Close ad

الزواج والفانوس السحري

29-10-2022 | 11:17

يتعامل البعض من الجنسين وأحيانًا الأهل مع الزواج؛ وكأنه المصباح السحري الذي "يجب" عليه تنفيذ -بلا مقابل- رغبات من يقوم "بفركه" مهما كانت غريبة أو لا تلائم من عثر عليه؛ فيمنحه القصور والأموال "وينحني" أمامه عندما يطلب منه ولا يمتلك "الحق" في التفكير بالرفض..
 
الزواج اتفاق بين آدم وحواء على التشارك بينهما في الحياة والتعهد بحسن التعامل المتبادل والرعاية وإنشاء أسرة متحابة؛ تضيف لهما "معًا" وليس لطرف على حساب الطرف الآخر؛ وكأي شركة في الكون إن لم تقم على حسن الاختيار والتفاهم المتبادل على الحقوق والواجبات فلن تصمد طويلًا أمام الخلافات الطبيعية؛ لاختلاف الرغبات ولاختلاف النشأة أيضًا؛ فمن تشاركوا نفس النشأة في نفس البيت لنفس الأب والأم يختلفون في الشخصية والأحلام والرغبات والتصرفات في نفس المواقف، فما بالنا بزوجين نشأ كل منهما ببيت "تحكمه" تفاصيل مختلفة وإن تشابها اجتماعيًا وماديًا وتعليميًا؟
 
يبالغ البعض في طلباته عند الزواج؛ فبعض البنات "ينتظرن" زوجًا به المواصفات التي لا تتوافر حتى في القصص الخيالية؛ فتريده كريمًا وحنونًا وسيمًا جذابًا مثقفًا ويحفظ "قفشات" الأفلام ولا يتحمل رؤيتها منزعجة "ويحارب" الدنيا ليفوز بها!! ويتحملها عند غضبها ويبذل قصارى جهده لاحتوائها، وثري وينقلها لمستوى اجتماعي ومادي أفضل مما كانت قبل الزواج، وتسكن في مكان أحسن "وأرقى" من سكنها مع أسرتها، ويسارع بتنفيذ طلباتها ويدعمها دائمًا حتى لو أخطأت ولا يلومها أبدًا "ويعشق" عيوبها!!
 
"وتختار" تصديق الأوهام المنتشرة على وسائل التواصل الاجتماعي وعلى بعض الفضائيات؛ حيث "مطالبات" للبنت بطلب تقريبًا كل شيء ممن يتقدم لخطبتها؛ فيضعها قبل أسرته ولا يسمح بأي كلمة لا ترضيها من أمه وأخواته -وإن كانت كلمة عادية- ويعلن حبه لها أمام الجميع ولا نعرف السبب؛ وكأنها "تحاربهم" وتريد الفوز عليهم بالضربة القاضية!! 

لا نعرف كيف يفكر البعض من الجنسين في إمكانية تواجد فرص حقيقية للزواج من كامل الأوصاف أو كاملة الأوصاف؛ فبعض الشباب يبالغ في انتظار زوجة بها كل المزايا وتخلو من أية عيوب، ولا وجود لذلك من الجنسين في الكون؛ فيريدها خريجة كلية قمة وجميلة وتخضع لرأيه في ترك العمل أو الاستمرار به وفي مشاركته الإنفاق على بيت الزوجية بلا نقاش والقبول براتبه القليل وتراجع طموحاته بالحياة وتركه يسهر دائمًا مع أصدقائه وكأنه لم يتزوج..
 
نحترم حق الزوجين في قضاء بعض الوقت مع الأصحاب ومع الأهل بعيدًا عن الطرف الآخر لتجديد الحيوية وللاحتفاظ بصداقاته وبعلاقته الطيبة مع أسرته وفي الوقت نفسه لا ينسى تغير ظروفه بعد الزواج ويعطي لشريكه بالحياة الاهتمام والوقت الخاص أيضًا كما يعطيه لغيره.
 
تتنظر بعض البنات أن يعوضها الزوج عن كل ما لم يعجبها في حياتها السابقة وعن ألمها وكأنه كان "المسئول" عنه؛ والمؤكد أن البنت غير السعيدة قبل الزواج والتي لم تعرف كيف تسعد نفسها وكيف "ترضى" بالمتاح مع السعي لزيادته؛ لن تسعد أبدًا بعد الزواج فدومًا ستشعر بأنها لم تحصل على جميع ما تتمنى ولا يوجد من فاز بكل ما يرغب بالدنيا فسنجده بالجنة فقط.
 
لا يفكر الكثيرون من الجنسين ماذا سيقدم كل منهم للطرف الآخر؛ "مقابل" ما يطلبه أو ينتظره ويتوقعه، ويتعامل معه كالفانوس السحري الذي يقول له عند كل طلب "شبيك لبيك" ويسارع بتنفيذ أوامره "بلا" أي نقاش ويفرح بتلبية طلبه ثم يختفي "منتظرًا" طلبه التالي!!
 
يفتش البعض -من الجنسين- عن شريك حياة بمواصفات إنسان إلى ينفذ طلباته بمثالية، وملاك حنون يتفانى في "تدليله" وإسعاده ويمتلك الملايين التي تتزايد ولا تنقص ويضعها "تحت" أقدامه، وأسرة الشريك تتعامل معه باحترام وبحب - مهما أساء إليها - وكأنها وجدت فيه ضالتها المنشودة والتي لم تحلم يومًا بالانتساب إليها دون أن يقدم لها أي احترام أو تقدير ويتعامل معها وكأنه "يتفضل" عليهم بمنحهم القرب منهم!!
 
نود أن يسأل كل من الشاب والبنت نفسه هل ما أطلبه من شريك الحياة واقعي؟ وهل سأجعل أخي أو أختي تقدمها لشريكته أو شريكها؟ وهل لدي بالفعل ما أقدمه له نظير ما أطالب به؟
 
الفانوس السحري موجود في الحكايات وفي الأفلام "للتسلية" وللهروب أيضًا من الواقع في استراحة "لطيفة" والبعض يحوله "لكارثة" يصنعها لنفسه بتوهم، وبانتظار الزواج كفانوس سحري يحل له مشاكله بالحياة ويجعله "يطير" على بساط الريح أيضًا في نزهات تتواصل ولا تنتهي؛ بينما الواقع يؤكد أن الفائزين بالسعادة في الزواج هم "وحدهم" من تعاملوا بواقعية عند البحث عن شركاء الحياة وفازوا بأفضل ما يمكنهم ولم يتعاملوا أبدًا مع الزواج كسلعة "يخطفونها" دون دفع ما يقابلها وتعاملوا بود ورحمة مع شركاء الحياة وزرعوا التعامل بلطف والاحترام لشريك الحياة ولأهله ومنحوه حقوقه، كما حرصوا على أخذ حقوقه، وتبادلا الدعم في الأزمات والفرح بالنجاحات، وانتزعا بلطف وبحزم كل بوادر التنازع وسوء المعاملة والمضايقات أولًا بأول.
 
تكوين أسرة يعني تحمل الطرفين للمسئولية "وليس" الفرح بمكاسب الزواج العاطفية والنفسية والاجتماعية وأحيانًا المادية فقط، وكيف "نتوقع" اهتمام الشريك بالحياة بإسعادنا ونحن نتعامل معه كالمصباح السحري بلا أية حقوق؟ فسينسحب "الجني" الموجود بالفانوس السحري حتما وسيعترض على الطلبات وسيفضل العودة بكامل إرادته للسجن بالفانوس، فهو أفضل من الاستماع لطلبات غير معقولة لا يمكن تنفيذها أبدًا..

كلمات البحث
اقرأ أيضًا:
الأكثر قراءة