لا صوت يعلو على الملف النووي الكوري الشمالي موضوع الساعة الأخطر بالقمم الآسيوية، التي شهدتها، وتشهدها، دول: كمبوديا وإندونيسيا وتايلاند، أهمها، قمة اليوم في "بالي" بين الزعيمين: الصيني شي جين بينج، والأمريكي جو بايدن.
مصير الأمن والاستقرار في العالم، وفي منطقة المحيطين الهندي والهادئ، تحديدًا، مرهون بما يجري التحضير له، في النفق الثالث من موقع بيونج جيه-ري للتجارب النووية في كوريا الشمالية، وسط تكهنات باعتزام بيونج يانج إجراء تجربة نووية.
النفق الثالث هو أحد الأنفاق الأربعة المعروفة، وقد أجرت كوريا الشمالية أول تجربة نووية عام 2006 في النفق رقم 1، في حين استخدمت النفق رقم 2 في التجارب الخمس التالية، ويترقب العالم إجراء التجربة السابعة، تحت الأرض.
في يوم 9 سبتمبر الماضي، أقرت كوريا الشمالية قانونا يسمح لها تنفيذ ضربة نووية وقائية، مبددة بذلك أي إمكانية للتفاوض على نزع أسلحتها النووية، ويتكون القانون من 11 فقرة، تنص كل منها على مهام القوة النووية، وتكوينها، والقيادة والسيطرة عليها، وتنفيذ القرارات المتعلقة باستخدام الأسلحة النووية، ومبدأ شروط استخدامها، ووضعية التعبئة العادية، والصيانة الآمنة والحماية للأسلحة النووية، وتعزيز وتجديد القوة النووية، كمّا وكيفا.
تنص الفقرة الثالثة من القانون على أن القوة النووية تخضع لأوامر الزعيم الكوري الشمالي "كيم جونغ أون" فقط، وأنه يمتلك السلطة الكاملة لإصدار جميع القرارات حول استخدام السلاح النووي.
كما يتم بموجب هذه الفقرة السماح لكوريا الشمالية بشن ضربة وقائية تلقائية وفورية للقضاء على القوات المعادية، في حالة مواجهة نظام القيادة والتحكم في تهديدات من قبلها، لتعلن بيونج يانج –بذلك- أنها ستنتهج سياسة الاستخدام الهجومي للأسلحة النووية.
وينص القانون –أيضًا- على أنه بإمكان النظام الكوري الشمالي استخدام الأسلحة النووية، في حالة شن قوات معادية هجومًا نوويًا -أو غير نووي- على قيادة الدولة، أو هيئة قيادة القوات النووية، والأهداف الإستراتيجية المهمة.
في الوقت نفسه، أعلن الزعيم كيم أن وضع بلاده كقوة نووية أمر "لا رجعة عنه"، وبذلك، يمكن لكوريا الشمالية استخدام الأسلحة النووية في أي وقت، وتتركز سلطة استخدام الأسلحة النووية – حتى ولو في شكل هجومي- في يد "كيم جونغ أون".
كوريا الشمالية أطلقت 60 صاروخًا باليستيًا هذا العام، 7 منها عابرة للقارات، و35 خلال الأسبوع الماضي، وحده، وهددت هيئة الأركان العامة للجيش الشعبي الكوري باتخاذ إجراءات -حازمة وساحقة- تجاه التحركات العسكرية الاستفزازية للأعداء.
لمواجهة التهديدات النووية والصاروخية الكورية الشمالية، تخطط وزارة الدفاع الكورية الجنوبية لزيادة ميزانيتها بنسبة 4.6% لتصبح 57.1 تريليون وون (42.3 مليار دولار) للعام المقبل.
تتضمن الميزانية المقترحة خطة بقيمة 5.25 تريليون وون لتطوير نظام "المحاور الثلاثة"، الذي يتكون من منصة الضربة الوقائية "سلسلة القتل"، والبرنامج الكوري للعقاب والانتقام الهائل، ونظام الدفاع الجوي والصاروخي الكوري (KAMD)، كما تتضمن الخطة مشروعًا بقيمة 124.9 مليار وون لتأمين طائرات بدون طيار للمراقبة، ومشروعًا بقيمة 129.2 مليار وون لشراء المزيد من صواريخ باتريوت، وخطة بقيمة 41.7 مليار وون لتأمين قاذفات صواريخ متعددة.
كما تضم الميزانية أيضًا مشاريع - تبلغ قيمتها الإجمالية 6.64 تريليون وون - للإنتاج الضخم للدفعة الثالثة من دبابات القتال، وشراء المزيد من الذخيرة القتالية الاحتياطية وغيرها من الأصول العسكرية الرئيسية، بالإضافة إلى ذلك، تخطط الوزارة لإنفاق 1.39 تريليون وون لتأمين تقنيات الأسلحة المتطورة.
في حالة إجراء بيونج يانج تجربة نووية سابعة، وضعت حكومة الرئيس الأمريكي "جو بايدن" خطة لإظهار قدرة الردع المتكامل، بالتعاون مع القوات المسلحة الكورية الجنوبية ووحدة الدفاع الذاتي اليابانية، من خلال إرسال حاملة طائرات تعمل بالطاقة النووية إلى بحر الشرق إذا قامت بيونغ يانغ بإجراء التجربة النووية.
ونقلت وكالة كيودو اليابانية للأنباء عن مصادر وصفتها بأنها مطلعة بأن الحكومة الأمريكية تنوي التقدم بمسودة قرار لمجلس الأمن الدولي لفرض عقوبات إضافية، والإعلان عن عقوبات مستقلة من قبل كوريا الجنوبية والولايات المتحدة واليابان.
ذكرت المصادر أن الحكومة الأمريكية تحافظ على هدف إخلاء شبه الجزيرة الكورية من الأسلحة النووية وإجراء الحوار ذي الصلة، ولكنها ترى في نفس الوقت ضرورة تعزيز الضغوط على بيونغ يانغ في حال إجرائها التجربة النووية، كما تنوي السيطرة على الاستفزاز الكوري الشمالي بواسطة قدرة الردع المتكامل بالتعاون مع سول وطوكيو.
على هامش قمة مجموعة العشرين في إندونيسيا، يلتقي اليوم الرئيس الأمريكي مع نظيره الصيني، وصرح مستشار الأمن القومي الأمريكي، بأن بايدن سيبلغ شي بأنه من مصلحة بكين "لعب دور بناء في كبح أسوأ توجهات كوريا الشمالية".
أيضًا، سيؤكد الرئيس الأمريكي لنظيره الصيني أنه إذا واصلت بيونغ يانغ تطوير صواريخها وترسانتها النووية، فسيؤدي ذلك إلى تعزيز الوجود العسكري والأمني الأمريكي في المنطقة، وأن بيونج يانج لا تشكل تهديدًا للولايات المتحدة وحدها، ولا لكوريا الجنوبية واليابان، فقط، بل للسلام والاستقرار في جميع أنحاء المنطقة.
خلال قمة مصغرة مع الصين وكوريا الجنوبية ورابطة دول جنوب شرق آسيا، أسيان، بعاصمة كمبوديا، بنوم بنه، قال رئيس الحكومة اليابانية، كيشيدا فوميكو، إنه يؤيد الدعوات لتحرك دولي لإنهاء برنامج بيونج يانج النووي والصاروخي.
أيضًا، وعلى هامش قمة أسيان في بنوم بنه، التقى الرئيس الكوري الجنوبي، يون صوك-يول مع رئيس مجلس الدولة الصيني، لي كوتشانج، الذي أشار إلى الحاجة لإخلاء شبه الجزيرة الكورية من الأسلحة النووية، ودور الصين البناء لتحقيق ذلك.
في الوقت نفسه، أكد الرئيس الكوري الجنوبي أن نزع السلاح النووي لكوريا الشمالية هو شرط مسبق للسلام في منطقة المحيطين الهندي والهادئ، وأن سول تظل مستعدة لتقديم أقصى مساعدة في حال قررت بيونج يانج نزع سلاحها النووي.
[email protected]