Close ad

أمراض الانقلاب المناخي.. لماذا أصبح الشتاء أكثر وحشية على صحة الإنسان؟

18-11-2022 | 19:25
أمراض الانقلاب المناخي لماذا أصبح الشتاء أكثر وحشية على صحة الإنسان؟ التغيرات المناخية تهاجم الإنسان بأمراض تنفسية ومناعية
إيمان البدري

تداعيات التغيرات المناخية، كثيرة ومتعددة، ولعل أكثرها تأثيرًا في هذه الأيام الأمراض الشتوية التي نتجت عن الانقلاب المناخي، وتؤثر بالسلب على صحة الإنسان تأثيرًا بالغًا، وعلى مدار التاريخ الإنساني كان لتأثير الطقس والمناخ أثر ولكن ليس بتلك الوحشية.

التغيرات المناخية وأمراض الشتاء 

يقول الدكتور أمجد الحداد أستاذ أمراض الحساسية والمناعة: بدأت أمراض فصل الشتاء والتقلبات الجوية وتغيرات الطقس والمناخ في الظهور؛ مع بداية الشتاء المبكر المصحوب بكم برودة هائل جدا، ما يسهم في انتشار الفيروسات التنفسية، وخاصة في هذا الشتاء سواء الإصابة بفيروسات البرد أو الإنفلونزا أو غيرها.

ويتابع: الفيروسات تنتشر مع تغيير الحرارة والمناخ؛ وتزداد انتشارًا ويكون رد فعل مناعتنا تجاهها عنيفا جدا؛ فتظهر في صورة أدوار برد  متكررة ونزلات شعبية وهذا يعود إلى أسباب تغيرات الطقس والمناخ؛ هنا يصبح الوضع أسوأ لأنه يرفع من انتشار الأمراض  التنفسية بشكل كبير.

الدكتور أمجد الحداد

تغير المناخ وظهور الأمراض المناعية

يتابع أستاذ أمراض الحساسية والمناعة، قائلا هذا بخلاف ظهور الأمراض المناعية؛ مثل الروماتويد  الذي ينشط في الشتاء مع زيادة البرودة في المناخ؛ ورد فعل مناعتنا يختلف بحسب الطقس  وعلى حسب انتشار الدور وحدته.

"أيضا بعض الفيروسات تنشط في الشتاء، خاصة مع وجود الشتاء القارس ووجود موجة صقيع شديدة؛ ما يؤثر على المناعة وانتشار الأمراض الفيروسية، خاصة الأمراض المناعية والتي يكون الإنسان مصابا بها أساسا؛ ولكن يحدث لها فترة نشاط في الشتاء؛ وهذا هو أحد تأثيرات المناخ مما يؤثر على العدوى الفيروسية خاصة التنفسية".

الكوليرا والتغيرات المناخية

وبالنسبة للمناخ على مستوى العالم يوجد انتشار لأمراض كثيرة  مثل الكوليرا وانتشارها؛ حسب ما أكده، الحداد، يرجع السبب فيه إلى التغيرات المناخية؛ والتي تسبب الفيضانات عندما تحدث ؛ وجراء هذه الفيضانات تخصص معسكرات وينتشر فيها المياه ملوثة؛ ومع وجود التجمعات وشرب المياه غير الصحية ومياه آبار كل ذلك يؤدي إلى انتشار الكوليرا.

ويقول إن التغيرات المناخية ليس شرطًا أن ترتبط بأمراض الشتاء، لكن في الحر أيضا ينتشر بعوض  معين الذي يسبب حمى الضنك عندما انتشرت في السودان.

ويشرح: كما نعلم أن أوروبا  لم يكن لديها صيف، لكنها أُصيبت هذا العام بموجة حر شديدة جدا، مما تسبب في انتشار لكثير من الأمراض الجلدية لدى الأوروبيين، وهذا الحدث يحدث  لأول مرة منذ آلاف السنين، أن يهاجمهم أوروبا المناخ الحار".

"وهذا تغير مناخي تنتشر فيه أمراض تنتشر في الصيف  في بلاد لم يكن لديها هذه الأمراض، وبتالي أن المناخ يؤثر على انتشار الأمراض  في المناطق التي تضررت من تغير المناخ وحدث فيها  أو الذي بدأ يظهر لديهم على خلاف المعتاد لديهم؛ حيث إن الأوبئة والأمراض المعدية في الصيف والحشرات تنشط في الدول التي ظهر فيها مناخ صيفي.

ويتابع "الشتاء تظهر فيه فيروسات تنفسية؛ على مستوى العالم في المناطق التي لم تكن تعاني من الشتاء من قبل أو درجات حرارة الشتاء انخفضت لديهم.

اختلاف الدفء والبرودة بفعل التغيرات المناخية

ومن جانبه، يؤكد الدكتور محمد السبعاوى أستاذ الجغرافيا الطبية، عميد كلية الآداب جامعة المنيا الأسبق، أن  بعض المناطق تتعرض لطقس بارد وشتاء بارد في بعض الأوقات، في الوقت الذي تختلف عنها غيرها تبعا لقربها أو بعدها عن الشمس؛ وتتغير كمية أشعة الشمس التي تتعرّض لها الأرض، وبالتالي يتغير دفء أو برودة مناخها، على مدار الزمن تبعا لهذه المتغيرات الثلاثة.

الدكتور محمد السبعاوي

 حيث إن أحد أسباب التغيرات المناخية الحقيقية التي تؤثر تأثيرا بالغا فيما يحدث للحياة على سطح هذا الكوكب وللإنسان، التي تحدث بسبب ثلاثة متغيرات أساسية هي السبب الرئيس في تغير مدار الأرض حول الشمس تدريجياًعلى مدى آلاف السنين وهي تغير شكل القطع الناقص الّذي يرسمه مدار الأرض حول الشمس، وتغير ميل محور الكرة الأرضية؛ حيث يبلغ حاليا حوالي 23 درجة؛ وتغير اتجاه محور دوران الكرة الأرضية.

أثر التغيرات المناخية على الأمراض الشتوية والصحة 

يضيف، السبعاوي، أن التغير المناخى  يؤثر على الصحة بطرق عديدة، منها التسبب في الوفاة والمرض نتيجة الظواهر الجوية المتطرفة التي تزداد تواترا، مثل موجات الحر الشديد والعواصف والرياح والأعاصير والفيضانات وشح الغذاء، والإصابة بالأمراض حيوانية المنشأ والأمراض المنقولة عن طريق الغذاء والماء ونواقل الأمراض كالذباب والبعوض بأنواعه، ومشاكل الصحة النفسية.

 خمس عواقب رئيسية تترتب على تغير المناخ بالنسبة للصحة

وفي السياق نفسه، يضيف الدكتور محمد السبعاوي، أن منظمة الصحة العالمية قد حددت منظمة الصحة العالمية WHO خمس عواقب رئيسية تترتب على تغيّر المناخ بالنسبة للصحة،  يتوقع أن يؤدي تغيّر درجات الحرارة ومواسم هطول الأمطار إلى تغيير التوزيع الجغرافي، لنواقل الحشرات التي تنشر الأمراض المعدية، ومن بينها الملاريا والحمى الصفراء؛ وحمى الدنج "الضنك" ومرض النوم والعمى النهرى، التى تثير أكبر الهواجس في ما يخص الصحة العامة في البيئة الإفريقية الاستوائية.

"وقد سجلت 55 ألف حالة عدوى بسبب فيروس الدنج الذي ينقله البعوض في البرازيل مع وقوع حوالي 70 حالة وفاة في ريو دي جانيرو بالبرازيل.ووفقًا لدراسة علمية أجريت عام 2014 انتشرت الملاريا في مناطق المرتفعات في كولومبيا وإثيوبيا بعدما أصبحت أكثر دفئًا؛ كما يمكن لهذه التغيرات المناخية أن تظهر بعض الأمراض التي لم تظهر من قبل، أو تساعد على عودة أوبئة كانت قد اختفت ومنها الطاعون والدرن والجدري.

التغيرات المناخية تسبب الإصابة بالإسهال وسوء التغذية

"ومن المتوقع زيادة أمراض سوء التغذية بشكل حاد بوجه خاص في البلدان التي توجد فيها أعداد سكانية تعتمد على زراعة الكفاف في الري، ويتسبب بالفعل سوء التغذية، الذي كثيرًا ما ينجم عن نوبات الجفاف الدورية، في ما يقدر عدده بثلاثة ملايين ونصف مليون وفاة سنوياً.

كما أن ازدياد تواتر الأحوال الجوية المتطرفة يعني المزيد من الوفيات والإصابات المحتملة من جراء العواصف والفيضانات.

وبالإضافة إلى ذلك قد يعقب الفيضانات أمراض مثل الكوليرا، وخصوصاً عندما تتضرر خدمات المياه أو تتعرض للتلوث والدمار؛ مما يسبب فتكاً بالأرواح.

كما يزيد عبء الإصابة بمرض الإسهال، الذي ينتشر عن طريق الغذاء الملوث والمياه الملوثة؛ حيث إن ندرة المياه، أوزيادتها على الحد بفعل غزارة سقوط المطر يمكن لكل منهما أن تسهم في الإصابة بمرض الإسهال.

 حيث يحتل مرض الإسهال المرتبة الثانية بالفعل بين أهم الأمراض المعدية، التي تتسبب في وفاة الأطفال، كما أنه يتسبب في وفاة نحو 1.8 مليون وفاة سنويا.

" وبالفعل توفى ما يزيد على 3.3 مليون نسمة في 2002 نتيجة للإسهال والملاريا وسوء التغذية على نطاق عالمي.

نوبات الربو والأمراض الصدرية والحساسية

  يختتم الدكتور محمد السبعاوي، كلامه بأن موجات الحر في المدن قد تؤدي إلى زيادة معدلات المرض والوفاة، بالضربات الحرارية ولاسيما بين صفوف المسنين المصابين بأمراض قلبية وعائية أو تنفسية.

ويؤكد أنه من الأمثلة على الآثار الصحية المتصلة بالمناخ ارتفاع الحرارة غير الطبيعي في أوروبا؛ في صيف 2003 وهي ظاهرة أدت إلى وفاة 35 ألف شخص زيادة عن العدد في نفس الفترة المماثلة في السنوات السابقة وبصرف النظر عن موجات الحر، قد يؤدي ارتفاع درجات الحرارة إلى زيادة الأوزون على مستوى الأرض وبداية الموسم الطلع مبكرا؛ بما يسهم في حدوث نوبات الربو والأمراض الصدرية والحساسية.

كلمات البحث
الأكثر قراءة