بمناسبة انعقاد مؤتمر المناخ الذي تستضيفه مصر في مدينة شرم الشيخ، وهو أول مؤتمر دولي من نوعه تستضيفه مصر بمشاركة قادة دول العالم، تستحق القضية التي نحن بصدد الحديث عنها، أن تطرح على موائد المؤتمر، وأن تلقى العناية الكافية من جانب زعماء العالم المشاركين في جلسات هذا المؤتمر المهم.
صدر مؤخرًا تقرير تداولته بعض وسائل الإعلام الدولية، يقول إن هناك العديد من المدن المهددة بالغرق بسبب ارتفاع مستوى سطح البحر الناتج عن ظاهرة الاحترار المناخي، وعلى رأس هذه المدن: ميامي الأمريكية والإسكندرية المصرية وشنغهاي الهندية.
يضيف التقرير الذي نشر على نطاق واسع في بعض وسائل الإعلام العالمية منذ أيام: أنه وفقًا لأكثر سيناريو تفاؤلاً وضعته الأمم المتحدة، سيصير ثلث مدينة الإسكندرية تحت الماء أو غير صالح للسكن بحلول عام 2050، إذ سيُضطر رُبع سكانها البالغ عددهم 6 ملايين نسمة إلى ترك منازلهم، ويحذر التقرير من غرق آثارها القديمة وكنوزها التاريخية.
وقد سبق أن اضطر مئات من سكان الإسكندرية إلى هجر مساكنهم التي اختلت جدرانها بفعل زحف المياه والسيول في عام 2015، وكذلك في عام 2020.
وتقول الدراسات إن مدينة الإسكندرية تغرق كل عام بأكثر من 3 مليمترات، بفعل السدود المقامة على نهر النيل التي تمنع وصول الطمي الذي أسهم في الماضي في توطيد تربتها وعمليات استخراج الغاز من الحقول البحرية.
وتتوقع هذه الدراسات أن يرتفع مستوى البحر الأبيض المتوسط مترًا واحدًا في غضون العقود الثلاثة المقبلة، وفقًا لأسوأ توقعات الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ التابعة للأمم المتحدة، ويقول خبراء الأمم المتحدة إن مستوى البحر الأبيض المتوسط سيرتفع أسرع من أي مكان آخر في العالم تقريبًا.
لكن الخطر لن يقتصر على مدينة الإسكندرية وحدها، بل إن من شأن هذا التغير المناخي، حسب توقعات الخبراء، أن يغرق ثلث الأراضي الزراعية عالية الإنتاجية في دلتا النيل!
وحتى بالنسبة لأفضل سيناريو، يتوقع تقرير التنمية البشرية لعام 2021 الصادر عن وزارة التخطيط المصرية بالتعاون مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي أنه بحلول عام 2050 قد يرتفع منسوب البحر المتوسط بمقدار متر واحد نتيجة الاحترار العالمي، ما ينتج عنه غمر بعض المدن الصناعية والمدن ذات الأهمية التاريخية مثل الإسكندرية ودمياط ورشيد وبورسعيد.
وإذا ارتفع منسوب البحر بمقدار نصف متر، "قد يغرق 30% من مدينة الإسكندرية، ما سيؤدي إلى نزوح ما يقرب من 1.5 مليون شخص أو أكثر". كما يُتوقع أن يؤدي ذلك إلى فقدان 195 ألف شخص وظائفهم.
ووفقًا لدراسات بعض المتخصصين، فإن منطقة دلتا نهر النيل تعتبر من أكثر دلتاوات العالم تعرضًا لتأثيرات تغير المناخ لانخفاض منسوبها بالنسبة لمنسوب البحر ما يعرضها لخطر الفيضان، ويقول هؤلاء الخبراء أن تأثير الظاهرة مؤكد وواضح من خلال الخرائط والاستشعار عن بعد، ويضربون مثلا بمنطقة رشيد التي تعد، في رأيهم، من أكثر المناطق في مصر تأثرًا.
وبمناسبة الحديث عن هذه القضية الخطيرة، تجدر الإشارة إلى تصريح مثير أطلقه رئيس الوزراء البريطاني السابق بوريس جونسون منذ عامين تقريبًا، قال فيه: "سنقول وداعًا لمدن بكاملها مثل ميامي والإسكندرية وشنغهاي التي ستضيع وسط الأمواج"!!
لقد آن الأوان لنأخذ مثل هذه التقارير على محمل الجد، وألا نغمض عيوننا عن خطر داهم قد تفاجأ به مصر عام 2050، أي بعد أقل من 30 عامًا، وهي فترة زمنية وجيزة في أعمار الدول؟ حفظ الله مصر وشعبها من كل سوء.