لم يعد نيتانياهو فقط لحكم إسرائيل، فالحكومة المقبلة ستكون الأكثر يمينية في تاريخ إسرائيل؛ لأنها ستضم اليمينيين الكبار، الذين يؤمنون بالتفوق اليهودي والصهيوني.
والأخطر، أن بن غفير اليميني المتطرف، قاتل إسحاق رابين، الرجل الذي آمن بالسلام مع الفلسطينيين، كما أن من حرضوا على قتل رابين أصبحوا من أقوى السياسيين في إسرائيل، وأصبح الآن صاحب لقب صانع الملوك (أعاد الملك) نيتانياهو تمهيدًا ليكون الملك.
الحكومة الجديدة لا تعطي أهمية للسلام أو التفاوض مع الفلسطينيين، ولا يعني ذلك عدم اهتمامها بالسلام مع العرب، فهي تعلن أنها تستطيع استكمال السلام مع العرب، بعيدًا عن الفلسطينيين، أو أن الربط بين العلاقات العربية والإسرائيلية وقضية فلسطين، لم يعد في حسابات نيتانياهو وفريقه الحاكم الجديد لإسرائيل، نيتانياهو، رئيس الوزراء المقبل، ليس هو نفسه الذي نعرفه، فقد عاد وهو في الثانية والسبعين من عمره، أكثر قوة وثقة في سياساته، وأصبح مدركًا أنه لا أحد ينافسه في إسرائيل، بل هو سيكون قادرًا على فرض سياساته على الأمريكيين، وأن الرئيس بايدن لن يدخل معه في أي جدال أو مفاوضات.
وأن التغيرات التي طرأت على المسرح الأمريكي أو المشهد السياسي، قد حدت من قدرة الرئيس الأمريكي على فرض أي سياسة له على الحكومة الإسرائيلية المقبلة.
الفريق الحاكم في إسرائيل، يرى أنه يجب طرد الفلسطينيين من كل الأراضي الإسرائيلية، بما فيها الضفة الغربية والقدس الشرقية، بحجة أنهم يجب أن يستوطنوا في دول الجوار العربي.
إسرائيل دخلت بهذه الحكومة مرحلة جديدة، خصوصًا القضية الفلسطينية، التي لم يعد التجميد حلًا لها، بل بلغ الطموح إلغاء هذه القضية في الداخل الإسرائيلي.
الفلسطينيون سوف يعانون كثيرًا، والعرب لا يملكون أي إستراتيجية للتعامل مع حكومة بهذا التطرف.
ولأن نيتانياهو أصبح مؤمنًا بالتحالف مع أكثر الأشكال عدوانية، لم يعد حتى ليبرمان المتشدد، صاحب نظرية الاستيطان، رمزًا لهذا الفريق الجديد، لأن الفريق الجديد يسعى إلى ضم الأراضي وليس الاستيطان فقط، كذلك طرد الفلسطينيين.
في الماضي، كان نيتانياهو قادرًا على لجم هذه العناصر المنفلتة والمتطرفة جدًا، لكنه الآن هُزم أمامهم، لأنهم أعادوه ملكًا على إسرائيل، وأنقذوه من الاتهامات التي تلاحقه، كل ذلك على حساب قضية الشعب الفلسطيني الذي مازال منقسمًا، ومتصورًا أنه قادر بمقاومته الهزيلة، على مقارعة اليمين الإسرائيلي المقبل، الذي استفحل على السياسة الإسرائيلية وأخضع كل الأحزاب، وفي نفس الوقت هو أقوى في الداخل الإسرائيلي من أن يقبل أي ضغط أمريكي، بل إن السياسات الأمريكية هي التي سوف تحاول استمالة هذا اليمين المتطرف الزاحف.
كما يرى اليمين الإسرائيلي أن الفلسطينيين في حال ضعف وهزال، وأن العرب لا يملكون أي إستراتيجية للضغط على حكومة بهذا الشكل.
لأول مرة، مع اتفاقيات السلام العربي - الإسرائيلي وأوسلو، يهزم اليمين الإسرائيلي كل فرص التعايش مع الفلسطينيين، ويخطو بإسرائيل نحو المجهول، والمشهد الإسرائيلي الحالي يحتاج من العرب إلى مراجعة شاملة في حال استمراره.
قضية الشعب الفلسطيني، هي القضية العربية الأولى، لابد من إستراتيجية جديدة، وأن تتوقف كل العلاقات العربية عند كل تلك الظروف التي شجعت هذا اليمين الباغي في تطرفه، ودعوته إلى إسقاط الفلسطينيين والعرب من حساباته.