Close ad

نتائج قمة المناخ بين الآمال والواقع والمستقبل

22-11-2022 | 16:38

مشكلات تغير المناخ تتصاعد بشكل خطير يهدد حياة البشرية، وبدأت تظهر بوضوح في مناطق مختلفة من العالم؛ ولذلك تصاعدت الآمال والطموحات في تحرك عالمي سريع لمواجهة هذه المشكلات بجدية ووضع حلول حاسمة وجذرية؛ لأنه ليس هناك أهمية أكثر من حق الحياة للبشرية الذي أصبح مهددًا بسبب التغير المناخي.
 
ومن هنا كانت الآمال كبيرة في المؤتمر الأخير، ولكن الواقع الذي في ظله انعقد المؤتمر كان صعبًا في ظروف عالمية خطيرة تشهد تغيرات كبرى على مستوى العالم؛ حيث تعاني الحضارة الغربية بوجه عام من مشكلات مجتمعية وهيكلية خطيرة ظهرت مع اندلاع حرب روسيا وأوكرانيا التي أظهرت تراجع أمريكا وأوروبا كثيرًا على كافة المستويات الاقتصادية والسياسية والعالمية؛ مما يؤكد بداية ملامح نظام عالمي جديد يقوم على تعدد القوى.
 
وبالتالي فهذه النظم تعاني من أزمات هيكلية خطيرة مع تراجع اقتصادي وارتفاع الأسعار وموجات التضخم الكبيرة في أمريكا وأوروبا تحديدًا، وهم من أكبر الدول الملوثة مع الصين وروسيا والهند، بجانب تبعات الانتخابات الداخلية في بعض الدول، كل هذه المشكلات انعكست على موقف هذه الدول ونتائج المؤتمر، خاصة أن نوعية هذه المؤتمرات تعتمد على التوافق في الوصول للنتائج، وليست بالأغلبية وليس هناك ما يجبر هذه الدول على تحمل مسئوليتها، وخاصة أن كثيرًا من هذه النظم معرض للسقوط في الانتخابات المقبلة، وكل منها يسعى لحل بعض مشكلاته الداخلية مثل ارتفاع التضخم والبطالة وغيرها من مشكلات داخلية، وتمثل لهم أولوية حتى ولو كان ذلك على حساب البشرية، فضلا عن الصراع بين الكبار على التصدير مثل أمريكا والصين وروسيا وغيرها.
 
وفي ضوء ما سبق كانت نتائج المؤتمر والتي يمكن تلخيصها في بعدين الأول نجاح المؤتمر في الحصول على موافقة الجميع على إنشاء صندوق الخسائر والأضرار لتعويض الدول المتضررة من تغير المناخ، والموافقة على برنامج التكيف، وهذا ما طالبت به الدول النامية منذ عدة سنوات، وهذه خطوة للأمام بالرغم من أن الاتفاق لم يحدد تفاصيل عن هذا الصندوق على أن يتم تحديد التفاصيل في مؤتمر الإمارات العام المقبل.
 
والبعد الثاني لخصه أنطونيو جوتيريش أمين عام الأمم المتحدة في قوله لم ينجح المؤتمر في وضع خطة ملزمة لخفض الانبعاثات الملوثة بشكل جذري، وقد يرجع هذا لأزمة الطاقة التي تعيشها أوروبا بعد الحرب الروسية - الأوكرانية، وهذا ليس مبررًا لتخلي هذه الدول عن مسئوليتها تجاه العالم، ولكنه الواقع الذي يعيشه النظام العالمي الحالي الذي فشل في مواجهة أزمة المناخ.
 
وبالنسبة لمصر فقد حققت عدة نجاحات في هذا المؤتمر بداية من التنظيم الجيد ووصول وفود كبرى لنحو مائتي دولة، فكانت فرصة كبرى للدعاية السياحية لمصر، كما استفادت مصر من خلال الحصول على عدة اتفاقيات مع عدة دول للاستثمار والتمويل في مشروعات الطاقة الخضراء والبيئة.
 
وبعد ذلك يبقى الأمل في المستقبل، وفي نظام عالمي جديد يسعى بجدية لإنقاذ البشرية من خلال تكتل عالمي جديد، وعلى جميع الدول النامية والمتضررة من مشكلة المناخ التحالف والتكتل على أسس العدالة البيئية، والعمل على عدة محاور متكاملة تبدأ بتطبيق مبدأ الملوث هو الذي يدفع الثمن على جميع دول العالم من خلال البصمة الكربونية، وتكون حصيلة ذلك في صندوق الخسائر والأضرار ثم تطبيقه أيضًا داخليًا في جميع دول العالم.
 
وبعد ذلك يجب أن تنقل جميع الدول التكنولوجيا الصديقة للبيئة بدون مكاسب أو ضرائب؛ لأنها مصلحة مشتركة للجميع، ثم النظر في إعفاء الدول النامية، خاصة المتضررة من تغير المناخ من قروضها أو جزء منها مقابل استثمارها داخليًا في المشروعات البيئية، ثم لمنظمة التجارة العالمية ودورها المهم في هذا المجال من خلال فرض ضرائب ضخمة كل منتج ملوث، وإعفاء تام من الضرائب لكل المنتجات الخضراء صديقة البيئة.
 
وكل ما سبق لا يمكن تحقيقه إلا من خلال دور أكبر للمجتمع في جميع أنحاء العالم فالحركات الشعبية وجمعيات المجتمع المدني الصديقة للبيئة هي القادرة على إلزام جميع الحكومات، خاصة في الدول الكبرى على حماية كوكب الأرض؛ مما يستلزم مزيدًا من الجهود في نشر الوعي والثقافة البيئة على أوسع نطاق بداية من مرحلة الطفولة إلى جميع المراحل، فهذه قضية مصير للبشرية جمعاء، والأمل كله معلق بيد المجتمع؛ لأنه القادر على اختيار من يمثله ومن يحمي كوكب الأرض.. والله ولي التوفيق.

كلمات البحث
اقرأ أيضًا: