Close ad

مواجهة التغيرات المناخية بين التخفيف والتكيف

13-11-2022 | 13:28
مشكلة التغيرات المناخية أصبحت واقعًا يجب سرعة التعامل معها من خلال أسلوبين متكاملين، وهما التخفيف للحد من أسباب المشكلة وآثارها ثم التكيف مع الآثار الباقية، والتي لم نستطع التخلص منها، وأيضًا هناك خطة عاجلة في هذا المجال وأخرى في حاجة لبعض الوقت وإجراءات التخفيف يجب الإسراع فيها للحد من الملوثات المسببة للتغير المناخي من خلال التوسع في استخدام الطاقة النظيفة مثل الطاقة الشمسية في جميع البلدانن وهذا يتطلب توطين صناعة مكونات وتكنولوجيا هذه الطاقات المتجددة في كل البدان والإعفاءات الجمركية على مستلزماتها لحين توطين صناعاتها، ويفضل أن تكون هذه الصناعات ملك الدولة لتوفيرها بربح بسيط لسرعة نشرها مع توفير كافة الإعفاءات المطلوبةن بل ودعم هذه الصناعات إن أمكن، وخاصة أن مصر كما تشير الدراسات من أفضل الدول التي يتوافر فيها طاقة شمسية معظم فترات العام وبسعر رخيصن وهناك فكرة لتغطية بحيرة ناصر بشبكة كبيرة للطاقة الشمسية لتحقيق استفادة مزدوجة، وهي توافر الشمس بها معظم فترات العام، ثم لتوفير عدة مليارات من مياه البحيرة تتسرب بالبخر ووهي في حاجة لمزيد من الدراسات، ثم هناك بعد آخر مهم في التخفيف، وهو إعادة تدوير الموارد والنفايات وهي مربحة جدًان وأصبحت موردًا كبيرًا للدخل القومي في كثير من الدول، وخاصة الصين وألمانيا حيث استطاعت الصين - التي يقترب عدد سكانها من نحو مليار ونصف - تدوير كل مخلفاتها بجميع أنواعها وبها نحو سبعمائة مصنع كبير لإعادة التدوير، وحققت مكاسب بالمليارات، بل وفتحت باب استيراد المخلفات بعض الوقت لمكاسبها الكبيرة وألمانيا تحقق أرباحًا سنوية تعدت 38 مليار يورو سنويًا، ويعمل في هذا المجال أكثر من 300 ألف شخص وعدد سكانها نحو 83 مليون مواطن، أي أقل من مصر.


 


الخلاصة أن إعادة تدوير المخلفات أصبحت من أكثر الصناعات ربحية وتسمى منجم الذهب لارتفاع أرباحها الكبيرة، وتحد من مشكلة البطالة حيث تستوعب أعدادًا كبيرة للعمل بها فضلا عن حماية الإنسان والنبات والبيئة من أضرارها، فهي من أهم صناعات الحاضر في المكسب والنتائج، وبعد ذلك يلعب التشجير ونشر الخضرة في كل مكان من السطح للشارع لكل مكان دورًا مهمًا في الحد من الملوثات، بالإضافة للحد قدر الإمكان من وسائل المواصلات التقليدية من خلال زيادة النقل الجماعي وتشجيع استخدام الدراجات الهوائية والنقل النهري، ثم البحث عن تكنولوجيا مناسبة للحد من تآكل الشواطئ، وهناك تجارب لهولندا وبعض الدول في هذا المجال من خلال زراعة بعض الأشجار التي تمتص كميات كبيرة من المياه ووسائل لردم أو رفع مستوى بعض الشواطئ يمكن الاستفادة منها.


 


وبعد ذلك هناك مشكلات حقيقية موجودة بسبب تغير المناخ مثل زيادة ملوحة بعض الأراضي الزراعية وارتفاع حقيقي للحرارة في بعض المناطق؛ مما يستلزم التكيف معها؛ سواء من خلال اختيار محاصيل مناسبة لذلك في المناطق الزراعية، أو إعادة النظر في نظام المباني والمنشآت، بما يلائم هذه المتغيرات، وكل مكان حسب ظروفه مع التوعية بهذه المتغيرات وكيفية التعامل أو التكيف معها؛ سواء في مجال الصحة العامة أو غيره كل ما سبق خطوات يجب الإسراع بها فورًا والدولة قامت بجهود واضحة في هذا المجال، وتحتاج للمزيد منها وهناك جهود أخرى على المدى المتوسط والبعيد، وتتمثل في جانبين متكاملين الأول نشر المعرفة والثقافة البيئية الشاملة للتغيرات المناخية والتنمية المستدامة، وكافة قضايا البيئة من خلال كل من المدرسة والجامعات بإدخال هذه الموضوعات ضمن المناهج الدراسية؛ حسب كل مستوى من الطفولة إلى الطاقة الخضراء في كليات الهندسة والزراعة العضوية في الزراعة، وهكذا في كل المستويات والتخصصات وللأسرة دورها المهم في نشر ذلك في مرحلة الطفولة المبكرة، ثم لوسائل الإعلام التقليدية والحديثة دورها المهم ومراكز الشباب وجمعيات المجتمع المدني والأحزاب السياسية والمسجد والكنيسة.


 


والجانب الثاني المكمل لهذه الجهود هو الثواب والعقاب حيث يقول سيدنا عمر: "إن الله يزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن" ومعناه: أن الله يمنع بالسلطان - ويقصد بالسلطان القانون - من اقتراف المحارم أكثر مما يمنع بالقرآن؛ لأن بعض الناس ضعيف الإيمان لا تؤثر فيه زواجر  ومناهي القرآن، بل يقدم على المحارم ولا يبالي، لكن متى علم أن هناك عقوبة ارتدع وخاف.


 


والآن هناك حوافز إيجابية للاستثمار في الطاقة الخضراء وغيرها من مشروعات بيئية أرى ضرورة أن تكتمل بوضع قانون الملوث هو الذي يدفع الثمنن ويعني باختصار قياس التلوث الناتج عن أي نشاط صغير أو كبير؛ فمثلا قد ينتج عن السيارة الصغيرة 500 وحدة تلوث، والكبيرة ألف وحدة والأتوبيس الفي وحدة مثلا.. وهكذا كل الأنشطة يمكن قياس وتحديد التلوث الناتج عنها، وتحول سنويًا إلى ضريبة المنتج الذي ينتج 500 وحدة يدفع ضريبة سنوية 500 جنيه.. وهكذا مما يؤدي لعدة مكاسب منها توفير حصيلة مالية، كما يؤدي هذا بالطبع للحد من التلوث وتشجيع استخدام الوسائل أو الأدوات الصديقة للبيئة فضلا عن تحقيق العدل في أن الملوث هو الذي يدفع ثمن تلويثه للبيئة.


 


وفي النهاية تعتبر مصدرًا داخليًا لتمويل برامج التكيف والتخفيف، بجانب سهولة الحصول على تمويل دولي؛ لأن مشروعات البيئة لها أولوية كبيرة في الحصول على قروض أو منح ومساعدات دولية في كافة أنحاء العالم والله ولي التوفيق.

كلمات البحث
اقرأ أيضًا: