ضرورة تحمل الدول المسببة للاحتباس الحراري بالتزامها التاريخي والأخلاقي تجاه كوكب الأرض، أصبح مطلبًا ملحًا، في الوقت الذي تحذر التقارير الدولية المعنية بظاهرة تغير المناخ من أن العالم يضخ ألف طن من غازات الاحتباس الحراري في الغلاف الجوي كل ثانية ويتركز مليارات الأطنان من ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي وهو أعلى مستويات له منذ آلاف السنين.
موضوعات مقترحة
وأدى ذلك إلى ارتفاع في متوسط درجات حرارة كوكب الأرض، وانخفاض في جودة الهواء، وارتفاع مستوى سطح البحر، والعديد من الظواهر المناخية الجامحة التي بدأت تحدث وتضاعف بمعدل بـ 3 مرات ومعاناة الأجيال القادمة أكثر، وقد تم تقدير الخسائر الناتجة عن تغير المناخ ما بين 150 إلى 300 مليار دولار سنوياً (3,6 تريليون دولار من عام 1970 وحتى الآن).
ودعا الرئيس عبدالفتاح السيسي، قادة العالم اليوم المشاركين في قمة المناخ cpo27، إلى الانتقال من مرحلة التعهدات إلى التنفيذ، وقال: "إن وجودكم هنا رسالة تأكيد على الاهتمام بالمناخ العالمي، وأرجو أن ينعكس على مواقف دولية لتحقيق عنوان قمتنا وهو التنفيذ، وأرجو أن تكون رسائلكم إلى العالم واضحة لديها خطوات واحدة بالتزمات وتعهدات، ووضع إستراتيجياتكم لخفض الانبعاثات وإطلاق مبادرات طموحة والانضمام إلى مبادارات جديدة، والأهم من ذلك توجيهاتكم إلى مفاوضيكم خلال الأسبوعين المقبلين من التحلي بالمرونة للخروج إلى نتائج وتوافق".
وقال الرئيس "إن الأمل ليس أمل التمني؛ بل هو أمل العمل والقدرة على الفهم، فعلى مدار ما مضى كانت هناك نماذج مضيئة في تنفيذ التعهدات وأدعوكم أن نحتذي بهذه النماذج ولا نسمح بأي عوامل تحد من عزيمتنا لمواجهة تحدي المناخ.. حان الوقت للعمل والتنفيذ ولا مجال للتراجع، كفانا تضييع للفرص، وذلك حماية لأبنائنا وأحفادنا، وأنتم أهل للمسئولية الملقاة على عاتقكم، وأتمنى لكم دورة موفقة وناجحة".
وقد أشارت تقارير بأن الانبعاثات العالمية لثاني أكسيد الكربون قفزت في 2021 إلى مستويات قريبة من تلك القياسية المسجلة خلال فترة ما قبل كوفيد، الجائحة التي تسببت بشلل اقتصادي عالمي أدى إلى انخفاض ضخم في انبعاثات غازات الدفيئة.
وأظهرت الدراسة التي أجراها "غلوبل كربون برودجكت"، أن إجمالي انبعاثات ثاني أكسيد الكربون في العالم في 2021 سيصل إلى مستوى يقل بنسبة 0.8 بالمئة فقط عن مستواه في 2019، وأضافت أن الانبعاثات الناتجة عن استخدام الفحم الحجري في 2021 ستتجاوز المستوى الذي كانت عليه قبل الجائحة ولكنها ستبقى دون مستواها القياسي المسجل في 2014.
انبعاثات الكربون تتسبب في وفاة ملايين البشر
وفي هذا الصدد فقد حذرت دراسة جديدة من أن استمرار انبعاثات الكربون حول العالم قد يتسبب في وفاة ملايين البشر، ووفق الدراسة التي نشرتها دورية "نيتشر كومينيكيشنز"، في شهر يوليو الماضي، فإن هناك فجوةً كبيرة في التقديرات الحالية للتكلفة الاجتماعية مقابل كل طن من انبعاثات الكربون مقارنة بعدد الوفيات، إذ تشير الدراسات الحديثة إلى أن تغير المناخ سيؤدي إلى ملايين الوفيات المبكرة، في حين أن التقديرات الحالية للتكلفة الاجتماعية للكربون تعتمد على أبحاث قديمة لا تتضمن تلك التوقعات.
و تفسر الدراسة فقط الوفيات المرتبطة بدرجة الحرارة المباشرة، مثل ضربات الشمس، وتستبعد الوفيات المحتملة من العواصف والفيضانات وفساد المحاصيل الزراعية، والأمراض المعدية أو الحروب، وكلها تهديدات متوقعة على نطاق واسع، ولكن يصعب تحديدها كميا.
وفي ذات السياق، يقول الدكتور مجدي علام مستشار برنامج المناخ العالمي وأمين عام اتحاد خبراء البيئة العرب، إنه من المتوقع أن تواجه المناطق الأكثر سخونة وذات الدخل المنخفض تأثيرًا أكبر لانبعاثات الكربون، متمثلًا في زيادة حالات الوفيات أكثر من المناطق الأكثر برودةً وذات الدخل المرتفع.
ويضيف مستشار برنامج المناخ العالمي، أن البلدان ذات الدخل المرتفع لديها المزيد من الموارد لعمل استثمارات في السياسات الدفاعية التي تقلل من تأثير الوفيات الناتجة عن التعرض لدرجات الحرارة المرتفعة، مستكملا أن البلدان في شمال إفريقيا والشرق الأوسط تعاني من ارتفاع درجات الحرارة، ونظرًا إلى التباين الكبير في مستويات الدخل، فإن بلدًا مثل المملكة العربية السعودية يتوقع أن يتأثر بشكل أقل من سوريا على سبيل المثال، رغم أن المملكة هي الأعلى في درجات الحرارة، لكنها أيضًا الأعلى في مستوى الدخل، وستتأثر بالتأكيد هي ودول عربية أخرى مثل الإمارات العربية المتحدة، وقطر، والكويت.
كيف يمكن للعالم أن يتحرك نحو خفض الانبعاثات إلى الصفر؟
ويؤكد علام، أنه للتحرك نحو خفض الانبعاثات الكربونية فإن التكنولوجيا اللازمة للوصول بالانبعاثات إلى الصفر متوفرة وميسورة التكلفة، وأحد العناصر الأساسية في ذلك هو تزويد الاقتصاد بالطاقة النظيفة، واستبدال الفحم الملوث ومحطات الطاقة التي تعمل بالغاز والنفط بمصادر الطاقة المتجددة، مثل مزارع الرياح أو الطاقة الشمسية، موضحا أنه يقلل بشكل كبير من انبعاثات الكربون، بالإضافة إلى ذلك فإن الطاقة المتجددة أرخص من الوقود الأحفوري، وستؤدي عملية التحول، بصورة كاملة، إلى النقل الكهربائي، المدعوم بالطاقة المتجددة، إلى لعب دور كبير في خفض الانبعاثات، مع ميزة إضافية تتمثل في خفض تلوث الهواء في مدن العالم الرئيسية.
ويشير مستشار برنامج المناخ العالمي، إلي السيارات الكهربائية بأنها أرخص ثمنا وأكثر كفاءة، وقد اقترحت العديد من البلدان، بما في ذلك تلك التي التزمت بخفض الكربون إلى الصفر، خططًا للتخلص التدريجي من بيع السيارات التي تعمل بالوقود الأحفوري.
الدكتور مجدي علام