راديو الاهرام

"الخلاصة".. ملحمة السويس

19-10-2022 | 14:20

أكثر ما يزعجني أن يقتصر الحديث عن "ملحمة السويس" عند الاحتفالات بذكرى انتصارات أكتوبر، أو يتحول إلى حديث مناسبات تمر، وينتهي كل شيء.
 
ما جرى في السويس عقب يونيو 1967 حتى المواجهة الحاسمة مع العدو الإسرائيلي في 24 أكتوبر 1973، وحرمانه من الاستيلاء على مدينتهم، وتدمير كل دبابة للعدو دخلتها رغم الفارق الكبير بين ما لدى العدو من سلاح حديث، وما توافر لدى المقاومة الشعبية من تسليح.
 
الأجيال الجديدة يجب أن تتعرف على تلك البطولات، وأن تُدرَّس لهم في مختلف المراحل التعليمية.
 
أبناء وأحفاد هؤلاء الأبطال من حقهم أن يفخروا ببطولات لاحصر لها مازال بعضها مجهولًا، والذين عاشوا تلك المرحلة لا يجب أن يتوقفوا عن الإدلاء بشهاداتهم حتى تدرك الأجيال الجديدة أن النصر الذي تحقق لم يأت من فراغ، وإنما بدماء وتضحيات الآباء الذين بذلوها دفاعًا عن الوطن.
 
وأخشى ما أخشاه أن تسقط تلك الوقائع من ذاكرة الأجيال المقبلة، مع غياب الجيل الذي عاشها.
 
بطولات السويس لا تنحصر في الذين قاتلوا العدو بالسلاح، وإنما تشمل فئات عديدة لم تحمل السلاح، منهم من أقام بالمدينة ورفض التهجير الذي كان حتميًا، والمواطنون الذين استمروا لتسيير المرافق الحيوية التي كانت تتطلب وجودهم، وتركوا أسرهم في محافظات التهجير، وتحملت أسرهم متاعب غياب الرجال، وأسر عديدة فقد ابن من أبنائها دفاعًا عن الوطن.
 
خذ مثلا أسرة الشهيد البطل "عاصم حمودة" التي استشهد ابنها الثاني "هشام"، ولم يعد لها أبناء بعدهما!
 
أسرة أخرى اعتادت أن تقدم الشهداء للوطن هي أسرة "أبوهاشم"، أحدهما الشهيد أحمد أبوهاشم أحد أبطال معركة 24 أكتوبر استشهد وهو يطارد أفرادًا من قوات العدو أثناء فرارهم من دبابة تمت إصابتها بصاروخ، بينما وجهت دبابة أخرى طلقاتها لتصيبه، ويستشهد، وسبق أن فقدت الأسرة نفسها ابنًا آخر عام 1951، وهو يواجه قوات الاحتلال الإنجليزي، وكان أحد عناصر المقاومة الشعبية ضد الإنجليز.
 
بطولات أخري عديدة قدمها مواطنون عاديون لم يحملوا السلاح، وإنما فرض عليهم أن يدافعوا عن أنفسهم بأي وسيلة.
 
يوم الأحد 22 أكتوبر، حاول أحد الجنود الإسرائيليين الاعتداء على فتاة ريفية من حي المثلث، لم يكن معها في المنزل سوى أمها العجوز، فقاومته الفتاة دفاعًا عن شرفها، ولم تجد أمامها سوى "جاروف" قتلت به المعتدي، ولم يكتف جنود العدو بالانتقام من الفتاة "سميرة محمد طه"، والتمثيل بها، إنما شهد الحي اعتداءات بربرية.
 
وعندما تمكنت قوات العدو من دخول قرية "العمدة" حذرت الفلاحين من التستر على أي فرد من أفراد المقاومة، وطالبتهم بالإرشاد عنهم خاصة أن الجميع كانوا يرتدون ملابس مدنية، وأصبح من الصعب التعرف عليهم إلا عندما تحدث اشتباكات يتبين منها خبرة الأفراد المدربين.
 
وعندما اكتشفوا أن إحدى الفتيات "عائشة محمد مرزوق" (15سنة) تسترت على أحد المقاتلين، ورفضت أن تبلغ عنه جمعوا أفراد القرية في فناء المدرسة الابتدائية، وأحضروا والدها ووالدتها وأخيها الصغير "سيد" (10 سنوات)، ثم أطلقوا عليها الرصاص أمام الجميع في رسالة موجهة لأهالي القرية أن كل من لا يدلي بمعلوماته سيواجه نفس المصير.
 
وكان لهذا التصرف غير الآدمي من قتلة الأطفال الإسرائيليين ردود أفعال عنيفة من المواطنين لم يعد الموت يخيفهم، وإنما أن يدفع العدو ثمن ما يرتكبه من جرائم.
 
وطوال السنوات التي أعقبت عام 1967 كان للكابتن غزالي وأغنياته الوطنية - التي كانت فرقة أولاد الأرض تؤديها - دور كبير في بث الحماس في نفوس أبناء السويس، ومدن المواجهة، بل في مصر كلها.
 
لم يفقد الكابتن غزالي إيمانه بأن ما جرى في 5 يونيو 1967 لن يكون آخر الحروب، وأن النصر قريب، ويثق في قدرة قواتنا المسلحة والشعب المصري على إنزال الهزيمة بالعدو.
 
سنوات طويلة وغزالي وفرقته "أولاد الأرض" تواجه العدو وبكلمات أقوى من الرصاص، وكانت الإذاعة المصرية تذيعها باستمرار: "فات الكتير يا بلدنا مابقاش إلا القليل.. وعضم إخوتنا نلمه نلمه، نسنه نسنه ونعمل منه مدافع.. وندافع ونجيب النصر هدية لمصر."

كلمات البحث
اقرأ أيضًا:
لم المغالاة؟

في الوقت الذي تسعى فيه الدولة المصرية إلى تعمير الصحراء وتدبير احتياجات المصريين من الغذاء، بل تحارب البناء على الأرض الزراعية بقوانين وإجراءات رادعة،

انتخابات ساخنة في نقابة المحامين

• اشتعلت المنافسة في انتخابات النقابة العامة للمحامين، وذلك بعد إعلان الكشوف النهائية للمرشحين في الانتخابات التي تجري بعد غد الأحد 15 مارس على منصب نقيب

يوم الشهيد

يوم الشهيد

حوادث المرور

لا يمر يوم واحد دون أن نقرأ في الصحف ونشرات الأخبار ووسائل التواصل الاجتماعي عن حوادث المرور التي يسقط فيها عشرات المواطنين، وهذه الظاهرة أصبحت الآن كوارث

الثورة المنسية!

الثورة المنسية!

النقشبندي صوت المآذن الشامخة

• 44 عامًا مرت على وفاة الشيخ سيد النقشبندي، زاد في كل عام فيها شهرة ونجومية، كانت أكبر مما حظي به في حياته، حتى إن الابتهال الشهير"مولاي إني ببابك" أصبح

حتى لا ننسى مصطفى كامل

• برغم أن سنوات عمره قليلة، فإن حياة الزعيم مصطفى كامل كانت زاخرة بمحطات مهمة من النضال تلك التي ترصدها مقتنياته، وتحكيها الصور واللوحات داخل أروقة المتحف الذي خصص له ويحمل اسمه.