انتهت فعاليات، كوب 27، بمفردات ستسهم في تحسين أوضاع المناخ، ولكن أثرالتغيرات المناخية لن يتوقف إلا من خلال تكاتف الدول، وإلا زادت الآثار حدة.
موضوعات مقترحة
يقول خبراء إنه في حالة استمرار تداعيات المناخ دون تفعيل لمخرجات قمة شرم الشيخ، وأهمها تفعيل صندوق الخسائر والأضرار، سيكون العالم عرضة للأمراض العضوية والنفسية.
وبفعل التغيرات المناخية ظهر ما يسمى بالمرض النفسي البيئي، ويصاب به الأشخاص المسئولون عن مواجهة تغيرات المناخ نتيجة كثافة متابعتهم لما يحدث في الأرصاد ومتابعة سير الأحداث.
التغيرات المناخية تسبب في المرض النفسي البيئي
يتسلل المرض النفسي البيئي إلى المواطن العادي، الذي أصبح يتابع التغيرات المناخية حول العالم من خلال الإنترنت والقنوات الفضائية وسيل المعلومات التي تصب عليه من كل الاتجاهات والوسائل المختلفة، فهذا القلق البيئي خلق مزيجًا من المشاعر المربكة مثل الاكتئاب واليأس والحزن والشعور بالغضب والإحباط بل والعار في بعض الأحيان، لأنه غير قادر على المشاركة في التغير المناخي فتحدث له مشاعر مركبه من الخوف المزمن والهلع.
ووصل الأمر للخوف من إنجاب أطفال ففي أوروبا وأمريكا أصبح لديهم خوف من الإنجاب، حتى لا يواجه أطفالهم التغيرات المناخية القاسية وتجنب إصابتهم بحرائق الغابات، ونتيجة كثرة القلق البيئي عند الشعوب وجدنا أن 70% من الشعب البريطاني يطالبون باتخاذ إجراءات عاجلة للتصدي للتحديات البيئية.
ويرتبط الإنسان بأربعة تقسيمات مناخية وهي الماء والهواء والتراب والنار، وكل نمط شخصية للإنسان ينتمي لأحد التقسيمات الأربعة، مثلما يتردد أن شخص ما هوائي وآخر مائي وهكذا، وكان كل شخص له مجموعة من الصفات النفسية المعينة، وهذا مؤشر بأن الإنسان يرتبط بالبيئة وبالمناخ ارتباط وثيق منذ بداية دراسة الإنسان والعلوم النفسية.
وبذلك التغيرات المفاجئة والشديدة في المناخ بصفه عامة على المناخ في الكرة الأرضية، كل ذلك أصبح له عظيم الأثر على الحالة النفسية التي أصبحت شديدة التغير نتيجة التغير المفاجئ والضاري للمناخ، وهذه الحالة استدعت عمل فرع جديد ومستجد من فروع علم النفس وهو علم النفس المناخي.
أثر تغير الأجواء المناخية على الصحة النفسية
بداية يقول الدكتور محمد نور الدين السبعاوى أستاذ الجغرافيا الطبية بكلية الآداب جامعة المنيا وعميد كلية الآداب جامعة المنيا الأسبق، يؤثر المناخ على صحة الإنسان تأثيرا بالغا، وقد ظهر هذا الاتجاه باكرا منذ كتابات أبوقراط أبو الطب، وعلى مدار التاريخ الإنساني كان لتأثير الطقس والمناخ أثر بالغ في الصحة والمرض، وكثيرا ما نصح الأطباء والمعالجين المرضى بتغير الأجواء وحسن التهوية والبعد عن التفاوت والتراوح الشديد في درجات الحرارة للحصول على صحة جيدة.
الدكتور محمد السبعاوي
أثر التغيرات المناخية على الصحة العقلية
وفي السياق نفسه، يتابع أستاذ الجغرافيا الطبية، أنه لا يقتصر تأثير التغيرات المناخية على الصحة البدنية للفرد فحسب، إذ إن لتطرف الطقس عواقب على الصحة العقلية أيضا، وقد أكدت الدراسات وجود علاقة واضحة بين ارتفاع درجات الحرارة وزيادة معدلات الانتحار عالميا.
"وترتبط المشاعر السلبية بتغير المناخ بالأرق والصحة العقلية، وتحدث حالات من القلق البيئي لدى الشباب، وتشير التقديرات إلى أنه بحلول عام 2050 سيكون هناك نحو 22000 حالة انتحار إضافية بالولايات المتحدة والمكسيك، جراء ارتفاع درجات الحرارة.
وأظهرت نتائج أبحاث أجريت في هذا المجال أن 1 من كل 3 أشخاص تأثروا بإعصار كاترينا في عام 2005 وكان ظهور أعراض اضطراب ما بعد الصدمة، ليس فقط في أعقاب الكارثة مباشرة لكن حتى بعد 4 أعوام و12 عاما بعده.
ظهور ضائقة عقلية نتيجة الظواهر الجوية الشديدة
ويؤكد الدكتور محمد نور الدين السبعاوى، أن هناك أدلة على وجود ضائقة عقلية شديدة في أعقاب الظواهر الجوية الشديدة، كما ارتبطت حرائق الغابات الشديدة التي حدثت في أستراليا أيضا في الآونة الأخيرة بزيادة أعراض القلق والاكتئاب.
"ومن المتوقع أن تكون تأثيرات تغير المناخ أكثر حدة في البلدان النامية والمجتمعات المهمشة بصورة أكبر منها في المجتمعات الأكثر ثراء، ما يجعل التعافي من الكوارث أكثر صعوبة، وقد وجدت دراسة أجريت عام 2021 تشير إلى أن أزمة المناخ تسبب ضغوطًا نفسية واسعة النطاق بين الأفراد الذين تتراوح أعمارهم بين 16 و25 عاما.
وأفاد بأن نحو 59٪ من المشاركين البالغ عددهم 10.000 أنهم شعروا بقلق شديد بشأن تغير المناخ، بينما أكد 45٪ منهم على إن القلق المناخي يؤثر على وظيفتهم اليومية.
الطبيعة البشرية ترتبط بالماء والهواء والتراب والنار
من جانبه، يشير الدكتور وليد هندي استشاري الصحة النفسية، إلى أنه قديما كان يوجد تقسيم رباعي للشخصية في إرهاصات علم النفس الحديث ودراسة الشخصية، الذي أكد انه يوجد أربعة تقسيمات متعلقة بالمناخ الماء والهواء والتراب والنار، وكل نمط شخصية للإنسان ينتمي لأحد التقسيمات الأربع، مثلما يتردد أن شخص ما هوائي وآخر مائي وهكذا، وكان كل شخص له مجموعة من الصفات النفسية المعينة، وهذا مؤشر بأن الإنسان يرتبط بالبيئة وبالمناخ ارتباط وثيق منذ بداية دراسة الإنسان والعلوم النفسية.
الدكتوروليد هندي
"ووجدنا أنه توجد أمراض نفسية تنتاب الإنسان في الصيف، وأمراض أخرى تنتاب الإنسان في الشتاء وحتى نوعية الجرائم التي ترتكب منها يرتكب في الصيف وجرائم أخرى ترتكب في الشتاء.
ومن الطبيعي أن الإنسان عندما يفرح هنا المخ يفرز هرمون السعادة، فيسعد ويرتاح ويعيش عمر أطول، وعندما يحزن يفرز هرمون الأدرينالين، فيزداد عنف وقلق وخوف وغضب ويعيش عمر اقصر، حيث إن الحالة النفسية للإنسان التي تتفاعل مع المناخ تختلف وتتقلب باختلاف الفصول الأربعة فنجده في الربيع في قمة السعادة وفي الخريف يصاب باكتئاب الخريف والشتاء.
علم النفس المناخي
وفي السياق نفسه، يقول الدكتور وليد هندي، إن التغيرات المفاجئة والشديدة في المناخ بصفة عامة على الكرة الأرضية، كل ذلك أصبح له عظيم الأثر على الحالة النفسية التي أصبحت شديدة التغير نتيجة التغير المفاجئ والضاري للمناخ، وهذه الحالة استدعت عمل فرع جديد ومستجد من فروع علم النفس وهو علم النفس المناخي.
"وعلم النفس المناخي هو أحد المجالات المستحدثة في العلوم النفسية، وهو يهدف لفهم العمليات النفسية التي تحدث للإنسان نتيجة تغير المناخ واستجابته لهذا التغيير، ومدى قدرته على التعامل مع فقدان التنوع البيولوجي لأنه يترتب عليه آثار كثيرة في الزرع وفي الأمراض وفي الحيوانات.
وعلم النفس المناخي دائما يهدف إلى تعزيز السبل الإبداعية للتواصل مع الجمهور، وصناعة رأي عام بشأن تغيير المناخ بمعني كيف نحقق رعاية نفسية للإنسان، ونخلق لهم قدرة على التكيف مع الآثار النفسية المدمرة لتغير المناخ.
"لأننا وجدنا أن الأشخاص يتأثرون بشدة في التغيرات المناخية العنيفة، ولكن أكثر الفئات تأثرا بتغير المناخ هي النساء أكثر من الرجال، أيضا ذوات الدخل الاقتصادي المنخفض فعند حدوث برودة شديدة ولا يوجد معه إمكانات مادية لشراء الأغطية لأنه لا يمتلك المال، والعكس في حالة الحر الشديد بتالي يتأثر بتغير المناخ أصحاب الدخل الاقتصادي المنخفض.
كذلك المسنون يتأثرون بالتغير المناخي لأن دائما المسن يشعر بالبرودة أكثر من الأشخاص العادية حتى في وقت الحر، ذوو الهمم يتأثرون بالتغيرات المناخية، خاصة عندما تحدث سيول وأعاصير وفيضانات تعيقه عن الحركة، أيضا المشردون الذي نراهم في الشوارع يتأثرون أكثر من غيرهم بالتغيرات المناخية، وكذلك المهاجرون ومتغيرو الأطوار ومتقلبو المزاج وخاصة أصحاب المزاج الحاد، تتغير معهم الحالة النفسية على مدار اليوم باختلاف التغيرات المناخية وأيضا الناس سريعة الغضب.
الغضب البيئي
يؤكد استشاري الصحة النفسية، أن تغير المناخ المفاجئ يغير المزاج العام والحالة العاطفية عند معظم سكان الكرة الأرضية؛ حيث بعض الناس تصاب بما يعرف بمصطلح الغضب البيئي والكآبة البيئية، وجميعها مشاعر تحمل ضيق وتأزم نفسي ينتاب الإنسان، وعلى الرغم من أن هذه المشاعر جعلت الإنسان يسعى لمحاولات للتكيف مع التغيرات المناخية مثل أنه يهتم بتركيب تكييف في الصيف ووجود دفايه في الشتاء، والسعي حول عمل بحوث مستحدثه حول الاحتباس الحراري إلا أن كل هذه المحاولات فشلت أن تحد من التأثيرات النفسية الشديدة.
"هذه التأثيرات النفسية تأخذ عده أشكال منها أن يصاب الفرد بالإجهاد الناجم عن ظروف الطقس القاسية، سواء حرا أو بردا أو حرائق وأعاصير وفيضانات، وبعض الأشخاص يتعطل لديها النشاط الاقتصادي والزراعة، مما تسبب في تأثر الإنتاجية وعلى العمل والإنتاج، وكذلك السياحة تتأثر مثل الدول التي يحدث بها فيضانات مما يؤثر على دخل الإنسان ، أيضا الإنسان الأشخاص التي لديها إدراك أكثر بتغير المناخ يتأثر نفسيا أكثر من غيرهم.
علاقة العدوانية والعصبية بالتغير المناخي
ويشير وليد هندي إلى أنه قد ورد في الأبحاث وجود علاقة بين العدوانية والعصبية والتغيير المناخي، حتى إنه يوجد ما يسمى بالجرائم الصيفية؛ حيث يزداد العدوان لديهم في الصيف نتيجة المناخ الحار، ووجدنا أنه يوجد في أمريكا 618 حالة وفاة سنويا في الأعوام من 1999 حتى 2010 نتيجة الحر الشديد؛ حيث إن التغير المناخي يؤدي إلى الوفاة، ويرتفع معه نسب القلق والاكتئاب؛ بل قد تدفع البعض إلى الانتحار، وظهر ذلك بعد إعصار كاترينا عام 2005 في الولايات المتحدة الامريكيه؛ حيث ارتفع معدل الانتحار 300% أعقاب إعصار كاترين.
"وكذلك ارتفعت نسبه الاكتئاب الحاد والعنف بنسبه 4%، ونتوقع أنه في امريكا يزداد حالات الانتحار إلى 40 ألف حاله سنويا على سنه 2050 نتيجة تغيرات المناخ.
التغير المناخي يسبب ضعف الذاكرة والحزن والأيكولوجي
"التغير المناخي يؤدي إلى ضعف الوظائف الإدراكية، مثل ضعف الذاكرة مع انتشار الأرق والإصابة بمرض الذهان والهوس الاكتئابي، للدرجة التي ظهر مصحوبة بمجموعة من الأمراض النفسية المستحثة المترتبة على تغيير المناخ، مثل الحزن الإيكولوجي وهو المعروف بالحزن المناخي وهو استجابة طبيعية للخسائر البيئية المترتبة على التغيرات المناخية التي تسبب الألم العاطفي والنفسي على الإنسان نتيجة افتقاده أماكن كانت له فيها ذكريات، ولكنه فقدها نتيجة التغيرات المناخية.
المرض النفسي البيئي يصيب الأشخاص المسئوله عن مواجهة التغيرات المناخية
ويتابع، هندي: بفعل التغيرات المناخية، ظهر ما يسمى بالمرض النفسي البيئي ويصاب به الأشخاص المسئولة عن مواجهة تغيرات المناخ، نتيجة كثافة متابعتهم لما يحدث في الأرصاد ومتابعة سير الأحداث ولكنه امتد من هؤلاء المسئولين إلى المواطن العادي الذي أصبح يتابع التغيرات المناخية حول العالم من خلال الإنترنت والقنوات الفضائية وسيل المعلومات التي تصب عليه من كافة الاتجاهات والوسائل المختلفة.
"فهذا القلق البيئي خلق مزيجا من المشاعر المربكة، مثل الاكتئاب واليأس والحزن والشعور بالغضب والإحباط؛ بل والعار في بعض الأحيان، لأنه غير قادر على المساعدة والمشاركة في التغير المناخي، فتحدث له مشاعر مركبة من الخوف المزمن والهلع، حتى إنه يصل للخوف من إنجاب أطفال حتى إنه في أوروبا وأمريكا أصبح لديهم خوف من الإنجاب حتى لا يواجه أطفالهم التغيرات المناخية القاسية وتجنب إصابتهم بحرائق الغابات.
ونتيجة كثرة القلق البيئي عند الشعوب وجدنا أن 70% من الشعب البريطاني يطالبون باتخاذ إجراءات عاجلة للتصدي للتحديات البيئية.
مرض الحنين للأحوال البيئية السابقة للوطن
"ويختتم استشاري الصحة النفسية، أن الأمر لا يقتصر على هذا الحد، ولكنه امتد لظهور مرض نفسي آخر اسمه النوستالجيا، وهو مصطلح ظهر لأول مرة في 2003 وهو يعني الحنين للأحوال البيئية السابقة للوطن والشعور بالضيق النفسي بشأن التحولات المناخية التي طرأت عليه مؤخرا، وهو مصطلح يعبر عن المعاناة النفسية للفقد والعزلة، ومشاعر العجز وأبديه الأماكن السابقة التي اعتاد الجلوس فيها، ولذلك بدأت كثير من الناس الذهاب إلى العيادات النفسية نتيجة القلق والإجهاد للعلاج من الآثار السلبية والنفسية للتغيرات المناخية.