Close ad

العدالة الغائبة في قضايا المناخ.. لماذا ترفض دول الثورة الصناعية الالتزام بوعود التمويل؟

10-11-2022 | 17:39
العدالة الغائبة في قضايا المناخ لماذا ترفض دول الثورة الصناعية الالتزام بوعود التمويل؟تحقيق عدالة المناخ بين الدول المتقدمة والنامية
إيمان البدري

أصبحت قضية تحقيق العدالة المناخية، بين الدول الفقيرة والغنية صاحبة الثورة الصناعية، من أهم القضايا التي تحتاج إلى حلول عاجلة حتى لا يؤثر ذلك بالسلب على الحياة على كوكب الأرض.

موضوعات مقترحة

ويهدف منهج العدالة المناخية إلى ضرورة التخفيف والحد من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري؛ وتحقيق توزيع عادل، لتداعيات المناخ، ما بين الدول المتقدمة الصناعية والدول النامية الفقيرة.

الدول النامية تدفع فاتورة باهظة لا دخل لها بها، في الوقت الذي تحاول الدول الغنية التنصل من دفع التعويضات، والدليل على ذلك هو عدم دخول مخرجات قمم المناخ السابقة حيز التنفيذ.

أين ذهبت وعود الـ 100 مليار دولار للدول النامية؟

يقول الدكتور هشام عيسى عضو اتحاد خبراء البيئة العرب والمنسق الوطني السابق لاتفاقيه الأمم المتحدة؛ إن مشكله اتفاقيات تغير المناخ هي عبارة عن وعود ومفاوضات ليس لها تنفيذ فعلي أو تنفيذ يرقى إلى الطموحات التي يتحدث عنها المفاوضون؛ ومنها وعود الـ100 مليار دولار والتي لم يصل منها إلا نسبه بسيطة.

"وكانت هذه الأموال بمثابة وعد من الدول المتقدمة كتعويضات سنوية لمساعدتها في مواجهه تغير المناخ؛ المليارات رغم أنها مثبته في اتفاقيه باريس لتغير المناخ؛ وكذلك اتفاقيه صندوق المناخ الأخضر لكن لا يوجد التزام بتنفيذ الوعود".

هشام عيسى

المساواة والعدالة المناخية غائبة 

ويقول عضو اتحاد خبراء البيئة العرب والمنسق الوطني السابق لاتفاقيه الأمم المتحدة لتغير المناخ؛ إن العدالة المناخية هي مبدأ له أكثر من مفهوم؛ حيث يختلف المفهوم في الدول النامية عن المفهوم في الدول المتقدمة.

"ومفهوم العدالة المناخية في الدول النامية يشير إلى التأثيرات المناخية التي حدثت نتيجة أن الدول المتقدمة حققت نموًا اقتصاديًا أدى إلى تحقيقها رفاهية في المعيشة" ويتابع: "هذه الرفاهية حدثت نتيجة الإسراف في استخدام الموارد؛ ورغم كل ما حققته الدول المتقدمة إلا أنه بعد تفاقم المشكلة أعلنت ضرورة خفض الانبعاثات؛ وبهذه الصورة لم تتحقق العدالة المناخية للدول النامية؛ لذلك على كل الدول المتقدمة أن تبدأ بنفسها في خفض الانبعاثات".

"وفي المقابل من الضروري حدوث نمو في الدول النامية بهدف تحقيق التنمية الاقتصادية؛ إلى جانب مساهمتهم في خفض الانبعاثات؛ على أن تتم تحت مبدأ مشاركة المجتمع، ولكن كل حسب قدراته وحسب تسببه في الظاهرة."

مطالب واجبة لدفع اقتصاد الدول النامية قبل مشاركتها في خفض الانبعاثات

في نفس السياق يتابع المنسق الوطني السابق للأمم المتحدة حديثه حول العدالة المناخية: لا يمكن للدول المتقدمة أن تطالب مصر بخفض الانبعاثات بنسبه 60% بنفس نسبة أمريكا؛ رغم أن أمريكا والصين والدول والأوروبية هي المتسببة أساسًا في الانبعاثات؛ وبالتالي لا يجب أن نضع الدول النامية في مساواة مع الدول المتقدمة في تخفيض نسبه الانبعاثات؛ لكن يمكن للدول النامية أن تشارك الدول المتقدمة بهدف إنقاذ الكوكب؛ لكن لا تطلب من الدول النامية أن تخفض انبعاثاتها بشكل يؤثر على التنمية.

 لذلك لابد من وجود الحل البديل؛ وهو استخدام التكنولوجيا المتقدمة التي تقلل من الانبعاثات لكي نحقق نفس المعدل؛ ولكنها تكنولوجيا ذات ثمن غالٍ.

"ولكي تتم العدالة لتحقيق التنمية لكل الدول النامية لا يجب ترك الدول النامية تتكلف وحدها إنشاء مصنع للطاقة النظيفة المتجددة؛ لأنه ليس من قدرتها التنفيذ؛ لكن على الدول المتقدمة مساعدة الدول النامية في استخدم الطاقة المتجددة بدلا من الفحم من خلال منح الدول النامية الفرق بين المصنعين.

أو أن يتم تمويل الدول النامية في بلادها؛ أو تدخل الدول المتقدمة في عمل استثمارات مشتركه مع الدول النامية؛ أو تنفذ لديها استثمار أجنبي مباشر لكن لا تطلب من الدول النامية أنها تدفع فرق إنشاء مصانع حديثة تعمل بالطاقة المتجددة.

وعود القمم السابقة وعدم التزام الدول الغنية

ويشير، المنسق الوطني السابق لاتفاقيه الأمم المتحدة لتغير المناخ، أن الاتفاقية السابقة لتمويل الدول النامية لم تدخل حيز التنفيذ بعد؛ سواء اتفاقيه باريس أو الاتفاقية الإيطالية لتغير المناخ؛ هي فقط إعطاء وعود مما أثر على الدول النامية وعلى حقوق الإنسان.

" فظاهرة تغير المناخ ليست فقط هي التي تؤثر على حقوق الإنسان؛ بل عدم التزام الدول المتقدمة في تنفيذ وعودها؛ في تنفيذ الاتفاقيات نفسها وصياغتها؛ مما أثر على حقوق الإنسان وبدأ في الهجرة؛ لأنها تجعله مواطنًا غير شرعي؛ مما يؤثر على حقوقه كإنسان لأنه لن يتعامل مثل المواطن الأصلي.

آليات تنفيذ تمويل الدول المتقدمة للدول النامية

نوه الدكتور هشام عيسى، إلى طرق تلزم الدول المتقدمة تنفيذ التمويل للدول النامية، أن يكون التمويل المناخي واضحًا ومحددًا، على سبيل المثال من خلال حصول الدول النامية على نسبه من الإنتاج المحلي الإجمالي للدول المتقدمة.

وأكد أن التمويل يجب أن يكون عادلا أي لا تدخل بها الانتماءات السياسية؛ وأن يكون له معايير واضحة لمعرفة طرق الحصول على التمويل المناخي، وكيف سيتم تدبيره وقياسه، مع وجود أدوات وآليات للقياس على غرار ما تقوم به الدول من وضع أدوات وآليات لخفض الانبعاثات، ولكنهم للأسف يتابعون فقط خفض الانبعاثات دون غيرها، مع فرض عقوبات على الدول المتقدمه غير الملتزمة بتقديم التمويل للدول النامية.

الدول الفقيرة تدفع فاتورة عدم التزام الدول المتقدمة

من جانبه يقول الدكتور عباس شراقي أستاذ الجيولوجيا بكلية الدراسات الإفريقيه جامعة القاهرة؛ تقاس نسب التلوث بمدى التقدم والنشاط الصناعي؛ فمثلا دولة لديها  نشاط صناعي كبير وتلوث بمقدار كبير، ولكن دول أخرى ليس لديها صناعة والتلوث لديها محدود جدًا؛ فحين اختلاف نسب التلوث بينها هنا العدالة المناخية تقول أن على الصين أن تخفض من التلوث، ولكنهم يبررون ذلك أن لديهم مصانع في الصين؛ هنا في هذه الحالة الدول الأخرى التي لا تتسبب في التلوث تظل فقيرة.

عباس شراقي

تشريع دولي يجرم استخدام الفحم في الدول المتقدمة

 أكد أستاذ الجولوجيا، أن الدول الصناعية الكبرى أكبر دول ملوثة لأنهم يحرقون الفحم؛ حيث إن استمرار حرقه بهذه الكمية لا يمكن معها أن نعالج تغير المناخ، وبالتالي سيستمر التلوث؛ ولكن لكي تحدث العدالة على الدول الكبرى أن تتوقف؛ وأن يخلق تشريع دولي يجرم الدول التي تستخدم الفحم وتحرقه بقصد توليد كهرباء.

ويتساءل: "هل يُعقل أن الدول النامية هي التي تتحمل التكلفة رغم أنها لا تلوث البيئة؛ وحتى إذا التزمت الدول الكبرى بدفع 100 مليار سنويا كتعويض أو مساهمة للدول النامية فهذا ليس كافيًا؛ ورغم ذلك سيظل الاستمرار في حرق الفحم ولن يتوقف؛ وبدون التوقف لن نعالج ثاني أكسيد الكربون الذي خرجت في الأعوام السابقة؛ ومن المعروف أن ثاني أكسيد الكربون لا ينتهي في الجو ولكنه يظل عالقا في الجو لأكثر من 100 عام؛ لكن إذا توقفوا عن حرق الفحم، الآن سنشعر بالنتيجة على الأقل خلال 10 أعوام؛ لكن على الأقل لن توجد زيادة كبيرة ابتداء من اليوم.

احتمالية التزام الدول المتقدمة باستخدام الطاقة النظيفة

وفي نفس السياق يتساءل شراقي، كيف تلتزم الدول الفقيرة بالطاقة النظيفة ولا تلتزم الدول الكبرى في استخدامها؛ ولكن ما يهم الدول الكبرى هو اقتصادها أولا قبل البيئة؛ لأن مثلا الصين هدفها استغلال إمكانياتها من الطاقة المتاحة والمتوفرة لديها بوفرة من الفحم؛ لأسباب اقتصادية بدلا من استيراد مواد أخرى؛ والصين وروسيا رافضين تخفيض استخدام وحرق الفحم.

وإذا لم تتوقف الدول الكبرى فلن نحصل على نتائج لحل مشكلة التغيرات المناخية؛ خاصة أن الصين لديها احتياطي من الفحم ما يكفي 200 عام قادمة؛ وللأسف هم يريدون تحقيق مكاسب إنفاق.

مطالب فورية من مؤتمر المناخ

"لذلك يجب أن تتوقف الدول الصناعية الكبرى الملوثة فورًا عن استخدام الفحم في توليد الكهرباء؛ لأن الفحم يدخل في صناعة الأسمنت ويخلط أيضًا مع الحجر الجيري.

 نظرًا لأن توليد الكهرباء التي تستخدم الفحم تستخدم آلاف الأطنان يوميًا؛ بالتالي ينتج أعلى نسبة من التلوث؛ مع ضرورة الاتجاه لتوليد الكهرباء من مصادر أخرى عديدة.

شروط للدول الكبرى                  

وتابع، إن على الدول الكبرى إقامة مصنع داخل مصر للخلايا الشمسية وليس توريد الخلايا نفسها؛ وهذا يجعلنا لا نتعثر في دفع قروض المحطة؛ في حين أن المحطة تكلفنا أضعاف المحطات التقليدية.

إنشاء المصانع ونقل التكنولوجيا بأسعار معقولة

ويتابع: المطلوب أن الدول الكبرى تساعدنا في نقل التكنولوجيا بأسعار معقولة وعدم المبالغة في المكاسب علمًا بأن إنشاء محطة المفاعل المفروض أن تقل عن 10 مليارات دولار، وليس 26 مليارًا؛ حتى نتمكن من إنشاء محطة صديقه للبيئة؛ لأن مع المغالاة سنضطر لإنشاء محطات بإمكاناتنا لا تهتم بالبيئة؛ وحتى لا نلجأ لذلك عليهم مساعدتنا في تنفيذ محطة صديقة للبيئة بأسعار معقولة؛ وغيرها في كافة المشاريع الصديقة للبيئة مع زيادة استثماراتهم بأرباح معقولة يمكن أن نتحملها مع نقل الصناعة لأنه لا يمكن أن تورد لنا؛ لعدم وجود إمكانات للشراء من الدول المتقدمة باستمرار.

"ولذلك يجب أن تنفذ لدينا مصانع لإنتاج الخلايا الشمسية، لأن بذلك ستنخفض التكلفة؛ وبالتالي نتشجع لأقامة أكثر من محطة؛ وبالتالي يمكن تصديرها للدول الإفريقية النامية وبذلك نتوسع؛ والمطلوب زيادة استثماراتهم لدينا مع توفير التكنولوجيا النظيف".

الدول الإفريقية تعتمد على نفسها

"كما أن عدم وجود التلوث في الدول النامية ليس بسبب التزامهم بعدم تلوث البيئة؛ ولكن نظرًا لعدم وجود صناعة لديهم؛ فالدول النامية تحتاج لأقامة مصانع مع مراعاة المعايير الدولية، فإذا لم تلتزم الدول الغنية فهنا على الدول الإفريقية أن تعتمد على نفسها؛ وتسعى لمصلحتها وتنفذ مشروعات التنمية الخاصة بها؛ حتى وإن كان بها نسبة من التلوث.

كلمات البحث
اقرأ أيضًا:
الأكثر قراءة