كانت الدراجة حديث العالم خلال القرن التاسع عشر، سواء ما يُدار منها بواسطة عجلتين، أو ثلاث عجلات، حيث كان يتم قطع المسافات الطويلة بها، وجاء ذلك حين تم عرض اختراع سلربيد أي "الرجل السريعة" في معرض باريس، وكانت مصنوعة من الخشب، بينهما شبه مقعد من الخشب يجلس عليه الراكب فتطأ قدماه الأرض فتدفعان الآلة فتدور عجلات.
موضوعات مقترحة
تم ظهور الدراجة في مصر وبلاد الشام باسم "العادية" عام 1869م، وكانت عبارة عن عجلتين متماثلتين شكلاً وحجمًا، وكانت أيضًا مصنوعة من الخشب حتى تم استبدالها بدراجات أخري. وكان الخشب ودفعه بالأرجل هو الشكل الذي تم اختراع الدراجات به، أو التروسيكيل ذو الثلاث عجلات، قبل اهتداء الإنسان لخاصية الاحتراق الداخلي، أما تحويل السير في الدراجة المصنوعة من الخشب فكان يتم من خلال مقبض حتى تم الاهتداء لوضع عجلات مطاطية في الاختراع الجديد من قبل طبيب بيطري أمريكي اسمه دنلوب، بعد أن شكا له ابنه أن عجلات الخشب تحدث له ارتجاجًا في جسده، وبعدها شاع وضع إطارات العجلات المطاطية.
وقد شاع استخدام الدراجات الشبيهة بالتروسيكل الذي يتحرك بدفع الأرجل في مركبات البريد في مصر، ويؤكد المؤرخون أن ظهور الدراجة الهوائية كان إيذانًا بانقراض استخدام الحيوانات من الإبل والحمير في أدوات نقل البريد، حيث تم استخدامها في نظام الطوافة في البريد المصري الذي كان يتم من خلاله نقل الملح وجوازات السفر وكذلك الصحف؛ لتساهم الدراجة الهوائية في زيادة اشتراكات الصحف في مدن مصر ومعرفة أخبار بورصة القطن، مما دعا الإدارات المحلية آنذاك لعمل تعريفة مرور لها خاصة للدراجات، والتي تم استخدمها في نقل الألبان، لنقل البضائع ، لتوزيع الصحف للسير بها للمدارس، والتي أظهرتها أفلام الأبيض والأسود في مصر.
وتظهر المنشورات النادرة لجريدة "الوقائع" الحكومية التي تنشرها "بوابة الأهرام" الكثير من القواعد المرورية التي كان يسير عليها كل من يقود دراجة في شوارع مصر عام 1903م، حيث وُضعت لها قوانين محددة للسير في الشوارع، وخاصة في مدن القاهرة والإسكندرية والجيزة وأسوان وقنا وكفر الدوار.
وضعت مديرية الجيزة لائحة وقرارات مكونة من 7 مواد بعد انتشار الدراجات الهوائية بها ودخولها مصر، حيث أصدرت قانون السير طبقا للمادة 351 من قانون العقوبات الأهلي والمادة 340 من قانون العقوبات المختلط وذلك بعد تصديق الجمعية العمومية بمحكمة الاستئناف المختلطة بتاريخ 27 يناير من عام 1894م .
حددت المادة الأولي الخريطة التي تسير عليها الدراجات النارية وأكدت " أن كل عربة رجل معدة للسير ببندر الجيزة، أو بالشارع الممتد من الكوبري الأعمى إلي سجن الجيزة ومنه إلي الأهرام ،أو بالشارع الممتد من الكوبري الأعمي إلي بولاق الدكرور، أو بالشوارع الداخلة في المنطقة المحدودة بالشوارع المذكورة وبخط السكة الحديد الأميرية يلزم أن يوضع في دليل الماكينة للعجلة جرس أو بوق التنبيه للمارين، ويجب أن يكون لها فانوس يصير أنارته وقت الغروب.
كما حدد القانون منع سائق الدراجة النزول من دراجته في وسط الطريق بل ألزمته أن يكون النزول عند حافة الترتوار، كما ألزمته بالوقوف حين يقوم البوليس بالمناداة عليه، أما قانون المادة السادسة فقد حدد غرامة تقدر ما بين 25 قرشا لــ100 قرش لكل من يخالف هذه النصوص والقوانين، فيما أكدت المادة السابعة بلغة جازمة ضرورة تفعيل القوانين الصادرة بعد إدراجها في الجريدة الرسمية، بل حددت أجرة يدفعها سائق الدراجة الهوائية في المرور على كباري السكة الحديد.
وتوضح بعض المصادر التاريخية أن الكوبري الأعمى الذي كان يربط بين الجيزة والزمالك ، كان متاخما لكازينو بديعة مصابني وتم إطلاق مسمي كوبري الجلاء عليه بعد جلاء الإنجليز من ثكنات قصر النيل في عام 1947م ، وتؤكد المادة الثانية من قانون السير أنه يجب علي راكب العجلة "الدراجة الهوائية" السير في جهة اليمين من الطريق وأن يخفف سيره عند تلاقي الشوارع ،كما حددت المادة الثالثة أنه لا يجوز لراكب الدراجة أن يسير بسرعة زائدة في الشوارع والجهات التي يمر عليها، وممنوع عليه التسابق ولا يجوز له أن يسير ماشيا علي "الترتورات" إلا حين دخوله منزله.
في عشرينيات القرن الماضي شاع استخدام الدراجات في مصر في حركة النقل والبريد حيث أكد تقرير نادر في الصحف المصرية أنه بعد استقالة بورتون باشا من البريد وتولي مظلوم باشا عام 1923م تم استخدام الدراجات بدلا من الدواب والحيوانات، حيث كان المزارعون يعرفون أسعار القطن أولا بأول ويشتركون مع أهل المدن في قراءة الصحف والإخبار، وتم إنشاء قسم خاص بالملفات الكبيرة، وتم افتتاح 128 مكتبا للبريد، و105 خطوط للطوافة الذين يقطعون المسافات الطويلة بالدراجة كانت الدراجة التي تستخدم في النقل مجبرة على تقديم تعريفة مرور في المدن المحلية سواء كانت درتاجة من نوع عجلتين أو أكثر.
استمرت الدراجات في مصر تمثل أداة من أداة المواصلات وقد ساعدت الدراجات الهوائية بأنواعها، إدخال المدنية في المحافظات البعيدة وخاصة في الصعيد وزيادة حركة العمران في المناطق البعيدة النائية.
وبعد قيام ثورة 23 يوليو 1952م وتأسيس المصانع ، جاءت الدراجة الهوائية مع العمال والعاملات من محافظات الدلتا لمحافظة قنا بصعيد مصر وبعد وضع حجر الأساس في مصنع الغزل والنسيج بقنا عام 1960م ،تم الانتهاء منه في عام 1968م حيث تم تأسيسه على مقدار 75 فداناً وكان في منطقة متطرفة وبعيدة لم يدخلها العمران بعد مما أجبر الفتيات والسيدات على ركوب العجل للذهاب له وتأدية أعمالهن في وقت متأخر.
ويقول الباحث والمؤرخ ضياء العنقاوي لــ"بوابة الأهرام " إن السيدات العاملات في المصنع واجهن تحديات كثيرة من الرجال الرافضين أن يقدن العجلات وقام الرجال بإطلاق شعارات ضدهن في الشوارع "علي الدوار بنات المصنع جابونا العار".
ويضيف العنقاوي أن العاملين في المصنع من الرجال أيضاً رفضوا ارتداء بدلة المصنع أيضاً واستمر في العمل داخل المصنع بالجلباب وهو ما أدي لوقوع الكثير من الإصابات حيث كانت الماكينة تسحب أطراف الجلبيات مما تؤدي لقطع أطراف العاملين وأدت لوقوع ضحايا مما جعل حكومة ثورة يوليو تقوم بتدشين حملة في شوارع قنا بيافطات مكتوب عليها البدلة أفضل من الجلابية كي يعتاد عليها العمال.