قد تمثل الحشائش التى تنمو وسط المحاصيل الزراعية، خطورة لأن بعضها يفرز مادة سامة تضعف النمو الطبيعى للمحاصيل، مما ينتج عنه ضعفا فى الإنتاجية، علاوة على التأثير بصورة مباشرة في جودة المنتج. الأمر يستوجب مكافحة تلك النباتات الضارة لزيادة معدلات انتاج المحاصيل، لأن زيادة وزن الحشائش بمقدار كيلو جرام يصاحبه نقص بمقدار كيلو جرام من وزن المحصول، حيث إن بذور الحشائش تعمل على تقليل قيمة المحصول التجارية فمثلا القمح ينتج عنه دقيق غير صالح للاستهلاك الآدمي، بالإضافة إلى أن الخبز المصنع منه قد يؤدى إلى وفاة من يتناوله.
موضوعات مقترحة
«الأهرام التعاوني» اتجهت إلى المعمل المركزى لبحوث الحشائش بمركز البحوث الزراعية لتحاور مديره الدكتور عبده عبيد والتفاصيل تكمن في السطور..
ما الدور الذى يقوم به المعمل المركزى لبحوث الحشائش؟
تتركز اهتمامات المعمل المركزى لبحوث الحشائش فى البحوث والإرشاد والتدريب وإصدار التوصيات الفنية الخاصة فى مجال مكافحة الحشائش فى كافة الحاصلات الزراعية سواء حقلية أو بستانية بهدف تقليل الخسائر الناجمة عن الحشائش والتى تتراوح بين 20-30 % وتقليل الفقد فى المياه.
فضلا عن إصدار التوصيات المعتمدة لمبيدات الحشائش سنويا والتى تطبق فى مختلف المحاصيل الرئيسية طبقا لبرتوكولات لجنة المبيدات الزراعية بوزارة الزراعة والتعاون مع اجهزة الحجر الزراعى فى فحص الشحنات النباتية للمستوردات والصادرات سنويا وتحديد ما بها من بذور سامة وخبيثة وحجرية لمنع دخولها البلاد، والاشتراك فى الحملات القومية للمحاصيل الرئيسية مثل الحملة القومية للنهوض بمحصول القمح وقصب السكر والذرة الرفيعة، وأيضا إجراء البحوث العلمية الأساسية والتطبيقية فى مختلف مجالات علوم الحشائش وتقدير الخسائر التى تحدثها الحشائش فى مختلف المحاصيل الرئيسية ووضع حزم التوصيات المناسبة لها، وعمل قاعدة بيانات لأهم الحشائش المنتشرة فى مصر لوضع استراتيجيات المكافحة لها، والتعاون مع أجهزة الاعلام المسموعة والمرئية فى عمل برامج متخصصة فى مجال المكافحة المتكاملة للحشائش.
ماذا عن أنشطة التدريب؟
يقوم المعمل على تدريب الباحثين والمهندسين الزراعيين (إرشاد – مكافحة – حجر زراعي) فى التعرف على الحشائش وكيفية مكافحتها، التدريب السنوى لطلاب كليات الزراعة بمختلف الجامعات المصرية فى كيفية التعرف على الحشائش وكيفية مكافحتها، المشاركة فى تدريب مطبقي المبيدات بالاشتراك مع لجنة مبيدات الآفات الزراعية، وإقامة المدارس الحقلية فى المحاصيل الاستراتيجية الهامة، الاشتراك فى المؤتمرات العلمية الدولية والمحلية، وإقامة ورش العمل للاستفادة بما هو جديد فى مجال الحشائش.
ما سبل نقل التقنيات الحديثة للمزارعين؟
فى الواقع تنقل أحدث التقنيات عن طريق الإرشاد والتدريب الخاص بالمعمل والوزارة حيث عمل دورات تدريبية فى مديريات الزراعة فى جميع انحاء الجمهورية وكذلك تنفيذ المدارس الحقلية فى جميع المحاصيل الاستراتيجية الهامة والحقول الإرشادية وعمل الندوات الحقلية من خلال الحملات القومية مثل الحملة القومية للقمح.
ما أنواع الحشائش الضارة وتأثيرها على المحاصيل؟
تقسم الحشائش من حيث مدة البقاء بالتربة إلى حشائش حولية ومعمرة ومن حيث شكل والورقة إلى حشائش عريضة الأوراق وضيقة الأوراق ومن حيث موسم النمو إلى حشائش شتوية وصيفية، وتسبب الحشائش نقصا كبيراً فى المحصول يتراوح من 20-30% ويزيد عن ذلك فى حالة الإصابات الشديدة وتعتبر الحشائش التى تتماثل مع نباتات المحصول فى الشكل الموفولوجى ولها نفس احتياجات النبات هى أخطر الحشائش حيث صعوبة التفرقة بينهما وبين المحصول وبالتالى صعوبة التغلب عليها بالمكافحة الميكانيكية مثل العزيق أو النقاوة اليدوية مثل حشيشة الزمير والصامة والفلارس فى محصول القمح والارز الأحمر فى محصول الأرز، وكذلك الحشائش المتطفلة تسبب خسائر فادحة للمحصول العائل مثل الهالوك فى الفول البلدى.
وماذا عن طرق مكافحتها؟
بإتباع طرق عديدة منها، الوقاية أو المنع وهو منع انتقال الحشائش من الحقول الموبوءة بالحشائش إلى المناطق الخالية منها، استعمال تقاوى نظيفة خالية من بذور الحشائش ومنع انتقال بذور الحشائش من الأراضى الموبوءة المختلطة بتقاوى المحصول إلى الأراضى الخالية منها (الحجر الزراعى واستعمال أسمدة بلدية تامة التحلل وخالية من بذور الحشائش، وعدم نقل أتربة من حقول موبوءة إلى حقول خالية من بذور الحشائش، والاهتمام بنظافة قنوات الرى وحواف الحقل من الحشائش قبل تكوين بذور،ونظافة آلات خدمة الأرض من تقاوى الحشائش خصوصا الحشائش المعمرة، وهناك مكافحة أخرى وهى تقليل انتشار الحشائش والحد من أضرارها بحيث تكون المقاومة بدرجة اقتصادية بالنسبة للإنتاج، فصلا عن طرق ميكانيكية، وكيميائية.
وكيف جاءت نتائج القضاء على الحشيشة الضارة؟
مثلا حشيشة الزمير فى القمح التى كانت تهدد الإنتاج فى الفترة من 1992 إلى 2002 القضاء عليها وفر زيادة فى الإنتاجية حوالى 420 مليون جينها خلال هذه الفترة.
وعلى صعيد الفول البلدى تم تأسيس المدارس الحقلية لمكافحة الهالوك وتدريب الزراع على مكافحة الهالوك بأنفسهم بالتعاون مع منظمة الأغذية والزراعة وبرنامج الحملات القومية للنهوض بالإنتاج الزراعى وزارة الزراعة، بالإضافة إلى تجهيز معمل خاص بفحص بذور الحشائش فى الشحنات النباتية (مستوردات، صادرات)، حصول المعمل على شهادة الايزو 9001 لسنة 2015.
هل يوجد حشائش نافعة؟ وكيف تتعايش مع النباتات؟
بالطبع هناك حشائش نافعة تستخدم كغذاء للإنسان مثل الملوخية، الرجلة، السريس، الجعضيض، الخبيزة، وغذاء للحيوان مثل ابو ركبه، والنجيل، بسله شيطاني، جلبان، وتستخدم كنباتات طبية مثل الخلة والداتورا، وكمصدر لخصوبة التربة كما فى الحشائش التابعة للعائلة البقولية مثل البسلة شيطانى والنفل والحندقوق عن طريق تثبيت النيتروجين فى جذورها، وحفظ وصيانة الاراضى من الانجراف ( النجيل، التمان)، مصدر لبعض الصناعات الريفية لصناعة الورق والحصر والمقاطف ( الغاب، الحجنه).
هل هناك علاقة بين التغيرات المناخية وانتشار الحشائش؟
تؤثر الظروف المناخية بشكل كبير على انتشار الآفات الزراعية وديناميكيتها ومدة دورة الحياة وتأثير الإصابة وتعتبر الحشائش من الآفات الزراعية التى يمكن أن تزداد مع التغيرات المناخية نظرا لقدرتها العالية على تحمل الظروف البيئية الغير مناسبة عن المحاصيل المنزرعة معها، وستؤثر التغييرات فى مستويات ثانى أكسيد الكربون فى الغلاف الجوي، وهطول الأمطار، ودرجة الحرارة وظروف النمو الأخرى على توزيعات الحشائش الضارة وانتشارها وقدرتها التنافسية داخل مجموعة الحشائش المختلفة ومجتمعات المحاصيل.
وقد تؤدى زيادة الأعاصير والعواصف والفيضانات المصاحبة لها والتى تعتبر الخصائص الرئيسية لتغير المناخ، إلى زيادة إنتشار بعض أنواع الحشائش وسيادتها على الأنواع المحلية مما يصعب من مكافحتها.
وبعكس المحاصيل، فإن الحشائش نباتات غازية دخيلة سريعة التأقلم مع البيئات المختلفة وهى نباتات قادرة على البقاء مع أى تنوع جينى وبدرجة كبيرة.
ومن المحتمل أن يتغير التوزيع الجغرافى والموسمى للآفات مع تغير المناخ وتهدد كافة المحاصيل، ومن المتوقع أن تؤدى زيادة درجة الحرارة إلى زيادة معدل دورات الحياة للحشائش الضارة وتكوين أجيال عديدة، حيث أن الحرارة العالية تجعل النباتات تتجه إلى التزهير مباشرة وهذا من شأنه زيادة دورات الحياة فى الحشائش وزيادة انتاج البذور وخاصة أن نباتات الحشائش لها قدرة عالية على انتاج عدد هائل من البذور مما يصعب من مكافحتها، وبذور الحشائش التى تنتشر بالرياح والمياه والطيور سوف تنتشر بسرعة أكبر من الحشائش التى تعتمد على الانتشار بالتكاثر الخضرى لتحريك البذور والتى تمكنها من غزو البيئات الجديدة، والحشائش المعمرة التى تتكاثر بأكثر من طريقة خضرية (الريزومات، الجذور، السيقان، الكرومات، الأبصال) بالإضافة للتكاثر بالبذرة سوف تظهر استجابة قوية للزيادة فى ثانى أكسيد الكربون فى الغلاف الجوى لكون الكثير منها رباعى الكربون وكفاءته عالية فى انتاج المادة الجافة على حساب المحاصيل النامية معه.
وفى ظل ظروف الجفاف، تنتج بعض الحشائش ما يسمى بأليلوبازى ( أليلًوكيميكال ) الذى يؤثر على نمو المحاصيل والحشائش الاخرى مما يجعل هذه الحشائش تنمو جيدًا وتتنافس مع المحاصيل المصاحبة لها، بالإضافة إلى تأثير تغير المناخ على تكوين نباتات الحشائش وتوزيعها، فإنه يمكن أن يؤثر أيضًا على فعالية إدارة الحشائش.
ما الاحتياطات الواجب مراعاتها عند استخدام مبيدات الحشائش؟
يجب اختيار المبيد المناسب ويكون من مصدر موثوق، والتعرف على أنواع الحشائش الموجودة بالتربة هل هى عريضة أم ضيقة الأوراق أم خليط منهما والتعرف على قوام التربة هل هى تربة طينية أم رملية أو غير ذلك، هل التربة متوسطة أم عالية الملوحة، ويراعى غسيل آلات الرش قبل الاستخدام وبعد الرش لضمان عدم وجود بقايا للمبيدات تؤثر على المحاصيل الأخرى، وإستخدام مياه نظيفة خالية من الأملاح وحبيبات الطين حتى لا يحدث انسداد للبشابير أو تتفاعل مع المبيد، والرش فى الوقت المناسب للمعاملة كما هو مذكور فى التوصيات والرى عقب إضافة المبيدات التى تستخدم على سطح التربة بعد الزراعة.
أما المبيدات التى ترش على أسطح النباتات فيلزم توفر رطوبة مناسبة بالتربة قبل الرش، وعدم الرش عموماً أثناء هبوب الريح أو فى وجود الندى أو المطر وعند رش المبيدات القابلة للتطاير يجب الرى مباشرةً بعد الرش وخاصةً عند ارتفاع حرارة الجو والتربة، والرش باستخدام عمالة مدربة ومراعاة عدم خلط مبيدات الحشائش مع أى مبيدات الآفات الاخرى أو أى مركبات.
ما الخطط البحثية المستقبلية للمعمل المركزى لبحوث الحشائش؟
هناك بعض عمل قوائم لأهم الحشائش المصرية بالمحافظات المختلفة، وعمل برامج مكافحة للحشائش فى الأراضى الجديدة، وعمل توصيات للحشائش فى المحاصيل صغيرة المساحة، وعمل حملات قومية لمكافحة الحشائش الخطيرة فى المحاصيل الاستراتيجية الهامة مثل الزمير فى القمح، الهالوك فى الفول البلدي، الحامول فى البرسيم، والاستمرار فى المشاركة مع لجنة مبيدات الآفات الزراعية فى تدريب مطبقى المبيدات، وعمل دراسات على الفقد فى المياه نتيجة لنمو الحشائش مع المحاصيل والتغيرات المناخية، وعمل معمل خاص بالمكافحة الحيوية للحشائش، وإنتاج مبيدات حيوية لمكافحة الحشائش، وتدريب الزراع على الاستخدام الأمن والفعال لمبيدات الحشائش بمديريات الزراعة.