عندما غنى محمد منير "حدوتة مصرية" كلمات عبد الرحيم منصور، وألحان أحمد منيب،كان لا يزال متأثرًا بعنصرية الرفض التي طالته هو وأحمد زكي معًا بسبب لون البشرة، ظل أحمد زكي يعاني من هذه العنصرية بعد أن تسببت في استبعاده من فيلم "الكرنك" عام 1975، وأسند دور الطالب إسماعيل الشيخ للنجم نور الشريف؛ لأن الموزع طلب من شركة الليثي فيلم وهي الموزعة آنذاك عدم إسناد الدور لممثل أسمر البشرة.
وعانى محمد منير لسنوات طويلة من هذا الرفض في البدايات، فلم يكن آنذاك مطربا بشعر "كنيش" أو "يغني" بطريقته على المسرح، كان المطرب يقف مرتديًا البذلة والكرافت، وخلفه فرقته وكلهم أيضًا بالملابس الرسمية، حتى في الأفلام كانت معظم أغاني الأفلام التي يقدمها المطربون الكبار رسمية المظهر.
في "حدوتة مصرية" كتب عبدالرحيم منصور شطرًا أظن أن منير غناه وهو يبكي على ما حدث له في بدياته "بمد إيدي لك طب ليه ما تجبلنيش..لا يهمني اسمك لا يهمني عنوانك لا يهمني لونك ولا ميلادك مكانك.. يهمني الإنسان ولو ما لوش عنوان.. يا ناس يا ناس يا مكبوتة يا ناس يا ناس يا مكبوتة هي دي الحدوتة.. حدوته مصرية".
يقول محمد منير الذي يحتفل بعيد ميلاده هذه الأيام، إنه ظل أكثر من ثلاث سنوات يعاني من النظرة السطحية له ووصفها بالعنصرية، وأنها تسببت – أي هذه النظرة لبشرة الوجه، والشعر الكنيش - في تأخر نجوميته، واستشهد بما حدث للنجم أحمد زكي في البدايات، وقال بأن هذه النظرة تسببت في عدم استمتاعنا بفنهما، وبخاصة النجم أحمد زكي الذي كان بإمكاننا أن نراه في أكبر كم من الأعمال إن أسندت إليه بطولة فيلم مثل "الكرنك "المصنف رقم 39 ضمن أهم مائة فيلم مصري.
وإن كان المخرج على بدرخان لم يستسلم لرغبات الموزعين آنذاك فاسند له بعدها بثلاث سنوات أول بطولة مطلقة فيلم "شفيقة ومتولي" مع سعاد حسني ومحمود عبدالعزيز، وكان الفيلم سببًا في انطلاقته بقوة.
محمد منير ما زال حتى اليوم يتذكر معاناته بسبب تلك النظرة العنصرية التي تسببت في تأخر نجوميته، مع أنه في صعيد مصر كان نجمًا تتلقف الجامعات والمدارس أغنياته، بل إن حفلاته في جامعات مصر كانت كاملة العدد، وواجه بقلب جريء في جامعة سوهاج عام 1985 التطرف، كنت حاضرًا المشهد عندما ذهبنا طلبة قسم صحافة كلية آداب سوهاج لحضور حفل منير نجم ألبوم "شبابيك" الذي صدر عام 1981 وكان أشبه بقنبلة غيرت من صورة الغناء في مصر والعالم العربي.
ووقفت جماعات متطرفة لتمنع الطالبات من دخول الحفل، وحينها رفض محمد منير أن يصعد المسرح واشترط عودة الطالبات لمقاعدهن، واضطر الأمن للتدخل وغني منير شبابيك بلونه ووجهه البشوش وضحكته التي تكشف دائمًا عن قلبه الأبيض.
منير برغم تأخر نجوميته وشهرته كما يقول إلا أنه باجتهاده ودراسته للشارع ولذوق الناس حافظ على مكانته، وأدرك بأن الناس بتحب الكلمة واللحن المعزوف على همومهم ومشاكلهم.