مما لا شك فيه أن الأسر المصرية تهتم بتخطيط أسلوب حياتها في الموارد المالية بعد قرارات البنك المركزي وانخفاض قيمة الجنية المصري أمام الدولار الأمر الذي يؤدي إلى ارتفاع في أسعار المستلزمات الأساسية للأسرة المصرية، لذا يجب التخطيط السليم ووضع روشتة اقتصادية لمواجهة الضغوطات التضخمية التي تواجهها الأيام القادمة، ومن مظاهر التخطيط وضع ميزانية للدخل المالي للأسرة، وتحديد طريقة التصرف في هذا الدخل على أكمل وجه دون تبذير أو إسراف وإعطاء كل بند من بنود الإنفاق حقه كاملًا مع مراعاة إمكانات الأسرة واتباع نظام الإنفاق السليم من حيث عدم زيادة مقدار المنفق على الدخل وتوزيع الدخل قدر الإمكان على أبواب الإنفاق المختلفة.
روشتة اقتصادية لمواجهة الضغوط التضخمية من داخل الأسر المصرية
التقت "بوابة الأهرام" مع سارة أحمد "ربة منزل" تتكون أسرتي من أربعة أفراد منهم طفلان «11عاما- 8 أعوام»، قد اتخذت نظامًا لتدبير النفقات المنزلية منذ فترة كبيرة وطبقته بالفعل ويتخلص في الآتي:
قمت بإلغاء التسوق والشراء من «الهايبر ماركت»، ونظرًا للعروض المقدمة منه كنت أقوم بشراء كميات من السلع لا استخدمها، واستبدال ذلك بشراء الاحتياجات التي تكفيني لمدة يومين، هذا وقد قمت بإلغاء الأكل خارج المنزل نهائيا ولكن يمكن أن يحدث ذلك كل فترة بعدما كان في السابق أسبوعيا، مضيفة كذلك تم إلغاء ما يلزم من شراء حلوى لأطفالي واستبدالها بالعصائر والفاكهة الطبيعية ويمكن شراء بعض المعجنات من المخابز، استبدال أي طعام سريع التحضير بأشياء يمكن صناعتها في المنزل، مثل "السمك المشوي، البرجر، الكيك".
وتابعت: أما بالنسبة لشراء الملابس، فقد قررنا أن نقوم بشراء ما يلزمنا فقط أي احتياجاتنا الفعلية وعدم الإسراف في شراء الملابس تحت مقولة " أهو ينفع للسنة الجاية"، وبالتوفير في بعض البنود نقوم بادخارها للذهاب إلى رحلة صيفية، هذا بالإضافة إلى تخصيص «ظرف للطوارئ» هذا الظرف لا قدر الله إذا صادف وأحد من أفراد أسرتي للعلاج والكشف، أو للمجاملات.
ولفتت وبفضل هذا النظام الذي اتبعه لا تحدث أزمات أو عجز بالميزانية إلا قليلا ولكن يمكن أن نعبر هذا العجز دون تحويله لفترة كبيرة.
والتقط حسام عبد الفتاح" مهندس" أطراف الحديث قائلا: قمت بتقليل النفقات الغير ضرورية وتوجيه بنودها إلى تدعيم النفقات الهامة والاستغناء عن الرفهيات- السلع الغير هامة والمصروفات في غير محلها-، لذا أنصح كل رب أسرة بتوجيه النفقات في الضروريات فقط، فقد اكتفيت أن وأسرتي المكونة من خمس أفراد عند الذهاب للنزهات العائلية اكتفينا بالسير في أي مكان كالمولات الترفيهية، أيضا قمت باستبدال كافة اللمبات الموجودة إلى لمبات موفرة وتشغيل التكييف وقت الحاجة فقط، تم إلغاء مصروفي الخاص وإعادة توجيهه لميزانية المنزل، مضيفا كما تقوم زوجتي بإعداد وتحضير وجبة إفطار لي من المنزل بدلا من شراء إفطار من أي مطعم.
كيف يتم تدبير نفقات الأسرة بعد انخفاض قيمة الجنيه المصري أمام الدولار؟
ومن الناحية الاقتصادية، يقول الدكتور مصطفى أبو زيد، الخبير الاقتصادي ومدير مركز مصر للدراسات الاقتصادية والإستراتيجية، بالتأكيد بعد القرارات الأخيرة للبنك المركزي فيما يتعلق بتحرير سعر الصرف وفقًا لآليات العرض والطلب، والذي نتج عنه انخفاض في قيمة الجنيه المصري أمام الدولار، الذي سيساهم في التأثير على ارتفاع أسعار بعض السلع والمنتجات، ولهذا قامت الحكومة بحزمة قرارات استباقية للتخفيف من تداعيات تحرير سعر الصرف عبر زيادة الأجور والمعاشات وزيادة حد الإعفاء الضريبي على الدخل بتكلفة إجمالية ٧٦ مليار جنيه تدبر من الاحتياطات العامة بالموازنة العامة للدولة والتي بلغت ١٣٥ مليار جنيه.
ما هو دور الفرد لمواجهة آثار قرارات البنك المركزي؟
وأوضح، فيما يتعلق بالمواطن المصري في مواجهة تلك القرارات عليه أن يعيد أولويات الإنفاق في أن يتم توجيه نفقاته نحو الإنفاق الضروري، والبعد عن الإنفاق التفاخري، الذي يؤدى إلى استنزاف الموارد المالية والتحوط قدر المستطاع بالبقاء على قدر من المال يتم توجيهه نحو الادخار إذا أمكن ذلك.
الدكتور مصطفى أبو زيد الخبير الاقتصادي
ما هي برامج الحماية الاجتماعية التي قامت بها الدولة لمواجهة الضغوطات التضخمية؟
ومن جانبه، يرى الدكتور علي الإدريسي، الخبير الاقتصادي، مع وجود ضغوطات تضخمية ووصول معدل التضخم لحوالي ١٨ % خلال الشهر الماضي يجب على المواطن أن يكون لديه الوعي الاستهلاكي والسعي لترتيب أولوياته والعمل على تقليل الطلب على السلع الكمالية و الترفيهية وعدم التوجه لزيادة الضغوط على ميزانية الأسرة بالدخل في عديد من نظم التقسيط و الشراء الأجل إلا لسلع ضرورية واحتياجات أساسية للأسرة، لافتًا إلى أن الدولة تعمل على توفير «برامج حماية اجتماعية» للمواطن، وتقديم منافذ بيع للسلع الأساسية بأسعار تنافسية ويجب المواطن الاعتماد و الاستفادة منها، فضلا عن استمرار العمل و التشغيل والبحث عن أوجه استثمار يكون ضامن لزيادة دخل الأسرة و مواجهة الضغوط التضخمية.
الدكتور علي الإدريسي الخبير الاقتصادي
مواجهة الضغوط التضخمية في ثلاث خطوات
وفي السياق ذاته، يوضح الدكتور محمد أنيس المحلل الاقتصادي، لتخطي هذه الظروف التضخمية يكمن في خطوتين:
«الخطوة الأولى» استهلاك المنتجات المحلية بديل لأي منتج مستورد قدر المستطاع وتشجيع المنتج المحلي والصناعات المحلية لأن كون وجود عجز في لميزان التجاري فهذه مسئوليتنا كمجتمع، لذا يجب على كل فرد أن يتولى مسئوليته واستبدال المنتج المستورد الذي يستخدمه بالمنتج المحلي وهذا سيزيد من الطلب على المنتج المحلي وذلك يشجع الصناعة المحلية فنصنع محليا أكثر مما نستورد.
«الخطوة الثانية» إذا كان للفرد بعض المدخرات المالية أنصحه بشراء الشهادة البلاتينية التي لها عائد ادخار بنسبة 17.5% .
«الخطوة الثالثة» إقامة مشروع صغير أو متوسط يكون هدفه الإنتاج-تصنيع منتج- في ظل تيسير الدول وتشجيعها ودعمها للمشروعات الصغيرة والمتوسطة.
بهذا يمكن أن نكون وضعنا خطوطا عريضة يمكن للفرد الأخذ بها لتدبير نفقات ومواجهة هذه الموجة التضخمية التي تضرب العالم أجمع بعد تداعيات جائحة كورونا والحرب الروسية الأوكرانية.
الدكتور محمد أنيس المحلل الاقتصادي