الحب قد يكون أحد أسباب نجاح الزواج، لكنه وحده لا يحقق النجاح والسعادة للزوجين؛ هذا ما يثبته الواقع والدراسات العلمية..
في الأسطر التالية نقدم "المزيج" الذي يصنع الزواج الناجح من خلال "حدوتة" واقعية بطلتها الأميرة الراحلة جريس كيلي وزوجها الأمير رينيه الثالث أمير موناكو الأسبق..
ولدت جريس في 12 نوفمبر 1929 في فيلادلفيا بأمريكا وتوفيت في 14 سبتمبر 1884 في حادث سيارة بموناكو كانت تقودها..
كان والدها ثريًا وبطلًا رياضيًا وعانت كثيرا بسبب تفضيله لشقيقتها الكبرى عليها وتعمده التقليل من شأنها، إلا أن ذلك لم يمنعها من النجاح، وأثبتت صحة المقولة: "كما نعتقد نكون"، وأن من ينتظر تشجيع من حوله لن ينجح؛ فدائمًا أفضل التشجيع ما كان صادرًا من الإنسان لنفسه..
درست التمثيل وعملت عارضة أزياء ثم بدأت التمثيل على المسرح وبعدها اتجهت إلى أدوار بسيطة بالسينما وكان اكتشافها الحقيقي مع المخرج العالمي هيتشكوك الذي أعطاها أدوارًا مميزة جعلتها نجمة في وقت قصير..
اشتهرت بجمالها الأرستقراطي وكانت أول ممثلة أمريكية توضع صورتها على الطوابع البريدية بأمريكا، وحصلت على الأوسكار في عام 1957..
تعرفت على أمير موناكو وتزوجا بعد أن تخلت عن جنسيتها الأمريكية وخضعت للتقاليد في موناكو؛ ودفعت أسرتها "مهرًا" للأمير رينيه بلغ 2 مليون دولار!! وتركت هوليوود خلفها بعد اشتراط الأمير ذلك قبل الزواج..
من أسرار نجاح زواجهما رفض زوجها الأمير رينيه بعض تصرفاتها التي لا تلائم صورتها كأميرة واعتراضه عليها، ولم يرضخ لها وكان حازمًا معها رغم حبه الشديد لها؛ ورفض عدم فهمها لدورها كأميرة بحزم ولم يسمح لحبه الشديد لها ولا لجمالها بجعله يتسامح مع عدم تقديرها لأهمية الحفاظ على التقاليد والظهور والتعامل كأميرة وليس كنجمة سينمائية سابقة.. وبعد بعض العناد منها تراجعت ونفذت ما طلبه منها..
وكانت ذكية ولم تتمادَ في العناد وكان لطيفًا ومخلصًا دومًا، وأحسن تقدير بذلها للمجهود لتتغير للأفضل؛ من أجل إنجاح زواجهما..
وهذا من أهم أسباب نجاح الزواج؛ ونعني عدم تجاهل التصرفات السيئة لأحدهما وتنبيهه لها حتى لا تصبح عادة تقضي على الزواج ولو بعد حين، ثم مكافأته عندما يتوقف عنها وتقدير ذلك.
إذ بدأت تلقي الدروس في التاريخ لإمارة موناكو وأتقنت البروتوكلات وأجادت مهارات التعامل مع الجمهور والعمل التطوعي وتدربت جيدا على دورها كأميرة وقطعت كل تفكير في العودة للتمثيل..
لم تتعامل معه كنجمة فائقة الجمال بل كزوجة، ولم يعاملها كأمير وصاحب سلطة ونفوذ يجب عليها الخضوع له دوما..
قالت: "الدور الطبيعي للمرأة أن تكون عماد الأسرة"، وفعلت ذلك فتفرغت لتحقيق النجاح والسعادة الحقيقية لها ولزوجها ولأولادهما، ولم تعد للتمثيل ثانية رغم مرور زوجها بأزمة شديدة كادت تطيح بحكمه؛ وفي هذا الوقت تلقت عرضًا ببطولة فيلم من إخراج هيتشكوك بعد أن كتبه خصيصا لها وكان سيعيدها لمكانتها السينمائية المميزة..
قررت رفض العرض المغري والتفرغ لأسرتها، وبذلت المجهود كزوجة للوقوف بجوار زوجها واستفادت من نجوميتها وشهرتها العالمية وسخرتها "لخدمة" زوجها في صراعه مع فرنسا والتي كانت تهدد إمارة موناكو آنذاك بالاحتلال ووضع زوجها رينيه بالمنفى، وقالت: "الغضب لا يحل شيئًا"؛ وساندته بقوة وأكدت له أنها معه في كل الأحوال ولن تتخلى عنه أبدا وهذا هو دور شريك الحياة المخلص -من الجنسين- والذي يقف بجوار شريكه دومًا، ولا يعتبر الزواج "صفقة" يفوز فقط بمكاسبها ويهرب من خسائرها.. وهو من أسرار نجاح الزواج ونعني مساندة الزوجين لبعضهما في أوقات الشدة..
كانت في قمة تألقها كممثلة وينتظرها مستقبل سينمائي رائع عندما قررت التخلي عن كل ذلك والزواج بأمير موناكو، وأعادت ترتيب أولوياتها في الحياة واختارت بملء إرادتها دور الزوجة والأم وتزوجت رينيه وأنجبت ثلاثة أبناء ونجحت "كأميرة"، وأنشأت مؤسسات خيرية وجمعية تدعم الرضاعة الطبيعية وأخرى لدعم الحرفيين المحليين.
الشيء يستدعي نقيضه دومًا؛ لذا نذكر الأمير هاري وزوجته الممثلة الأمريكية ميجان؛ والتي "انتزعته" من أسرته الملكية وتسببت في إثارة المشاكل بينه وبين شقيقه الوحيد الأمير وليام "وافتعلت" المشاكل مع الجميع؛ حتى مع الخدم الذين وصفوها بالدوقة "الصعبة" ذات الصوت العالي، وأبعدته عن أقرب أصدقائه منذ الطفولة وتسببت في فقدانه للقلب الملكي وكثير من المزايا بسبب إبعاده عن العائلة المالكة..
وأجرت أحاديث مقابل المال لتشويه صورة أسرته في الوقت الذي أعلن والدها وشقيقتها أنها "دائمة الصراعات" وتسيء للجميع؛ ولكن هاري رفض التحذيرات من الجميع قبل الزواج منها، واختار العناد ونجحت في استغلاله والقفز ماديًا واجتماعيًا بالزواج منه فبعد أن كانت ممثلة عادية جدا أصبحت مشهورة فضلا عن المشاريع التي أقامتها بأمواله بعد الزواج..
اختيار شريك الحياة من أهم وأصعب القرارات في الحياة، ويجب أن يخضع للعقل وللقلب معًا، وأن يطرد الجنسان أي انبهار أو انجذاب زائد للطرف الآخر، وألا يتجاهل تحذيرات المقربين ولا يتعامل معهم بعناد أو بعدوانية فيندم ويدفع الثمن بعد فوات الأوان... حتى نعبر تلك الأزمة!