المستلزمات الطبية المنزلية بكل أنواعها، السرنجات، الشاش، القطن، المحاليل، وحتى زجاجات الأدوية الفارغة لايوجد منزل يخلو منها- خاصة بعد انتشار ظاهرة الطب المنزلي- يجري استخدامها في تطهير الجروح أو وصفات متداولة، فضلا عن الأدوية منتهية الصلاحية التي مر عليها وقت كبير دون استخدام، كل هذه المستلزمات تتحول أثناء التخلص منها إلى سم قاتل وأكبر السبل لنقل العدوى والأمراض الخطرة والمزمنة، وتلويث مياه الشرب.
طرق التخلص غير الآمنة من المستلزمات الطبية الخطرة
الشائع لدى الأسر المصرية هو وضعها في صناديق وأكياس القمامة، كما يحدث مع غيرها من نفايات المطبخ والمنزل بشكل عام، ولكن الأطباء والمتخصصين وصفوا هذه الطريقة بالخطيرة والمميتة لما تحمله هذه المستلزمات من فيروسات لا تزال حيه ومن أمراض وعدوى يسهل انتقالها عند ملامسة العاملين على جمع وفصل النظافة لها.
النفايات الطبية
وأكد المختصون أن التخلص من المستلزمات الطبية المنزلية إن لم يكن بالطريقة الآمنة سيعرض أهل المنزل، وكذلك العاملون على جمع القمامة وفصلها، إلى مخاطر صحية تصل بهم إلى حد الإصابة بأمراض قاتلة.
المركز القومي للبحوث
يقول الدكتور أسامة عزمي، الأستاذ بالمركز القومي للبحوث، أول مخاطر هذه المستلزمات هي تخلص بعض المنازل منها عبر الصرف الصحي، وهو سلوك كارثي يؤثر على جودة مياه الشرب.
مياه الشرب في خطر
ويضيف، إذا تخلص البعض من الأدوية منتهية الصلاحية، أو الأقراص والحبوب، وأحيانًا يتم الإلقاء بالأمبولات والسرنجات في الصرف الصحي، فإن هذا التصرف يحتمل عدم إفلات هذه المستلزمات بنسبة 100% من عملية معالجة مياه الشرب.
فيروس سي وكبد وبائي ونقص مناعة
ويشير الأستاذ بالمركز القومي للبحوث إلى الأخطر من ذلك، فيقول، عند التخلص من هذه المستلزمات بتركها مكشوفة في أكياس القمامة المنزلية، قد تخترق جلد ربة المنزل أثناء إضافة مخلفات للقمامة، أو عامل النظافة أثناء جمع القمامة، واختراق هذه المستلزمات الملوثة للجلد ينقل عدوى خطيرة مثل فيروس سي، والتهاب الكبد الوبائي، ومرض نقص المناعة.
أنواع المستلزمات الطبية المنزلية
وعن أنواع هذه المستلزمات، تقول الدكتورة أماني عامر استشاري مكافحة العدوى، في حديثها لـ"بوابة الأهرام"، توجد نفايات حادة مثل المشارط، والإبر، ونفايات غير حادة مثل الشاش والقطن، والقفازات، وعبوات المحاليل البلاستيكية، إضافة إلى غيارات الجروح المخلوطة بسوائل جسم المريض كالدم، والإفرازات الناتجة عن الإصابات المختلفة .
النفايات الطبية
التخلص الآمن من المستلزمات الطبية المنزلية
وبسبب افتقار عدد كبير من الناس لطرق التخلص الآمن من هذه المستلزمات الطبية، فليس بإمكاننا إلا أن نوجههم بوضع تلك المستلزمات الحادة منها في عبوة بلاستيكية غير منفذة للأجسام الحادة، مع إحكام غلقها جيدًا، ثم وضعها في صندوق القمامة.
أما المستلزمات غير الحادة، فيكتفي بوضعها في كيس عادي، وإحكام غلقه جيدًا، قبل وضعه في صندوق القمامة.
المنزل فيه سم قاتل
ويأتي التوجيه بهذه الخطوات حماية للجميع، فتقول استشاري مكافحة العدوى، إن وجود هذه المستلزمات في المنزل بشكل مكشوف، قد يتسبب في انتشار العدوى الموجودة بها، خاصة عند ملامستها من أفراد المنزل أثناء وضع نفايات أخرى، أو من عمال النظافة القائمين على جمع وفصل القمامة.
انتقال الأمراض المعدية عبر المستلزمات الطبية المنزلية
وينتقل المرض والعدوى إلى الآخر الذي تتلامس المستلزمات مع يده، إذا توافرت شروط انتقال العدوى، كانخفاض مناعته، أو وجود جرح بيده، ليصبح ضحية الاستهانة بمخاطر هذه المستلزمات، التي تحدث نتيجة عدم اتباع الخطوات السابقة في التخلص منها.
إعادة تدوير الموت
لا تهدد مخاطر المستلزمات الطبية المنزلية القائمين على جمعها فقط، وهم عمال النظافة، وإنما يمتد الخطر ليصل إلى الإنسان العادي الذي يذهب لشراء مستلزمات الوقاية من الأمراض، فبحسب الدكتورة أماني عامر، هناك البعض ممن يقومون بإعادة تدوير للمخلفات الطبية، كالقفازات مثلا، وإعادة استخدامها مما يتسبب في انتقال العدوى، لأنها لا تصلح للاستخدام أكثر من مرة.
كذلك الأمر في السرنجات المستخدمة، إذ يلجأ البعض لإعادة استخدامها من جديد، لافته إلى المتورطين في مرض الإدمان ممن يسكنون العشوائيات إذ يلتقطون هذه السرنجات غير مكترثين إلا للمادة التي يشغلهم فقط ملء السرنجة بها لحقن الجلد وهو ما يسمى بالتعاطي.
أمراض خطيرة وقاتلة
تتمثل الخطورة هنا في انتشار العدوى من هذه الأدوات التي هي في الأساس نفايات طبية لمرضى التصقت أمراضهم بها، وعندما يعاد تدويرها بهذه الطرق الخطيرة تصبح هذه العملية ما هي إلا إعادة تدوير للمرض والموت، ومن بين الأمراض المحتمل انتقالها بسبب اختلاط الدم الموجود بهذه المخلفات مع دم القائمين على جمعها، الالتهاب الفيروسي B، الالتهاب الفيروسي C، والإيدز، وغيرها من الأمراض الخطيرة، والقاتلة.
الدائرة الأقرب لخطر المستلزمات الطبية
وهذه الأمراض للأسف من المحتمل أن تنتقل لأحد أفراد أسرة المصاب بها إذا تحققت بينهم شروط انتقال العدوى وهو ما يتسبب في انتشار العدوى ليس على نطاق الأسرة فقط وإنما على نطاق أوسع حيث المجتمع.
النفايات الطبية
كورونا يزيد المخاطر
وإن كانت هذه هي الطريقة السائدة للتخلص من المستلزمات الطبية المنزلية، فإن بعد جائحة كورونا قد ارتفع مما لا شك فيه حجم هذه المستلزمات بسبب كثرة استخدام الناس للمستلزمات الطبية، حيث المرضى يستخدمون مستلزمات العلاج، والأصحاء يستخدمون مستلزمات الوقاية، هذا إلى جانب تصريحات منظمة الصحة العالمية بأنه بين عامي 2020 و 2022، ساهمت إدارة أكثر من 8 مليارات لقاح في خلق 144 ألف طن من المستلزمات الإضافية، ليأتي السؤال:
ما مصير هذه المخلفات التي أتت بها الجائحة؟
المستلزمات الطبية المنزلية تهدد البيئة
وفق ما رصدته منظمة الصحة العالمية بلغ إجمالي مخلفات اللقاحات خلال جائحة كورونا، 435 مليون طن مخلفات، وبسبب الثغرات الكبيرة في كيفية التخلص من معدات الحماية الشخصية، شهدت البلاد الأفريقية معدلات نفايات غير مسبوقة، بسبب عدم وجود محارق مناسبة، حيث تم حرق معظم معدات الوقاية الشخصية في العراء وفي براميل، مما ساهم في زيادة كمية الانبعاثات السامة المنبعثة في البيئة.
المستلزمات الطبية المنزلية تهدد سلاسل الغذاء
المخاطر التي تخلفها المستلزمات الطبية بسبب عدم التخلص منها بطريقة آمنة لم تقتصر على تهديدها للبيئة عند اللجوء لحرقها مما يتسبب في انبعاثات سامة في الغلاف الجوى، وإنما امتدت لتشمل سلاسل الغذاء البحرية، بسبب اللجوء للتخلص منها عبر المحيطات، فوفقًا لتقرير صادر عن منظمة الصحة العالمية، فإن ما يقدر بنحو 8 ملايين طن من البلاستيك يتم إلقاؤها بالفعل وسنويًا في المحيطات.
دراسة علمية
وهي الكارثة التي أكدتها دراسة علمية أجريت في معهد النشر الرقمي متعدد التخصصات (MDPI)، أفادت بأن أي نفايات طبية لمعدات الوقاية الشخصية التي لا يتم التخلص منها في مدافن القمامة أو في المحارق ينتهي بها الأمر بالتخلص منها في المحيطات.
وحسب الدراسة، تعد معدات الوقاية الشخصية مصدرًا آخر للألياف البلاستيكية واللدائن الدقيقة، وعلى سبيل المثال، يمكن أن يطلق القناع الواقي للوجه ملايين من الجسيمات البلاستيكية الدقيقة في البيئة المائية، والتي يمكن أن تصبح جزءًا من السلسلة الغذائية، مما يعرض صحة الإنسان للخطر باعتباره متناولًا لهذه الأغذية.
تدوير الكمامة يقتل مستخدمها
ومن مخاطر المخلفات الطبية الناتجة عن جائحة كورونا، الكمامة، حيث للأسف البعض لاستخدام كمامة شخص آخر كوسيلة للمرور من موقف طارئ تعرض له مثل تواجده في مكان لا يسمح بدخول من لا يرتديها أو مكان آخر يفرض غرامات على متجاهلي ارتدائها، وهنا يلجأ البعض للاستعانة بكمامة الغير حتى يمر من الموقف، لكنه لا يعلم أن الموقف قد يمر، ولكن صحته قد تتدمر بعدوى يسهل التقاطها أثناء تبديل الكمامات.
الفيروس لا يزال نشطًا
هذا فضلًا عن أن الإمساك بهذه الكمامة المستخدمة من قِبَل شخص آخر يكون بمثابة الإمساك بالفيروس نفسه فبحسب الدكتورة أماني عامر فإن عمر الفيروسات لا ينتهي بمجرد ترك الكمامة، وإنما يمتد لفترة عليها، قائلة: "علينا الحذر لأن الفيروس لا يزال مسببًا للعدوى".
معالجة مشكلة المستلزمات الطبية المنزلية
وتشير استشاري مكافحة العدوى، إلى الحل فتقول إنه يتمثل في الوعي إذ لا بديل عنه كوسيلة فعالة في توجيه سلوك الناس نحو الطرق الصحيحة والآمنة لحماية أنفسهم كأفراد أسرة واحدة، والعاملين على جمع هذه المستلزمات الطبية من المنازل، وكذلك المجتمع من انتشار العدوى والأمراض المعدية.
إلى جانب ذلك، تقترح أن يكون هناك سبل تعاون في صورة خدمة مجتمعية مدفوعة الأجر، تتيح للأشخاص تسليم المستلزمات الطبية المنزلية – بعد جمعها بالطرق الآمنة – إلى أقرب مؤسسة صحية للتخلص منها عبر المنظومة الآمنة المتوافرة لديها.
وعن المقابل المادي لهذه الخدمة اقترحت استشاري مكافحة العدوى، أن يؤديه القادرون على ذلك على أن تتبناه مؤسسات المجتمع المدني لغير القادرين خاصةً من أصحاب الأمراض المزمنة الذين يستخدمون هذه الأدوات في علاجهم بشكل يومي والتي تتحول بعد استخدامها إلى نفايات خطرة.
حملة إعلانية ومشاهد درامية
ويتفق مع هذا الحل الدكتور أسامة عزمي، فيقول، لا بديل عن توعية المواطن بمخاطر تخلصه من المستلزمات الطبية المنزلية بالطرق العشوائية وأنه لابد من تثقيفه بالطرق الصحيحة عبر وسائل الإعلام المختلفة ويا حبذا لو تمت الاستعانة بمشاهد درامية تنقل جزءًا من الأمراض التي تصيب البعض بسبب المستلزمات الطبية المنزلية، لافتًا إلى دور الفن الفعال في التأثير بالمُشاهد والتعديل من سلوكه عبر وضعه داخل دائرة الخطر من خلال تجسيد لموقف حقيقي.