وسط العديد من الأزمات الدولية المتصاعدة ما بين تغيرات مناخية وحروب إقليمية ودولية، تطل أزمة الزيادة السكانية حول الكرة الأرضية برأسها، منذرة ومحذرة من إشكاليات كبيرة تعترض مسارات البشرية، حيث سيبلغ عدد سكان العالم رسميا ثمانية مليارات نسمة قبل نهاية العام، ومن المتوقع أن يصل إلى 10 مليارات نسمة في عام 2050.
موضوعات مقترحة
وقالت شعبة السكان بالأمم المتحدة إن عدد السكان على كوكب الأرض سيستمر في النمو في العقود القادمة، حيث من المقرر أن يرتفع متوسط العمر المتوقع 77.2 سنة في المتوسط بحلول عام 2050، وبحلول 15 نوفمبر الجاري سيرتفع عدد البشر على الأرض إلى ثمانية مليارات، أي أكثر بثلاثة أضعاف من 2.5 مليار شخص هم عدد سكان العالم في عام 1950.
عدد سكان العالم 8 مليارات نسمة
وتعني الزيادة في متوسط العمر المتوقع، وكذلك زيادة عدد الأشخاص في سن الإنجاب، أن الأمم المتحدة تتوقع أن يستمر عدد سكان العالم في النمو إلى حوالي 8.5 مليار في عام 2030، و9.7 مليار في عام 2050، وتبلغ حوالي 10.4 مليار في ثمانييات القرن الحادي والعشرين.
ربع سكان العالم من إفريقيا
وتتوقع منظمة الأمم المتحدة للطفولة، أن ربع سكان العالم سيكونون من إفريقيا بحلول العام 2050، إذ ظل الاستمرار على النمو السكاني الحالي، الأمر الذي يشعر البعض بالقلق من عالم مزدحم بعدد كبير جدا من السكان وموارد غير كافية للعيش على أساسها، والتي قد تسبب تدهورا في الاقتصاد العالمي لأن الزيادة تلتهم التنمية، وتسبب فوضى مناخية، لأن الإنسان هو السبب الرئيسي في كثر الانبعاثات الكربونية في الكوكب.
هل ينبغي أن نخاف من زيادة سكان العالم؟
الزيادة المستمرة في عدد سكان العالم كانت دوماً موضع اتهام بتعريض البشرية للخطر، ولتجنب الأسوأ، كثيراً ما تجري التوصية باستقرار عدد سكان العالم، بل أكثر من ذلك، بضرورة انخفاضه، لأن النمو السكاني يؤثر على قدرة الأرض على تحمل تغير المناخ وامتصاص الانبعاثات، مثل إزالة الغابات حيث يتم تحويل الأراضي للاستخدام الزراعي لإطعام عدد متزايد من السكان.
التأثير المناخي
وتأثيرات الاحترار العالمي تلحق الضرر بالفعل بالمجتمعات البشرية والعالم الطبيعي، المزيد من الارتفاعات في درجات الحرارة سيكون لها تأثير مدمر وهناك حاجة ملحة لاتخاذ مزيد من الإجراءات بشأن انبعاثات غازات الاحتباس الحراري، بحسب ما أكده الدكتور محمد فهمي أستاذ التغيرات المناخية.
ولاشك في أن النمو السكاني هو مساهم رئيسي في الاحترار العالمي، بالنظر إلى أن البشر يستخدمون الوقود الأحفوري لتشغيل أنماط حياتهم الميكانيكية بشكل متزايد، يعني زيادة الطلب على النفط والغاز والفحم وأنواع الوقود الأخرى التي يتم استخراجها أو حفرها من تحت سطح الأرض والتي عند حرقها ، تنبعث ما يكفي من ثاني أكسيد الكربون (CO2) في الغلاف الجوي .
البلاد المتأثرة بالنمو السكاني
وتشير التوقعات السكانية الجديدة إلى أن تسعة بلدان فقط ستشكل أكثر من نصف النمو المتوقع لسكان العالم، والدول بترتيب النمو هي الهند، ثم نيجيريا، باكستان، جمهورية الكونغو الديمقراطية، إثيوبيا، جمهورية تنزانيا المتحدة، إندونيسيا، مصر، ثم الولايات المتحدة.
ويتوقع التقرير أن تتفوق الهند على الصين، لتصبح أكبر بلد في العالم من حيث عدد السكان في حوالي عام 2027، وهناك توقعات أخرى بتضاعف عدد سكان إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى بحلول عام 2050، بنسبة زيادة تصل إلى 99%.
وفي نفس الفترة، ستسجل معدلات نمو سكانية أقل في شمال إفريقيا وغرب آسيا (46%) وأستراليا ونيوزيلندا (28%)، ووسط وجنوب آسيا (25%)، ونسبة 56% في أوقيانوسيا (وتستثنى منها أستراليا ونيوزيلندا)، أمريكا اللاتينية والبحر الكاريبي (18%)، شرق وجنوب شرق آسيا (3%)، وأخيرا أوروبا وأمريكا الشمالية (2%).
معدل الخصوبة العالمي في انخفاض
ويؤكد أستاذ التغيرات المناخية، أنه من المتوقع أن معدل الخصوبة العالمي، الذي كان قد انخفض عام 2019 إلى 2.5 ولادة لكل امرأة، مقارنة بمعدل 3.2 عام 1990، سيواصل الانخفاض عام 2050 إلى أن يصل إلى معدل 2.2 ولادة لكل امرأة.
وفي تقرير للأم المتحدة، يقارن معدلات الخصوبة حسب المناطق الآتية، في منطقة جنوب الصحراء الكبرى الإفريقية (4.6 ولادة لكل امرأة)؛ أوقيانوسيا باستثناء أستراليا ونيوزيلندا (3.4 ولادة)، شمال إفريقيا وغرب آسيا (2.9 ولادة) ووسط وجنوب آسيا (2.4 ولادة(.
وتقول الدراسة الأممية إن مستوى الخصوبة المطلوب لضمان استبدال الأجيال وتجنب انخفاض عدد السكان على المدى الطويل في غياب الهجرة، ينبغي أن يبلغ 2.1 مولود لكل امرأة على الأقل.
وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الاقتصادية والاجتماعية، السيد ليو تشن مين، يقول إن التقرير يقدم لنا خارطة طريق تشير إلى الأماكن التي ينبغي استهدافها بالإجراءات والتدخلات، والعديد من مجموعات السكان الأسرع نموا تتركز في البلدان الأشد فقرا، حيث يجلب النمو السكاني فيها تحديات إضافية للجهود المبذولة للقضاء على الفقر وتحقيق المساواة ومكافحة الجوع وسوء التغذية وتعزيز تغطية ونوعية النظم الصحية والتعليمية.
كيف تؤثر الزيادة السكانية على الاقتصاد العالمي؟
تؤثر الزيادة السكانية بصورة مباشرة على النمو الاقتصادي، ولكن التأُثير مختلف بين الدول بحسب الدكتور على الإدريسي الخبير الاقتصادي، فإن أحدث الدراسات الاقتصادية، ترى أنه في بعض الدول كان ارتفاع النمو الاقتصادي هو مسبب ارتفاع النمو السكاني وفي دول أخرى كان الأمر بالعكس، حيث كان ارتفاع النمو السكاني هو المسبب لارتفاع النمو الاقتصادي، أي أن العلاقة السببية يمكن أن تكون طردية ومن أي متغير منهما نحو الآخر.
وفي بعض الدراسات الأخرى، وجد أن العلاقة السببية كانت من الاتجاهين، أي أن النمو الاقتصادي يسبب النمو السكاني والعكس صحيح أيضاً، وفى دراسات أخرى، لم تكن العلاقة بين المتغيرين سببية على الإطلاق.
الآثار المترتبة على النمو السكاني السريع
الآثار المترتبة على الاقتصاد من النمو السكاني تختلف اختلافاً كبيراً بين الدول النامية والمتقدمة، فيوضح "الإدريسي"، أن البلدان التي تكون فيها مستويات التعليم مرتفعة بالفعل، ويوجد فيها استثمار مرتفع في أنظمة النقل والاتصالات الحديثة، واستقرار نسبى في النظام السياسي والاقتصادي، تكون هذه الدول مجهزة تجهيزاً جيداً للتعامل مع النمو السكاني السريع، وهذا الأمر صحيح، سواء كانت مواردها الطبيعية محدودة أم لا.
تأثير الدول النامية بزيادة السكان
أما في بعض البلدان النامية الأخرى التي لا تتوافر فيها الظروف المشابهة نفسها لدول جنوب شرق آسيا السابق ذكرها، فقد كان النمو السكاني السريع مشكلة كبيرة بالنسبة لاقتصاديتها، وجعل من الصعب عليها تطوير المهارات البشرية والهياكل الإدارية اللازمة لاستغلال مواردها الطبيعية بالشكل الأمثل.
وتؤدي هذه الزيادة إلى زيادة نسبة الفقر من ناحية أخرى، وعلاوة على ذلك فإنه وفى دول نامية كثيرة من تلك التي تتسم بمعدلات مرتفعة من النمو السكاني آل بها الحال إلى أضرار بالغة على مستويات الادخار والاستثمار، وأصبح يتطلب النمو الاقتصادي فيها استثمارات تكميلية كبيرة في الطرق والخدمات العامة والصرف والبنية التحتية.
السيطرة على الزيادة السكانية
ويقول الخبير الاقتصادي، إن مصر تحاول القضاء على الفقر بكل الطرق لكن استمرار سيناريو الزيادة المرعبة في السكان سنويا، يجعل من محاربة الفقر أمر صعب للغاية، هنا محاربة الفقر يعتمد على زيادة معدلات التشغيل وتقليل معدلات البطالة لأدنى مستوياتها، وهذا يتعارض بشكل مباشر مع ارتفاع معدل الزيادة السكانية .
ويؤكد، أن الزيادة السكانية تعني استنزاف لموارد الدولة من أجل توفير احتياجات المواطنين وتحديدا ملف الدعم والذي يتزايد بصورة سنويا، وهنا خطط الدعم لن تجدي نفعا مع استمرار الزيادة السكانية الضخمة.