نجحنا فى أسر أول جندى إسرائيلى
موضوعات مقترحة
القصة الحقيقية والكاملة لعملية إغراق سفن إسرائيل فى ميناء إيلات
كبدنا العدو خسائر كبيرة فى «حرب الألغام»
لم ينجح الإسرائيليون فى الوصول
إلى البحر المتوسط وتطويق الجيش الثانى
استعدنا بنجاح ضابط استطلاع مصرى خلف خطوط العدو ظل يمدنا بالأخبار طوال 6 أشهر
انتقمنا لاستشهاد الفريق عبد المنعم رياض بتدمير موقع لسان التمساح
بطولات القوات المسلحة المصرية فى حرب أكتوبر، لا تنتهى، فيومًا بعد يوم، نكتشف الكثير من البطولات، التى سطرها أبطال القوات المسلحة، برا وبحرا وجوا.
الرائد بحرى وسام عباس حافظ، أحد أبطال القوات البحرية، والقوات الخاصة البحرية، وخبرة كبيرة فى الإرشاد بهيئة قناة السويس لأكثر من 46 عاما، ينحدر من عائلة لها تاريخها العسكرى المشرف، فوالده هو اللواء عباس حافظ، الذى شارك فى حروب مصر منذ حرب 1948.
كان الرائد وسام، ضمن أفراد المجموعة 39 قتال، التى نفذت أعمالا بطولية خلال حرب الاستنزاف، وحرب أكتوبر المجيدة، ويكشف لـ"الأهرام العربى" العديد من الأسرار عن حربى الاستنزاف وأكتوبر.
■ كيف كانت البداية فى القوات البحرية؟
كنت أرغب بشدة فى الالتحاق بالكلية البحرية، وكان من الممكن أن أنضم للقوات الجوية، لكنى فضلت الانضمام للقوات البحرية، والحمد لله انضممت لها أكتوبر 1961، وتخرجت يوليو 1964، وكان نظام التخرج أن نتدرب على كل الوحدات بالقوات البحرية، وكنت أميل للعمل فى لنشات الصواريخ، وخدمت فى وحدات لنشات الصواريخ، وتعلمت كل أجهزة اللنش، بما فيها الصواريخ وأجهزة الإطلاق والتوجيه، كان تلك أول مرة نتعامل مع الكمبيوتر فى عام 1964، وكنت أعتبر أن لنشات الصواريخ، ليست سلاحا دفاعيا، بل سلاحا هجوميا، بدليل أن أحد تلك اللنشات، هو الذى أغرق المدمرة الإسرائيلية إيلات، وأعاد الروح المعنوية لمصر بعد حرب 1967.
■ كيف انتقلت إلى القوات الخاصة؟
قبل أن نتوجه إلى لنشات الصواريخ، كنا قد حصلنا على فرقة صاعقة بحرية، وكنت من المتفوقين فيها، وعندما كنا نتدرب فى سلاح المدمرات حققنا إنجازات جيدة، وبعدها تم ترشيحى إلى لواء الوحدات الخاصة، وطلبت الانضمام للضفادع البشرية، وبالفعل حصلت على فرقة ضفادع بشرية، وهى فرقة متقدمة لها متطلبات من اللياقة البدنية العالية، والغطس الليلى والنهارى، والسباحة لمسافات طويلة، وكنت الأول كان ذلك عام 1965، وكانت وقتها حرب اليمن مستعرة، وبعد النجاح فى تلك الفرقة ذهبنا لنحصل على فرقة صاعقة، واستفدت كثيرا منها، حيث كنا نذهب إلى سيناء وقمنا بالمرور فى مناطق عديدة منها، فحصلت على خبرة بظروفها وتضاريسها لدرجة أنك تستطيع أن تقول إننى حفظت سيناء بفضل فرقة الصاعقة تلك، وبعدما انتهينا حضرنا احتفالات 23 ديسمبر 1966 وبعدها سافرنا إلى اليمن.
■ وماذا بعد حرب اليمن؟
وصلنا من اليمن إلى ميناء الأدبية بالسويس يوم 12 يونيو 1967، ورأينا العلم الإسرائيلى فوق بورتوفيق، مما أثار لدينا مشاعر سلبية شديدة، وأصررنا على الانتقام واستعادة أرضنا، وتوجهنا إلى القوات الخاصة البحرية بالإسكندرية، وهناك وجدت نفسى ضمن مجموعة قتالية ستنفذ عمليات خاصة، ضد العدو داخل سيناء عبر قناة السويس.
وبدأنا التدريب فى تلك المجموعة، وكان تدريبا متنوعا بين عمليات إنزال من الغواصات، والقفز وتنظيم دوريات مشى ولياقة بدنية عنيفة، ثم توجهنا لاستكمال التدريبات فى القاهرة فى مدرسة الصاعقة، وكان من ضمن تلك المجموعة ضباط يمتازون بالكفاءة العالية، مثل الشهيد البطل إبراهيم الرفاعى، وانضممنا إليه، ومعه النقيب بحرى إسلام توفيق، والملازم أول بحرى ماجد ناشد، ومعنا صفوة من صف ضباط الوحدات الخاصة من أكفأ الضباط بالوحدات الخاصة.
■ وكيف انضممت للمجموعة 39 بقيادة الشهيد البطل إبراهيم الرفاعى؟
واصلنا التدريب مع لنشات الطوربيد ومع الغواصات، وبعدها سافرنا للقاهرة لاستكمال التدريب مع وحدات الصاعقة، وهناك التقى الرائد إسلام توفيق ومجموعة الصاعقة البحرية، مع الشهيد البطل إبراهيم الرفاعى، الذى كان قد بدأ القيام بعمليات ضد العدو فى سيناء، وكانت هناك عملية مطلوب تنفيذها بمنتهى الدقة والسرعة، وتمت الاستعانة بنا لتنفيذها، وهى استكشاف ومعرفة صواريخ مجهولة نصبها العدو على طول القناة، مما أثار قلق مصر، وكان لا بد من الحصول على أحد تلك الصواريخ، فتم تكليف مجموعة إبراهيم الرفاعى بتنفيذ المهمة، فجاءنا الرفاعى، والتقى بإسلام توفيق، وطلب منه تنفيذ المهمة، وبالفعل نفذها إسلام توفيق وجلب ورفاقه 3 صواريخ، وانكشف سر تلك الصواريخ واتضح أنها بلا قيمة مما دفع العدو لإزالتها، وبعدها تم اتخاذ القرار بضم مجموعتنا لمجموعة الرفاعى يونيو 1968، كنا نقوم بعملية على الأقل أسبوعيا داخل سيناء.
■ وكيف كانت أبرز مهامكم فى المجموعة 39 قتال؟
كنا نواصل التدريب، وننفذ الغارات على مواقع العدو شرق القناة، ونضع الألغام التى تحصد مدرعاته، وتسبب له خسائر كبيرة، وكانت من ضمن أول العمليات التى شاركت بها، أننا نجحنا فى أسر أول أسير إسرائيلى، لكنه توفى متأثرا بإصابته أثناء أسره، وبعد تلك العملية أرادوا أن يطلقوا علينا اسما وكان عددنا 39 مقاتلا، من الضباط وصف الضباط والعساكر، فأسمونا المجموعة "39 قتال".
وتطورت الألغام التى نستخدمها للتحايل على العدو، فكلما يعرف العدو نوع اللغم الذى نستخدمه، ويستعد للتعامل معه، نقوم بتغييره واتباع أسلوب مختلف لمفاجأة العدو، فمثلا استخدموا معدة لاكتشاف وتدمير الألغام المضادة للمدرعات، وذلك بعدما تزايدت خسائرهم من العربات نصف جنزير، بحيث تسير فى المقدمة وبعدها المدرعات، فاستخدمنا نوعا جديدا من اللغم لا ينفجر إلا بعد فترة، بحيث تكون المعدة قد مرت وبدأ مرور موكب المدرعات خلفها فينفجر اللغم فى المدرعات ويدمرها.
■ إذن كان هناك نوع من "حرب الألغام"؟
فى عام 1968، نجحنا فى تفجير عربيتى جيب بهما عدد من القادة البارزين فى الجيش الإسرائيلى، وفى العام التالى حصلت على نوط الشجاعة فى إحدى العمليات الناجحة لوضع الألغام فى عام 1969، وأذكر أنه فى إحدى المرات أذاعوا أنهم يشكرون الجيش المصرى والقوات الخاصة، لأنهم قدموا لهم الألغام التى عثروا عليها بدون مجهود، ولم تنفجر فى معداتهم، وأنهم وضعوها بالمخازن ليستخدموها لاحقا، فاستغللنا تلك المعلومة، ونجحنا فى أن نوجه لهم ضربة قوية، حيث غيرنا نوع اللغم بحيث ينفجر بعد 7 أيام، ووضعنا الألغام بشكل مكشوف فوق الأرض، فاكتشفها العدو وجمعها ووضعوها بالمخازن، وبعد 7 أيام انفجرت الألغام وانفجرت معها كل المخازن ودمرت تماما.
ومن أبرز عملياتنا عملية لسان التمساح، بالهجوم على موقع لسان التمساح ردا على استشهاد الفريق عبد المنعم رياض، وكانت عملية ناجحة جدا وقضينا على كل أفراد الموقع بالكامل، ورفعنا علم مصر على الموقع، وأدت لرفع الروح المعنوية للجيش، وجمال الرئيس عبد الناصر كان سعيدًا جدًا بها، وعزمنا على الفطار.
■ وماذا عن قصة استعادة ضابط الاستطلاع المصرى من سيناء؟
كان فيه ضابط مصرى اسمه مدحت يحيى، من كتيبة استطلاع، ذهب فى مهمة استطلاع خلف خطوط العدو، من المفترض أن تستمر لمدة أسبوع فقط، بأوامر شخصية من اللواء الجمسى، مدير المخابرات والاستطلاع آنذاك، ونزلوه فى منطقة رأس مطارمة شرق فنار أبو الدرج، على خليج السويس، لكن بسبب النشاط الجوى والبرى الإسرائيلى المكثف، لم نتمكن من إعادته، وظل أكثر من 6 أشهر، وظن أهله أنه استشهد، بينما كان ما زال موجودا ويرسل أخبار العدو باستمرار طوال 6 أشهر، وأصدر الفريق محمد فوزى وزير الحربية، أوامر خلال اجتماع مع قادة القوات المسلحة، بإعادته إلى القاهرة، ووقتها كان الفريق صادق رئيس الأركان، واتصل بالعقيد إبراهيم الرفاعى، قائد المجموعة "39 قتال"، وطلب حضوره، وطلب منه إعادة الضابط إلى القاهرة، ووعد فعلا بإعادته صباح اليوم التالى، وخرج من الاجتماع واتصل بى وكنت بالمنزل، وسارعت بالحضور، واتصلت برفاقى، وحضر إلى العقيد الرفاعى، وحكى لى قصة الضابط مدحت يحيى، وبالفعل وضعنا خطة، لإشغال الطيران والبحرية الإسرائيلية، لأننا ندرك عن يقين تصرفات الإسرائيليين جيدا، وشارك معى فى العملية الضابط إسلام توفيق، وعبرت بقاربين الساعة 7 صباحا، وأثناء التحرك سمعت باللاسلكى، ضباط المخابرات المصرية، يتحدثون مع الضابط مدحت يحيى، والذى فرح جدا، وعرفته لأنى كنت حصلت معه على فرقة معا، ووصلت له وبالفعل ركب معنا، وعند عودتنا، شعرت بقرب الطيران الإسرائيلى منى، فألقيت قنبلة فسفورية فى المياه، تعوم فى المياه، وتصدر ضوءا، وبذلك أشغلنا العدو عنا، وعدنا بسلام إلى الشاطئ، وأعدنا الضابط المصرى إلى القاهرة بنجاح.
■ حدثنا عن استهداف سفن العدو وميناء إيلات؟
كانت أمريكا قد أمدت إسرائيل أوائل عام 1968، بناقلتين بحريتين إحداهما تحمل 7 مدرعات برمائية هى "بيت شيفع"، وأخرى ناقلة جنود وهى "بيت يم"، وشنت إسرائيل نحو 3 أو 4 عمليات قوية، بواسطة تلك السفن على السواحل الشرقية لمصر، منها ضرب منطقة الزعفرانة، واستفادت إسرائيل من قواتها الجوية التى وفرت الحماية للناقلتين، فكانت تستخدمهما لإبرار البرمائيات على الشواطئ المصرية، وتقوم قوات الكوماندوز بتنفيذ الهجمات، وتلقينا تكليفا بتدمير تلك السفن، وكلفنى الشهيد الرفاعى باستطلاع تلك الوحدات البحرية الإسرائيلية، واستمرت عملية الاستطلاع عامى 1968 و1969 وعقب إنزال العدو لقواته فى الزعفرانة، وهجومه على شدوان، صدرت الأوامر بالرد عليه، فكانت عملية ضرب ميناء إيلات بالصواريخ، التى نفذها الشهيد عصام الدالى منتصف عام 1969، وكانت أول مرة نستهدف مدنا إسرائيلية بالصورايخ، وهى العملية التى جاءت ردا على ضرب إسرائيل مدرسة بحر البقر، وبعد تلك العملية أوقف العدو ضرب المدنيين فى مصر، وبعدها نفذ الدالى أيضا فى أغسطس 30 أغسطس 1969 عملية استشهد خلالها، وهى استهداف مرسى عيون موسى شرق الأتكة، وفى تلك العملية وقعت اشتباكات مع العدو، وأصيب أحد اللنشات بقذيفة وأصيب الدالى واستشهد.
■ كيف كان اشتراكك فى عملية استهداف ميناء «إيلات»؟
فى أكتوبر 1969 قمت باستطلاع ميناء إيلات، فتوجهت إلى ميناء العقبة لاستطلاع ميناء إيلات، وبالفعل نجحنا فى استطلاعه، ومعرفة تحركات العدو وعمق المياه به وظروفه الدفاعية، وما لا يعرفه أحد أن عملية ميناء إيلات لم تكن الأولى، حيث نفذت المجموعة نفس الهجوم يوم 7 نوفمبر لكن لم يتم تنفيذ الهجوم لعدم وجود سفن العدو، ولكن عادت المجموعة مجددا واستطاعت تنفيذها فى يوم 17 نوفمبر، وتم إغراق السفينتين "هيدروما ودهاليا"، وكان العدو يستخدمها فى المجهود الحربى، واستمرت رغبتنا فى ضرب السفن الإسرائيلية فى إيلات، فكلفت مجددا باستطلاع ميناء إيلات، ووجدت أن العدو اتخذ إجراءات دفاعية عديدة، حيث أقاموا شباكا دفاعية وشمندورات، تطلق موجات فوق صوتية لاكتشاف أى شىء تحت المياه، لكننا نجحنا من خلال استطلاع الميناء فى معرفة نقطة الضعف فى إجراءاتهم الأمنية، وبالفعل دخلنا وخرجنا بدون أن يشعروا بنا، وعند تنفيذ المهمة كانت "بيت شيفع" قد وصلت للتو للميناء، وتم تلغيمها وتلغيم السفينة "بيت يام"، ونفذت العملية مجموعتان، الأولى بقيادة الضابط بحرى عمرو البتانونى، وكان برتبة ملازم أول ومعه الرقيب على أبو ريشة، والثانية بقيادة الملازم أول رامى عبد العزيز بمفرده، وكانت نتيجة العملية تفجير "بيت يام"، وغرقها فورا، بينما أصيبت "بيت شيفع" بدرجة كبيرة وأصبحت لا تصلح للخدمة.
كان نجاح القوات البحرية المصرية فى استهداف ميناء إيلات، مدويا فى إسرائيل، حيث استدعى الكنيست وزير الدفاع موشيه ديان، ووجهوا له العتاب والنقد الشديد بسبب دخول وخروج الضفادع المصرية، بكل حرية للميناء، فرد عليهم قائلا: "مفيش صرصار حيدخل ميناء إيلات"، كان ذلك تحديا كبيرا لنا، حيث نفذ العدو إجراءات شديدة الصرامة لحماية الميناء، حيث أوقف مبيت السفن بالميناء ليلا، وجعلها تتحرك فى البحر ولا تدخل الميناء إلا صباحا وبالطبع فهذا كان فيه استهلاك للوقود وإرهاق للجنود، وكانت إسرائيل قد أصلحت "بيت شيفع"، ولكننا كنا مصممين على إغراقها، واستغرق ذلك منا وقتا فى استطلاع الميناء وتحديد نقط الضعف للدخول والخروج منه، واستمر الاستطلاع من نوفمبر 1969 حتى عام 1970 وقت تنفيذ العملية.
■ كيف تم التغلب على دفاعات العدو؟
الأمر ببساطة أننا قررنا تنفيذ العملية صباحا وليس ليلا، وبالطبع كان فى ذلك خطورة، ولكننا استطعنا تنفيذها بنجاح، وتم تنفيذ العملية أولا فى فبراير 1970، لكن لم تكن هناك أى سفن، فعادت المجموعة المنفذة، وكررت العملية فى يونيو 1970، بتلغيم الرصيف الذى تقف فيه "بيت شيفع"، بميناء إيلات بحيث تنفجر الألغام بعد رسو السفينة، وتم استخدام متفجرات أكثر قوة وتوجهت مجموعتان من الضفادع البشرية، اللغم الأول انفجر 7 صباحا، ودمر الرصيف، فقامت ضفادع العدو بالغطس لاستطلاع الأمر، وانفجر اللغم الثانى وقتئذ فقتل 14 من رجال الضفادع البشرية للعدو.
بعد تولى الرئيس السادات الحكم، زار السادات مقرنا، ومنحنا نوط الجمهورية من الدرجة الأولى، ووعدنا بأننا سنحارب لاسترداد سيناء، وبالفعل بدأت الحرب ونفذنا عملية الهجوم على موقع بترول بلاعيم، ونفذنا هجمات على شرم الشيخ واشتبكنا مع لنشات العدو، وفى يوم 11 أكتوبر 1973، ونفذنا عدة هجمات خلال فترة حرب أكتوبر.
■ وماذا بالنسبة لقوات العدو فى الثغرة؟
نجحنا فى إيقاف العدو من الدخول للإسماعيلية، حيث كانت دبابات العدو متجمعة عند منطقة أبو عطوة، واقترحت أن نتعامل معها بخطة بسيطة تقوم على نسف هويس سرابيوم، فتغرق المياه دبابات العدو، وبالفعل حصلنا على موافقة القيادة، وتوجهنا إلى الهويس وقمنا بتلغيمه بألغام الغطس، وفجرناه وغرقت الدبابات، وبسبب ذلك فشلت هجمة العدو على الإسماعيلية، حيث كانت خطة العدو أن يخترقوا القوات المصرية لمحاصرة الجيشين الثالث جنوبا، والثانى شمالا، وتم إحباط خطتهم، فخطة الثغرة للإسرائيليين كانت فاشلة، لأنهم لم ينجحوا فى تحقيق الهدف فى الوصول إلى البحر المتوسط شمالا لتطويق الجيش الثانى، وبعد إفشال تلك الهجمة بدأ وقف إطلاق النار يوم 24 أكتوبر.
■ هل كانت تلك آخر العمليات التى نفذتموها خلال الحرب؟
يوم 11 أكتوبر، كنت ضمن طاقم خرج فى 4 لنشات، وانطلقنا من جزيرة شدوان، باتجاه شرق رأس محمد، لضرب شرم الشيخ بصواريخ أرض – أرض، وأثناء التحضير لتلك العملية، كنت أتوقع أن يرصدنا الإسرائيليون، بسبب نشاطهم البحرى والجوي، جنوب رأس محمد، وكنت أتوقع الاشتباك معهم.
وبالفعل تحقق إحساسى، وتلقى العقيد الرفاعى اتصالا من القادة يخبرونه وقت بدء تحركنا، اكتشاف الجانب الإسرائيلى لنا، لكن الرفاعى أغلق الجهاز، واستمررنا ولم نعد، إلى أن وصلنا رأس محمد.
ومن جانبها، أبلغ الطيران الإسرائيلى قيادته بوجودنا، وتلقى أوامر بعدم التعرض لنا، وغرضهم أن يلقوا القبض علينا كأسرى، وخرجت لنا لنشات إسرائيلية، ووجدت أن نيرانهم خارج مدى اللنش الإسرائيلى، مما يدل على أنهم لا يروننا، وبالفعل قررت استهدافهم، واقتربت منهم، وزدت السرعة، لكن اللنش تعطل فجأة.. فأطلقت صاروخا أدى لمقتل 2 وإصابة 3.
كانت هناك 3 عمليات أخرى، وهى إمداد الجيش الثالث بالمؤن أثناء حصاره، وبالفعل قمنا بتوصيل حملة قدرها 2 طن للجيش الثالث بالصواريخ والأسلحة والمؤن، وقمنا بعملية أخرى، وهى البحث عن المفقودين من قواتنا شرق القناة، واستمرت تلك العملية نحو 6 – 7 أشهر حتى 1974، ونجحنا فى إعادة نحو 70- 80 شخصا، بعدها حضرت تطهير قناة السويس، وعملت فى الإرشاد بقناة السويس، بعد أن انضممت للهيئة اعتبارا من 1976، وحاليا أنا كبير مرشدى هيئة قناة السويس.
بعد الحرب حصلت على وسام النجمة العسكرية، ووسام الجمهورية من الدرجة الأولى، ونوط الشجاعة من الدرجة الأولى، والترقية الاستثنائية.
■ وماذا تقول عن قناة السويس الآن؟
عملت 46 سنة مرشدا فى قناة السويس، حضرت قناة السويس اعتبارا من فبراير 1967، وكانت عمقها 15 مترا، وعرضها 90 مترا، وطولها 164 كيلو متر، ولم تكن بها أى تفريعات، وكانت السفن صغيرة، وتتزايد حمولتها باستمرار، وكانت هناك مشروع مستمر لتطوير القناة، بدأ 1975، وانتهى ديسمبر 1980، وأقمنا تفريعة بورسعيد والإسماعيلية والبحيرات المرة، وأماكن رباط جديدة بالبحيرات المرة، أحدث نقلة فى قناة السويس، مع ظهور سفن نقل الحاويات، وكانت القناة تستوعبها، واستمر توسيع وتعميق القناة، إلى أن أصبحت 194 كيلو مترا، وبعدها فى عهد يناير 2011، تولى الفريق مهاب مميش، وبعدها تولى الرئيس عبد الفتاح السيسى، رئاسة الجمهورية وقرروا إنشاء القناة الجديدة، والتى جعلت القناة تستوعب عددا أكبر من السفن الثقيلة، لأنها لم تكن تستوعب أكثر من 8 سفن كبيرة يوميا، واليوم أصبح من الممكن استيعاب عبور 40 سفينة وليس 8 فقط، والعبور خلال 9 إلى 10 ساعات فقط، مما يوفر عددا كبيرا من الساعات، مما يقلل تكلفة عبور السفن، وبالتالى زاد الإقبال على العبور من القناة، ويستمر تطوير القناة إلى الآن، حيث يجرى الازدواج من كبريت إلى جنيفة، وتوسعة الجزء الجنوبى، من جنيفة وحتى بورتوفيق، علاوة على مشاريع المزارع السمكية فى سيناء، والأنفاق الجديدة.. كلها مشروعات متكاملة تجعل قناة السويس مفيدة للعالم، وتعميرا لسيناء، ونمنع التهريب والمشكلات التى كانت تحدث سابقا، والاستفادة من ثرواتها.