المجتمع بجميع أفراده وفئاته المختلفة يعيش وسط علاقات إنسانية منها الجيد ومنها السيئ، منها ما يدفعك إلى الأمام ويعطيك كل الحماس والطاقة الإيجابية، ومنها ما يزيد الإحباط بداخلك، ويجعلك دائمًا تحت ضغط نفسي رهيب، كلاهما نتعرض لهما يوميًا؛ سواء من خلال المحيط العملي أو الاجتماعي..
ويأتي هنا السؤال الأكثر أهمية: كيف أستطيع أن أعيش واستمتع بعلاقة إنسانية جيدة، وأتجنب أي علاقة تهدد السلام النفسي بداخلى؟!
العلاقة الإنسانية الجيدة تأتي بالتبادل المريح السهل البسيط الذي يجعل كل طرف يحترم خصوصيات أو رغبات الطرف الآخر، ويعطي كلًا منها مساحته الشخصية وحريته في التعبير عن رأيه والقيام بأي فعل أو تصرف، دون أن يخاف من سوء فهم الطرف الآخر.. التعامل بكل هدوء واطمئنان في مناخ يسوده الكلمة الطيبة والفعل الأكثر إيجابية والخلق الحسن.
ومن هنا يأتي التفاهم والأمان والشعور برغبة في استمرار تنمية هذه العلاقة الإنسانية، أي أن العلاقة الإنسانية لها ثمن؛ وهو التقدير والتبادل المريح الذي يخلو من أي ضغوط أو معايرة أو استنزاف لطاقتك وسلامك النفسي.
العلاقة الإنسانية السيئة تأتي على عكس ما سبق، مليئة بالجدال والنقاش واستنزاف لكل طاقتك، وإهلاك نفسي غير طبيعي في طلبات ورغبات للطرف الآخر، ومهما فعلت يكون المردود غير مرضٍ دائمًا، بل بالعكس من الممكن أن يتم اتهامك بالتقصير أيضًا، وأن كل ما تقوم به هو واجب وفرض عليك أن تفعله، وأقل من المفروض أيضًا، وليس هذا فحسب، بل يتم استنزافك بكل الطرق لكي تبدأ الشك في نفسك، وأنك حقيقة على خطأ، وما تبذله من مجهود ليس كافٍ، وعليك مراجعة نفسك مرة أخرى وتبدأ أنت شخصيًا في إهلاك نفسك بنفسك عندما تتجاوب وتصدق ما يقال عنك، وتتفاعل معه عندما يصدق عقلك اللاواعي ما يلقيه عليك الطرف الآخر من عبارات مؤذية وسامة، ومن هنا تحدث الكارثة الحقيقية، وهي أنك تغرق في بئر من الطاقة السلبية، التي بالتالي يترجمها عقلك ويصدقها ويرسلها إلى العالم الواقعي، وتبدأ تحدث بالفعل على أرض الواقع.. هنا فقط تكون قد هلكت بالفعل.
ومن هنا نستطيع أن نقول: أنت المسئول الأول والأخير عن مدى نجاح سلامك النفسي واستقراره.. أنت من تحدد المحيط بك وطريقة تعامل الآخرين معك، وفي نفس الوقت طريقة استقبالك لهذه الطاقات، إما بالتبادل والتجاوب والتقدير للعلاقات الإنسانية الجيدة، وأما بالنفور والابتعاد والاعتزال نهائيًا كل ما يضر نفسك وآدميتك كإنسان لك الحق في العيش بسلام، وعليك أنت الاختيار.
بداية جديدة...