{وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا بَلَداً آمِناً وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ مَنْ آمَنَ مِنْهُمْ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ قَالَ وَمَنْ كَفَرَ فَأُمَتِّعُهُ قَلِيلاً ثُمَّ أَضْطَرُّهُ إِلَى عَذَابِ النَّارِ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ}، إذا تأملنا هذه الآية الكريمة من سورة البقرة، نجد أن نعمة الأمن تم تقديمها على نعمة الرزق، لأن الحياة لا تطيب ولا تحلو مهما أوتى الإنسان من مال أو جاه أو سلطان، إلا بوجود الأمن والأمان.
فنعمة الأمن والأمان والاستقرار من أجلّ وأعظم وأفضل النعم التي منّ الله بها على مصرنا الغالية، بعد أن عمت الفوضى في فترة عصيبة من فترات حياتنا، عقب ثورة 25 يناير وما أعقبها من اعتصامات واحتجاجات ومطالب فئوية، لا تزال أحداثها ومشاهدها ماثلة نصب أعيننا، من تخريب ونهب ورجعية وإزهاق أرواح، وتدمير اقتصاد وتخويف وترويع مواطنين، ليس لهم همّ سوى حفظ وطنهم وصونه والذود عنه بكل غال ونفيس.
وحتى تعود نعمة الأمن والأمان والاستقرار مرة أخرى، دفعت الدولة المصرية ثمنًا باهظًا، وقدمت عن طيب خاطر تضحيات غير مسبوقة، من أرواح الشهداء من رجال الجيش والشرطة والقضاء، وغيرهم من أبناء الوطن، فقد استشهد على يد الإرهابيين الخونة خيّرة الرجال، ماتوا من يستحقون الحياة من أبناء مصر المخلصين، على يد أعداء الحياة، من الخونة والإرهابيين من إخوان الشيطان.
وأقولها صراحة، مصر الجديدة لن تعود أبدًا، مرة أخرى، إلى المربع صفر، بفضل الله سبحانه وتعالى، وبفضل رجالها المخلصين فى كل المواقع، وبفضل ناسها الطيبين وشبابها الواعي، الذين يرفضون أى دعوات للفوضى والتخريب، بعد أن شاهدوا وقارنوا بين وطنهم الآمن المستقر، الذى يستضيف على أرضه، رؤساء وقادة العالم فى قمة المناخ، وبين أوطان أخرى ذهبت، وربما لن تعود مرة أخرى، وليس دول ليبيا - اليمن - سوريا - لبنان - العراق عنا ببعيد.
ولن ننسى هنا سيدات وفتيات مصر العظيمات، اللاتى يقفن بكل ما أوتين من قوة فى ظهر الدولة المصرية، وكان لهن موقف تاريخي مشهود، فى ثورة 30 يونيو، سطره تاريخ الجمهورية الجديدة بأحرف من نور.
وليس غريبًا أن تكون نعمة الأمن والأمان أول نعمة يطلبها الإنسان، ألم يقل رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من بات آمنًا في سربه، عنده قوت يومه، فكأنما حيزت له الدنيا بحذافيرها).
وقد آن الأوان، لكى يصطف المصريون على قلب رجل واحد، ضد دعاة الفوضى والتخريب، وأن يقفوا فى ظهر دولتهم بكل قوة وصلابة؛ حتى ننعم بالأمن والأمان والاستقرار، فى ظل ما يشهده العالم ونحن جزء منه من أزمات فى الطاقة والغذاء، وصراعات وحروب واستقطابات، ومن كوارث طبيعية غير مسبوقة، تجلت فى الحرائق والأعاصير، وأيضًا فى جفاف 6 أنهار عالمية.
وبصراحة أقول، إن ما أشاهده وأراه، ويراه ويشاهده كل مواطن مصرى، من بناء وتعمير وتنمية وتطوير، فى كل شبر من أرض المحروسة، وفى كل المرافق والمنشآت التى يتعامل معها المصريون، يؤكد بما لا يدع مجالًا لأى شك أننا نسير على الطريق الصحيح، وأن الحلم فى غد أفضل لنا ولأولادنا أوشك على التحقق، فى الجمهورية الجديدة.
وبالطبع لن يكون الاصطفاف خلف الوطن، بالأقوال فقط، ولكن يجب أن ننتقل إلى مرحلة الأفعال، بعدم المشاركة فى تفاقم الأزمات، فعلى سبيل المثال لا الحصر، التاجر عديم الضمير الذى يقوم بتخزين السلع واحتكارها، وخاصة السلع الإستراتيجية، كالأرز والسكر والدقيق وغيرها، ويتاجر فى قوت الشعب فى هذا الوقت العصيب، يسهم وبدون وعي فى تفاقم الأزمات، ومثّل هذا التاجر الجشع، يحتاج إلى أشد العقاب.
نحن الآن فى أمس الحاجة إلى التكاتف والتكافل، وأن يبدأ كل مواطن بنفسه ويراعى ضميره فى عمله وفى قوله، فعلى سبيل المثال أيضًا، لو قام كل مفتش تموين بدوره، كما ينبغى أن يكون، لن تجد الأزقة والمناطق الشعبية مليئة بمخازن الأرز والسكر، ولو قام كل مواطن بالإبلاغ عن التجار الجشعين، وعن المتلاعبين بقوت الشعب من أصحاب المخابز وغيرها، ما ارتفعت أسعار السلع بهذا الشكل المبالغ فيه.
والحمد لله على نعمة الوطن الآمن وعلى نعمة الأمن والأمان والاستقرار.. وكفى بها نعمة.. وحفظ الله مصر ورئيسها وشعبها، ورجالها المخلصين فى كل المواقع.. وتحيا مصر.. تحيا مصر.. تحيا مصر.
[email protected]