مازال العرب يتحاورون.. مازال العرب قادرين.. على تجاوز خلافاتهم وانقساماتهم اللعينة، اجتمعوا في الجزائر في قمتهم بعد 3 سنوات من الغياب، في محاولة جادة لإنقاذ المنطقة بحل عربي لمشكلاتهم التي لم تجلب عليهم إلا تهديد دولهم كلها، ووضعهم جميعًا في موقف حرج أمام العالم، وتأثرت كل جوانب الحياة، وظلت قضاياهم الكبرى بل المصيرية، لم تبرح مكانها، كانت عيوننا مترقبة في المتابعة للقمة العربية، التي عقدت في العاصمة الجزائرية في اليومين الأول والثاني من نوفمبر الحالي، فالعلاقات العربية - العربية التأمت وأصبحت على ما يرام، حتى نعمل بكل قدراتنا السياسية والاقتصادية الكبيرة وحل قضايانا القديمة والحديثة والمتجددة المشتعلة، التي أثرت على حياة الإنسان في كل بلد عربي، وجعلته في قمة معاناته منذ مطلع هذا القرن وحتى الآن، كنا نأمل أن يكون قرنًا مختلفًا عن سابقه العشرين، وأن يكون للعرب دورهم ومكانتهم، فإذا بنا مازلنا نواجه قضية فلسطين وتبعاتها المؤلمة لبحث دولتها المرتقبة، التي تعاندها كل الظروف، وتمر بأصعب وأدق نقطة في تاريخها الآن.
الاستئساد الإسرائيلي على الشعب الفلسطيني، وصل إلى مرحلة دقيقة، بل ذروته، يريدون التخلص من أبو مازن كما تخلصوا من عرفات، يحاصرون القدس، يحاصرون المخيمات، يضربون الخليل، يغتالون أي علم يحمل قضية فلسطين (غزة تحت الحصار والانقسام) الملف الفلسطيني مشتعل للغاية، منطقة الشام العربي هي الأخرى في مرحلة دقيقة، كلها ليست في أحسن أحوالها، سوريا منقسمة وتحت الاحتلال، وأكثر من 50% من شعبها في الملاجئ ومهاجرون في كل أنحاء العالم، ولبنان غير قادر على انتخاب الرئيس، وليس به حكومة، والتدخلات الخارجية الإقليمية موجودة هناك، وتريد لها موضع قدم للتأثير على القرار العربي، في ظل تلك الأوضاع الداخلية الصعبة، والصراع على السلطة بها، ولأن عدم الاستقرار الداخلي يجعل الآخرين يطمعون في السيطرة على قرارنا العربي.
(سوريا ولبنان) ملف عربي في حاجة إلى الدعم ومساعدة الدولتين على عودة الاستقرار، وكذلك التدخلات مازالت تؤثر على العراق الذي لم يتعاف تمامًا من الاحتلال الأمريكي، الذي فتح شهية العراقيين على الاستقطاب الطائفي الحاد، مما جعل الكل يسعى إلى الحل والدعم، ليس من الداخل العراقي، لكن من الخارج أيضًا، وتلك آفة عربية يجب التخلص منها.
كذلك مازالت ملفات اليمن وليبيا مرشحة لحروب عديدة ومتنوعة، والدولة هناك تحاول أن تقوم من الركام، وتعيد بناء مؤسساتها وبناء جيش جديد، الدولة ستكون لكل أبناء الشعب وليس الجماعات القليلة أو عصابات تستفيد من ثروة هذه البلاد لبناء تنظيماتها عن طريق نهب مقدرات الشعوب وحياتهم لصالح الجماعات التي تقف للدولة ومستقبلها بالمرصاد، وبالتالي يضربون مستقبل هذه البلاد.
لعل جامعة الدول العربية، كانت حصيفة في محاولة لم الشمل واستخدام الدبلوماسية الحكيمة للحفاظ على الحد الأدنى الذي يجمع بين العرب، الذين عقدوا القمة وتجاوزوا هذا الحد الأدنى، وطرحوا مشروعًا للأمن الغذائي، وسط الأزمات الصعبة التي تكتنف العالم، فالغذاء أصبح قضية حيوية، لأن العالم يواجه المجاعة بالحروب وبتغيرات المناخ، لم يبق للعرب، إلا أن يتعاونوا لحل المشكلات السياسية الدقيقة، في بلدانهم ويتعاونوا معًا للإنتاج والغذاء.
القمة لم تعطنا أملًا كبيرًا، لكنها لم تغلق باب الأمل والمستقبل أمام العرب، والباب مازال مفتوحًا، لأنهم يملكون الإمكانات والقدرات لإنقاذ دولهم وحل مشكلاتهم، وأن يفتحوا الأمل أمام الشعوب، لكي نعيش ونحيا في عالم جديد.