راديو الاهرام

مرارة اللجوء تصاحبهم في بلاد النور

25-10-2022 | 16:05

الإحساس بالغربة ومرارتها لا تضاهي العيش كلاجئ، وآلام الغربة يكابدها صاحبها بكامل إرادته، وقرار ترحاله بعيدًا عن الوطن برغبة منه، وسعيًا لكسب منفعة شخصية، واللاجئ أمامه أمران أحلاهما مر، إما البقاء في الوطن انتظارًا للموت في أي لحظة، أو الفرار بنفسه وما تبقى من أسرته وعشيرته إلى المجهول، وقد يكون هو الموت.
 
واللاجئ لا يعلم وقتًا للعودة إلى الديار، ويستسلم للعيش في مخيمات بالية على الحدود، لا تقيه من قسوة البرد، ولا تستر له عورة، وتهب الرياح على المخيمات، تملأ العيون والأنوف والأفواه بالأتربة، ويعتصر ألمًا كل يوم، كلما عاودته ذكرى عودته إلى بيته، وأولاده يستقبلونه بالصياح، تعلو وجوههم ابتسامة.
 
وعندما يتحول الوطن إلى ساحة حرب بيد فاعل، وحين يصبح أبناء الوطن وقودًا للحرب، تستحيل الحياة تحت سمائه، وتكون الكارثة أكبر حينما تهاجم جيوش العدو شعبًا أعزل، وتسلب أرضه، وتجبر أبناءه على ترك ديارهم، وتطردهم خارج الحدود.
 
ويعد لاجئو فلسطين أكبر وأقدم لاجئين في العالم، ويبلغ عددهم نحو 7 ملايين فلسطيني، وتحظر إسرائيل عليهم حق العودة، وقد صدرت لهم عدة قرارات دولية بحق عودتهم إلى وطنهم فلسطين.
 
وفي رحلة الهروب تكون على هيئة مجموعات، وأقرب وصف يطلق عليها رحلات الموت، ويصل عدد الفارين من أوطانهم حول العالم 70 مليون شخص، وأغلبهم من دول الشرق الأوسط ومن دول إفريقية، وتبلغ ذروة مرارة اللجوء أو الهروب في حال النساء والأطفال، ويصبح أكثرهم صيدًا ثمينًا لمافيا بيع الأعضاء والدعارة، أو على أقل تقدير تتلقف الأطفال عصابات مسلحة، تقوم بتدريبهم على حمل السلاح.
 
وفي حال استقرار المقام لبعض اللاجئين في دولة أوروبية، لا تفارقهم مرارة اللجوء، وتصاحبهم في بلاد النور، ويعاني العديد منهم أزمات نفسية لصعوبة الاندماج مع هذه البيئة، ومن ناحية أخرى بسبب مشقة تعلم لغة البلد، وتكشف "فاريا بروشاركونا" الأخصائية النفسية الألمانية عن العذاب النفسي للاجئين السوريين نتيجة ذكرياتهم الأليمة، التي لا تزال تطاردهم من آثار الدمار وموت ذويهم أمام أعينهم.
 
وبرغم الهدوء الحذر الذي تمر به اليمن وسوريا، يحيا أغلب أهل البلدين في العراء، وتموت المئات من أطفالهما جوعًا أو من جراء نقص الدواء، واللاجئين منهم لا ينقطع عنهم حلم العودة إلى الديار مهما طال بهم الزمن، ولا يعزب عن أعينهم رؤية أوطانهم منارة لا تقل عن دول أوروبا وأمريكا بشرط أن يرفعوا أيديهم عن بلادهم.
 
Email: [email protected]

كلمات البحث
اقرأ أيضًا: