"كلما اتسعت الرؤية ضاقت العبارة"! لقد أثبتت الأيام وأحداث التاريخ القديم والمُعاصر؛ صدق تلك المقولة العبقرية؛ وهي التي عاشت وتناقلتها الأجيال على لسان الأدباء والشعراء.. بل الزعماء المخلصين أيضًا؛ الذين استطاعوا أن يصنعوا المجد والحرية والرفاهية لشعوبهم؛ وأن يسطِّروا سطور العزة والكرامة في كتب التاريخ؛ واستطاعوا ــ بأرواحهم ودمائهم الطاهرة وانتصاراتهم الرائعة ــ أن يغيروا خرائط التضاريس.. والجغرافيا!
لذلك جاءت دعوة الرئيس عبدالفتاح السيسي للشعب المصري في احتفالاته بالذكرى التاسعة والأربعين لانتصارات أكتوبر 1973؛ من خلال لقاءات الندوة التثقيفية التي جمعته بالأبطال من رجالات القوات المسلحة؛ بعنوان: "أكتوبر.. إرادة وطن" ؛ ليعطي الرمز والدلالة لإرادة الشعوب التي تطمح لنيل الحرية والكرامة.. والاستقلال المعنوي والمادي!
وتجيء الكلمات المختصرة دومًا بأسرارها ـ في لغتنا العربية الغراء ـ غطاءً للحقيقة وتعبيرًا رائعًا عمَّا تحويه من معانٍ جليلة؛ تلخِّص دون إسهاب ما لم تستطع فعله سطور المقالات!
ولقد تحدث عزيز مصر الرئيس عبدالفتاح السيسي؛ حديث القائد الواعي بمقدرات الوطن وكيفية الحفاظ على متطلبات شعبه ومكتسباته؛ فهو البطل الذي خرج من بين صفوف الجيش المصري العظيم؛ وتبعثه الأقدار ليكون على رأس حماة حدود وطننا الحبيب وحرية أبنائه الشرفاء البررة؛ ولينقذ الوطن من المتربصين به من "أهل الشر" و"دُعاة الفتنة وانشقاق الصف"؛ ويعيد ماصنعته حقبة من الزمن قامت بالتجريف المُمنهج لكل ماحققته مصر على مدى سنوات طويلة من مكتسبات في النواحي الاجتماعية والاقتصادية والسياسية؛ ليأتي الرئيس عبدالفتاح السيسي ليضع "روشتة العلاج" أمام عقول مصر من الكتاب والأدباء والشعراء والقوى الناعمة المصرية؛ وفي طليعتها الأساتذة الأكاديميون في كل التخصصات.. ليقول: "... إن جوهر حرب أكتوبر المجيدة هو الكفاح من أجل تغيير الواقع من الهزيمة إلى النصر ومن الظلام إلى النور ومن الانكسار والمرارة والألم إلى الكبرياء والعزة والفخر...".
"... إن يوم السادس من أكتوبر الذي حققت مصر فيه معجزة العبور كان يومًا مقدرًا له أن يظل خالدًا ليس فقط في وجدان مصر وشعبها وإنما في ضمير الأمة العربية بأسرها وشعوب العالم المحبة للسلام، فمصر لم تحارب فقط دفاعًا عن أرضها، وإنما من أجل تحقيق السلام، وهو ما نجحت فيه وحافظت على مكتسباته..." و"... إن الجمهورية الجديدة التي أراها عين اليقين، سوف نحقق "بإذن الله" معجزة العبور الآمن والثابت إليها، إنها الجمهورية التي تهدف إلى تحقيق تطلعات هذا الجيل، والأجيال القادمة إلى الانطلاق على طريق التقدم، وامتلاك القدرة في جميع المجالات بحيث تصبح مصر "بإذن الله"، دولة حديثة متطورة ينعم فيها المصريون، بمستويات معيشية كريمة...".
إن سعادتي بالغة باختيار عنوان تلك الندوة التثقيفية "أكتوبر.. إرادة وطن"؛ فهو بمثابة درس ووثيقة مرجعية للأجيال الحالية والمستقبلية؛ وتعريفهم بأن الشعوب القوية هي القائد والمعلم؛ وهي عنوان الحقيقة ومصدر الإلهام لكل من يأتي في بلاط الحُكم لإدارة شئون البلاد والعباد؛ وهو إعطاء كل ذي حق حقه في الإشادة والتمجيد.. والخلود؛ وقديمًا قال الشاعر:
إذا الشَّــعب يومًــا أرَاد الحَيَـــاة ** فلابُــد أنْ يســتجيب القَــــدَر!
والشعوب العربية.. وعلى رأسها مصرنا المحروسة.. أعطت الدروس والقدوة لكل الشعوب المتطلعة إلى الحرية والكرامة والاستقلال؛ وخاضت – من أجل تلك المبادئ السامية - المعارك الضروس منذ فجر التاريخ؛ وجادت بالجهد والمال والعرق والدماء والشهداء؛ من أجل الحفاظ على كرامة الوطن.. والمواطن!
لقد بات من حقنا أن نزهو ونحتفل بانتصارات جيشنا الباسل؛ ومن حق شهدائنا البررة – الذين ضحوا بأنفسهم في سبيل القضايا المصيرية العادلة - أن يرقدوا في سلام ("وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ").. صدق الله العظيم! فهم الذين طمأنهم القرآن الكريم في مُحكم آياته بتلك الآيات الكريمة.. وبات من حقنا – أيضًا – أن نزهو ونفخر بقيادتنا الوطنية التي لاتألو جهدًا ليل نهار؛ في استعادة كل ما افتقدناه في بعض السنوات العجاف التى مرت علينا في غفلة من الزمن؛ وأن نؤازرها في حربها الشعواء ضد أعداء الوطن من أهل الشر ودعاة التخلف والعنصرية.
ويجدر بي أن أشيد بكلمات الرئيس في حديثه إلى أبطال الجيش المصري بكل الثقة والإيمان بقضايا الوطن العادلة؛ وإننا لسنا دعاة حرب.. بل دعاة سلام وبناء من أجل بناء قلاع المستقبل الحصينة؛ ويقول القائد والمعلم: "... فكما شاء القدر لجيل أكتوبر، أن يعاصر مراحل تاريخية ذات أعباء جسام، فإن الأجيال الحالية، كانت على موعد أيضًا مع القدر، لتعيش مرحلة غير مسبوقة، في تاريخ مصر الممتد لتعاصر أحداثًا وتداعيات هائلة أمنية وسياسية واقتصادية، يشهدها العالم بأسره...".
إنها مصر.. أم الدنيا.. فهنيئًا لأولادها بقياداتها وانتصاراتها في سجل الخلود.
وكل عام ومصر وشعبها وقائدها.. بخير وسلام.
* رئيس قسم الإنتاج الإبداعي الأسبق بأكاديمية الفنون وعضو اتحاد كتاب مصر