• دُعي الشاعر اللبناني المهاجر، رشيدُ سليم الخوري، الملقّب بـ(الشاعر القرويّ) وهو شاعر مسيحيّ إلى حفل بمناسبة المولد النبويّ الشريف في مدينة "سان باولو بالبرازيل" وطلب منه أن يُلقي كلمة في الحاضرين، فقال: أيّها المسلمون أيها العرب يولد النبيُّ على ألسنتكم كلَّ عام مرةً، ويموت في قلوبكم وعقولكم وأفعالكم كلَّ يوم ألفَ مرةٍ، ولو ولد في أرواحكم لولدتم معه، ولكان كلُّ واحد منكم محمّدًا صغيرًا، ولكان العالَمُ منذ ألفِ سنةٍ أندلسًا عظيمًا، ولالتقى الشرقُ بالغرب من زمن طويل، ولَعَقَدت المادّةُ الغربية، مع روح الشرق المسلم حلفًا، ولمشى العقلُ والقلبُ يدًا بيد، إلى آخر مراحل الحياة.
• ثم أردف قائلا : أيّها المسلمون، يَنْسِبُ أعداؤكم إلى دينكم كلَّ فِرْية، ودينُكم من بُهْتانهم براء، ولكنّكم أنتم تُصدِّقون الفِرية بأعمالكم، وتقرُّونها بإهمالكم، دينُكم دينُ العِلْم وأنتم الجاهلون، دينُكم دينُ التيسير وأنتم المعسِّرون، دينُكم دينُ الحُسْنَى، وأنتم المنفِّرون دينُكم دينُ النصر ولكنّكم متخاذلون، دينُكم دينُ الزكاة ولكنّكم تبخلون.
• ثم أكمل حديثه: يا محمدُ يا نبيَّ اللهِ حقًا، يا فيلسوفَ الفلاسفةِ وسلطانَ البلغاء ويا مَجْدَ العرب والإنسانية إنّك لم تقتل الروحَ بشهواتِ الجسد، ولم تحتقر الجسدَ تعظيمًا للروح، فدينُك دينُ الفِطْرةِ السليمة، وإنّي موقِنٌ أنّ الإنسانيّة بعد أن يئست من كلِّ فلسفاتِها وعلومِها، وقنطت من مذاهب الحكماء جميعًا، سوف لا تجد مخرجًا من مأزقِها وراحةِ روحِها، وصلاحِ أمرِها إلاّ بالارتماء بأحضان الإسلام، عندئذٍ يحقّ للبشريّة في مثل هذا اليوم أن تَرفع رأسَها وتهتِفَ ملءَ صدورها، وبأعلى صوتها.
• ثمّ أنشد قائلًا :
عِـيـدُ الـبَـرِيَّةِ عِــيــدُ الـمَـوْلِـدِ الـنَّـبَـوِي .. فِـي الـمَـشْرِقَيْنِ لَـهُ وَالـمَغْرِبَيْنِ دَوِيّ
عِـيدُ الـنَّبِيّ بـنِ عَـبْدِ اللهِ مَـنْ طلعَتْ .. شَـمْـسُ الـهِـدَايَةِ مِــنْ قُـرْآنِـهِ الـعلوَيّ
بَــدَا مِــنَ الـقَـفْرِ نُــورًَا لِـلْـوَرَى وَهُـدَىً .. يَـــا لِـلْـتَمَدُّنِ عَــمَّ الـكَـوْنَ مِــنْ بَــدَوِيّ
يَا فَـــاتِــحَ الأَرْضِ مَــيْــدَانَـًا لِـدَوْلَــتِـهِ .. صَـــارَتْ بِـــلادُكَ مَـيْـدَانَـًا لِــكُـلِّ قَــوِيّ
مَـنْ كَـانَ فِـي ريْـبَةٍ مِـنْ ضَـخْمِ دَوْلَـتِهِ .. فَـلْيَتْلُ مَـا فِـي تَوَارِيخِ الشُّعُوبِ رُوِي
يَـــــا قَـــــوْمُ هَـــــذا مَــسِـيـحِـيٌّ يُــذَكِّـرُكُـمْ .. لا يُـنْهِضُ الـشَّرْقَ إلاّ حُـبُّنَا الأخَـوِيّ
فَـإنْ ذَكَـــرْتُـــمْ رَسُــولَ اللهِ تــكــرِمَةً .. فَــبَـلِّـغُـوهُ سَـلامَ الــشَّــاعِـرِ الـقَــرَوِيّ
• وكان يسمى رشيد الخوري "قديس العروبة" حيث كان يفخر بالعروبة ولا ينساها أبدًا رغم هجرته إلي البرازيل وسكنه فيها معظم سنوات عمره، ولم يحب الخوري النبي محمد فحسب، بل أحب النبيين جميعًا ومنهم المسيح عليه السلام، وبلغ من تعلق قلبه بالنبي محمد قوله "وأي أديب يهيم بالحكمة لا يخر ساجدًا للحديث الشريف والقرآن".
• وفي حفلة عيد الفطر عام 1933 قال"أُكرم هذا العيد تكريم شاعرٍ يتيه بآيات النبي المعظم".
• وقد استطاع الخوري المزج بين رسالتي محمد والمسيح عليهما السلام مزجًا رائعًا بقوله "إي علم من نسج عيسى وأحمد وآمنة في ظله أخت مريم"
• ويعد الشاعر الخوري من حكماء العرب، ومن حكمه الرائعة :-
أغضب صديقك تستطلع سريرته .. للسر نافذتان السُكر والغضب
• ومنها قوله: تذوقت أنواع الشراب فلم يسغ .. بحلقي أشهى من حلال المكاسب
ونمت على ريش النعام فلم أجد .. فراشًا وثيرًا مثل إتمام واجبي
• ومنها قوله: لا شيء في الدنيا أحبّ لناظري .. من منظر الخلان والأصحابِ
وألذّ موسيقى تسرُّ مسامعي .. صوت البشير بعودة الأحبابِ
الشاعر الخوري نوع نادر في دنيا العرب لسماحته ورحمته ومحبته للخلق والكون والحقيقة إنني لم أجد نظيرًا لهذا الرجل، وندائه للرسول "فبلغوه سلام الشاعر القروي" تهزني من أعماقي "وكأنني أناديك" وصل سلامك وتحيتك ومدحك يا سيدي.
• "ومن كريم عفو هذا الشاعر أن ناقدًا ظل يصليه بالنقد دون مبرر ويقول إنه قروي "تصغيرًا له" فإذا به يختار لنفسه هذا اللقب ليريه إنه لا يأبه بذلك بل يسعده ذلك.
• سلامً على القروي الذي أنصف الأنبياء وعلى رأسهم النبي محمد ﷺ.