Close ad

"المباني المريضة"

1-11-2022 | 14:44
"المباني المريضة" هذا العنوان هو أحد مخرجات أفعال المناخ ونتائجه، وفي صدارتها ارتفاع درجة الحرارة، يضاف إلى عناوين وعبارات مستحدثة تسللت إلى حياتنا مثل "الحوكمة البيئية، العدالة المناخية، الحياد الكربوني.."، وغيرها الكثير، ما يعكس مدى التغير السريع الذي تسلل إلى حياتنا بسبب هذا المناخ، ونترك الأرقام تتحدث..


-    9 من بين 10 أشخاص، في العالم، يتنفسون هواءً غير صحي.


-    160 مرضًا ينتج عن الطقس ويصيب البشر بتأثير ارتفاع درجات الحرارة.


20 دولة فقط من بين 189 دولة التزمت بمعايير الانبعاثات الكربونية.


-    90 % من انبعاثات الحرارة نتيجة النشاط البشري، تمتصها المحيطات التي تقوم بدور أساسي في التخفيف من حرارة الأرض.


-    40 % من مجموع غازات العالم تخرج من الصين، الملوث الأكبر في العالم، تليها الولايات المتحدة.


-    45 % نسبة غاز الكربون المطلوب خفضها خلال الفترة من 2030 – 2050، لكي يعيش البشر حياة طبيعية على الكوكب.


هذه الأرقام الصعبة وغيرها، تعكس مدى المخاطر المتوقعة عرضتها الإعلامية المتخصصة رحمة ضياء عبر مبادرة مدرسة المناخ للصحفيين لتغطية قضايا المناخ، ضمن فعاليات ورشة العمل، الأسبوع الماضي، بعنوان "تأثير التغير المناخي على الصحة" بإشراف منظمة "أطباء بلا حدود"، وتحدثت فيها مبعوثة رئيس مؤتمر المناخ  "COP27" للشباب أمنية العمراني، ومستشار الأمراض المدارية وصحة الكوكب في المنظمة لاكلان ماكلفر، شارحًا تداعيات التغير المناخي وخطورة الانبعاثات الكربونية على الصحة العالمية، والكوارث الطبيعية كالسيول وانتشار الأمراض، ومدى الحاجة إلى اتخاذ إجراءات للتقليل من هذه التداعيات، وخاصة على الملايين من البشر حول العالم وهم الأكثر ضعفًا والأكثر مسئولية عن هذه الأزمة، ويدفعون ثمنها من صحتهم وحياتهم.


شرحت رحمة، كيف أن التخطيط  البيئي السليم، سواء للمباني أو للمدن، يهدف في نهاية الأمر إلى التكامل بين كافة الموارد التي تتواجد في البيئة سواء موارد طبيعية أو بشرية، ومن المهم أن تحقق التوازن بين الموارد البشرية والطبيعية، والتوصل لأفضل أسلوب لاستخدام هذه الموارد.


أي أن هناك علاقة غير مباشرة بين الصحة العامة وبين التخطيط العمراني السليم، فهو مصطلح واسع يشير إلى عملية تصميم المدن ومختلف المنشآت، ويشمل إنشاء قوانين تقسيم المناطق وأنظمة النقل والخدمات، كما يشمل تصميم الهياكل المادية للمدن، وإنشاء خطة مجتمعية، والمساعدة في تحديد مكان الخدمات العامة.


وعند القيام بأي تخطيط للمدن، لابد من إجراء الدراسات الميدانية للتعرف على المدينة والإيجابيات التي توجد بها، ولذلك نجد بعض الدراسات مثل الدراسات الطبيعية، ويتم خلالها دراسة كافة العوامل الطبوغرافية، والجوية الخاصة بالمدينة، ودراسة الهيكل العمراني للمدينة، وهنا يأتي دور الدراسات الاجتماعية، التي تهتم بدراسة السكان، ولتلافي التأثيرات غير المباشرة لظواهر تغير المناخ، لابد من مواجهة  ظاهرة "متلازمة المباني المريضة  -  “Sick Building Syndrome في السبعينيات من القرن الماضي مع بدء انتشار استخدام التبريد والتدفئة الصناعية والأجهزة الكهربائية.


ويستخدم مصطلح متلازمة المباني المريضة، كما يوضح المهندس المعماري يحيى محمد الزيني، عندما تظهر مجموعة من الأعراض المشتركة على عدد من الأشخاص المتواجدين داخل مبنى معين أو في جزء من المبنى وتختفي هذه الأعراض في حال مغادرة المبنى وقد لا تختفي؛ حيث قد تصل المضاعفات إلى مرض يسمى "Building Related Illness "، حيث الأعراض مستمرة ولكنها في تحسن، وقد تبين أن النساء يعانين منها أكثر من الرجال، وهي أيضًا موجودة بكثرة بين العاملين في داخل المكاتب والأماكن المغلقة مثل المدارس, المكتبات والمتاحف.


وتتركز أعراض مرض "متلازمة المباني المريضة في المعاناة من أعراض عديدة مثل: الصداع، الدوخة والزغللة، وصعوبة التركيز، وتهيج الأنف والحنجرة والعيون، والغثيان، والتعب العام والإعياء، والسعال، والحساسية للروائح، والضيق وعدم الراحة، ولا توجد أسباب محددة لهذه الظاهرة المرضية، ولكن توجد مجموعة من العوامل المرتبطة بالمباني مثل ضعف التصميم، وعدم الصيانة الدورية، وضعف نظام التهوية وهو عادة المسبب الرئيسي للمشكلة، وارتفاع درجات الحرارة داخل المبنى، وتغيير درجات الحرارة خلال اليوم داخل المبنى، والرطوبة المنخفضة، وضعف الإضاءة، والغبار والأتربة، وعدم النظافة المستمرة، والملوثات الكيميائية مثل بعض مواد البناء أو المنظفات.


ويلخص المهندس الزيني العلاج، عبر تلافي الأسباب، حيث يقضي الإنسان معظم يومه داخل المباني، كما أن هذا المرض له آثار سلبية واضحة على الصحة الجسدية والنفسية، حيث تؤدي إلى تراجع الإنتاجية في العمل، وينبه إلى ضرورة الحرص على التصميم الجيد للمباني والمتوافق مع البيئة الطبيعية، حيث تمتلك الطبيعة أدوات فعالة لتنقية الهواء، الاهتمام بالتهوية الطبيعية الجيدة، حتى في فصل الشتاء، مع ضرورة التأكد من دخول الأشعة الشمسية للمنزل باعتدال، وهو أمر مهم وله أثر فعال لحل المشكلة.


يبدو أن العوامل غير المباشرة في حياتنا، ولأنها غير مباشرة، فإنها تتسلل إلينا دون أن ننتبه، لنكتشف أن تأثيرها أصبح قويًا وخطرًا ومباشرًا، بمعنى أن استخدامنا للمكونات والمفردات الطبيعية، مثل النباتات الطبيعية، على سبيل المثال، يسهم في تنقية الهواء، ليمنحنا صحة وحياة أكثر طبيعية، دون أن ننتبه أو نحتسب.



كلمات البحث
اقرأ أيضًا:
الأكثر قراءة