<ul> <li dir="RTL"><strong>يلح علي َّمنذ فترة سؤال مهم: هل تحتاج أوطاننا إلى الثائر أم المصلح أم إليهما معا ً؟</strong></li> <li dir="RTL"><strong>وهل دعوة الرسل أقرب إلى ثورة الثوار أم إصلاح المصلحين؟</strong></li> <li dir="RTL"><strong>وما الفرق بين الثائر والمصلح؟</strong></li> <li dir="RTL"><strong>أسئلة كثيرة يضيق المقام عن إجابتها.. ولكني سأجيب اليوم عن إشكالية الثائر والمصلح في بلادنا</strong><strong><span dir="LTR">.</span></strong></li> <li dir="RTL"><strong>فالثائر عادة ما يكون شابا ًتملؤه الحماسة والعاطفة الصادقة التي تغطي كثيرا ًعلى قليل علمه وضئيل حكمته وضعف خبراته ورزانة عقله</strong><strong><span dir="LTR">.</span></strong></li> <li dir="RTL"> <strong>أما المصلح فهو عادة كبير السن هادئ الطبع لا يسمح لعاطفته ولا لدفقها أن تغلب عقله أو تغطي على حكمته أو تمسح نتاج خبراته</strong><strong><span dir="LTR">.</span></strong></li> <li dir="RTL"><strong>ولذلك كان كل الأنبياء يوحى إليهم بعد الأربعين.. ولم يبعث أي نبي في سن الشباب حيث سن الشهوة والنزق والطيش مع القوة والفتوة والحماسة الصادقة والتضحية بلا حدود.. فالنبوة هي أصل التغيير ولكنها إصلاحية في أساسها وجوهرها</strong><strong><span dir="LTR"> .</span></strong></li> <li dir="RTL"><strong>والثائر شاب يريد أن يزرع اليوم ليحصدها غدا ً مهما كانت الثمرة عظيمة </strong><strong><span dir="LTR">.. </span></strong><strong>ويريد أن يهدم الكون كله ليبنيه غدا ً على طريقته الخاصة</strong><strong><span dir="LTR">. </span></strong></li> <li dir="RTL"><strong>والأنبياء جاءوا ليزرعوا على مهل ويحصدوا على مهل..فثمرة المانجو وحدها تستغرق 7 سنوات فما بالنا ببناء أمة أو إصلاح شعب أو حكومة أو إقامة دولة تقيم العدل السياسي والاجتماعي وتحق الحقوق</strong><strong><span dir="LTR"> .</span></strong></li> <li dir="RTL"><strong>والثائر يرغب أحيانا ً في أن يهدم الكون أو النظام أو الدولة ولكنه قد لا يستطيع بناءه..</strong><strong><span dir="LTR"> </span></strong><strong>أما المصلح فيعلم أن الله لا يعجل لعجلة أحد.. وهو رجل بناء في الأساس يقدم بناء الساجد على المساجد والإنسان على المؤسسة</strong><strong><span dir="LTR">. </span></strong></li> <li dir="RTL"><strong>والثائر قد يحاول خرق سنن الكون أو يصطدم بها.. وقد ينجح أو يفشل فهو لا يعير سنن الله في كونه وخلقه التفاتا أما المصلح فهو يتواءم ويدور مع هذه السنن.. وهو ينجح على المستوى البعيد والإستراتيجي في التغيير.. إذ إن له أثرا تراكميا في النفوس والقلوب.. وقد يأتي بعض الحكام والصالحين أو الثائرين ليطبق أفكاره وينزلها على الأرض</strong><strong><span dir="LTR">.</span></strong></li> <li dir="RTL"><strong>والثائر كالدواء سريع المفعول ولكنه قصير العمر في تأثيره.. مبهر في نتائجه وآثاره.. ولكن هذا الإبهار لا يستمر طويلاً بل يزول سريعاً.. أما المصلح فهو كالدواء بطيء المفعول ممتد الأثر.. وقد يؤثر في عشرات الأجيال ومئات السنوات</strong><strong><span dir="LTR">.</span></strong></li> <li dir="RTL"><strong>والثائر يحسن حشد آلاف الشباب بدغدغة عواطفهم واستثارة حماستهم ومخاطبة عواطفهم أكثر من عقولهم.. أما المصلح فهو يخاطب العقل ولا يعمد إلى دغدغة المشاعر أو تهييجها.. ولا يحسن حشد الجموع والآلاف ويهتم بالخاصة والعلماء.. ويهتم بفقه "المآلات والنتائج" و"فقه المراجعة" و"فقه المصالح والمفاسد".. ويهتم بالإستراتيجي قبل التكتيكي.. وبالبناء قبل الهدم.. وتغيير القلوب والنفوس قبل تغيير المؤسسة والنظام</strong><strong><span dir="LTR">.</span></strong></li> <li dir="RTL"><strong>والثائر يحسن صنع العداوات والصراعات وتهييج الأنفس للمواجهة والصراع بصوره المختلفة..أما المصلح فيحب المصالحة والمواءمة وكسب الرجال قبل كسب المواقف</strong><strong><span dir="LTR">.</span></strong></li> <li dir="RTL"><strong>والثائر يريد كل شيء وقد يفقده ذلك كل شيء..والمصلح يأخذ المتاح من الخير ثم يبني عليه ويدرك "أن من أراد كل شيء فقد كل شيء</strong><strong><span dir="LTR">".</span></strong></li> <li dir="RTL"><strong>والثائر يتصور أن الزمان بدأ به وسينتهي عنده.. وأن الوطن قبله لم يعرف الخير والصواب والحق وإنه ورفاقه هم بداية الوطنية والاستقامة والعطاء</strong><strong><span dir="LTR">..</span></strong><strong>ويتسرع عادة في تكفير خصومه أو تخوينهم</strong><strong><span dir="LTR">.</span></strong></li> <li dir="RTL"><strong>أما المصلح فيعرف أنه حلقة من حلقات خير وصلاح سبقته ملايين الحلقات وستتبعه مثلها.. وهو يزن الناس بحسناتهم وسيئاتهم.. ويعرف سابق أفضالهم وحاضر فسادهم أو ظلمهم.. ويدرك أن الناس - كل الناس - وهو منهم خليط من الخير والشر والعدل والظلم والنور والظلام</strong><strong><span dir="LTR">.</span></strong></li> <li dir="RTL"><strong>والثائر قد يهتم بجاهه ومكانته بين الناس أكثر من حرصه على المصالح العليا لدينه ووطنه..والمصلح قد لا يهمه جاهه في ذات الله</strong><strong><span dir="LTR">.</span></strong></li> <li dir="RTL"><strong>والثائر قد يرغب أن يثور كلما حانت له فرصة.. ناسيا ً أن الثورات هي استثناء في حياة الأمم لما فيها من العداوة والدماء.. أما المصلح فعمله مستمر لا ينقطع ومهمته لا تنتهي لأنها بناء متواصل طويل المفعول</strong><strong><span dir="LTR">.</span></strong></li> <li dir="RTL"><strong>والأمة نادراً ما تحتاج للثائر.. ولكنها دوماً وباستمرار تحتاج للمصلح</strong><strong><span dir="LTR">.. </span></strong><strong>المهم أن يعرف كل منهما قدره ووظيفته ووقته.. ويضع كل منهما نفسه في مكانه الطبيعي والحقيقي</strong><strong><span dir="LTR">.</span></strong></li> <li dir="RTL"><strong>معظم الثورات ولدت خراباً ودماراً لا نهاية له، وما بعد الثورات كان دوماً أسوأ بكثير مما قبلها ولنا عبرة في كل الثورات المصرية والعربية.</strong></li> </ul>