الأسبوع الماضي كتبت عن القاهرة التي كانت حاضرة في قلب مانهاتن التي هي قلب نيويورك والعالم من خلال عرض البرومو الخاص بقناة القاهرة الإخبارية واستعادة مصر لريادتها الإعلامية في الوقت الذي كانت أنظار العالم كلها على مصر ومدينة السلام شرم الشيخ في قمة المناخ وها هي تستعيد ريادتها السياحية أيضًا، وهي العنوان من قلب مانهاتن؛ حيث تم عرض الفيلم الترويجي الذي أنتجته الهيئة المصرية العامة للتنشيط السياحي عن الملك توت عنخ آمون - أشهر ملوك العالم عبر كل العصور في التاريخ وقبل التاريخ – على شاشات ضخمة في ميدان "تايمز سكوير" في مانهاتن وهو الفيلم الذي اكتسب شهرة كبيرة حول العالم، وذلك على هامش الاحتفال بمرور مائة عام على اكتشاف مقبرة الملك توت عنخ آمون الملك الذي تمت في عهده العودة إلى عبادة آلهة مصر القديمة المٌتعددة..
وتم اكتشاف مقبرت الملك توت عام 1922 في وادي الملوك وأحدث هذا الاكتشاف ضجة إعلامية ضخمة واسعة النطاق في العالم.. وتعتبر مقبرة الملك توت عنخ آمون من الأسرة الثامنة عشرة ذات شهرة عالمية؛ لأنها المقبرة الملكية الوحيدة بوادي الملوك التي تم اكتشاف محتوياتها كاملة وسليمة نسبيًا وكان اكتشاف المقبرة الذي تم على يد هوارد كارتر قد احتل العناوين الرئيسية في صحف جميع أنحاء العالم؛ حيث صاحب ذلك ظهور التحف الذهبية وغيرها من القطع الفاخرة التي تم اكتشافها بالمقبرة وتعتبر هذه المقبرة وكنوزها الأثرية أيقونة لمصر ولا يزال اكتشافها أحد أهم الاكتشافات الاثرية حتى وقتنا هذا..
وعلى الرغم من ثرواتها المهولة فإن مقبرة توت عنخ آمون رقم 62 في وادي الملوك متواضعة جدًا من ناحية الحجم والتصميم المعماري؛ نظرًا لأنه تم إعدادها على عجل وبسرعة؛ نظرًا لوفاته في ظروف غامضة ومفاجئة؛ وذلك عقب وصوله إلى العرش في عمر صغير جدًا، وحكم لمدة حوالي تسع سنوات فقط وهو ما يجعل المرء يتساءل ما كان يمكن أن تحتويه مقابر ملوك الدولة الحديثة الأقوياء مثل حتشبسوت وتحتمس الثالث وأمنحتب الثالث ورمسيس الثاني، إذا كان هذا ما تحتويه مقبرة الملك الصبي..
فقط جدران الدفن هي التي تحمل مناظر على عكس معظم المقابر الملكية السابقة واللاحقة والتي تم تزيينها بنصوص جنائزية مثل كتاب البوابات والتي كان الغرض منها مساعدة الملك المٌتوفي في الوصول إلى العالم الآخر فقد تم رسم منظر واحد فقط من كتاب إمي دوات أما بقية المناظر في المقبرة فمناظر جنائزية أو توت عنخ آمون بصحبة العديد من المعبودات، والمقبرة كانت موجودة بالفعل ولم تكن مٌخصصة للملك توت عنخ آمون وآيًا كان السبب للحجم الصغير للمقبرة فقد ضمت حوالي 5380 قطعة أثرية تم اكتشافها والتي كانت مٌكدسة بإحكام شديد وهذه القطع تعكس نمط الحياة في القصر الملكي.. وتشمل الأشياء الخاصة والتي كان يستخدمها في حياته اليومية مثل الملابس والمجوهرات ومٌستحضرات التجميل والبخور والأثاث والكراسي والألعاب والأواني المصنوعة من مجموعة مٌتنوعة من المواد والمركبات والأسلحة وغيرها.
ومن المفارقات العظيمة في التاريخ أن الملك توت عنخ آمون تم محو اسمه من تاريخ مصر القديمة.. وها هو يعود الملك توت عنخ آمون.. يعود من قلب مانهاتن ونيويورك، ومن قلب العالم ضمن الحملة الدعائية التي أطلقتها وزارة السياحة للترويج للمقاصد السياحية بالولايات المتحدة الأمريكية من خلال عرض مجموعة متنوعة من الأفلام الترويجية عن هذه المقاصد على شاشات ضخمة بميدان التايمز سكوير للمساهمة في خلق الشغف لدى الشعب الأمريكي لزيارة مصر ومشاهدة كنوز الملك الذهبي، ولاسيما بعد افتتاح المتحف المصري الكبير الذي سيعرض هذه الكنوز كاملة لأول مرة.. وللحديث بقية