذاتية»، وثقته وجمعته وألفته الدكتورة رفيعة عبيد غباش، وصدر في طبعتين.
 
وتروي غباش في كتاب إلكتروني على لسان «فتاة العرب» أن من أسباب كتابتها قصيدتها «الغفران» أنها حلمت في طفولتها أن القمر نزل على وجهها، وأنها ابتلعته وملأ داخلها، أخبرت والدها بهذا الحلم، والذي سأل الشيخ علي بن ابطحان، فقال الشيخ: إن الله سيهب عوشة علمًا يضيء كالقمر.
 
وتقول عوشة بنت خليفة في قصيدة الغفران:
ربي يا واسع الغفران
انزع الغل من قلبي
لا تزغنا عن الإيمان
واهدنا أحسن الدربي
نظرة يا عظيم الشّان
منك يا كاشف الكربي
من بالعفو يا منان
وانت يا خالقي حسبي
 
وقررت «فتاة العرب» بعد تلك القصيدة ألا تكتب إلا القصائد الدينية، ولها قصائد في الإسلاميات، ومنها قصائد خصصت لمدح الرسول محمد "صلى الله عليه وسلم"، ومن أجمل أشعارها قصيدة «أيقودني الهوى»، والتي تقول فيها:
وأنا العبرات في عيني تجولي
إلى طرت على بالي طرايا
وصلى الله على طه الرسولي
محمد شافعي خير البرايا
 
وأصبحت عوشة بنت خليفة السويدي أيقونة الكلمة والفكر ورمزًا إماراتيًا مشرفًا وقدوة لنساء الوطن العربي لما حوته قصائدها من معانٍ عظيمة مستوحاة من صحراء الأرض المباركة، ونالت الشاعرة عوشة بنت خليفة السويدي جائزة أبوظبي في دورتها الخامسة عام 2009 تقديرًا لجهودها وعطائها الشعري.
 
وفي يوليو 2018 توفيت "فتاة العرب" في مدينة دبي عن عمر يناهز 98 عامًا، وتركت لنا إرثًا شعريًا عظيمًا يخلد ذكراها.

كلمات البحث
اقرأ أيضًا: