راديو الاهرام

وقت للإقليم العربي

19-10-2022 | 15:11
الأهرام العربي نقلاً عن

النظام الدولي الحالي يشبه طريدة أمام صياد في غابة شاسعة، طريدة لم تمت بعد، لكنها في الطريق إلى الموات التام.

على أنقاض هذا النظام سوف ينشأ آخر جديد، والذى سيحدد جوهر ذلك الجديد هو القوى المنتصرة فى الاصطدام الحالي.

نحن العرب في حاجة إلى نظرة عميقة، نظرة تحدد أين سنقف من النظام الآتي لا محالة، والمصلحة العربية تقتضي دراسة سريعة ودقيقة تجيب عن سؤال: لماذا لم نكن جزءًا فاعلا من النظام الدولي القديم؟ ولماذا يجب أن نكون عضوًا فاعلًا في النظام المرتقب؟

تحديد الموقف الآن قبل أن يفرض أحد على الإقليم العربي وضعًا لا يليق بمكانته الواقعية.

تدور وجهتان للنظر بين النخبة في المسألة العربية.

الأولى، تتبناها نخبة قليلة، لكنها مؤثرة، ترى وتؤمن بيقين، بأن الغرب سيكون له اليد العالية، فهو الذى تخلص من سطوة رجال الدين فى العصور الوسطى، وآمن بعصر الأنوار والحداثة وما بعدها، واكتشف الجغرافيا المجهولة، واخترع وابتكر العصر الصناعى الأول والثانى والثالث والرابع، وانتصر على النازية والفاشية، والقومية، ثم انتصر فى الحرب الباردة، وهيمن على مقدرات الشعوب، وهؤلاء يدعوننا إلى الإيمان التام بهذا الغرب، ويراهنون عليه دون تردد.

أما الثانية، فتمثل غالبية، تكاد تكون معبرة عن المزاج العام، وتؤمن بأن الغرب حصل على فرصته فى قيادة العالم، وتسبب فى حروب، وغزوات، واستعمار، واستخدم الأسلحة الفتاكة، بما فيها النووى والفيروسي، وعبث بالجينات فى الزراعة والبشر والحيوانات، ولديه تصورات لاتناسب كل شعوب الأرض، وحان الوقت ليتخلى عن القيادة المنفردة لصالح قيادة جماعية للقوى الدولية، لذا يشعرون بأن ما يجرى هنا وهناك، قد يكون في الصالح الإنسانى العام، وأن النتيجة ستكون فى صالح نظام دولى متعدد.

بين هاتين الوجهتين المتعارضتين يجب أن تكون هناك وجهة نظر نابعة من عقلانية وطنية، تنبثق من ضرورة النظر الدقيق إلى صورة الإقليم العربى بالكامل، كونه مساحة جغرافية هائلة، لديها تنوع فى الموارد البشرية والمادية، وترتكز على عدة حضارات شقيقة، يمكن لو شكلت نوعًا من الوحدة مع الاختلاف، أن تكون ركنًا من أركان النظام الدولى المرتقب.

إن تغليب إحدى وجهتى النظر السابقتين يشكل خطرًا على الرؤية الصافية، ولذلك يجب أن يكون هناك فريق عربي، يفكر بمعزل عن مؤثرات الأحداث الجارية، وبعيدًا عن تأثيرات وسائل الإعلام التى تعبث بالعقول والقلوب، فالمسألة العالمية، وإن كانت واحدة كما أرادتها العولمة، أو الأممية العلمية أو الدينية، فإن اختلاف الثقافات والمجتمعات هو أصل من أصول البشرية، ولا يجوز أن تمحو ثقافة معينة ثقافة أخرى، ولا يجوز أن يكون هناك صدام ثقافات، فالنتيجة كارثية كما نرى فى المسألة الأوكرانية.

والدعوة هنا ليست إصلاحية أو رومانسية أو برجماتية، بل هى دعوة للنظر فى مسألة احترام تعدد الثقافات بين المجتمعات، دون الضغط من طرف على آخر، فنتائج الضغوط تحت ذرائع شتى أدت إلى الاصطدام الواقع بالفعل، وإن كانت هناك جماعة سياسية تملك القوى والتأثير الفادح على عموم البشرية، فإنها فشلت فى تطويع الجميع، لذا نرى ما يحدث من موت وحروب وغزو وكساد عظيم.

والسؤال هو: هل كان الإقليم العربى سببًا مباشرًا فى هذا الاصطدام، أو كان جسرا إليه؟

 الإجابة : لا..

من ثم، فإن المصلحة الذاتية للإقليم هى أن يكون بعيدًا عن أدخنة المتخاصمين الشرسين في الحرب والسلام.

إنه وقت للإقليم العربي.

كلمات البحث
اقرأ أيضًا: